الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الميليشيات وتدمير العراق

زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)

2019 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


الميليشيات وتدمير العراق

إن المرحلة التي تلت الحرب على داعش أفرزت حالة أمنية خطيرة بعد أن فقدت المؤسسات الأمنية هيبتها، وكذلك القدرة على إدارة الملف الأمني في العراق، الأمر الذي تجلى في سيطرة الميليشيات التي لا تنتمي إلى العراق، وتعمل وفق أجندة دينية وقومية تديرها قوة إقليمية، وبذلك تكون هذه الجماعات المسحلة فوق القانون؟! ولها اليد في رسم الخريطة الأمنية، وفرض هيمنتها على المؤسسات المدنية في العراق، ولذلك فرضت حالة من اللااستقرار الأمني، وتهديد الدولة ومؤسساتها من خلال فرض الأجندة الأقليمية على القرار العراقي، والسيطرة على الموارد الاقتصادية، ففي الموازنة العامة للعراق في ٢٠١٩ تم تحديد أكثر من (٩ ترليون دينار عراقي) للحشد الشعبي، وهو ما ينهي الوجود المؤسساتي للجيش العراقي، وتهميش دور الأجهزة الأمنية والرقابية في العراق.

إن عملية بناء الدولة في العراق بعد ٢٠٠٣ بات أمرًا مستعصيًا في ظل التغلغل الخطير للميليشيات في مراكز صنع القرار السياسي في بغداد، فالسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية لم تَسْلَم من هيمنة العناصر المسلحة، وإن الولاء والارتباط الأيدولوجي لهذه الميليشيات مرتبط بصورة مباشرة بالدول الأقليمية؛ الأمر الذي يعرقل جهود المصالحة الوطنية، والتعايش السلمي في العراق، وسيحول المرحلة القادمة دور الميليشيات من محاربة داعش إلى الحرب بالوكالة، والاقتتال الداخلي بين المجاميع المتنوعة وفق التنافر الأمريكي الإيراني في العراق، فالبيت الشيعي لم يعد متماسكًا في ظل توزيع المهام بين الميليشيات بين طهران وبغداد، ومحاولات إدارة ترامب في تحويل العراق إلى مركز نفوذ جيوسياسي للولايات المتحدة، والدليل على ذلك الاقتتال بين جماعة الحكيم وقيس الخزغلي، وعليه فالمشهد الأمني والسياسي في العراق بات مرهونًا بالدرجة الأساس بدور الميليشيات، واحتكارهم للقرار السياسي، والموارد الاقتصادية في ظل ضعف الحكومة والمؤسسات المدنية من التعامل مع الهيمنة العسكرية للمجاميع المسلحة، وسيطرة دول إقليمية على المشهد السياسي والعسكري، ومحاولة استخدام العراق كحديقة خلفية في تنفيذ مشاريعها، والتوسع الإقليمي على حساب أمن العراق، والمصالح العليا.

إن المطلب الأمريكي الأخير في العراق هو التعاطي مع خطر الميليشيات المسلحة من خلال تسليم حكومة بغداد قائمة بأسماء برز الميليشيات العاملة في العراق، والتي تعبر في نشاطها الحدود مع سوريا، وفق خطة مدروسة من قبل طهران، رغم طلب الحكومة العراقية من الولايات المتحدة باعطاء العراق مهلة للتعاطي مع مطلب واشطن؛ إلا أن الظاهر من نوايا الأمريكان هو التصدي المباشر والسريع مع الميليشيات، وفرض المشروع السياسي الأمريكي على العراق، الأمر الذي ينبيء بحالة من الاقتتال، والفوضى الأمنية في بغداد، وعواصم أخرى مما تخلق حالة من اللااستقرار الأمني والسياسي، وتعرقل جهود الحكومة الجديدة في معالجة التراكمات التي خلفتها الحرب على داعش، وإعادة بناء المدن المهدمة.

إن أدلجة الميليشيات في العراق، ومحاولة إدارتها من قبل دول إقليمية تخلق حالة من الفوضى، وتعرض أمن البلاد لخطر التشتت والإنقسام من جديد، ويتطلب الأمر قرارات عراقية حاسمة في فرض القرار العراقي، ووقف النشاطات الاستفزازية لفرق من الحشد الشعبي، ونزع السلاح من المجاميع التي لديها صفة إقليمية في نشاطاتها العسكرية، خاصة بين العراق وسوريا.

ولما سبق يتبين أننا أمام تطورات سياسية خطيرة في المنطقة، وإن التعاطي العقلاني الواقعي من قبل العراق تنقذه من خطر جديد تفوق خطر داعش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا