الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خسارة الميناء .. والعيون المتعبة !

عبد الجبار السعودي

2006 / 4 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أعرف جيــــداً وانــــا أكتب كلماتي هذه أنكم لا زلتــــــم في عرض البحر ومياه الخليــــــج تتلاطم مع السفينة التي تغادرون فيها عائدين الى موطنكم الأصلي ومدينتكم الصابرة وحيث آلامكم ومعاناتكم حيث هناك تعيشون .
وكما كانت رحلتكم المنهكة لثلاثة أيـــــام في عرض البحر وأنتم ذاهبون الى لقاء رياضي كروي كان يجمعكم مع نادي العين الأماراتي ، فها أنتم تعودون مع همهمات وشجون هنا وهناك .. وتساؤلات .. هي أولاً على ألسنتكم ، لأنكم المعنيون في صراعكم مع الكرة المدورة وحلو إنتصاراتها .. ومرارة خسارتها .. وثانيــــاً تتراود الأسئلة على ألسنتنــــا جميعاً عن مغزى ومعنى كل هذه الرحلات الماجلانيــــة الطويلة !
لستم أنتم أول الخاسرين ، ولن تكونوا كذلك دومــــاً ، فتاريخ ناديـــــكم العريق .. وإنتصاراته .. وتاريخ أبطاله الكرويون وغيرهم في باقي صنوف الألعاب منذ إنتصارات البطل الأولمبي عبد الواحد عزيز صاحب الميدالية البرونزية الوحيدة للعراق حتى يومنا هذا ، وحتى الأسماء اللامعة للكرة العراقية وأنتم وشعب العراق أعرف بها ويفخر بأشخاصها ، أبطالاً نجبــــاء .. وهبوا الرياضة والوطن جـــلّ العطاء والمقدرة والفنون .. وأمتعونــــا في لحظات نشوة الفوز والخسارة معــــاً بأحلى ما وهبتهم الحياة من موهبة رائعة .. ستحفظها الأجيال المتعاقبة !

أقول كل ذلك وعيوننا وعيونكم وأنتم عائدون على ما أنتم فيه حقـــاً في مدينتكم الجريحة .. من مشقة عيش وسكن في أحياء شعبية لا تتوفر فيها أية مستلزمات الراحة من نعمة الكهرباء .. وصفاء المـــاء ونقاوته تبللون به أجسادكم وحلوقكم ، كما يعيش ويرتوي بقية اللاعبين في دول العالم ومنهم لاعبي نادي العين الأماراتي الذي معه خسرتم ! وفي شحة مورد يتم تقطيره عليكم ، تنتصرون عليه بأحلامكم وموهبتكم التي من أجل معشوقتكم الجميلة والوطن الذي لأجله أفديتم أنفسكم ! وفي عناء في التدريب هنا وهناك .. تتحايلون فيه أنتم ومدربيكم .. من أجل نجاتكم من حاقد أرهابي وقاتل مجرم يتربص بمدينتكم وأزقتها وساحاتها الرملية المنهكة ! وفي سوء في التجهيز تتمنون أن يرتقي ولو مرة في تاريخ الوطن الى ما يتوفر للاعبي الكرة في العالم نساءً و رجالاً ! وأخيراً وليس آخراً ، مما يدور في أذهانكـــــم يا أحبتي وأنتم تعودون في لياليكم الثلاث وسط البحر الهائج ، هو أن يكون عنــــاء سفركم هنا وهناك في مثل هذه البطولات الدولية كبطولة أندية آسيا ، أقــــلّ مشقة وإرهـــاقاً .. في وطن ٍ ، يسبح على بحور من النفط الساكن في بواطنه !
تطلعت الى أجسادكم المتعبة .. وعيونكــــم بعد اللقاء عبر التلفاز .. وهي تتساءل حقا ، عن وطن يرسل لاعبيه و ثروته الكروية التي سيفخر بها مستقبلاً الى لقاء ناد كروي ، في رحلة مرهقة كهذه في عرض البحر، ليكونوا بعدهــــا في مستطيـــل أخضر يخوضون صراعاً لا مع الكرة ومن يقف في ندّهــــم ، بل ومع أجسادهم التي هدّهــــا الرحيــــل و دوار البحر والضجر !
تطلعت اليـــــكم واحداً واحداً .. وأدرت ناظري الى البحـــــر هذه المرة .. وتساءلت عن مصير النفط الذي يهرّب من مدينتكم و وطنكم وعن الملايين المهدورة وتلك العاجزة عن نقلكـــــم من مطار مدينتكم المسكون بالأشباح والأسرار وعن السر الذي أرسلكم الى البحر الغادر والظالــــم ! وتمنيت أن أكون معكــــــم في رحلتكم يا أحبتي ، لا لكي أكتب عن تفاصيـــــل لقاءكم الكروي هذا ونعومة وخضرة ساحة الملعب الذي عليه دار لقاءكم ولا عن لاعبي نادي العين المحترفين من مختلف الجنسيات ولا عن الإمتيازات التي يحصلون عليها ، ولا عن جمال إمارة العين وخضرتها التي تسر الزائرين ، بل لكي أكون شاهداً معكم وعلى الهواء وفي عرض البحر هذه المرة وأنتم تشيرون بأصابعكم الى تلك السفن المغادرة موانئ الوطن وهي محملة بالذهب الأسود ، الذي تحلمون أن يكون يومــــاً ما أبيضــــاً ونقيـــــاً على حياتكـــــم وحياة عائلاتكم .. وفي حلـّكم و ترحالكــــم بـــراً وبحــراً وجـــــــواً !

* * *
بصـرة – أهـوار في 14 نيسان 2006









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟