الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد خط الشروع

أحمد السعد

2006 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


" لايمكن لنا ابدا ان نكون معاصرين مئة بالمئة لزماننا الحاضر. فالتاريخ يتقدم مقنعا : يدخل الى الفصل الجديد بقناع الفصل السابق ، فلا نعود نتعرف على شىء من المسرحية . عند كل رفع ستار ، يجب اعادة ربط الخيوط . وليس الخطأ فى هذا خطأ التاريخ ، بل خطأ نظرتنا المشحونة بالتذكارات والصور التى التقطناها فى الماضى . فنحن نرى الحاضر كطبعة ثانية للماضى ، حتى ولو كان هذا الحاضر ثورة.
ريجيس دوبريهِ

بدأنا التحرك منذ اللحظة التى بات سقوط الصنم وشيكا وخبأنا النوايا ، ورحنا نخطط كيف نستولى على الشارع ونحكم السيطره على العقول والنفوس ، مارسنا كل من جانبه شتى انواع الهمجيه وتعلمنا من صدام كيف نواجه اعداءنا فى الفكر وكيف نتغلب عليهم وجندنا لذلك كل ما ندخر من أسلحة مسموحة ومحظورة
مارسنا الأكاذيب وأعطينا للأخلاق والتحضر أجازة مفتوحه . علمنا صدام خلال سنى حكمه أن لا ندع الآخر يلتقط أنفاسه وأن نشيع الأرهاب والخوف فى النفوس ونثير الفوضى لكى تضيع الخيوط وتتشابك الأشياء فلا يعرف لها حل أو نهايه ، علمنا صدام أن نرفض الرأى الآخر ونصادره ونعيبه ونشوهه ونحرض عليه ونهدر دم من يطرحه. كممنا الأفواه وخنقنا الأصوات المعارضه وكسرنا الأقلام ومزقنا الشعارات واللافتات والصور وصادرنا حرية التعبير وتنكرنا لتاريخنا وأنقلبنا من مظلومين الى ظالمين ومن مقهورين عزل الى جبابرة مدججين بالسلاح . تاجرنا بكل شىء ، وبعنا الوطن( خرده) على الأرصفه وسرقناه وهو فى اشد لحظات ضعفه ودمرنا بنيته التحتية وخربنا مؤسساته وخلقنا الأزمة تلو الأزمة ولا زلنا نتشدق بأننا الأصلح لقيادة العراق وليس من أحد أصلح ولا أكثر أخلاصا منا للعراق الذى غبنا عنه سنينا لانسمع عنه سوى ما تنقله نشرات الأخبار.عاملنا الناس كرعاع تسمع وتنفذ دون أن تسأل وأحطنا انفسنا بهالة من القدسيه لكى لا يتجاوز أحد خطوطنا الحمراء وينزلق الى مهاوى الكفر والزندقة والهرطقة فتحل عليه لعنة الله وغضب المؤمنين فلا يصبح الا مقتولا ومرميا فى مزبلة او نهر .
وكنا على خط شروع واحد مع الجميع وكان علينا ان نجتاز مرحلة المخاض ليخرج الوليد سليما معافى ولكن المخاض كان عسيرا وأحتاج الأمر الى عملية قيصرية لكن الوليد جاء مشوها وبلا ملامح ، جاء مضطربا ممجوجا مزعجا أسقط الآمال ودحر الأحلام ومد لسانه فى وجوه الجميع . بصق فى وجوهنا وضحك على كبريائنا التى سقطت منذ زمان منذ ان مرغ التتار والصفويون والترك والأنكليز جباهنا بوحل الهزائم تلو الهزائم فتعلمنا كيف نطأطأ الرؤوس ولكننا بعد أن يغيب الخطر ندندن ونطنطن ونسب ونلعن وننتقد ونكفر ونعلن اننا شعب الحضارات ومن علموا البشر الكتابة والعجله والقوانين والشعر.
أدمنا الكلام وصار زادنا وملحنا ، أدمنا الكسل فصارت المقاهى أكثر من ورش العمل والمزارع المدارس.
التصقنا بالماضى وألتصق الماضى بنا وتلبسنا وتجاسد معنا حتى صار الواحد منا ظلا وأنقطعت صلتنا بالحاضر وبالمستقبل وغاب عنا أن الحاضر ابنا للماضى لكنه لايحمل كل ملامحه وسماته وهو يحمل فى رحمه واقعا جديدا وأفقا وملامح للمستقبل لن تكون نسخة للحاضر ولا أستعادة للماضى ، لم نستطع هزيمة الدكتاتورية لأنها نجحت فى تشتيتنا وجعلت القضيه بالنسبة لنا قضية شخصية ، قضية مصير فرد وبدأ الوطن يغيب شيئا فشيئا حتى صار ذكرى . لقد نجح صدام فى البقاء خمسة وثلاثون عاما كانت خمسة وثلاثون مليونا من الجراح فى جسد الوطن ، لقد غربنا صدام عن ذواتنا ومسخنا ارقاما فى (جروداته) وفى تنظيماته الحزبية وجيوشه ومنظماته وصار الواحد منا بعثيا دون أن يدرى وأبتدا منذ خمسة وثلاثون عاما يسحب منا وطنيتنا شيئا فشيئا ويقتل فينا ذلك الخافق الذى فى دواخلنا الذى اسمه العراق ، ونحن انسقنا وراء خوفنا وضعنا فى الفوضى ولهثنا وراء لقمة العيش والدواء سنينا طويله كنا فيها ورقته التى كسب بها
الرهان وضحك على الذقون وسخر من العالم كله . والآن وقد صار الوطن فريسه وكل منا أحضر ادوات الجزارة ليقتطع اللحم وصممنا الآذان عن صرخات استغاثته ونسينا الرحمة ورحنا نطعنه طعنات الغدر وتركناه ينزف تحت الشمس اللاهبة وأنشغلنا عنه بما استطعنا ان نجمعه . باركنا الأحتلال وصفقنا له وأعتبرناه محررا ونسينا أو تناسينا انه السبب فى كل ما نحن فيه من تشتت وضياع وخسارة ومرارة ، نسينا
الشهداء والقتلى والسبايا والمشوهين ببقايا اليورانيوم المنضب والقنابل العنقوديه التى ضربت بها مدننا والخراب الذى سببوه لنا 0 صار لنا اكثر من وجه ، صرنا نشتم امريكا فى العلن ونشكرها على (النعمة) التى انعمت بها علينا بأن مكنتنا من الكرسى الذى كان حلمنا فأضعنا وقار العمائم والزهد بالمناصب وتقاتلنا على الفتات 0
االى اين نسعى ، وما الذى نريد وأين اصبح الوطن فى حساباتنا ، واين اصبح مستقبل اطفالنا بعد ان تكاد ثروة الأجيال القادمة على النضوب ما بين سرقة وتهريب وفساد ورشى وتزوير وأستيلاء بقوة السلاح وبسطوة العمامة 0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا