الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطعان البلد وبلد القطعان 2

عطا مناع

2019 / 1 / 23
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


قطعان البلد وبلد القطعان 2
بقلم : عطا مناع
حالك كحال الهارب من الدلف للمزراب، قدرك أن تموت بفتوى أو مرسوم، لا تستبشر بالقادم فكل ما فيك ميت، نصبوا لك المقصلة في الساحات وحولوا احلامك لكوابيس تنغص حياتك، أنت في نظرهم كار وجاسوس وأبن قحبه، لا تستغرب ولا تتقوقع في شرنقتك التي تحولت لمشنقة نصبوها لك أو نصبتها لنفسك فلم يعد هذا مهماً.
الصوت: ما هذا الجنون؟؟ كأن الشيطان صادر روحك وأتي على ذاكرتك، لا تنسى من أنت ، أنت الشعب الذي لا يموت، ألم أبشرك بحتمية نصرك على كل القاذورات التي لوثت عالمك ؟؟؟ كل ما تعيشه وتشهده طارئ، فلا تكن أبن اللحظة ولتمتلك عيون زرقاء اليمامة.
الحياة قصيره، وخاصة لمن يعيش الخريف، فالخريف يتطلب بعض الهدوء، مؤلم أن يسلبوك كرامتك ويلقوا بك في مستنقع الذل وأنت تعيش الخريف، الخريف يعشق السكينة ، أنهم يسرعون بموتك ، لقد انتزعوا من عزرائيل مهمته، لا بل نصبوا أنفسهم مكان الله، يقبضوا روحك كل يوم ولا تموت، لرجة أنك استأنست للموت.
الصوت : عن أي خريف تتحدث؟؟؟ ما هذا الهذيان؟؟؟؟ لا تكن نرجسياً ؟؟؟ ولتعلن انحيازك للربيع، ربيع شعبك والاجيال القادمة، تخيل ولمجرد التخيل أنك تعيش ربيعك، ما قيمة ربيعك هذا وكل ما يحيط بك بلا روح، لا تتحدث عن خريفك وروح شعبك مسلوبة، انتبه، أنت لا تعيش خريفك ، انه برد الشتاء الذي تسلل لعقلك وفكرك، لا تيأس وراهن على شعبك.
أعود بك أيها الصوت للمربع الاول، لقد تكالبوا علينا، باسم الوطن ينهشوا لحمنا، باسم الديمقراطية شرعوا أبواب سجونهم، سجون الاخصاء التي تستهدف جذورنا التي اعتقدنا انها ضاربة في عمق الارض، انها السجون التي أسست للبلطجية الوطنية، أتعرف أيها الصوت أنهم يستخدمون الوطن كهراوة يسحقون بها عظامنا ببلطجية تتقمص الدور بإتقان، انظر للحال الذي وصلنا له، انه التسطيح وتفريغ كل ما انجزه شعبنا من مضمونه، كل ما يحيط بنا بلا مضمون، حتى لقمة الخبز التي يفترض أن تبقينا نتنفس فقدت مذاقها.
الصوت : لا أستطيع الا أن اتفق معك، لكنني أتساءل، كيف وصلتم لهذا الحال؟؟؟ لماذا تحملون الاخر مسئولية الحضيض الذي استأنستم له؟؟؟ وعن أي بلطجية وهراوة تتحدث ؟؟؟ كل ما تأتي به مجرد تجديف، كل ما تعيشون من صناعة أيديكم، لقد صنعتم أصنامكم وقدسمتوها، أنتم سجناء والاصنام سجونكم، تعال معي لنلقي نظرة مكثفة عساك تستخلص العبر، الصنمية هي خضيضكم، هل تعرف ما هو الحضيض ؟؟؟ أن تقدس الغير مقدس حضيض، الحضيض أن شرنقتك وتقنع نفسك أنك في أمانً !!! الحضيض والامان متناقضان لا يلتقيان، أخشى ما اخشاه أنك ستعجز يوماً ما عن التمييز بينك والحضيض.
ضاعت الفكرة أيها الصوت، أنظر لحالك كيف تدافع عن الظل ، ألا ترى أنك ضحية الظل ؟؟؟ لا يكمن أن نرنكن للظل لنعيش الطمأنينة الكذابة، لا يمكن البحث عن خلاصنا في ظل الاشياء، وكأننا بذلك نعتنق فلسفة تتناقض مع الذي حرضنا على قرع الخزان، قد تقول لي ما الذي يمنعك من قرع خزانك ؟؟؟ أقول لك أنهم نصبوا المشانق لكل ما تعلمته من أبجديات، لقد حفروا عميقاً في الارض ودفنوا كل ما هو جميل وازاحوا عليه اكوام التراب كمقدمة لبناء عالمهم، عالمهم الذي ارسى قواعده في المستنقع، أنه المستنقع الذي يبتلعك رغماً عنك، مستنقع المساحيق التي غيرت وجهة الاشياء، لقد فقدت الاشياء طعمها .
الصوت : أنها الاسقاطات ومحاولة اقناع الذات بانها تمتلك الحقيقة، أنت تعرف أن لا حقيقة مطلقة، الحقيقة المطلقة محض خيال، صحيح أن سنوات الهزيمة أسست لواقع مهزوم ، واقع يفرغ كل ما يحيط بك من مضمونه، لكن تعال لنعرف المضمون ؟؟؟؟ المضمون ليس حالة مجردة لا حياة فيه، المضمون نتاج المقهورين والمعذبين الذين صنعوا بعرقهم ودمائهم مستقبل شعبك، المضمون هو مئات الالاف من الشهداء والاسرى، والمضمون تلك الارواح الهائمة في كل بقاع الارض تنتظر اللحظة لتحط حيث يجب أن تكون.
نظرياً أتفق معك أيها الصوت، احاول أن اتفق معك ، وأنا الان أفكر بقيمة هذا الحوار وكأننا نمارس رياضة الهروب، ولا أعرف من سينتصر على الاخر، عليك أن تقتنع بالبون الشاسع بين النظرية والتطبيق، في حالتنا تكون ديماغوجياً عندما تحاول نفض الغبار عن هكذا مفاهيم، حتى حالة الجدل التي تحن بصددها مجرد هراء، لآننا نستخدم الجدل للدفاع عن ذاتنا وواقع الهزيمة التي نعيش، تخيل حالة المنتصر فيها مهزوم ، حالة تساوت فيها الاقطاب المتناقضة، هذا عكس القانون ، وهذا تعبير عن اللعنة التي حطت علينا، وكأن التاريخ يعاقبنا على ثقتنا بطبقات كبلت شعباً بأكمله ودفعت به لسوق العبودية.
الصوت : هذا لحوار ثقيل على القلب والعقل، ومن المصيبة أن لا تمتلك الحل والمخرج، عكس ذلك هو الاضمحلال والفناء بكل ما للكلمة من معنى، العاصفة عاتية نعم ، تستهدف كل ما لا تتخيل نعم ، ولكن لا مفر من الوقوف في وجهها، الحل بالصمود ورفع الصوت والاهم رفض هذا الواقع، رفض الفساد والافساد، رفض البلطجية بكل تصنيفاتهم، لم تعد البلطجية تقتصر على اليمين، لقد اختلطت الوان اليمين واليسار وعجزت العين والعقل عن التفريق.
لأكثر ما يرعبني تداخل الاشياء وغياب الفروقات، خوفي من العواء، أن يتعاملوا مع حالات الاحتجاج كعواء، وأن ينظروا لشعبهم (ككلاب) تنبح على قافلتهم التي تدهس كل ما يقف في طريقها، خوفي من فلسفة التدجين التي تجتاحنا، القادة أيها الصوت يدجنون والشعب لا زال يقاوم، ولا خيار امامنا سوى الرهان على تلك الشريحة الواسعة من الشعب، شريحة تدافع عن اسباب بقائها ولم تسقط في الفخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | الشرطة الفرنسية تعتدي على المتظاهرين الداعمين ل


.. فلسطينيون في غزة يشكرون المتظاهرين في الجامعات الأميركية




.. لقاءات قناة الغد الاشتراكي مع المشاركين في مسيرة الاول من اي


.. بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه..شرطة جورجيا تفرّق المتظ




.. الفيديو مجتزأ من سياقه الصحيح.. روبرت دي نيرو بريء من توبيخ