الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة الشعبية السودانية الى اين ؟

جمال عبد الفتاح

2019 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



قراءة وقائع الثورة السودانية تؤكد التشابه الكبير مع ثورة يناير ـ وان تباينت فى مستوى التطور الاجتماعى ـ فى المضمون الاجتماعى والقوى المشاركة والمجموعات صاحبة الصوت الاعلى فى الثورة واغلبهم من الطبقة الوسطى حتى الآن . فمن ينظر الى بيان " تجمع المهنيين السودانيين " تحت عنوان " اعلان الحرية والتغيير " بما يمثله هذا التجمع من انه الصوت الابرز والاكثر تاثيرا على المسيرات المتجهة الى القصر الجمهورى فى الخرطوم ، والقبض على عدد من قياداته ذات " التوجه اليسارى " وانعكاس ذلك على عموم حركة الثورة السودانية فى المدن المختلفة يصل لنفس النتيجة .
يطالب بيان تجمع المهنيين " اولاً : التنحي الفوري للبشير ونظامه من حكم البلاد دون قيد أو شرط.ثانياً : تشكيل حكومة انتقالية قومية من كفاءات وطنية بتوافق جميع أطياف الشعب السوداني تحكم لأربع سنوات . . " من الواضح ان اصحاب البيان يطلبون من القاتل البشير تحت ضغط الحراك الثورى ان يترك منصبه فى هدوء ومعه اقرب معاونيه " وكفى الله المؤمنين شر القتال " ؟ دون ذكر كلمة محاكمة حتى ولوكانت كمحاكمة مبارك الهزلية ! نظام البشير قتل مئات الآلاف من السودانيين ناهيك عن التعذيب والاعتقال كما ويواجه الثورة بمنتهى العنف. نظام البشير لعب الدور الرئيسى فى تقسيم السودان ، ومازالت الصراعات المسلحة فى دارفور وغيرها تحصد ارواح السودانيين يوميا . نظام البشير نهب ثروات الشعب السودانى على مدى 30 عاما ، وافقر الشعب وجوعه رغم توفر الارض ـ 100 مليون فدان ـ الصالحة للزراعية والمياه بما تكفى لانتاج غذاء يكفى العالم العربى ويزيد . نظام البشير مارس ابشع انواع الاستبداد العنصرى المتشح بالدين ، وعلاقة التبعية وطلب الغفران من الاستعمار الامريكى لا يخفى على احد ، كما ان محاولته للتطبيع مع العدو الصهيونى مفضوحة للجميع . فهل بعد كل هذه الجرائم وغيرها الكثير يصبح هدف الثورة السودانية فقط رحيل البشير ورجال حكمه المقربين دون محاكم ثورية ؟ .
القضية الاساسية للثورات الشعبية عبر العصور هى : الثروة والسلطة بيد من ؟ فالثورات دائما تانى تحت ضغط الافقار والبؤس والقهر والاستبداد ، وتقوم بها الاغلبية الساحقة من الفقراء والمستعبدين ـ منتجى الثروة ـ من اجل التغيير الجذرى لوضع الثروة والسلطة الظالم ، بنقلها من ايدى القلة الغنية والحاكمة الى الاكثرية من الطبقات الكادحة والفقيرة حتى يتحقق العدل الاجتماعى والتحرر الانسانى حلم البشرية طوال تاريخها .
وهذا ما لم يفكر فيه قادة " تجمع المهنيين السودانيين " المنتمين فى اغلبهم الى الطبقة الوسطى التى لا تطمح فى كل الاحوال الا الى اصلاحات سياسية فى شكل الحكم تعطيهم حق المشاركة فيه ، ودرجة من الحقوق والحريات الديموقراطية ، وبعض الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية دون تغيير جذزى فى وضع الثروة فى ظل نفس النظام الرأسمالى الريعى التابع .
فالمحتوى الاجتماعى ـ الطبقى ـ للثورة السودانية لا ينعكس فى برنامج " تجمع المهنيين " والقوى المتحالفة معهم . فهم من يقولون فى برنامجهم " وقف التدهور الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين في كل المجالات المعيشية. " و " التزام الدولة بدورها في الدعم الاجتماعي . . فى مجال الصحة والتعليم والاسكان مع ضمان حماية البيئة . . " دون ان ياتوا على ذكر من اين سيتم تمويل تلك الاصلاحات الاقتصادية المحدودة وقد نهب حكم البشير ثروت وكدح الشعب السودانى وهربها الى الخارج على مدى 30 عاما . ولم ياتى البيان على ذكر استعادة الثروات والاراضى المنهوبة لاعادة بناء سودان جديد ديموقراطى شعبى قادر على التنمية المستقلة .
وعندما يأتى البيان للحديث عن وضع السطة فى حال رحيل البشير كما يريدون يقولون : " بحكومة انتقالية قومية من كفاءات وطنية بتوافق جميع أطياف الشعب السوداني تحكم لأربع سنوات . . والإشراف على تدابير الفترة الانتقالية وعملية الانتقال من نظام شمولي يتحكم فيه حزب واحد إلى نظام تعددي يختار فيه الشعب ممثليه، مع إعادة هيكلة الخدمة المدنية والعسكرية . . " اصحاب البيان لا يتحدثون عن حكومة ثورية تعبر عن مصالح اصحاب الثورة ووقودها من الكادحين والفقراء ، وانما يتحدثون عن حكومة قومية تجمع جميع اطياف الشعب بما فيهم من كان فى حكومة البشير ونطوا من مركبه الى مركب الشعب الثائر وكذلك لا تستبعد الاغنياء المسيطرين على الاقتصاد السودانى ولا كبار بيروقراطية الدولة من الحكومة القومية العتيده !! ولا يستبعدون خدم النظام امثال الصادق المهدى والاحزاب الرسمية التى شاركت فى " الحوار الوطنى " المزعوم الذى دعى اليه حكم البشير منذ فترة . ويصبح السؤال الأهم : اى حكومة تلك تجمع قوى الثورة فى السودان مع قوى الثورة المضادة باستثناء البشير ورجال حكمه المقربون ، انها الكارثة بعينها . .

وبالنتيجة وضع يضعف الثورة كثيرا ، ويحول دون بروز قيادة ثورية تعبر عن مصالح اصحاب الثورة الحقيقيين من كادحين وفقراء ، ويعطى لحكم البشير قدرة على المناورة وتطويل فترة الصراع واستنزاف الطاقة اليومية للشعب السودنى ، خاصة اذا كان التكتيك السائد فى الحركة " سلمية . . سلمية " والدعوة المستمرة الى المواكب الجماهيرية لتسليم المذكرات الى الحاكم التى تدعوه الى الرحيل ؟ ذلك التكتيك الذى يخصى اى ثورة فى السودان او غيرها لتصبح على مقاس المعارضة الرسمية للضغط على النظام لتغيير الطاغية ورجاله المقربين دون الاطاحة بكامل النظام ، ويزيد من احتمالات هزيمة الثورة اذا اضطرت الظروف النظام للدخول فى حرب اهلية ضد الثورة ، او الوصول لوضع اشبه لنتائج ثورة يناير يوم 11 فبراير ، بتنحى البشير واقرب رجاله مقابل استمرار النظام القديم ، مع حكومة جديدة قومية الطابع كما يقول البيان ، شبيهة بحكومة حازم الببلاوى بعد 30 / 6 ، وخريطة طريق لفترة انتقالية قريبة مما يدعوا اليه البيان ؟!وليس امام قوى الثورة من الكادحين وفقراء الارياف والمدن والطلبة والجنود والمهمشين والمهنيين الا الاستمرار فى النضال الواسع اليومى ضد حكم البشير الرجعى مستخدمين كافة اشكال النضال وتطويرها وفقا لتغير موازين القوى ، والاصرار على بناء لجان ثورية فى المدن والاحياء ، وخلق قيادة ثورية منظمة من القادة الميدانيين فى المدن المختلفة ، وتحديد ان هدف الثورة المركزى الاطاحة بالبشير ورجال حكمه فى مؤسسات الدولة المختلفة والاطاحة بسياسات التبعية وتقسيم البلاد والافقار والاستعباد والاستبداد ـ والتغيير الجذرى لمؤسسات الدولة القديمة واقامة حكومة ثورية مؤقته من اجل :
1 ـ جمهورية ديموقراطية شعبية تعبر عن مصالح الكادحين والفقراء الاقتصادية والاجتماعية ، وديموقراطيتها تقوم على اللجان الثورية الشعبية فى الاحياء والقرى والمدن وعلى مستوى الوطن والتى تتبلور من الأن فى اتون الثورة . .
2 ـ استعادة كل الثروات المنهوبة من قبل نظام البشير على مدى 30 عاما ، ومصادرة البنوك والمصارف ووسائل الانتاج الاساسية لملكية الشعب .
3 ـ وقف الحرب بين ابناء الوطن الواحد فورا المستفيد الوحيد منه نظام البشير واسياده الاستعماريين ـ وإعادة النازحين واللاجئين طوعاً إلى مواطنهم الأصلية وتعويض المتضررين تعويضاً عادلاً . .
4 ـ اطلاق الحقوق والحريات الديموقراطية كحق للشعب وليس لاعداء الشعب .
5 ـ محاكم ثورية لكل من عذب وقتل ابناء الشعب ، وكل من نهب ثروات الوطن او خانه
6 ـ الحق فى العمل والاجر العادل للجميع ، والحق فى التعليم والصحة مجانا
7 ـ ضريبة تصاعدية على الدخل بكافة انواعه .
8 ـ الغاء كل الديون الخارجية التى اقترضها نظام البشير .
9 ـ السياسة الخارجية تقوم على دعم حق الشعب الفلسطينى فى تحرير كامل ارضه ، والتضامن مع الشعوب والثورات العربية وشعوب العالم من اجل العدالة الاجتماعية والتحرر الانسانى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح