الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السودان: ما يجب فعله لإسقاط النظام؟

محمد حسام

2019 / 1 / 11
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


قامت الثورة في السودان وأظهرت الجماهير السودانية روح نضالية عالية وقدمت تضحيات جسيمة تجلت في عشرات القتلي وعشرات الجرحى ومئات المعتقلين. لكن برغم ما أظهرته الجماهير السودانية في الأسبوعين الماضيين من مسيرات تصدت فيها ببسالة للقوات الحكومية في عديد من المدن وحتى في العاصمة الخرطوم، وكان أخرها ما حدث في أمدرمان من مظاهرات حاشدة يوم الإربعاء الماضي، لكن يبدو أن الجماهير الثورية في السودان غير قادرة حتى اللحظة علي تحقيق الإنتصار الثوري المتمثل في إسقاط الديكتاتور الدموي عمر البشير.

تقف اليوم الثورة السودانية أمام مفترق طرق إما أن تستمر في الإنتفاض وتتغلب على نقاط ضعفها أو أن يصيبها الإرهاق والتعب وهو ما يراهن عليه النظام، وتتكالب عليها قوة السلطة وتنكل بمن قاموا بها وتصدروها ومن ورائهم الجماهير السودانية كلها. فلتعي الجماهير السودانية الدرس التاريخي جيداً، أن عقاب السلطة وردها على الإنتفاض عليها سيكون جماعي ولن يستثنى أحد سواء شارك فيها أم لا، لسبب بسيط أن الثورة فعل جماعي والتحرر فعل جماعي فبالتالي العقاب على ذلك الفعل سيكون جماعى.

نقاط ضعف الثورة وكيفية التغلب عليها

لكي نعرف ما هي نقاط ضعف الحركة الجماهيرية الحالية علي أن نسأل السؤال التالي: ما هي أسباب قدرة نظام الديكتاتور المجرم عمر البشير على الصمود إلى الآن؟

الإجابة على ذلك السؤال تتمثل في أن النظام ومصالحه لم تتأثر بشكل جدي رغم كل النضالات الجماهيرية. الطبقة الحاكمة لن تضحي برأسها إلا عندما تشعر أن في بقائه تهديد حقيقي ومصيري لمصالحها. أن المظاهرات والمواكب التي حدثت في المدن بشكل غير متزامن هي غير مؤثرة بشكل جدي على مجمل بنية النظام رغم أهميتها خصوصاً كمرحلة أولى لاجتذاب قطاعات جماهيرية واسعة للثورة.

ما يشكل تهديد حقيقي هو احتلال الشوارع والميادين وطرد القوات الشرطية منها، ودخول الطبقة العاملة في الأحداث بشكل فعال. بدون التطور لهذه المرحلة من الحراك سيظل النظام قادر على المناورة والصمود في وجه الجماهير الثورية وسيظل قادر على توجيه الضربات الاستباقية لكوادر الحراك. لهذا الخطوة الأولى للفاعلين في الثورة السودانية يجب أن تكون التخلي عن تكتيك المواكب التي تحدث في المدن بشكل غير متزامن.

هذه المواكب في صالح القوات الحكومية من الناحية التكتيكية لأنها تسمح لها بإعادة تنظيم صفوفها بعد كل موكب وحشد قواتها في المدينة التي سيحدث فيها الموكب القادم، يجب عدم ترك الفرصة للقوات الحكومية بتنظيم صفوفها عن طريق تنظيم مظاهرات في طول البلاد وعرضها بشكل متزامن لشل حركتها وقدرتها علي مواكبة وقمع الانتفاضة.

هذه المهمة ستقودنا لما بعدها وهي المهمة الأكثر الحاحاً وهي نظم الجماهير المنتفضة في الشوارع والأحياء وأماكن العمل في مجالس، تنتخب تلك المجالس مندوبين لها الذين بدورهم يخضعون للمحاسبة والعزل في أى وقت من قبل المجلس، ليكونوا هؤلاء المندوبين هم قيادة الجماهير في الثورة ويستقلوا بشكل كامل عن جميع القوى الإصلاحية والليبرالية التي سرعان ما ستساوم عليهم وتخونهم وتضع يدها في يد النظام أو من بقي منه أن سقط رأسه.

ولكم في الثورة المصرية خير مثال على هذه الخيانة، لقد خانت جميع القوى الإصلاحية والإسلامية ومدعي الإشتراكية الجماهير المصرية سواء بعد سقوط مبارك أو مرسي، بداية من الإخوان المسلمين الذي تحالفوا مع المجلس العسكري -الذي انقلب عليهم فيما بعد- وباعوا الجماهير الثورية مقابل توليهم السلطة السياسية، وليس نهاية بالقوى الليبرالية والقومية ومدعي الإشتراكية الذين شكلوا ما سمي بجبهة الإنقاذ التي تحالفت واستعدت الجيش النظامي وقيادته المتمثلة في عبدالفتاح السيسي وقتها -بل وحتى بعض المجموعات الثورية وإن لم تكن عضوة في هذه الجبهة-.

على الماركسيين والثوريين السودانيين أن يدفعوا بكل قوة لإنجاز مهمة نظم وتعبئة الجماهير الثورية، لينتخبوا مندوبيهم لتنبثق قيادة من قلب الثورة وتقودها ناحية الإنتصار وإسقاط ليس عمر البشير فقط ولكن إسقاط وهدم كامل البنية الإقتصادية والسياسية الحالية. تذكروا أن العفوية عدوة إنتصار الثورة، من الممكن أن تقود العفوية لتحقيق إنتصار ثوري مهم مثل إسقاط حسني مبارك وزين العابدين بن علي وحتى عمر البشير، ولكنها مستحيل أن تقود لإنتصار الثورة بما تعني من هدم لكامل بنية النظام الرأسمالي ودولته الجمهورية، وبناء نظام اقتصادي جديد ودولة جديدة تضطلع بمهمة قيادة الجماهير، دولة جديدة ترتكز على مبدأ حق الإنتخاب والعزل للمسؤول المباشر، دولة تخطط الإقتصاد طبقاً لحاجات أغلبية المجتمع ليس طبقاً لتعطش أقلية المجتمع للأرباح، دولة تنهي التبعية الإقتصادية وتنهي سيطرة الدول الإمبريالية على موارد ومجهود عمل شعبها، نظام إقتصادي ودولة تضع أمامها هدف هو تنمية المجتمع بما يعني بناء صناعة وتنمية الزراعة وتطوير منظومتي التعليم والصحة. إن تحقيق هدف إسقاط النظام بالمعنى الذي شرحته هو رهن بوجود قيادة قادرة على تعبئة الجماهير الثورية وتنظيمها وتوجيهها سياسياً وفكرياً وعسكرياً لإسقاط الرأسمالية والدولة الجمهورية برجالها المسلحين.


إن تم إنجاز خطوة نظم الجماهير في الشوارع وأماكن العمل والأحياء وانتخاب قيادة من قلب الثورة، فإن أول مهمة لتلك القيادة الجماهيرية ستكون الدعوة لعصيان مدني وإضراب عام سيكون قادر على إركاع وهزيمة وإسقاط نظام عمر البشير.

وستكون تلك القيادة هي اللبنة الأولى للسلطة الجديدة التي ستنازع جميع القوى الأخرى وفي مقدمتهم المؤسسة العسكرية على السلطة بمجرد إسقاط رأس النظام الحالي.

تلخيصاً لما سبق، على الماركسيين و الثوريين البدأ في نظم الجماهير المنتفضة في الشوارع والمصانع والأحياء في مجالس تنتخب مندوبين لها يخضعون لمبدأ حق الإنتخاب والعزل للمسؤول المباشر، وتشكيل قيادة من قلب الثورة تدعو لعصيان مدني وإضراب عام في كل البلاد، ولكي تتم تلك الخطوة يجب التخلي عن تكتيك المواكب الخاطفة. بعد إحراز الإنتصار الثوري المتمثل في إسقاط عمر البشير ستبدأ تلك القيادة الجديدة في النزاع على السلطة ونشر الدعاية والتحريض الثوري في المؤسسة العسكرية لكسب الفئات الدنيا منها لصف الثورة. قيادة ثورية تطلع بمهمة القضاء على النظام الرأسمالي، والدولة التي تحميه -الدولة الجمهورية-، تضطلع بمهمة إلغاء سيطرة رجال الأعمال والعسكريين على مجهود عمل الجماهير وحياتها ومقدراتها ومصيرها.

قيادة ثورية منتخبة من الجماهير الثورية تقدم خطاب ثوري، تطرح الأزمة الحالية بشكل حقيقي، لا تطرح أن الأزمة الحالية أزمة سياسية متمثلة فى شخص عمر البشير فقط، لكن قيادة تطرح الأزمة بما هي أزمة كامل النظام الرأسمالي، وأن الحل ليس فقط في إسقاط البشير برغم أهمية تلك الخطوة و أولويتها، ولكن الحل الجذري هو هدم كامل النظام الرأسمالي وبنيته السياسية.

في النهاية أعيد توجيه رسالتي للجماهير السودانية، والماركسيين والثوريين السودانيين، نشد على أيديكم ونتطلع اليكم وكلنا أمل أن تحققوا ما فشلنا في تحقيقه، إلي أن يأتي يوم ونناضل فيه سوياً للقضاء علي سبب الفقر والجوع والبؤس والحروب والمجاعات في العالم، الرأسمالية. عاجلاً ليس آجلاً كما نأمل ونتوقع.

المجد للشهداء والحرية للمعتقلين والشفاء للجرحى
ابنوا الخلايا والتنظيمات الثورية
تسقط قوات قمع الشعوب (الشرطة والجيش)
تسقط حكومات رجال الأعمال
لا حل سوى انتصار الثورة الاشتراكية بحكومة عمالية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات جامعة إيموري.. كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة الأم


.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام