الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو نأى كرد سوريا بأنفسهم

فدوى درويش

2019 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا لو نأى كرد سوريا بأنفسهم..
بعد أن تجلّت ملامح التأسلم على الثورة السورية ( خلال أقل من عام على انطلاقها)، انحرف مسارها، من ثورة مطالبة بالحقوق والحريات، إلى حرب طائفية انتقامية لتاريخ طويل من الأحقاد، وصراع على السلطة بين الأخوان المسلمين والنظام الحاكم في دمشق. بعد أن جلبت الأطراف المتحاربة أكثر من عشرة دول من العالم إلى سوريا، لتبدأ لعبة الأمم والمصالح تدير حرباً شعواء في البلاد. تاهت بوصلة السوري الذي خرج منشدا حقوقه كمواطن وكإنسان، وضاعت قضيته بين أقدام الدخلاء وأزيز رصاصهم. في ظل هذا المشهد السوري التراجيدي، هل كان بإمكان الكرد في الشمال السوري النأي بالنفس عن الانخراط في حرب لا تعنيهم ولا تدافع عن مصالحهم؟
ماذا لو اكتفت وحدات حماية الشعب، في المناطق الكردية التي سيطرت عليها، بالحماية والدفاع عن تلك المناطق دون الانزلاق إلى (المستنقع الطائفي)، ولعب دور البطولة في الحرب على الإرهاب! لا شك أن التساؤل المطروح يشوبه بعض التعقيد والالتباس في الوضع السوري المعقد أصلاً. لكن المأزق الكردي اليوم، يستدعي أن يثار هكذا افتراض في مراجعة جريئة للسياسة الكردية المتبعة في السنوات التي خلت في الحرب السورية. يحق لنا ككرد أن نسأل ماذا جنينا مقابل ما بذلناه من دماء أبنائنا التي سفكت في حرب ليست حربنا. تلك الحرب التي خرجت عن جغرافيا المدن والقرى الكردية، وتمددت إلى المناطق العربية بمبرر تحريرها من داعش، إثر الشراكة مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب. هذه الحرب التي جلبت للكرد عداءات إضافية وسعّرت الأحقاد والكراهية بين العرب والكرد على الصعيد الشعبي. وأدارت وجهة الدول الإقليمية المتربصة بهم من الصراع الأساسي في سوريا إلى التأليب ضدهم.
حتى أن المعارضة السورية المتمثلة بالائتلاف وفصائله المسلحة تجاهلت هدفها في اسقاط النظام ووجهت بنادقها ضد العدو الأخطر( الكرد) بدعوى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية. لم تتردد تلك الفصائل الراديكالية لتكون رأس الحربة للاحتلال التركي لمنطقة عفرين الآمنة في آذار 2018، وارتكاب أفظع الانتهاكات ضد المواطنين الكرد بدافع الانتقام من وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ! أما النظام من جهته، لم يتوانى باتهام الكرد بالخيانة والعمل مع جهات خارجية لتقسيم البلاد، في إشارة إلى عمل قوات سوريا الديمقراطية مع التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة.
لم يكن للكرد في سوريا يوما مطامح في السلطة. لم تطرح الحركة الكردية التقليدية والتي تأسست منذ خمسينات القرن الماضي، متمثلة بجميع أحزابها وتياراتها، أي شعار بإسقاط السلطة، وطالما كانت مستمرة في نضالها ضد جميع الأنظمة والحكومات التي توالت، مطالبة بإنصاف الشعب الكردي ورفع المظالم عنه. كما لم يتجاوز سقف مطالبها الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي والذي يمثل ثاني قومية في البلاد، متضمنا الحقوق السياسية والثقافية، ورفع المشاريع العنصرية الاستثنائية بحقهم. كذلك حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تأسس لاحقاً في 2003 والذي يعتبر رديف لحزب العمال الكردستاني، لم يطرح نفسه كبديل للسطلة، ولا توجد في أدبياته أي إشارة إلى الانفصال واقتطاع جزء من الاراضي السورية وإلحاقها بدولة أخرى! هذا الاتهام الذي يتفق النظام والمعارضة عليه ضد الكرد أياً كان لونهم! هو باطل في الأساس ولا دليل عليه. حزب الاتحاد الذي أعلن عن إدارة ذاتية في المناطق التي سيطر عليها في نوفمبر 2013 ( الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا)،لا ينفك يعلن سورية تلك المناطق، مؤكداً على وحدة الأراضي السورية. بغض النظر عن محاولة التعتيم على المطالب الكردية الواقعية والمحقة في سوريا وخصوصية القضية الكردية، إلا أنهم براء من أيّ توجّه قومي كردي أو "انفصالي".
بالعودة إلى الافتراض الذي طرحته في البداية، ماذا لو لجأ حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات وحدات حماية الشعب PYD، إلى النأي بالنفس -إلى الحدّ الممكن- في الحرب السورية، كما فعل الدروز في الجنوب السوري، والاكتفاء بالحماية الذاتية والعمل كطرف ثالث في المعادلة السورية، كما يصنفون أنفسهم. مع تكثيف التواجد السياسي في الحوارات السورية والدولية لحل القضية السورية؟ هل كان المشهد سيختلف عما هو عليه اليوم؟
الإعلان المفاجئ لترامب بسحب القوات الامريكية من سوريا والتحشدات العسكرية التركية على الحدود متوعدة باجتياح الشمال السوري. السعي الروسي لعودة النظام إلى المنطقة بتفاهم ومشاورات مع تركيا وأمريكا. كل هذا أربك القيادات الكردية ووضعها أمام احتمال خسارة كل شيء بالإضافة إلى تعريض المنطقة إلى كارثة إنسانية.
أمريكا التي اكتفت بشراكتها مع القوات الكردية في محاربة داعش، بعيدا عن أي اتفاق أو وعود جدية بإيجاد حل سياسي للقضية الكردية، ما خلا التصريحات الغامضة في الآونة الأخيرة من الرئيس الأمريكي وبعض المسؤولين عن حرص بلادهم على حماية حلفائها، كما صرح مؤخراً وزير خارجيتها مايك بومبيو أن بلاده تسعى لضمان ألا يقتل الأتراك الكرد في سوريا بعد انسحاب القوات الأمريكية. هذا الغموض والمواربة في الموقف الأمريكي لا يبعث على الثقة ولا يعول عليه. لا سيما بروز ملامح الاتفاق مع تركيا بتسليمها مهام محاربة الإرهاب في سوريا لحماية أمن حدودها. وكلام بومبيو يؤكد أن لا مانع لديهم من دخول تركيا إلى الشمال السوري مع التلطف في المقتلة الكردية! باختصار أمريكا الآن خارج إطار الدول المعنية بوضع خارطة الحل السياسي في سوريا، بعد أن أفسحت المجال لتركيا وروسيا. ما عدا ذلك نحن أما احتمال خلط الأوراق العسكرية من قبلها، بخلق حرب جديدة في المنطقة ولا يستبعد أن تعود لاستخدام الكرد مرة أخرى.
من جهة أخرى وبعد الصدمة التي تلقتها الإدارة الكردية، توجهت إلى دمشق. وهناك تسريبات بتوقيع اتفاق يتم بموجبه تسليم المنطقة دون قيد أو شرط. ولا ضمانات لعدم القيام قوات النظام بأعمال انتقامية وانتهاكات بحق المواطنين، ناهيكم عن ضمان أي حقوق دستورية للشعب الكردي.
التورط الكردي في الحرب السورية، والتحالفات المرحلية لجميع الأطراف الكردية، دون ضمانات حقيقة، وضعهم في مأزق حقيقي يهدد مصيرهم ويعود بالقضية الكردية إلى نقطة الصفر.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى