الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات الحرب، اليوم الثالث: 21-3-2003. - انشقاق الضباط

مصطفى علي نعمان

2003 / 3 / 23
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

انشقاق الضباط:

قالت أجهزة الإعلام الأمريكية، إن قصر الحرب يعتمد بالدرجة الأولى على انشقاق كبار الضباط، وإن السلطة الأمريكية تأمل وتعول على ذلك، أجهزة الإعلام تلك تعرف أكثر مني! ومن غيري، تعرف كل شيء! لأنها مرتبطة بأجهزة دان لها العالم، في حبك المؤامرات، في تغيير الحكومات، في شراء ما لا يشترى، فكيف أقارن معلوماتها بمعلوماتي، أنا الشخص الفقير لله، الذي لا يملك غير تجاربه الشخصية؟ ولأني لا أملك غيرها فسأذكر ما يخطر ببالي منها.

التقيت ضابطاً عراقياً "برتبة عقيد"، بعد تحرير الكويت من أيدي السفلة، ولما كان زميل دراسة يثق بي، فقد تداول معي بصراحة في موضوع مهم، وهو سبب سكوت كبار الضباط عن جرائم صدام، قال لي بالحرف الواحد: أعطاهم أكثر مما يحلمون به! وبالفعل تذكرت بضعة ضباط أعرفهم، منهم جاري في معسكر محمد القاسم بالبصرة، وكيف تغيرت أحواله ما إن أصبح قائد للقوة….! وكيف انهالت عليه المكافآت بين عشية وليلها قبل ضحاها، مكافآت يقتل العراقي نفسه طيلة حياته بالعمل الجاد ليحصل على واحدة منها: أنواع السيارات، ثلاث منها مارسيدس! أراضٍ متعددة، في مسقط رأسه، في البصرة، في بغداد! مظاريف تحوي كميات من النقود تتجاوز الآلاف، مع امتيازات تتغير، وتتطور في كل مرة، نعم كيف ينقلب على سيده من أصبح له كل شيء، ولم يكن من قبل يملك أي شيء؟

ولهذا فوجئت بخبر لجوء قائد الفرقة الواحدة والخمسين لقوت التحالف اليوم! ترى أكان هناك دافع شخصي طغى على الامتيازات! أم صحوة ضمير؟

قبل ذلك فوجئت بلجوء بعض الضباط الكبار إلى أوربا، وعندما تتبعت الأمر وجدته لأسباب شخصية بحتة، ولم يكن صحوة ضمير قط، وتحت هذه العلة يندرج انشقاق حسين كامل، الذي لم يكن أكثر من دودة فضلات التقطها صدام، من النتانة ليجعلها تتحكم برقاب، ومصير العراقيين.

وما آمله الآن أن يزداد عدد هؤلاء الضباط الملتحقين، بقوات التحالف، ولأي سبب كان، شخصي، أم عام، فلعلهم يقللون أخطار إبادة من هم أفضل منهم، وهم أبرياء الشعب العراقي المغلوب على أمره.

أتعس الأجيال:

قالوا أنهم ألقوا بخمسمئة صاروخ، كروز على العراق، وأنهم خصصوا ثلاثة آلاف صاروخ، سيلقونه في الأيام القادمة، لكنهم في كل مرة يركزون على قيمة الصاروخ: مليون دولار! بالرغم من أننا نعلم أن الشعب العراقي سيدفع ثمن التكلفة من دمه، من نفطه، من رفاهيته التي قضى عليها صدام، لكنهم يعيدون نفس الأسطوانة، ويذكروننا بالثمن! ثم أعلنوا أن هناك أكثر من عشرين ألف هدف يجب أن يقصف! لكنهم لم يقولوا كم بريء قتل بالقصف، أو سيقتل! لم يقولوا لأنهم لا يهمهم! نحن كرماء، ندفع من دون حساب، طالب محامو مركز التفجيرات في نيويورك السعودية بمليار دولار عن كل ضحية! وطالب محامو لوكاربي، القذافي بنفس المبلغ، أيضاً، عن كل راكب من ركاب الطائرة المنكوبة، وسيطالبون عن كل شخص يقتل منهم بمثل تلك المبالغ الطائلة، لكن قتلانا لا قيمة لهم، قُتل في كل موقع قصف بصواريخ كروز ما لا يقل عن عشرة أشخاص، كانوا يحرسونه! وبحساب بسيط، خمسمئة هدف، يعني خمسة آلاف شهيد، مسكين! وماذا عن ضحايا الطائرات؟ وغاراتها التي لم تنقطع! كم شهيداً سيسقط؟ ومن يدفع تعويضاً لأهاليهم! لنصمت، لا أحد يفكر هكذا! لا قيمة للعراقي الشهيد قط، لا يعتبر العراقيون بشراً يستحقون التعويض، قتل منهم مئات الآلاف، لا بل نحو مليون! في ثلاثين السنة الماضية.

قتل في طريق الموت بين السالمية والكويت ما يقل عن 300 ألف عراقي، بين مدني وعسكري أعزل، ولم أسمع، أو أقرأ، من طالب بتعويضهم، أو في الأقل من طالب بالتحقيق في إبادتهم! وتدوين مأساتهم، لا لغرض التعويض لأهاليهم عنهم، ولكن لذكر بعض الحقائق للتاريخ، ولذاكرة الأجيال اللاحقة! فيا لبؤسنا، ويا لبؤس جيلنا، إنه أتعس الأجيال.

 









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو