الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريمة في ستراسبورغ - 7 -

علي دريوسي

2019 / 1 / 14
الادب والفن


لم نستطع أن نتكلم بهدوء حين التقينا، علت أصواتنا بشكل جنوني آن طلبتُ إليها بكل تهذيب وبرودة أعصاب أن ننفصل عن بعض لفترة تجريبية وأنَّ عليها البدء بتحمل مصاريف استئجار شقة لها في ستراسبورغ، لأنني قد أرسلت رسالة للمؤجرة فسخت فيها عقد إيجار شقتي هناك ووعدت أن أفرِّغها من أثاثها في مدة أقصاها ثلاثة أشهر، وما زاد الطين بَلّة هو أنني قد رجوت أزيتا أيضاً كي نتحدّث عن مستقبلنا بحضور والدتها ريناتي كطرف حيادي.

بالكاد أنهيت مطالبي حتى نهضت كاللبوة المجروحة من الكنبة المقابلة، قفزت باتجاهي وهي تصرخ: لقد أتيت إليك لأعتذر يا ابن الكلب وها أنت تهينني، عربي بغل، لم أستطع تفادي أظافر يدها التي انغرست في رقبتي، آلمتني، أمسكتها من شعرها، لففته على يدي وأطحت بها أرضاً ثم جررتها إلى الحمّام، أقفلت الباب خلفنا، رفعتها عن الأرض وطفقت أصفعها على وجهها يميناً ويساراً حتى نزفت من أنفها وبصقت الدم من فمها، تركتها تهوي على الأرض، تكوَّرت على نفسها واضعة يديها أمام بطنها لتحميه كما قد تفعل امرأة حبلى في شهورها الأولى واستجدتني: أستحلفك بالله ألا تضربني على بطني فأنا حامل!

جن جنوني حين سمعت استغاثتها البلهاء، كانت كلماتها بمثابة الرصاصة التي اخترقت صدغي، رحت أكيل لها اللطمات بقدمي على ساقيها وفخذيها، حاولت أن أهرس رأسها بين حذائي والبلاط، أضربها وأقول: ألم يعلمك أبوك الفاسق إلهامي أن الإكرامية بقنطار والمحاسبة بدرهم؟ ها أنا ألقِّنك الدرس الذي فاتك. بينما أزيتا تصرخ وتشتمني، قالت بأنها لم تحبني يوماً وأنني مجرد حشرة في حياتها وأنها لم تكن يوماً سعيدة معي في الفراش وأن الحب الذي أعطاها إياه المغربي في ساعتين من الزمن فاق كل ما أعطيته لها منذ عرفتني.

هي تلعنني وأنا أهصر جسدها تحت قدميّ، أقول وقد فقدت أعصابي: سأقتلك يا بنت الكلب، بسببك بت أحلم بشكلٍ قبيح مرة ثانيةً. راحت تتألم، تبكي وتشهق، تغص وتنهنه في الوقت الذي تغمغم فيه: ابتعد عني أيها الوحش أنت مريض نفسي، تحتاج إلى علاج، عالج نفسك أيها العقيم، أتسترجل على امرأة؟ سأفضحك في مقر عملك بين زملائك وطلابك.

شعرتُ بالهلع والخجل من كلماتها، ابتعدتُ عنها، توقفتُ عن ضربها فجأة وما أن هممتُ بالخروج حتى تمكّنتْ من النهوض، تناولتْ مقصاً عن رف المغسلة وهجمت عليّ تريد طعني، تفاديتها باللحظة الأخيرة لأطبق الخناق على رقبتها بأصابع يدي، دفعتها عني بعنف ليرتطم رأسها بطرف المغسلة، فترنحت أرضاً مغمياً عليها. كدت أموت من الخوف، كانت تنزف من رأسها، اعتقدت أنها ماتت، ركضت إلى باب الخروج ورحت أقرع الباب على هايدرون.

دخلت هايدرون إلى الحمّام، جسّت نبض أزيتا متمتمة: لا تقلق مازالت بخير. ثم أنهضتها وسحبتها وهي تتطوطح إلى غرفة النوم، هناك مسحت لها وجهها وأعطتها إبرة مهدِّئة للنوم. همست هايدرون: لا تهتم، من يزرع الريح يحصد العاصفة، دعنا نذهب لتناول البيرة، ستكون زوجتك على ما يرام حين نعود.

في منتصف الليل رجعتُ إلى البيت برفقة هايدرون وكنت مخموراً، ودَّعتها ودخلت شقتي، دفعت باب غرفة النوم ودلفت بحذر، وجدت أزيتا تجلس على السرير في قميص نومها وفي يدها سيجارة وقد وزَّعت أمامها صوراً عديدة لنا في أماكن مختلفة وبعضها كان في يوم زواجنا، خلعتُ ملابسي بأكملها وصعدت إلى السرير، نفثتْ دخان سيجارتها في وجهي وهمست: ألن تسامحني؟ تجرّأت على وضع خديها بين كفيّ وأجبتها: كنت مأفوناً أحمقاً حين ضربتك، لم أكن أنتوي إيلامك وإهانتك، ملعون هو الشيطان. سألتها: هل أنت حامل منه حقاً؟ أجابتني: أنت مجنون فعلاً، كنت أستفزك وحسب. قبّلتها على عينيها، جبهتها، شفتيها، دفعتها لتستلقي فوق السرير وما زالت نظارتي الطبية على وجهي.
***
يتبع في الجزء الثامن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قضية دفع ترامب أموالا لممثلة أفلام إباحية: تأجيل الحكم حتى 1


.. بايدن عن أدائه في المناظرة: كدت أغفو على المسرح بسبب السفر




.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية


.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي




.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان