الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا يرفع الحزب الشيوعي العراقي شعاراته وأعلامه في الحراك الجماهيري

فاضل عباس البدراوي

2019 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


ثمانية عقود ونيف مرت على ظهور الحزب الشيوعي العراقي الى الوجود، قدم الحزب خلال تاريخه الطويل سيلا حافلا من التضحيات، شهداء اعتلوا أعواد المشانق وهم يهتفون بحياة الشعب والحزب، وقوافل من السجناء والمعتقلين، أمضوا سنوات طويلة من أعمارهم في غياهب سجون ومعتقلات ألأنظمة الدكتاتورية والرجعية، من أجل سعادة الشعب وحرية الوطن، حيث ان الحزب الشيوعي العراقي أصبح جزء لا يتجزأ من تاريخ العراق السياسي، كان يخوض النضالات الجماهيرية، عبر أسهامه فيها وقيادته للبعض منها بشكل منفرد، كما حدث في انتفاضتي تشرين عام 1952 وتشرين عام 1956، كان الحزب يرفع شعاراته في كل تلك الحركات الجماهيرية، ورفاقه يخطون الشعارات التي ترمز لأسمه على الحيطان ويوزعون البيانات الحزبية على الجماهير في أحلك الظروف واكثرها قساوة.
اليوم والحزب الشيوعي العراقي يمارس نشاطه السياسي بشكل علني منذ سقوط الدكتاتورية الصدامية، وتصدر صحافته وأدبياته بصورة علنية أيضا، ويسهم رفاقه بشكل فعال في الحراك الجماهيري السلمي المطلبي، لكن من المستغرب ان تختفي شعرات الحزب وأعلامه الحمراء من الشارع، لا أجد مسوغا مقنعا لهذا الموقف، هل هو التوجس من أن يتهم الحزب من الجهات المتنفذة المتضررة من هذا الحراك الجماهيري، بأستغلاله لمصالحه الحزبية؟ يجب أن يكون الرد على هذه ألأقاويل، ان الشيوعيين جزء من هذا الشعب وطليعة واعية منه، وسر ديمومته ووجوده كل تلك العقود، هو تاريخه النضالي وتضحياته الجسام وتبنية لمطالب الشعب ودفاعه عن سيادة الوطن. نعم أيها الرفاق أرفعوا شعارات وأعلام الحزب في الحراك الجماهيري كي يميز جماهير الشعب المناضلين الحقيقيين المدافعين عن حقوقه، عن اللصوص سراق قوت الشعب والمزورين وناكثي الوعود والعهود، ان التاريخ يسجل لكل حركة سياسية مواقفها من القضايا التي تمس حياة الشعب وسيادة الوطن وستتذكر ألأجيال اللاحقة تلك المواقف،كما نفتحر اليوم بماضينا المجيد.
يجب أن لا ينفرد الحزب الشيوعي العراقي عن بقية رفاقه الشيوعيين في السودان، حيث يتقدم قادة الحزب الشيوعي التظاهرات الجماهيرية ضد حكومة البشير الدكتاتورية الرجعية ألأسلاموية، وجماهير الحزب يرفعون راياتهم الحمر فيها، دون تردد أو وجل، علما أن قوى وأحزاب معارضة أخرى تسهم في تلك التظاهرات، كما الحال أيضا مع الحزب الشيوعي اللبناني، الذي يقود هذه ألأيام تظاهرات مطلبية جماهيرية، ضد طغمة الفساد الطائفية الحاكمة، وترفع جماهير الحزب راياته الحمراء وشعارات الحزب، لنا مثال قريب اخر، في فرنسا، عندما انطلقت الهبة الجماهيرية منذ أسابيع لفقراء وكادحي فرنسا ضد حكومة ماكرون اليمينية، واجراءاتها التي تمس حياة وقوت الكادحين وهي ترتدي السترات الصفراء، هذا الحراك لم يكن من صنع حزب أو حركة سياسية، انما بداياتها كانت عفوية، لكن الحزب الشيوعي الفرنسي، أوعز الى رفاقه بالمشاركة النشيطة فيها وتوجيهها الوجه الصحيحة بعيدا عن أعمال التخريب بدأت تظهر رايات الحزب الشيوعي الفرنسي في هذا الحراك الشعبي. كلنا نتذكر الحراك الجماهيري المطلبي الكبير الذي حدث عامي 2011 و2015، لم يكن لأي حزب أو تيارسياسي بضمنهم التيار الصدري دور فيها، كان الشيوعيون وأصدقائهم الديمقراطيين هم الفاعلين الاساسيين خلالها، لكن لم ترفع شعارات وأعلام الحزب فيها.
المسألة ألأخرى التي أود ألأشارة اليها، وهي ظهور قادة الحزب بمن فيهم الرفيق السكرتير، من على شاشات الفضائيات، يقدمون أنفسهم، كقياديين في كتلة سائرون ويخفون هويتهم الشيوعية، المعروف عن كتلة سائرون، انها بقيادة السيد مقتدى الصدر، ويأتمرون بأمره مهما كان هذا ألأمر صائبا أو خاطئا، وهم يشكلون غالبية اعضاء الكتلة، حتى بدأ بعض الناس البعيدين عن القوى السياسية لا يميزون بين أعضاء الكتلة من الشيوعيين والصدريين، وهذا شيء خطير على المستقبل السياسي للحزب.
ان الخوف يراود أصدقاء الحزب حتى قطاع واسع من رفاقه حتما، من اذابة وطمس هوية الحزب الطبقية والفكرية، في الهويات ألأخرى البعيدة عنها بشكل كبير فكريا.
عندما كتبت هذه ألأسطر، لست بصدد النيل من الحزب بل خوفا على ديمومته وهويته النضالية والفكرية، التي كنت جزءا منها لسنوات طويلة وأعد نفسي صديقا له حتى يومنا هذا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حٌلَ الحزب فعليا وليس رسميا!
طلال الربيعي ( 2019 / 1 / 20 - 20:32 )
عزيزي الكاتب
باعتقادي ان الجواب على سؤالك
-لماذا لا يرفع الحزب الشيوعي العراقي شعاراته وأعلامه في الحراك الجماهيري-
هو التالي:
الحزب الشيوعي العراقي لم يحل نفسه رسميا الآن كما نوى ان يفعل في خط آب والانضمام الى ما سمي وقتها الاتحاد الاستراكي في ستينيات القرن الماضي, بل انه حل نفسه عمليا وفعليا الآن ولم يحل نفسه رسميا بالاندماج في كتلة الصدر لان الحل اللارسمي اكثر فعالية من ناحية التمويه وكان سيجابه بمقاومة شيدة من قبل اعضاء الحزب مقارنة بالمعارضة التي جابهها تحالف الحزب في سائرون.
كما ان الادارة الامريكية لا تقبل ابدا بحل الحزب رسميا وتفضل وجود حزب شيوعي شكلي ديكوري كي تتبجح هذه الادارة وحكوماتها في العراق بان الحكم في العراق ديموقراطيي وان العراق ليس مستعمرة امريكية بدليل وجود حزب شيوعي في البرلمان او الوزارات الخ. وانت نفسك تشير الى عدم رفع الحزب شعاراته في المسيرات (كيف تختلف شعاراته عن شعارات سائرون في شلع قلع التي افضت الى قلع الحزب الشيوعي وشلعه مع الابقاء على سلطة الظلم والفساد والمحاصصة رغم رفع شعار المجرب لا يجرب للتمويه والخداع!)
يتبع


2 - حٌلَ الحزب فعليا وليس رسميا!
طلال الربيعي ( 2019 / 1 / 20 - 20:34 )
او اذابة نفسه في سائرون في المناسبات الاعلامية.
و-الديموقراطية العراقية- اكبر دليل على ما يقوله
H. L Mencken
(صحفي وكاتب امريكي 1880-1956)
Democracy
is the art and science of running the circus from monkey cage
-الديموقراطية هي فن وعلم ادارة السيركيس من قفص القرود.-

اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم