الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة العربية والعلوم المعاصرة

صبحي عبد العليم صبحي
باحث بالفكر الإسلامي المعاصر

(Sobhee Abdelalem)

2019 / 1 / 11
العولمة وتطورات العالم المعاصر


ن المثقف الواعً ٌري أن التارٌخ ٌسٌر من اإلجتماع الً اإلنعزال والتفرد ، فتارٌخ العلم كل
ٌوم ٌفاجئنا بعلم جدٌد إستقل عن باقً العلوم . فقدٌما كانت الفلسفة هً كل العلوم ، فتجب
الفلسفة فً تلك العصور كل العلوم الطبٌعٌة والرٌاضٌة والهندسة والطب والعلوم االنسانٌة اٌضا
. وفً مستهل مٌالد الحضارة العربٌة اضحى العرب ٌترجمون التراث الفلسفً الٌونانً عن
اللغة السرٌانٌة ، ثم إنتقلوا للترجمة من اللغة الٌونانٌة مباشرةً . فأضحً التراث المعرفً
لالنسانٌة باللغة العربٌة مما جعل اللغة العربٌة لغة الثقافة والعلوم فً هذا العصر – وهو القرن
الرابع الهجري – والذي إتسم بالتنوع الثقافً، والتعدد المذهبً الذي ٌؤدي بطبٌعة الحال الً
غزارة اإلنتاج الفكري . إال أن حدثت قطٌعة عن ذلك العصر ، فوقفت اللغة العربٌة مكتوفة
االٌدي أمام العلوم المعاصرة ، بل إنها تقهقهرت الً الخلف لتقف خلف العلوم المعاصرة ،
عاجزة عن إنتاج مفاهٌم تعبر عن تلك العلوم أو تساهم فً بنائها وتطورها ، فهناك العدٌد من
المفاهٌم فً العلوم المعاصرة التً تعجز اللغة العربٌة عن إنتاج مصطلحات لها تحاٌث
المصطلحات االجنبٌة ) المنتجة لتلك العلوم( ، مما ٌزٌد من صعوبة عملٌة الترجمة ومحاولة
اللحاق بالتراث االنسانً والحضاري وااللتقاء الثقافً والتنوع الفكري ، النه بطبٌعة الحال
ٌجعل الناطقٌن بالعربٌة والكاتبٌن بها منغلقٌن علً انفسهم خاضعٌن لألطر المحدودة للغة –
التً لم تعد قادرة علً مواكبة علوم العصر – وٌزٌد من أزمة فهم األخر واإللتقاء المعرفً .
وهذا العجز لٌس قابعا فً اللغة ذاتها ، فما اللغة سوي وعاء للفكر علً حد قول الفٌلسوف
االلمانً هٌجٌل ، فتلك اللغة عٌنها كانت مسٌطرة علً العلوم فً عصر من العصور ، وانما
ٌعنً ان النتاج المعرفً للمتحدثٌن بتلك اللغة ال ٌساهم فً الحضارة المعاصرة وال فً العلوم
وتطورها بمثقال ذرة ، بل انه ال ٌستطٌع فهم تلك العلوم والولوج بها لٌنتج مصطلحات لتلك
المفاهٌم الجدٌدة التً تطرحها العلوم االنسانٌة والطبٌعٌة والرٌاضٌة .. إلخ كل ٌوم ، مما ٌعنً
ان النتاج المعرفً للناطقٌن بالعربٌة ٌدور فً حلقة مفرغة ال ٌأتً بجدٌد . فهو ٌنحصر فً أطر
إثبات الهوٌة المفتقده كونه اضحً ال ٌمثل اهمٌة للعالم سوي انه ٌعتبر اكبر سوقا مستهلكة
لإلنتاج الغربً ، سواء علً المستوي المعرفً ) االبستمولوجً ( أو المستوي األداتً )
التكنولوجً ( . مما ٌجعل البحث العلمً المعاصر للناطقٌن بتلك اللغة ٌنصب علً دراسة
تارٌخ الهوٌة العربٌة لمحاولة إثبات جدارة تلك العقلٌة بالقٌادة واإلنتاج المعرفً ، ومحاولة
إثبات أن الحضارات الغربٌة ما هً إال نتاج إستخدام العلوم العربٌة التً أنتجها العلماء
والمفكرٌن العرب فً القرون الماضٌة . مما جعلها تغفل عن تحدٌات العصر وتتقهقر الً
الخلف وتنظر الً الماضً كونه ٌمثل حقٌقتها الثقافٌة فٌرددون ) أن العرب هم صناع الحضارة
فً قدٌم الزمان (، والحاضر كونه مزٌفا لتلك الحقٌقة وتحاول الهروب والتنصل منه ) بأن
المنتجٌن للثقافة فً العصور الماضٌة هم العرب ، ولٌس العرب العاجزٌن عن كل شًء فً هذا
العصر - سوي اإلستهالك – بطبٌعة الحال (، وتغفل تماما عن المستقبل ، مما ٌجعل محاولة
رسم خارطة للمستقبل العربً أشبه بمحاولة سٌزٌف للصعود بالصخرة الً قمة الجبل ، محاولة
عبثٌية شبه مستحٌيلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا