الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غموض برنامج حكومة هنية في مواجهة وضوح خطة أولمرت

عامر راشد

2006 / 4 / 17
القضية الفلسطينية


جاء برنامج حكومة السيد إسماعيل هنية امتدادا لما يسمى بـ (الغموض البناء)، وهو وصف أطلقه السيد إسماعيل هنية وبعض قيادات حماس على السياسة التي ستنتهجها حركة حماس في مواجهة الاستحقاقات الداخلية الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية، التي ترتبت بعد فوزها في الانتخابات التشريعية للسلطة الفلسطينية،ونيل حكومتها الثقة في المجلس التشريعي الفلسطيني، وبعيداً عن دقة هذا الوصف الإشكالي، إلا أنه يعكس بشكل أو بآخر عمق المأزق الذي تعيشه حماس والحالة الفلسطينية ككل، لأنها لم تستخلص بعد الدروس والعبر من زلزال الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وأهمها أن غياب الحدود الدنيا من الشراكة السياسية والوحدة الوطنية على مدار الخمسة عشر عاما الأخيرة هو الخلل الرئيسي الذي عاشت وما تزال تعيشه الحالة الفلسطينية، وبأنه بسبب غياب رؤية وطنية موحدة لتصحيح هذا الخلل ظهرت وقائع ونتائج انتخابات المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية وكأنها صراع على النظام السياسي الفلسطيني، وليس صراعاً موضوعياً بين قوى وتيارات النظام السياسي الفلسطيني ، بغية الوصول إلى برنامج قاسم وطني مشترك، وتكرس هذا في وصول المشاورات لتشكيل حكومة ائتلاف وطني إلى طريق مسدود، وهذا ما خلط الحابل بالنابل، ومرد ذلك إلى أن البعض يرون فيما أفرزته صناديق الانتخابات مبرراً وأرضية للمراوحة عند حدود برنامجهم الخاص، الذي يؤسس لصراع إقصائي يفضي إلى تفرد جديد يُدعى بأنه مسنود بإرادة شعبية، متناسين أن حركة فتح عندما استفردت بالسلطة ومارست سياسة إقصائية لم تتوقف للحظة عن الادعاء بأنها مسنودة بالإرادة الشعبية الفلسطينية، والريادية في انطلاق المقاومة المسلحة وممارستها، وكانت تحتكر كل مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، التشريعية والتنفيذية والخدمية، وتوظف لحسابها الخاص كل إمكانيات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، والعلاقات العربية والإقليمية والدولية الواسعة التي بنتها منظمة التحرير الائتلافية على مدار أربعين عاماً من الثورة والمقاومة، لكن كل هذا لم يشفع لها، ولم ينقذها من الخسارة، لأنها فرطت بالشراكة السياسية، وببرنامج الإجماع الوطني، ولم تحاسب الفاسدين، ولم تحافظ على مسافة كافية بين الأطر الفتحاوية والمؤسسات الوطنية .
وبالعودة إلى ما يسميه السيد إسماعيل هنية بـسياسة (الغموض البناء) فإن هذا وصف لا ينطبق على مجموعة الإعلانات السياسية والتصريحات والمواقف غير الدقيقة الصادرة عن بعض قيادات حماس، م.وما تضمنه برنامج حكومة حماس، وعلى سبيل المثال لا الحصر جرى ويجري من قبل قياده حماس تشبيه خطة أولمرت للانسحاب الأحادي الجانب من الضفة الفلسطينية، بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وبأن هذا سيضاف إلى رصيد المقاومة المسلحة التي تصدرتها حماس، فالاجتزاء الوارد هنا لا يمكن أن يكون بناء، لأنه لا يلحظ الفارق الكبير بين الانسحاب من غزة، الذي شمل خروج كل قوات الاحتلال الإسرائيلي من كامل باطن غزة، وتدمير كل المستوطنات، ورحيل كل المستوطنين، وبين خطة أولمرت الهادفة إلى فرض حدود (دولة إسرائيل) بالأمر الواقع، ومن جانب واحد، بتنفيذ سلسلة من الخطوات أحادية الجانب تََضم من خلالها الكتل الاستيطانية الرئيسية، واستكمال بناء جدران الضم والفصل العنصرية، وفصل القدس عن باقي أراضي الضفة الفلسطينية وتهويدها بشكل كامل،ومواصلة احتلالها الكامل لـ (60%) من أراضي الضفة ليتواصل فيها الاستيطان، وتقسيم أراضي الضفة إلى مجموعة من المعازل المنفصلة، وتهويد منطقة غور الأردن، وبقاء سيطرة إسرائيل على المنافذ الحدودية ومصادر المياه، والتحكم بالاقتصاد الفلسطيني، وإرفاق كل هذا بخطة لتهويد منطقة الجليل، فالإسرائيليون لا يتحدثون عن ترسيم حدود مع دولة فلسطينية، بل عن ترسيم الحدود مع الفلسطينيين، بمعنى عزل المناطق ذات الكثافة السكانية الفلسطينية، وحسب ما نقلت صحيفة هآرتس(5/3/2006) عن ديختر الرئيس السابق لجهاز الشاباك الإسرائيلي فإن (فك الارتباط) الثاني الذي سينفذه أولمرت سيكون وفقاً لنموذج (فك الارتباط)عن مستوطنات شمال الضفة الفلسطينية، التي أخليت ضمن خطة شارون للفصل الأحادي الجانب، وليس وفقاً (لفك الارتباط) الذي نفذ في غزة، أي أنها لن تنطوي على انسحاب كامل لقوات الاحتلال، بل على إعادة انتشار لهذه القوات، ولن يتم تفكيك كامل للمستوطنات، و السيطرة الأمنية ستبقى بيد إسرائيل، وسيتم تعزيز الكتل الاستيطانية الأربعة الرئيسية (معالية أدوميم شرق القدس، غوش عتصيون بين بيت لحم والخليل، أرائيل جنوب نابلس، مستوطنات غور الأردن)، بالإضافة إلى تعزيز ثلاث كتل الاستيطانية أصغر (كرني شومرون ـ كدوميم قرب نابلس، وعوفر وبيت إيل شمال رام الله، وكريات أربع في قلب الخليل والمستوطنات المحيطة بها) . أي تكريس الواقع الاستيطاني، وهذا بالضبط جوهر برنامج حزب كاديما وخطة أولمرت المشتقة منه.
ويعزز ما سبق دراسة أجرتها شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي وجاء فيها( الحفاظ على الوضع القائم هو أمر غير مرغوب به، وسيلقى معارضة دولية، وأنه من الجهة الأخرى هناك احتمال ضئيل بالتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين) وخلصت هذه الدراسة إلى أن(خطوة أحادية الجانب ستخدم المصلحة الإسرائيلية بأفضل صورة، وأن فوز حماس يسمح بتنفيذ ذلك) .
إن مواجهة الخطة الإسرائيلية التي ستأخذ طريقها إلى التنفيذ على الأرض بعد فوز حزب كاديما بالانتخابات الإسرائيلية،يتطلب إعادة بناء الوحدة الوطنية، ومؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية على أسس ائتلافية تعددية ، وعلى أساس برنامج موحد وشفاف سياسياً وأمنياً واجتماعياً، وبإشتقاقات عملية وملموسة، حتى يتمكن الفلسطينيون من تقديم أنفسهم أمام العالم كحالة موحدة،وهذا شرط لازم لاستقطاب الدعم العربي والدولي، وتوظيفه في معركتهم من أجل كسر التفرد الأمريكي الموظف لصالح إسرائيل . بهذا يغلق الفلسطينيون الباب أمام الخطط الإسرائيلية أحادية الجانب، ومن أجل كل هذا فإن المطلوب الإقلاع عما يسمى بسياسة ( الغموض البناء)، لصالح سياسة مجمع عليها وطنياً، يبنى عليها خطاب فلسطيني واضح وشفاف ، فإسرائيل وحدها هي المستفيدة عملياً من الشعارات الغامضة والفضفاضة، وهي قادرة على أن تستغلها في تعبئة الرأي العام الإسرائيلي والدولي للتغطية والتعمية على تنفيذ خطواتها التوسعية، تحت شعار (لا شريك فلسطيني).
على الفلسطينيين أن يعلو الصوت عالياً بأنهم مع قرارات الشرعية الدولية، وقبولهم بحل على أساسها يضمن حقوقهم المشروعة، وبأنهم شريك في أي عملية سياسية وتفاوضية تقوم على هذا الأساس . وبغير ذلك ستشق الاسطوانة الإسرائيلية ( لا يوجد شريك طريقه) مع ما تحمله من خسائر صافية للفلسطينيين وقضيتهم وحقوقهم الوطنية والمشروعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة- | #مراسلو_سكاي


.. استشهاد الصحفي بهاء عكاشة بقصف إسرائيلي استهدف منزله بمخيم ج




.. شهداء ومصابون جراء غارات إسرائيلية استهدفت مربعا سكنيا بمخيم


.. نشطاء يرفعون علم عملاق لفلسطين على أحد بنايات مدينة ليون الف




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تحقق مطالبها في أكثر من جامع