الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصادر الموارد السياسية في العراق ...1

ياسر المندلاوي

2006 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


السلطة السياسية في المجتمع، أي مجتمع، تمثل رافعة النظام السياسي، الذي بدوره، يعبر عن علاقة الهيمنة السياسية بين الطبقات الإجتماعية المختلفة. وعلاقة الهيمنة هذه، نتيجة مباشرة للتناقضات بين القوى الإجتماعية المتباينة، يتم حسمها في لحظة تأريخية معينة لصالح قوى بعينها، بعلة تمكنها من الإستحواذ على ما يعرف بالموارد السياسية. فالهيمنة ناجمة عن إمتلاك أسبابها، وحيث أن مجموعة معينة من البشر، دون غيرها، تتمكن منها في ظرف تأريخي معين، فإن هذه المجموعة (فئات وطبقات) تمسك على مقاليد الحكم بلحاظ تمكنها من هذه الأسباب. ولا شأن للصدفة الأرسطية في هذا المقام، ولا سيما في تعليل الهيمنة السياسية للأغنياء وهم الأقلية على الفقراء المعدمين وهم الأغلبية. فنحن لا نقر بوجود الصدفة من حيث هي صدفة وكفى، وإنما الصدفة الضرورة، وإذا إرتأينا موافقة أرسطو في تفسير هيمنة الأغنياء على الفقراء بعامل الصدفة، فنذهب إلى القول بضرورة الصدفة، لا صدفة الصدفة. وضرورة الصدفة (فيما يتعلق بالهيمنة في المجتمعات الطبقية) هي حصيلة لمقدمات إقتصادية وإجتماعية وسياسية، تقود وبحتمية لا مفر منها، إلى ضرورة الهيمنة السياسية، وليس إلى صدفتها إلا بمقدار ضرورتها.
إن تباين القدرة على الإستئثار بالموارد السياسية، وتاليا تحقيق الغلبة بالتمكن من السلطة السياسية، معلل بتباين موقع الفئات والطبقات المختلفة في النظام الإجتماعي للإنتاج، تأصيلا على ملكيتها لوسائل الإنتاج أو عدمها، وليس على درجة ملكيتها للثروة. إن إمتلاك وسائل الإنتاج يستدعي بالضرورة إمتلاك الثروة، بينما هذا الأخير لا يستدعي الأول إلا في حدود ممكنه الإحتمالي. وبقول ثان، فإن الثروة في تشيئها وسيلة إنتاج، تعبر عن قيمة مادية وإجتماعية في آن واحد، فهي علاقة بقدر ما هي قيمة، وهي بصفتها هذه تسعى إلى السلطة السياسية ( في ظل بلوغ قوى الإنتاج مرحلة معينة من التطور ) لقنونة علاقات إنتاج جديدة عوضا عن علاقات الإنتاج القديمة المعرقلة. وطالما كانت في وسع علاقات الإنتاج السائدة، القدرة على إستيعاب تطورات قوى الإنتاج، والإستجابة لشروط نموها، فإن القوى الإجتماعية الناهضة تنشط وفق محددات التشكيلة الإجتماعية التي ولدتها. فهي بهذا المعنى إصلاحية، والقول الفصل في تجاوز إصلاحيتها، يعود إلى علاقات الإنتاج. فاللحظة التي تشهد نكوص علاقات الإنتاج السائدة عن الإستجابة لحتميات التطور، فإن القوى الناهضة تندفع، بوحي من هذا النكوص، إلى تحقيق هيمنتها عن طريق تمكين الهيئة السياسية، التي تمثل مصالحها، من السلطة. وشرط إندفاعتها نحو السلطة للتمكن منها بصورة مستقلة، هو ضعف الطبقة أو الطبقات القديمة، بالتلازم مع قوة وإنسجام وإستقلالية الطبقة الجديدة. وفي حال إقترن ضعف الطبقة أو الطبقات القديمة بتبعثر الطبقة الجديدة وعدم إنسجامها، فإن هذه الأخيرة تتلحف بالعباءة المهترئة للطبقات القديمة، لتحقيق أهداف جديدة، أي الركون إلى الأشكال التقليدية للنظم السياسية بمحتوى جديد ومغاير. فالعلاقة بين الشكل والمحتوى في هذه الحالة، تتسم بقدر كبير من اللامنطقية. وهي على كل حال، صفة ملازمة للمراحل التأريخية الإنتقالية. وقد شهد تأريخ الإنتقال من الإقطاعية إلى الرأسمالية ظواهر جلية تؤكد لامنطقية العلاقة بين الشكل والمحتوى في المراحل الإنتقالية. فنظام الحكم المطلق، يعد البداية الحقيقية لتحول الملكية الإقطاعية إلى ملكية برجوازية، ولكنه في حقيقة الأمر، لم يكن سوى نظاما إقطاعيا يعمل ضمن شروط الحكم الإقطاعي. أما الملكية البونابرتية، فيمكن القول بأنها الظاهرة الأكثر وضوحا في التعبير عن التناقضات بين الشكل والمحتوى. فهي (ديكتاتورية السيف على المجتمع البرجوازي) في تعبير شهير لماركس، ولكنها مع ذلك، كانت أداة الإنقلاب الإجتماعي البرجوازي بوسائل تقليدية ملكية أو قيصرية. والأكثر من هذا، أنها كانت نموذجا للتناقض الجامع بين التقدمية الإجتماعية والرجعية السياسية.
إن الحكم المطلق، رغم طابعه الإقطاعي، لم يكن نتاجا لقوة الإقطاعية، وانما لضعفها وضعف البرجوازية في آن واحد. مثلما لم تكن الملكية البونابرتية نتاجا لضعف البرجوازية، وانما لقوتها وقوة البروليتاريا في الوقت نفسه. أي أن الحكم المطلق كان حصيلة التوازن بين الإقطاعية والبرجوازية، في حين كانت الملكية البونابرتية، حصيلة التوازن بين البرجوازية والطبقة المعدمة. ومن الطبيعي القول بأن الموارد السياسية، كانت في متناول قطبي التوازن في كلتا التجربتين، وهو ما يعلل قدرة كل طرف على الندية السياسية مع الطرف الآخر، بلوغا مرحلة التوازن. وإذا كانت الموارد السياسية للطبقات المالكة (الإقطاعية والبرجوازية) متأتية من ملكيتها لوسائل الإنتاج، فإن الموارد السياسية للطبقات المعدمة كانت بعلة عدم إمتلاكها لها. وبهذا المعنى، يمكن القول بأن التوازن بين الطبقات، يمثل السبب المباشر للحكم المطلق وللبونابرتية، ويفسر إلى حد بعيد، الإستقلالية النسبية المتعاظمة للسلطة السياسية عن الطبقات الإجتماعية، دون القول بلاطبقيتها. ولهذه الخاصية في نظرنا، أهمية جوهرية في تأشير ماهية الموارد السياسية في المراحل الإنتقالية، ليس فقط في بلدان التعاقب النموذجي للتشكيلات الإجتماعية، وإنما في بلدان القطع التأريخي، ومنها العراق....... يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور وبانين ستارز.. أسئلة الجمهور المحرجة وأجوبة جريئة وصدمة


.. ما العقبات التي تقف في طريق الطائرات المروحية في ظل الظروف ا




.. شخصيات رفيعة كانت على متن مروحية الرئيس الإيراني


.. كتائب القسام تستهدف دبابتين إسرائيليتين بقذائف -الياسين 105-




.. جوامع إيران تصدح بالدعاء للرئيس الإيراني والوفد المرافق له