الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قدّح المشمش .. يا - حكومة !

عبد الجبار السعودي

2006 / 4 / 18
كتابات ساخرة


بعد مرور أربعة أشهر على الإنتخابات .

قد يترحم عليّ البعض في الدنيا قبل الآخرة وهو يسمع بــ ( المشمش ) في مثل هذا الزمن الرديء الذي نعيشه ، وقد يلعنني بعضهم لأني ( بطران زماني ) وأنا أحدثهم وأذكرهم بتلك الثمرة اللذيذة وحلاوة وميوعة قضمها وأكلها .. ومن ثم حموضة مذاقها وهي تذوب بين اللســــان والأسنــــان !
ومهما كان حكم أبناء جلدتي .. وأبناء وطني ، فإني راض بحكم الخالق .. والعبــــــاد .. في أرض السواد ! لكني وأنا المحروم لا من المشمش و عذوبة مذاقه وحسب ، بل ومن رؤية منظره والترحم على أيــــام زمان ، فقد شدتني الذكرى و بعفوية لا أعرف منبعها .. لأغنيـــة المطرب سعدون جابر وهو يتغنى لا بثمرة المشمش نفسها ، بل بوروده البيضاء المزهرة والفواحة ، حين يردد :
قدّح المشمش .. وإنت من قدّاحـــــه
تذكرت الأغنيــــة .. و رددتها مع نفسي ، وتحسرت على أمرين لا ثالث لهما في أيـــــام حياتي التي أحيــــاها في بقعة من بقاع المعمورة .. وأنـــا أحمل ، لا هموم موطني وحسب ، بل هموم أهلـــــي و شعبي هناك .. وهموم الأيــــام التي طالت ولا من بشير يمر و ينثر أفراحه على الناس والعباد و يحل من ( عقدة ) الأيــــام التي يحيونهـــا !
تذكرت حماسة الأيــــام التي بها إندفعنــــا لكي تكون لنــــا بصمتنــــا الوطنيـــــة في الإنتخابات الأخيرة .. و عبق الفرحة .. وعيون الناس وهي تأتي من كل صوبٍ وحدر .. تفيض حماساً .. و نخوة .. وشهامة .. و حباً عارماً للوطن !
و رغم إن ( نشوة ) تلك الأيـــــــام لم تزل عالقة في الأذهان والروح المتعبــــة التي يحملها كل عراقي ، لكني ، وكما هُـم أبناء وطني المعذبون ، أتحدث الآن بلغة أخرى .. صارخة .. و رافضــــة لكل ما دار .. و يدور .. ! فلا الوفــــاءُ الحقُ ( يلمعُ ) و يُعلن ( بريقه ) في سماء الوطن من أجل الضحايـــا الشهداء .. ولا الوفــــاء الحق المنصف للكادحين المتعبين يتصدر همم الرجال و نخوتهم ( البطوليــــة ) التي أشبعتــنـــا ( إنتصارات ) !
كل شيء يختلط ، ومن جديد ! ولا كأن الوطن مذبوح و ينوح مع الأيام .. ! وإن جاءت إستجابــــة مــــا .. فهي محسوبة بقدر ما تأخذ فقط .. لا غيــــــر !
مرّت أربعة أشهر بالتمام والكمال على ما أفصحت به أصوات شعب العراق .. نساءً و رجـــالاً .. ولا نسمع إلا وعــــوداً بالبشير القادم والمنتظـــــر .. وشعبنا ينوء ويسيل دماً و تتلاعب به هموم الحياة ومتاعبها و أهواء الطائفية المقيتة و شرورها ! أما الذين إرتضـــوا أن يمتطوا ظهر كل هذه ( المحن ) ، فيبدوا أنهم تناسوا أن للطبيعة قوانينها ، وللحياة جدلهـــا .. ولهموم الناس في الوطن كلها لها مستحقاتها ، قبل مستحقاتهم هم أنفسهم ! فلا من منصب يدوم في وطن العراق ، ولا من كرسي لا تتآكل و تتردى أخشابه ، ولا من عقـــــول تبقى صدئة الى يوم القيــــامة وإن كثــــُر النواح ! فالحـــــال .. و الجود .. من ( الماجود ) كما يُقـــــال !
فيا ( فرســـــان ) الوطن المذبوح ، صغيركم و كبيركم .. لا تجعلوا من جماح ( خيولكم ) و ( خيـــــالكم ) مطحنة جديدة لما تبقى من نعمة أرض الرافدين و بشرهِ ! ولا تختــــاروا ( أرضاً ) لأهواءكم لا تنبت فيها أشجار المشمش والياس والزيتون ! فالأرض الحق التي عليها تقفون هي أرض سومر ومن عاش فيها من أقوام لا زالوا بينكم حتى يومنا هذا ، وهي أرض كيش و عنفوانها و أور وقدسيتها و بابل و رموز جنائنها و نـــُفـــّر و آشور و بسالة أحفادها وهي أرض كربلاء الباسلة و كردستان و صمود رجالها ! فلا تنسوا و تتناسوا و تتماهلـــوا وأنتم ( تتطاحنون ) من أجل أيـــــام ٍ .. و أمجـــاد ٍ .. زائلـــــــة ! فقد قدّحت أشجار المشمش و تذوقت شعوبٌ كثيرة مذاق حلوها .. ونحن لم نزل لم نسمع بها ، ولم نمتـــّع أنظارنــــا ببياض ورودهــــا و فواح عطرها ! و ربمــــــا لا يأكل ( ثمـــــارها ) حلوة و عذبة إلا ( القليـــــل ) من رعية الوطن المحرومين أصلاً ، لا من ( اللب ) و حلاوته وحسب ، بل من لون ( القشر ) و نضارته !
فحذار .. و حذار .. و حذار ، فالثمــــار لا تدوم نعمتها وعافيتها إن لم نرع جميعاً منبعها ونسقي معاً جذور منبتها ، وقد تـــُنخر الأشجار والثمــــار معاً بــ ( ديدان ) لا زالت تعيش بين ثنايــا تربتكم الرخوة التي عليها تقفون وعلى الكراسي التي بها تحلمون !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا