الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بتشكيل الحكومة الرابعة..هل ستكون الناس هي الرابحة(2) ؟

محمد عنوز

2006 / 4 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لقد عاش أبناء وبنات العراق أيام تأخر إعلان النتائج الإنتخابية وما رافقها من تصريحات بمختلف الإتجاهات عدا الإتجاه المؤدي إلى مصلحة الشعب والوطن، ولدى كل فرد أو فريق من العراقيين إنطباع عن العملية الإنتخابية وظروف إجرائها ونتائجها، ولكن لن يستطيع أحد منهم أن يقول أن النزيف قد توقف وأن الإنتخابات كانت حاجة عراقية صرفة، لأن الوقائع وليس التوقعات هي الدليل.
وكانت تلك أيام أزمة حقيقة لم يتم الإستفادة منها ولا من الأزمات التي سبقتها خلال ثلاثة أعوام ولا نريد القول من الأزمات التاريخية التي عاشها شعبنا أو شعوب العالم، حيث نعيش الآن أزمة تشكيل جميع السلطات وليس فقط تسمية رئيس الوزراء وسبب ذلك يكمن في تغيب الإرادة الوطنية العامة وتشويه الوعي السياسي العام، وفيما يخص الحالة الراهنة نجد الدفع الأعظم يجري في خلط الأوراق وعدم التفريق بين مسؤولية البرلمان في التصويت على قبول المرشح أو رفضه وحق كتلة الأغلبية في تسمية المرشح لرئاسة الوزراء، وكذا الحال مع عملية كتابة الدستور الذي يحمل صفة الدائم وفي داخله نصوص لا تنسجم مع طابعه الدائم ولا مع الجوهر الديمقراطي الذي يراد له أن يكون، بسبب عدم إدراك جوهر صفة الدائم في الدساتير من قبل واضعي الدستور والعديد ممن تصدى وكتب عن الدساتير قبل التغيير وبعده وقبل كتابة الدستور وإقراره.
إن جوهر صفة الدائم في أي دستور تتجلى في عدم إحتوائه على صلاحيات إستثنائية للسلطات الثلاث أو ينطوي على إجراءات إستثنائية في تشكيل تلك السلطات أو في آلية ممارسة عملها، ولا يعني فقط العامل الزمني لنفاذ هذا الدستور أو ذاك، وهذه الحقيقة غائبة عن الكثيرين، ومع غيابها يجري التمادي في عملية التجاوز على نصوص الدستور وآلياته المحددة من دون الإعتراف بأنه لا يستجيب لطبيعة المرحلة وفق معطيات الواقع الذي دفع كل القوى للدعوة إلى والعمل على إستحداث هيئات وصيغ متنوعة للقاء كحلول بما في ذلك تحديد المواعيد بعيداً عن الدستور الذي أقر من قبل أغلبية القوى بعد إجراء بعض التعديلات عليه، أما الجوهر الديمقراطي للدستور، فإنه كان لابد أن يتجلى في حقيقة كونه قاسم مشترك تجد نفسها فيه كل القوى السياسية والمكونات الإجتماعية لا أن يجري التحديد لكل قوة أو مكون مادة أو فقرة، إلى جانب وضع الظوابط لمنع تنازع السلطات والخلط في الصلاحيات التي لمسنا عميلاً الكثير منها، فالجوهر الديمقراطي يضع آليات يقبلها الجميع وتكون جزء من الدستور بإعتباره القانون الأساسي للبلاد.
إن التجربة العراقية تحمل في أعوامها العجاف، منذ الإحتلال البريطاني 1914 ـ 1918 وقيام السلطة العراقية عام 1921 والخضوع للإنتداب وإقرار الدستور الأول وما تبع ذلك من أحداث خلال أكثر من ثمانية عقود حتى يومنا هذا ، 33 عاماً منها كان خلالها " الدستور الدائم " في الفترة الممتدة من عام 1925 ـ 1958 و33 عاماً أخرى كان خلالها " الدستور المؤقت " في الفترة الممتدة من عام 1970 ـ 2003، ألا تترك مثل هذه التجربة أثر في عقول وعمل السياسين وفي ظروف مثل ظروف العراق اليوم ؟!!! وهل من الموضوعية أن لا نقول هناك أزمة ؟!!! وأن قلنا هناك أزمة هل الموضوعية عدم تشخيص مكمنها ؟!!!
لذلك من الموضوعية أن نقول بأن جزء أساسي من الأزمة الحالية، هو وليد النص الدستوري الإستثنائي الطابع الذي يستلزم موافقة هيئة الرئاسة الثلاثية التركيب والجماعية القرار على مرشح الكتلة النيابية الأكبر لرئاسة الوزراء إلى مجلس النواب، والتي تقوم بتقديمه لمجلس النواب كي ينال ثقتها، تلك الهيئة التي يتطلب تشكيلها من قبل مجلس النواب قبل تسمية رئيس الوزراء ومنحة ثقة مجلس النواب، والتي تتطلب ثلثي أصوات مجلس النواب، وهي ذات الشروط الواردة في قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية حيث نص الدستور القائم في المادة 173 على :
اولاـ يحل تعبير (مجلس الرئاسة)محل تعبير(رئيس الجمهورية) اينما ورد في هذا الدستور ويعاد العمل بالاحكام الخاصة برئيس الجمهورية بعد دورة واحدة لاحقة لنفاذ هذا الدستور.
ثانيا:
أ. ينتخب مجلس النواب رئيسا للدولة ونائبين له يؤلفون مجلسا يسمى(مجلس الرئاسة) يتم انتخابه بقائمة واحدة وباغلبية الثلثين.
وهذا يعني يجب أن تتفق الكتل النيابية التي تحقق نسبة الثلثين كي تتم عملية تشكيل هيئة الرئاسة، وهذه الكتل سيكون من السهل عليها تشكيل الوزارة والهيئات واللجان الوطنية المطلوبة دستورياً، كما حددتها نصوص دستور عام 2005، علماً إن أول إستحقاق إنتخابي في مجلس النواب هو إنتخاب هيئة رئاسة المجلس ذاته، وهذا الإستحقاق أيضاً مكبل بإرادة الكتل التي لديها نسبة الثلثين، وبالتالي فإن إنتخاب الرئاسات الثلاث يتوجب إن يكون نتاج إتفاق عام وفي وقت واحد.
وفي حينها كان لنا رأي حول الدفع في إجراءات الإنتخابات من دون توفير المستلزمات، إشرنا فيه إلى خوفنا من إفساد مبدأ الإنتخابات في وعي المواطن، والممارسة جاءت لتجعل العملية الإنتخابية لا بل السياسية برمتها في مهب الريح، ولم تجري الإستفادة من تجربة الإنتخابات الأولى، وإستمر الحال وجرى القبول بما يحصل على أمل أن ياتي الأفضل، ومع ذلك لا نجد مؤشر لقدوم الأفضل، بل على العكس تماماً الأسوء في القادم من الأيام بسبب إستمرار إستخدام الأدوات غير المناسبة لهذه المرحلة ونقصد في مقدمة هذه الأدوات فقدان وحدة الصف المعارض والرافض للدكتاتورية والمؤمن بالديمقراطية قولاً وفعلاً والعامل في سبيل حاجات الناس الأساسية والمجاهد في سبيل صيانة كرامتهم الإنسانية على طريق دحر والأرهاب الإحتلال.
لذلك نقول بكل صراحة وبأعلى صوت !!!
كفانا كعراقيين صراع وسجال ! كفانا كلام معسول والدماء سيول ! كفانا إفتعال وإقتتال والمطلوب آمال وأعمال ! كفانا فقدان للجهد بلا معنى ! كفانا تضيّع للوقت بدون سلوى ! كفانا هدر المال بلا جدوى !
فماذا نسمي الجدل حول وصف الدول التي دخلت قواتها العسكرية إلى العراق رغم إن ذات الدول قدمت رسالة لمجلس الأمن تطلب إعتبارها دول محتلة تحت قيادة / سلطة واحدة وهذا ما نص عليه قرار مجلس الأمن الدولي المرقم 1483 الصادر في 22 أيار / مايو 2003 ؟!!! وهل نسميها كذلك في ضوء نص القرار الدولي أم في ضوء سلوكها الفعلي؟!!! فالبعض رفض تسميتها كذلك من البدء وهذا حقه ولابد أن نصونه، ولكن تصحيح الموقف في ضوء الحقائق أمر لأئق، ويعبر عن حكمة وحرص على الإلتزام بالموضوعية التي يحتاجها العراق في ظروف بناء أسس الدولة والمجتمع.
وفي 8 حزيران / يوينو 2004 أصدر مجلس قراره المرقم 1546 الذي نص على تشكيل حكومة عراقية ووصف القوات المحتلة بإنها قوات متعددت الجنسية، وأن السيادة يتم نقها في ضوء القرار المذكور في 30 حزيران / يونيو 2004 ، وحصل ذلك كما هو معروف في 28 أيار / ماي 2004، فهل حقاً تم نقل السيادة أم بقي الأمر الأساسي بيد القوات المحتلة عملياً؟!!! ويعود السؤال هل هناك إحتلال أم قوات متعددة الجنسيات؟!!! وعلاقة كل ذلك بما يحصل على الأرض !!!
كما نجد وفي خضم هذه التطورات والسجالات الكثير من القوى السياسية العراقية بمختلف تسمياتها تمارس لغة الإقصاء والتهميش والبحث عن حلول خارج البلاد وتشويه الإرادة الوطنية العامة، وإفساد الوعي العام والدفع في إتجاهات أقل ما يقال عنها إتجاهات وخيمة العواقب، الأمر الذي يسهل دور القوة الأكبر من القوى المحتلة للعراق ـ الولايات المتحدة الأمريكية ـ وسفارتها الآلافية ( حوالي 3000 عامل في السفارة ) تمارس دور العامل الحاسم في قرارات البلاد؟!!!
وقد لا نعلم، وعدم العلم ببعض الأمور شيء بديهي لا يخفيه عن نفسه كاتب هذه السطور، خصوصاً العلم بمن له حق المشاركة في إجتماعات الكتل النيابية الفائزة والحضور، ولذلك نتسائل بكل سرور، هل هناك كتلة نيابية فائزة يرأسها زلماي خليل زادة والعراقيون لا يعلمون؟!!! أم أن في الأمر دلالات لا نقوى على إستيعابها في مثل هذا الزمان؟!!! أم هي مفارقة من المفارقات كالمفارقة التي سمعناها أول الأمر و مراراً عندما صرح السفير زلماي قبل المسؤولين العراقيين مؤكداً على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية وكأنه هو الأحرص على شعب العراق ومستقبله ومستقبل أبنائه!!! ويحضر جلسات القيادات السياسية وحواراتهم المتعددة الأطراف ويقيّم الأوضاع، ونحن العراقيون أخر من يعلم وأول من تقع على رؤوسهم البلوى، ولا نعرف لأصواتنا جدوىالكتابية منها أو الشفاهية، وحتى تلك التي وضعناها في الصناديق الإنتخابية على الرغم من أن العملية برمتها لم تكن عملية إنسابية !!!
لقد تم تشكيل الوزارة الأولى أيام الحاكم المدني الأمريكي للعراق بول بريمر بعد تشكيل مجلس الحكم، الذي وصفناه في يوم إعلان تشكيله في 13 تموز / يوليو 2003 بإنه شرنقة ولم يتفق معنا كثيرون واليوم نزعم إننا لم نخرج من حالة الشرنقة رغم الإجراءات المختلفة والإدعاءات المنمقة، فتلك الوزارة أخذت طابع مجلس الحكم وأسس تشكيله، وكانت حصة كل طرف عضو في مجلس الحكم وزارة، ولم يجري تشكيل مجلس وزراء بل كان رئيس مجلس الحكم المناوب هو الذي يتابع عمل الوزراء والقرار النهائي عند المستشار وأخيراً الحاكم المدني الأمريكي السفير بريمر بإعتباره يمثل سلطة الإحتلال، ولا نريد الخوض في عمل تلك الوزارات وصلاحياتها ومكانتها في مجمل عملية التحول الديمقراطي المطلوب وإعادة إعمار البلاد، فهي معروفة وملموسة لقطاع واسع من المواطنين الذين كانت مصلحتهم وهمومهم بعيدة كل البعد عن الإجراءات التي تم أتخاذها في تلك الفترة، ومع ذلك نشهد وبشكل متكرر إصرار الكثير من المشاركين في العملية السياسية على إعتبار تلك الهيئات، أي الوزارة وكذلك مجلس الحكم، وكيفية تشكيلها خطوة صحيحة، رغم أخطائها من حيث التشكيل والدور المحدود الذي قامت بها وعدم تحقيق أبسط المطاليب وكونها هيئات مكبله بشكل علني من قبل الحاكم الإمريكي المدني ! ومع ذلك الوضوح جرى وصفها بالآف الأوصاف التي لم يسمع بها من قبل لا أنس ولا جان.
أما الوزارة الثانية فقد تم تشكيلها في إطار ما جرى تسميته ولحد الآن عملية نقل السيادة من الناحية القانونية!!! وهي حكومة الدكتور أياد علاوي كما يحلو للبعض تسميتها، وكأن إختيار الوزراء تم بإرادته المنفردة والوزراء ذاتهم لا دور لهم، على الرغم من كونها تلك الوزارة لم تختلف عن الوزارة السابقة من حيث التشكيل والقوى السياسية المشاركة، فالجميع، أحزاب وأطراف مجلس الحكم، صوّتوا على تسميته رئيساً الدكتور علاوي رئيساً للوزراء وهم جميعاً قدموا مرشحيهم للوزارات وأتفقوا عليهم بعد إجراء المفاضلة في ضوء المواصفات، ولكنها أي الوزارة كانت ذات صلاحيات أقل محدودية من الوزارة الأولى .
والوزارة الثالثة هي التي تشكلت بعد إجراء العملية الإنتخابية الأولى في 15 كانون الثاني / يناير 2005 ، وكذلك لم تكن حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري، إنما هو مرشح الكتلة النيابية الأكبر، كتلة الإئتلاف العراقي الموحد، صوّتت الجمعية الوطنية على إقرار ترشيحه بعد أن تم الإتفاق بين الكتلتين الكبيرتين في الجمعية الوطنية، الإئتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني، وبالتالي هي حكومة هذه الأطراف مجتمعة، لأنها هي قدمت مرشحيها للوزارات وتم إختيارهم وفق إعتبارات محددة، وبالتالي هي حكومة شكلت وفق ما أخذ يُعرف بالإستحقاق الإنتخابي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت