الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعبة الوقت

جهاد الرنتيسي

2006 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تنحسر الخيارات الى ما دون الصفر حين تطرق الحقائق الجديدة ابواب العواصم الغارقة في ازمات بنيوية تتفاقم مع مرور الزمن المفتوح على المتغيرات .
فالغرق في الازمات المستعصية لايعني الانكفاء عليها ، لان العالم لا ينتهي عند حدودها ، ولا يبدا من احتمالات حلولها .
والمستقبل نتيجة لتراكم معطيات وليس حالة هلامية تهبط من كوكب اخر لتعيد تشكيل الواقع .
والتجارب اثبتت فشل سياسة دفن الرؤوس في الرمال التي يحاول النظام الرسمي العربي اتقانها ، وتتحمل الشعوب العربية عبء الدوران في متاهاتها ، وتبعات رغبة الخروج من دواماتها.
والازمة التي تثيرها عمليات تخصيب اليورانيوم الايرانية واحدة من جملة الحقائق التي تطرق بوابات العواصم العربية بعنف .
فهي عنوان مواجهة بين جار الشرق الموغلة علاقته مع العرب بالحساسية ، والقطب الكوني الوحيد الداخل حتى النخاع في تفاصيل الحياة اليومية ، وصاحب الدور الرئيسي في توجيه مسارات الاحداث .
ولا تغيب التفاصيل الدقيقة التي تحدد العلاقة مع الطرفين عند اتخاذ المواقف من الازمات وتداعياتها ذات المساس المباشر بما تبقى من استقرار في المنطقة .
فما زالت محاولات تصدير الثورة التي شرعت فيها طهران ما بعد الشاه ، والحرب العراقية ـ الايرانية جزء من الذاكرة العربية .
وخطورة ما ينطوي عليه دور ايران في العراق ، وحضورها في لبنان ، وفلسطين ، وسوريا حقيقة واقعة يدركها اصحاب التحليل الهادئ ويتجاوزها الموهومون .
ورغبة العواصم العربية في الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة لا تخفي عدم ارتياحها للسياسة الاميركية في المنطقة ، بدء من ادارة الازمات في العراق ، ومرورا بالانحياز لاسرائيل ، والانتقادات التي توجهها مراكز صنع القرار الاميركي للنظام العربي العاجز في معظمه عن توفير متطلبات الاصلاح السياسي والاقتصادي .
ويزيد من صعوبة الموقف الرسمي العربي عدم قدرته على الابتعاد عن الضبابية والميوعة ، لا سيما وان الحريق المتوقع ان ينجم عن مواجهة ايرانية ـ اميركية لا تقف حدوده عند الساحة الخلفية لعواصم المنطقة .
ولا يقتصر تفاقم المازق العربي الناجم عن تسارع اليات " لعبة الوقت " بين واشنطن وطهران على النظام الرسمي .
فالمعارضات الاصولية العربية ـ بتلاوينها الدينية والقومية ـ التي وطنت الوهم في حساباتها وهي تحدد معسكرات الاعداء والاصدقاء جزء من مشهد الازمة المتوقع ان تلعب دورا في توجيه عملية اعادة تشكيل المنطقة .
وتكشف تحولات الخطاب السياسي الايراني ـ التي ظهرت بوضوح في تصريحات الرئيس احمدي نجاد لدى اعلانه دخول بلاده الى النادي النووي ـ عمق ازمة هذه المعارضات .
فقد عاد الرئيس نجاد الذي يعد احد تلاميذ مدرسة اية الله الخميني مفجر " الثورة الاسلامية " في ايران الى خطاب التطرف القومي بافراطه في الحديث عن الامة الايرانية .
ولحديث نجاد عن تحول بلاده الى " قوة عظمى " دلالات يغفل عنها المتحمسون للدور الايراني في المنطقة .
فالحديث عن الامة الايرانية ياتي على حساب شعارات الثورة الاسلامية التي جرى استخدامها على مدى السنوات الماضية غطاء لعلاقة ملتبسة بين قوى سياسية عربية مؤثرة وطهران .
وغالبا ما تاخذ العلاقة مع القوى العظمي طابع التبعية المكشوفة مما يحرم حلفاء ايران في المنطقة هامش المزايدة المتاح عند توجيه انتقادات لطبيعة علاقة النظام الرسمي العربي بالغرب .
وقد تتيح طبيعة العلاقة بين النظام الرسمي العربي مع الغرب هامش تحرك اوسع من الذي تمنحه طهران لحلفائها .
فما يتوفر من معلومات وتسريبات حول علاقة طهران بحلفائها المقربين يعطي هذه العلاقة الطابع الاستخدامي الذي يحول الحلفاء الى ادوات ينحسر تمويلها في حال تراجع جدوى ادائها .
وما اخفته تصريحات نجاد في لحظات نشوة الدخول الى النادي النووي فضحته الحركة النشطة لرئيس مصلحة تشخيص النظام هاشمي رفسنجاني الذي يقود جناحا اخر في النظام الايراني .
ففي محطته السورية حيث التقى امين عام حزب الله حسن نصرالله وقادة التنظيمات الفلسطينية الحليفة دعا رفسنجاني الى المقاومة ووعد بدعم مادي ومعنوي .
وفي تصريحات ادلى بها في وقت لاحق تحدث رفسنجاني عن ترتيبات عنوانها العريض " مجموعة اقليمية " تشمل سوريا والعراق بعد ترتيب اوضاعه .
والاعتقاد الوحيد الذي يمكن ان تؤدي اليه مثل هذه التصريحات هو رغبة طهران في تسخين الجبهات الاقليمية لتخوض الفصائل المجهرية الفلسطينية ، وحزب الله ، وتنظيمات الاسلام السياسي الشيعي في العراق ، وافغانستان معركة دخول ايران الى النادي النووي .
وبذلك اصبح من السهولة التقاط تباينات خطابين ايرانيين يظهران عمق ازمة الرؤية و يكملان بعضهما في الوقت ذاته .
فمن خلال خطاب الانبعاث القومي الذي يعيد الى الاذهان تجليات التفكير الاوروبي التي قادت الى حرب كونية ينعش نجاد النزعة القومية في الشارع الايراني الباحث عن اصلاحات سياسية وحلول لاوضاع معيشية ويحاول قطع الطريق على المعارضة الايرانية التي اتسع اطار حركتها في الولايات المتحدة واوروبا لتسويق مشروع التغيير الديمقراطي .
ولم تخرج الرؤية الاستخدامية للجبهات الاقليمية عن هذا السياق ، فالمطلوب من الاخرين الموت دفاعا عن المشروع النووي الايراني مقابل معونات مادية ، ومعنوية .
وبطغيان الاصوات المتشددة في اجنحة الحكم الايراني غاب الجناح الثالث الذي خيبت هزيمته امل الغرب في تقدم تيار الاعتدال .
والى جانب التحولات التي يقود اليها الانبعاث القومي الايراني يواجه العرب خلال الـ 15 شهرا المقبلة ـ المتوقع ان تشهد تسخينا سياسيا بين الولايات المتحدة وايران ـ معضلة اعادة النظر في خطابهم الداعي الى اخضاع المفاعل النووي الاسرائيلي للتفتيش الدولي .
فالسياسة التي تتبعها طهران مع وكالة الطاقة الدولية تتيح للجانب الاسرائيلي ما يرد به على الدعوات ترددها جامعة الدول العربية بين الحين والاخر .
ولم ينتبه الساسة العرب وهم يتابعون " لعبة الوقت " الاميركية ـ الايرانية الى كفاية ضجيج ازمة بهذا الحجم لتغطية خطوات الحل الاحادي الجانب التي رفعها ايهود اولمرت شعارا لحملته الانتخابية .
وبالتالي لن تكون النتائج النهائية للمواجهة المقبلة اكثر رحمة على النظام الرسمي والقوى الشعبية العربيين من تداعيات الازمات التي اثارها احتلال دولة الكويت عام 1990








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ