الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطورات إدلب وشرق الفرات ..كل يغني على ليلاه !

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2019 / 1 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


بالنسبة لطهران فهي لاتختلف كثيراً عن موسكو في توصيف الوضع الراهن في سوريا بعد إعلان واشنطن البدء بسحب قواتها من هناك ، فهي لاتستطيع الوثوق بمغادرة القوات الأميركية لسوريا، ولن تعتبره إن تم، بداية مرحلة الاستقرار وإعادة البناء.

وماجرى في إدلب، لايعني بالضرورة أيضاً أن أنقرة التي اتفقت معها لحل أزمات المنطقة بعد زيارة الرئيس حسن روحاني لها، قد سلمت لفكرة أن الرئيس السوري بشار الأسد إنتصر، والجميع يطرق بابه، فهناك في دوائر صنع القرار بايران من يعتقد بأنه يجب عدم الوثوق كثيراً بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسياساته التي تبدو "متقلبة" في سوريا لأن أردوغان -من وجهة نظر هؤلاء- اللاعب الأكبر في مشروع الربيع العربي منذ إنطلاقته وهو يخطط لضم منطقة شمال سوريا من ريف اللاذقية الى حلب ومنها الرقة ثم شرق الفرات وشمال العراق بالاتفاق مع فاعليات كردية عراقية وسورية.
ويرى هؤلاء أن التواجد العسكري التركي في غرب الفرات يهدف الى تحقيق هذا الهدف حتى وإن اضطر أردوغان الانسحاب تحت الضغط الروسي الايراني، فإنه فسيترك خلفه ما لا يقل عن مائة ألف مسلح يشكلون مع مع عائلاتهم نحو مليون معظمهم من التركمان الذين يحققون له طموحاته.

وبينما تمضي طهران في مشروع احتواء أردوغان وذلك في إطار الاتفاقات السياسية والاقتصادية التي توصل لها الرئيس روحاني خلال زيارته الأخيرة إلى أنقرة، لضمها الى محور جديد للسلم والتعاون الإقليمي يطور من مشروع المقاومة الحالي بين طهران وحزب الله وفصائل عراقية وآخرين، يحذر كثيرون من أن ذلك لن يكون ناجعاً ولن يكون ممكناً الا إذا يأس الرئيس التركي نهائياً من الغرب وحلم الانضمام للاتحاد الأوروبي، وتضعه إسرائيل في خانة أعداء وجودها العقائديين.
ويراهن هؤلاء على أمنيات أو توقعات بأن تصل علاقة تركيا مع الغرب والولايات المتحدة تحديداً الى القطيعة الكاملة، فتعلن اسرائيل واللوبي الداعم لها في أمريكا أنها عدو استراتيجي ويجري بالتالي توريطها في حرب داخلية مع الأكراد ولاحقاً على المدى الطويل مع العلويين ..

ومع إندلاع التطورات الأخيرة في إدلب واتهامات خلف الطاولة لأنقرة بأنها سلمت المدينة للجماعات الارهابية، تحاول طهران الاستفادة من هذه التطورات لكي تساعد شريكها التركي وتبرئته بالقول إن ماجرى في إدلب سيساعد على فرز التنظميات الارهابية من باقي المسلحين وفق اتفاق "سوشي"، ويجري بالتالي تصفيتها عسكرياً أما بقوات الدولة السورية وحلفائها، أو بواسطة الشريك التركي الضامن في الأستانة، أو بعمل عسكري مشترك تقترحه طهران بقوة في مساعيها نحو إحتواء أنقرة لتكون أيضاً عنصراً أساسياً في دعم العملية السياسية المقبلة بمايبدد مخاوف المحذرين مما يسمونها "طموحات تركيا الأردوغانية".
إحتواء
لكن السؤال: كيف يمكن احتواء أردوغان الذي يهدد حلب من جديد ؟ يُطرح هذه الأيام بقوة بين الأوساط الأكاديمية المؤيدة لمحور المقاومة والتي تعمل جاهدة على تطوير هذا المحور ليضم تركيا والعراق أيضاً بالرغم من إعتقاد يسود بعض مراكز الدراسات القريبة من وزارة الخارجية الايرانية يمثلها الدكتور صادق خرازي كبير مستشاري وزير الخارجية لخصه بالقول إن عدم وضوح الاستراتيجية الأمريكية تجاه سوريا والمنطقة عموماً، يجب أن يدفع صانعي القرار الايراني الى التريث في الحكم على قرار الانسحاب من سوريا، والتوجه أكثر صوب الشريك التركي والتعاون معه خصوصاً في سوريا.
وينطلق المؤيدون لاحتواء أردوغان من واقع أن روسيا وايران احتوته بالفعل .. بالأستانة وسوشي و أيضاً عبر العقود الاقتصادية، فإذاً لامصلحة لتركيا في معاداة ايران وروسيا بعدما جربت موقف الغرب والعقوبات الامريكية ومؤامرات خفض الليرة التركية، ومحاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، وعرفت من هو الصديق ومن هو العدو.

توتر
بعد التوتر الذي طرأ على علاقات طهران مع الاتحاد الاوروبي واتهامات لمسؤولين في وزارة الاستخبارات الايرانية بدعم الاٍرهاب، ووصول الاتفاق النووي الى حافة الانهيار، تعزز موقف الرئيس حسن روحاني وحكومته في شأن الوثوق أكثر بتركيا وقد عبر عن ذلك بوضوح وزير الخارجية محمد جواد ظريف أثناء زيارته الى نيودلهي والتأكيد على أن طهران ماعادت تعول كثيراً على الدول الاوروبية، ولذلك سيزداد بالتأكيد حجم التعاون مع أنقرة في سوريا لتفادي تدمير اتفاقات الأستانة وسوشي ، وإجهاض محاولات البعض دفع أردوغان الى الحضن الأمريكي الغربي الصهيوني، خصوصاً بعد النجاح في ترميم العلاقات التركية الأمريكية على وقع جريمة إغتيال الصحافي السعودي المغدور جمال خاشقجي.

وتعتقد طهران أيضاً بشقيها المعتدل والأصولي أن التقارب التركي الايراني وعبور المنعطفات التي توجدها أزمات مرحلية مثل التطورات الأخيرة في إدلب ، يجب أن يستمر ولو بلغ مابلغ لإجهاض مشروع المحور الآخر الذي يعمل منذ فترة خصوصاً بعد اندلاع الأزمة السورية على إدخال المنطقة في نفق الفتنة الطائفية وتحويل الصراع حول مناطق النفوذ الى صراع سني/شيعي.
وتنظر طهران الى التصريحات التركية الأخيرة بشأن إدلب وتأكيدها على مشاركة تركيا وروسيا في معركة إدلب لتطهيرها، من واقع أن تركيا شريك أساس في تصورات مستقبل سوريا والمنظومة الإقليمية ولاتوجد أي نوايا لتجاوزها باعتبارها دولة جارة تملك القوة والعزيمة للقيام بهذه المهمة، وهو ما عبر عنه أيضاً الرئيس التركي أردوغان في مقاله في "نيويورك تايمز" في يوم الثامن من الشهر الجاري.

ومن خلال مايجري في إدلب وقيام تركيا بجمع الجماعات التي تضمنها في المنطقة الممتدة من جرابلس الى عفرين، يخشى حلفاء ايران السوريون أن يساعد ذلك تركيا في تحقيق هدف من أهدافها في تغيير التوزع في الشمال، وتكون قد تخلصت من عبء الدفاع عن حلفائها في ظل إصرار روسي سوري إيراني على فتح معركة إدلب ؛ مع ملاحظة أن المعارضين لنظرية الاحتواء يعتقدون أن أي تهديد أو هجوم من جبهة النصرة على حلب ستكون تركيا بريئة منه، فإن نجح يكون مكسباً لها وإن فشل تخرج لتدين الهجوم-حسب تعبيرهم-.

أخيراً
ينظر مقربون من دوائر صنع القرار في طهران أن ما حصل في ريف حلب وريف إدلب من سيطرة لجبهة النصرة، سيعجل في تنفيذ شروط "سوتشي"، لفصل الارهابيين عن غير الارهابيين، سواء يتم هذا الفصل عن طريق القوة ،أو بالمفاوضات بواسطة وسطاء وهذا أمر مستبعد، لأن قرار. الانتهاء من إدلب باتت تحتاجه أيضاً تركيا التي تدرك أن بعض المنظمات الموالية لها،أصبحت تشكل له عبئاً أمام الحل.
أما في شمال شرق سوريا، فإن الصورة الظاهرية حتى الآن تشير الى أن الولايات المتحدة هي الخاسر الأكبر مع قوات حماية الشعب الكردي وهي مرشحة للانقسام إلى قوتين عربية وكردية، أو تجد حلاً واحداً مع الدولة السورية بضمانات روسية تحول دون تدخل التركي الذي لايريحه بقاء القوات الكردية.
ويبدو -حتى الآن- أن الأمور تتجه نحو هذا الاتجاه، ما يعجل الإنسحاب الأميركي ومن مؤشراته فشل زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون لتركيا، وردة الفعل عليها كانت بالإسراع بالإنسحاب.
طريق القدس
مايقلق طهران حالياً هو تكثيف التحركات الأمريكية في المنطقة ومحاولات واشنطن إيجاد حلف جديد ينقل المعادلة مع ايران من الاحتواء الى المواجهة خصوصاً في العراق حيث تعود القواعد والقوات الأمريكية بشكل علني في مشروع يهدف إلى قطع الطريق البري الذي يربط إيران بسوريا ولبنان ففلسطين عبر العراق، وهو المشروع الايراني القديم الذي تجلى في شعار "طريق القدس يمر عبر كربلاء (العراق).
هذه المواجهة مع طهران عملت عليها واشنطن بجدية كبيرة منذ مارس آذار 2017 بإطلاق خطة السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل (مارتن إنديك) -الموجودة على موقع لجنة العلاقات الخارجية للكونغرس لاحتواء السعودية ودول عربية أخرى موالية لأمريكا وتؤمن بالتطبيع مع إسرائيل، زعامات شيعية عراقية مهمتهم مواجهة النفوذ الايراني ولو أدى ذلك الى حرب شيعية شيعية بدت ملامحها بُعيد الانتخابات البرلمانية في مايو أيار المنصرم،من خلال الحرب الإعلامية الواسعة والتي استهدفت المرجعية الدينية التي حالت سابقاً عام 2006 دون وقوع الحرب الطائفية واتهامها بأنها وراء ترشيح عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء لتحميلها مسؤولية فشله، والهجوم على الحشد الشعبي الذي نشأ بفتوى المرجعية والتحرش بفصائله المدعومة من إيران كما حصل في البصرة بحرق مكاتبها ومقراتها والقنصلية الايرانية، ومايجري الآن في الصراع المكشوف والخطير بين "عصائب أهل الحق" الذي يتزعمه الشيخ قيس الخزعلي
وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم المتهم بالحصول على دعم من السعودية ومن المبعوث الأمريكي المستقيل ماكغورك على خلفية اتهامات قناة تلفزيونية تابعة للحكيم بتوجيه اتهامات للعصائب بتنفيذ جرائم قتل في بغداد نفتها العصائب وحذرت من مشروع فتنة داخلية تأتي في سياق مخخط واشنطن مواجهة النفوذ الايراني ...وكل يغني على ليلاه !
"القدس العربي"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟