الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد الرعب

رحيم العراقي

2006 / 4 / 19
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


أشرف على تأليف كتاب: ما بعد الرعب الباحثان أكبر أحمد وبريان فورست، والأول هو أستاذ كرسي ابن خلدون للدراسات الإسلامية وكذلك أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية. وأما الباحث بريان فورست فهو أستاذ القانون والعدالة والمجتمع في الجامعة الأميركية أيضاً بواشنطن.
وقد ساهم في تأليف الكتاب العديد من كبار السياسيين والباحثين الأكاديميين الأميركيين نذكر من بينهم على سبيل المثال لا الحصر زبيغنيو بريجنسكي، وجوزيف ناي، وبنيامين باربير، وبرنارد لويس، وآخرين عديدين، وأما من المفكرين المسلمين أو العرب فقد ساهم في تأليفه بالإضافة إلى أكبر أحمد كل من الرئيس الإيراني محمد خاتمي، والأمير الحسن بن طلال، والملكة نور الحسين ، ولا ينبغي أن ننسى مساهمة كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة.
يتألف الكتاب من مقدمة عامة وثمانية وعشرين فصلاً، وقد كتب المقدمة المشرفان على الكتاب، أكبر أحمد وبريان فورست، وكان عنوانها: نحو قرن واحد وعشرين أكثر تمدناً وحضارة، وكان مما جاء فيها هذا الكلام المهم: ان أحداث 11 سبتمبر أجبرت الناس في العالم كله على فتح أعينهم ومواجهة الخطر الذي يحدق بهم في عالم غير موثوق به
كما أجبرت باحثين من أمثالنا على طرح الأسئلة التالية: من أين يجيء الحقد؟ وما هي أسبابه؟ كيف يمكننا ان نتجاوز صدام الحضارات؟ كيف يمكننا ان ننطلق من حدث كبير كهذا إلى آفاق أكثر اتساعاً لحوار الحضارات؟ كيف يمكن ان نواجه تحديات الزمن من قبل؟ كيف يمكن التقريب بين الشعوب والثقافات والأديان؟ولهذا السبب دعونا الزملاء الأكاديميين والسياسيين إلى لقاء موسع لمناقشة كل هذه القضايا، ولحسن الحظ فقد استجابوا لدعوتنا وكان هذا الكتاب.
وقد تطرقنا إلى موضوعات عدة، من أهمها: الأسباب العميقة للصدام بين العالم الغربي والعالم الإسلامي، ودور الدين في هذا الصدام، وبالأحرى الفهم السيء والخاطئ للدين وليس الدين نفسه.
ثم يردف الباحثان المشرفان على الكتاب قائلين: لقد أجمع المتدخلون على أن أسباب التوتر والصراعات في العالم تعود إلى الفقر، والجوع، والاستبداد السياسي، وفقدان الحريات الأساسية في مناطق واسعة من العالم، وبخاصة في العالم العربي ـ الإسلامي، وافريقيا السوداء، وآسيا، وأميركا اللاتينية.
وقالوا إن التعصب الديني ناتج عن هذه العوامل كما انه ناتج عن الجهل والأمية والفهم الخاطئ لجوهر الرسالة الدينية. وبالتالي فلكيلا تتكرر جريمة 11 سبتمبر مرة أخرى ينبغي علينا أن نجد علاجاً لكل هذه الأسباب والعوامل السلبية التي تجعل قسماً كبيراً من البشرية يحقد على قسمها الآخر، فالجوع كافر، وكذلك الفقر.
وقد شرح البروفيسور راجموهان غاندي، حفيد المهاتما غاندي، ظاهرة التعصب الديني في أحد فصول الكتاب. وكان عنوانه: «إغلاق فصول العداوة بين الهندوس والمسلمين» والبروفيسور غاندي هو أستاذ زائر في جامعة إيلينوي بالولايات المتحدة الأميركية حيث يلقي دروساً في العلوم السياسية. كما انه معروف دولياً بنشاطاته من أجل حقوق الإنسان وبالتالي فقد استلم الشعلة المضيئة عن جده الأعظم.
وكان مما قاله: لقد حاولت دائماً ومنذ شبابي المبكر أن أكون حلقة الوصل بين الهندوس والمسلمين، وبين الهند وباكستان، وكنت أقوي علاقات الصداقة بين الطرفين باستمرار، ولا ريب في أن جدي المهاتما غاندي لعب دوراً في دفعي بهذاه الاتجاه ومعلوم أنه قُتل عام 1948 على يد هندوسي متطرف كان يعتقد أنه يجامل المسلمين والباكستانيين أكثر من اللزوم، وكان عمري عندما قُتل اثنا عشر عاماً ونصف العام ولذلك أصبح قدوة لي ومثالاً. والواقع أنه كرّس حياته منذ الطفولة وحتى مقتله من أجل ترسيخ الصداقة الهندوسية ـ الإسلامية. ولذلك فإن المتطرفين لا يحبونه في كلتا الجبهتين.
ثم يضيف البروفيسور راجموهان غاندي قائلاً: ولكن ينبغي الاعتراف بأنه على الرغم من تعاليم جدي فإني كنت أحمل بعض الكره والحقد على البلد المجاور لنا أي باكستان، فهو العدو بالنسبة لنا نحن الهنود. وسوف أروي القصة التالية للدلالة على ذلك. عندما كان عمري ستة عشر عاماً سنة 1951 سمعت بأن لياقت علي خان قد قُتل، وكان وقتها رئيس وزراء الباكستان.
فأظهرت فرحتي بالخبر أمام الناس. وقلت أرجو أن يكون قد مات بالفعل ولم ينج من محاولة الاغتيال، وعندئذ نظر إليّ أحدهم شزراً فشعرت بالخجل والعار. فلماذا أفرح لمقتل شخص لم يسبّب لي أي أذى في حياته، لماذا كل هذا التعصب، بدءاً من تلك اللحظة رحت أطرح الأسئلة على نفسي، ورحت أشك في العقائد التي تدعو إلى الحقد والكره: أي كره كل الآخرين الذين يختلفون عنا في الدين أو القومية أو العقيدة.
ثم يردف حفيد المهاتما غاندي قائلاً: ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا ما زلت أسعى من أجل إقامة الحوار بين الهند والباكستان. وفي السنوات الأخيرة رحت أشتغل من أجل التقريب بين الغرب والعالم الإسلامي، وعندما حصلت ضربة 11 سبتمبر كنت في بيتي الواقع في الضاحية الجنوبية لنيودلهي.
فقد اتصلت بي أختي وقالت لي: افتح التلفزيون فقد حصل شيء مرعب في أميركا! وهذا ما فعلته وعندئذ بقيت أشاهد التلفزيون ساعات وساعات كبقية البشر على ما أعتقد، وأصبح قلبي مع أميركا والأميركان في محنتهم هذه، وفهمت رد فعل الرئيس بوش على هذا العمل الإجرامي.

فهمته للوهلة الأولى وقلت إنه مشروع لأن أميركا أهينت في عقر دارها، ولكني لم أفهمه فيما بعد عندما تحوّل إلى أيديولوجيا أو استراتيجية شمولية. فالحرب على الإرهاب لا تكفي. وإنما ينبغي أن نعلن الحرب على أسباب الإرهاب وفي طليعتها: عدم إيجاد حل عادل لقضية فلسطين حتى الآن، ثم الفقر المنتشر في بلدان الجنوب عموماً، وفي العالم الإسلامي خصوصاً.
وأما المستشرق الشهير برنارد لويس فقد كتب فصلاً قصيراً بعنوان «صدام الحضارات أم حوارها؟» وكان مما جاء فيه: يمكن القول بمعنى من المعاني إن الحوار بين الثقافات مستمر منذ أن تشكلت هذه الثقافات البشرية على وجه الأرض، صحيح أن اللقاء بينها كان عدائياً في الغالب، وكان صدامياً أكثر مما كان حوارياً. ولكن الأمور لم تكن دائماً هكذا فأحياناً كان يحصل حوار وتقاطع وتفاعل واستفادة متبادلة. بل وحتى عندما كانت الثقافات المختلفة في حالة حرب مع بعضها البعض فإنها كانت تتبادل الخبرات والأفكار وتستفيد من بعضها البعض. وبالتالي فالحوار يجري بأشكال شتى.
ومن أشهر اللقاءات الثقافية في التاريخ ما حصل بين الإسلام والمسيحية.
ففي البداية لم تمكن الأمور زاهية أو واعدة.
فالصدام كان على أشده، والحروب متلاحقة. نذكر من بينها حروب الأمويين والعباسيين والحمدانيين مع الروم: أي الإمبراطورية البيزنطية المسيحية التي كانت تسيطر على تركيا وكانت عاصمتها القسطنطينية التي أصبحت فيما بعد اسطنبول.
ثم حصلت الحروب الصليبية في القرون الوسطى وتبعتها الحروب العثمانية الأوروبية حتى القرن السابع عشر. ولا ينبغي ان ننسى حروب الاندلس واسترجاع اسبانيا من قبل المسيحيين وبعد ذلك حصلت الحروب الاستعمارية بدءاً من حملة نابليون بونابرت وانتهاء بحروب التحرير الوطنية في الخمسينات والستينات.
ولكن لا يمكن ان نختزل العلاقات بين أوروبا والعالم الاسلامي الى مجرد حروب وصدام أديان وثقافات. فقد حصل تفاعل ثقافي وعلمي كبير بين الطرفين على مدار العصور ولايزال يحصل. ولا أحد يشك في أهمية العلم العربي وفلسفة ابن رشد بالنسبة لأوروبا ونهضتها الأولى في القرن الثالث عشر.
كما ولا يشك أحد في أهمية الحداثة الاوروبية والدور الذي لعبته في إيقاظ العالم العربي ـ الاسلامي من رقدته العميقة في القرن التاسع عشر. وبالتالي فكما كان العرب اساتذة أوروبا في القرون الوسطى فانهم اصبحوا تلامذتها الآن.
وهذا يعني ان العلاقات لم تكن فقط حربية او صراعية وانما كانت أيضا حوارية وتفاعلية.
اما الملكة نور الحسين فقد كتبت فصلا في الكتاب بعنوان: الأمن من خلال الحوار. وكان مما جاء فيه: لقد مرت أكثر من عشر سنوات على ظهور مقالة صموئيل هنتنغتون عن صدام الحضارات عام 1993، وكنا انا وزوجي الملك حسين في واشنطن أنذاك في أول زيارة رسمية للبيت الأبيض في عهد كلينتون.
وكانت حرب الخليج قد انتهت ولكن الضربات الجوية الأميركية كانت لاتزال مستمرة ضد أهداف عراقية. وقد قال لنا وزير الخارجية وارن كريستوفر بأن الرئيس كلينتون أمر بهذه الضربات ضد مركز المخابرات العراقية لانها خططت لاغتيال الرئيس بوش الأب أثناء زيارته للكويت بعد رحيله عن البيت الأبيض.
ثم جاءت بعدئذ اتفاقية أوسلو واعتقدنا بأن السلام سوف يتحقق في المنطقة وتنتهي الحروب. ولكن خابت آمالنا بعدئذ . فهل يعود السبب إلى صدام الحضارات أم إلى صدام المصالح السياسية المختلفة والمتناقضة؟ الاحتمال الثاني هو الأرجح.
ثم تردف الملكة نور قائلة: لاريب في انه يوجد اختلاف حضاري بين أميركا والشرق الأوسط. وإنكاره لا معنى له. ولكن لا يمكن اختزال كل المشاكل إلى مجرد صراع حضارات كما يزعم البروفيسور هنتنغتون فهناك مشاكل سياسية عالقة لم تحل وفي مقدمتها مشكلة فلسطين. ولو أنها حلت لا صبحت الهوة السحيقة التي تفصل بين اميركا وشعوب المنطقة أقل وأصغر بكثير.
واما البروفيسور زبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الاميركي في عهد كارتر فيعتقد أن الأمن الكامل في عالمنا المعاصر أصبح عبارة عن أسطورة فلا أحد يستطيع تحقيق الأمن لنفسه أو لمجتمعه بنسبة مائة بالمائة. واميركا بعد ضربة «11» سبتمبر لم تعد مصونة كما كان عليه الحال سابقا، أو كما كنا نتوهم ذلك.
ولكن يمكن تحقيق الأمن بنسبة كبيرة.
إذا ما اتخذنا الاحتياطات والتدابير اللازمة. ولكن مقاربة الرئيس بوش اللاهوتية للمشكلة ليست صحيحة. كما ان تقسيمه للعالم إلى محور خير ومحور شر يبدو لنا تبسيطياً جداً. فالعالم أكثر تعقيداً من ذلك ولا يمكن اختزاله إلى أسود وأبيض. فهناك مناطق رمادية متدرجة بينهما. ثم يردف بريجنسكي قائلا: لا ريب في ان معه الحق في تصفية الإرهابيين أينما كانوا لانهم أناس مرضى في عقولهم ولاخير يرجى منهم.
وقد أصبح الارهاب مبرر وجودهم. ولكن ينبغي ان يحاول معالجة الاسباب الاقتصادية والسياسية والثقافية التي تؤدي إلى ظهورهم. فالارهاب لا ينبت الا في أرض مواتية. أرض تغذيه وتنميه. وعدم اهتمام الرئيس بوش المسألة يعني ان هناك نقصا كبيرا في استراتيجية لمواجهة الوباء الإرهابي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح