الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خدش الحياء العام

ياسر العدل

2006 / 4 / 19
حقوق الانسان


لأن هامش الحرية فى بلادنا منقوص، تحده أنياب السلطة وقوانين النشر والطوارئ، ولأننى شخصيا أعمل فى الجامعة وأعانى من تخلف كثير من قياداتها فى فهم وتفسير قوانين العمل الحكومى، فعلى حياء نشرنا على هذه الصفحة بعض رأينا فى نظام تعليمنا الجامعى، مظهرين فساد الأداء لدى كل من الأساتذة والطلاب والإدارة فى جامعاتنا، قاصدين إلقاء أحجار تذكرة فى ماء آسن امتلأت به بحيرة وضعنا العلمى والثقافى.
وبرغم أن رأينا قابل للنقد والمناقشة، إلا أن غصة تحركت بأسئلة في حلق الإداريين الكبار موجه إلى الإداريين الصغار ( إيه الـمكتوب ده يا أخوانا؟ هو إحنا ناقصين فضايح؟ شوفوا لنا حل مع الكاتب يا أساتذة) وتعاون المحبون وبعض الكارهين في إشعال البخور تمهيدا لتقديم جثتنا قربانا على هيكل من عبودية السلطة وتخلف القيادات، على أن يتم إعدام حريتنا فى إبداء الرأى بطلقتين إداريتين، طلقة أولى يرى أصحابها أن ما نكتبه فى وسائل الإعلام عن فساد الجامعة هو خروج علي مقتضيات عملنا الوظيفي يستوجب العقاب، وطلقة ثانية يرى أصحابها أن بعض ما نلقيه من أراء فى محاضراتنا أمام الطلاب يخدش الحياء العام، هكذا تدق الطبول تمهيدا لتأليه خدم الفرعون العظيم.
وعن طلقة الخروج على مقتضيات عملنا الوظيفى بالجامعة، لدينا تساؤل أيها الإداريون الكبار فى الجامعات، ما هو حجم الخروج الجالب للمسائلة لعضو هيئة تدريس في الجامعة يبدى رأيا وينشره فى الصحف؟ إن حرية إبداء الرأي حق دستورى معلن لا يأثم صاحبه طالما كان الرأي لا يتعرض لكم بصفتكم الشخصية وان أصابكم طعنا في صميم صفتكم الوظيفية، ولأننا موظفون ملتزمون بنص وروح المادة 96 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972م التي تقضي بأن علي عضو هيئة التدريس التمسك بالتقاليد والقيم الجامعية الأصيلة، والعمل علي بثها في نفوس الطلاب، تصبح مهام وظيفة أستاذ الجامعة هى تدريب الطلاب على حرية التفكير وحرية إبداء الرأى، مهما كان هذا الرأي حامدا لفضلكم ومشيدا بإنجازاتكم أو معرضا بقصور جهدكم وقلة حيلتكم، مثل هذا التدريب واجب فكرى وثقافى ليحول عقول طلابنا من أوعية صديد لأفكار متخلفة إلى أوعية تستوعب أسباب التقدم، إننا فى حاجة لنظام تعليم يسمح للعقول أن تفكر فى صلاح أمور دنيانا وأمور أخرتنا، وأن يكون التزامنا بمقتضيات العمل الوظيفى رفعا للجباه دون تقبيل لأيادى أصحاب النعم.
وعن طلقة خدش الحياء العام فيما ألقيه من محاضرات على طلاب الجامعة، أتسائل معكم أيها الإداريون الكبار فى الجامعات، هل طرح بعض مفردات واقعنا الثقافى والسياسى والاجتماعى أمام الطلاب، طرحا موضوعيا، يعتبر خدشا للحياء العام وخروجا على الثوابت؟ هل مناقشة فكرة أننا في مجتمع مازال ينظر للمرآة كجارية في عصر الحريم، وبأن المرآة دنس وشيطان رجيم، تتزين انتظارا للزوج صاحب المال بغض النظر عن فكره وعمره ومصادر دخله، تعتبر خدشا للحياء العام؟ هل زجر طالب أو طالبة أو عضو هيئة تدريس عن ارتداء ملابس تعيق أداء مهمته داخل الجامعة، يعتبر خدشا للحياء العام وتدخلا فى الحرية الشخصية؟ هل تجريس أفعال كثير من أساتذة الجامعة فى توريث أبنائهم لوظائفهم داخل الجامعة دون وجه حق، وبيعهم لكتب ومذكرات حقيرة لطلاب مغبونين، هل هذا التجريس يعتبر خدشا للحياء العام؟ أيها الإداريون الكبار، إن فهمكم القاصر والمغرض لتعريف الحياء العام جعلنا عبيدا نستحى من التعبير عن ظلم الألوف من المماليك والطغاة والخدم الفراعين.
إن للحياء العام فى بلادنا مفهوم خاطئ مبني علي ازدواج شخصيتنا، ما نقوله بألسنتنا مخالف لـما تضمره قلوبنا، حياءنا مبني علي استلاب عواطفنا فى العلن وإشباع غرائزنا فى الخفاء، بناؤنا الاجتماعى صنعته سلطات تاريخية أورثتنا الجهل بقيم الحرية ودربتنا على الهروب من تحمل المسئولية، بنائنا الفكرى أحادى التوجه قائم علي مصادرات غير قابلة للنقاش.
أيها الإداريون الكبار فى كل بقاع مصر، لكم أن تعلموا أن الأحرار وحدهم يرون أن الخوف من طغيان السلطة هو الخدش الوحيد للحياء، وأن الحرية هو الخيار الإنسانى الوحيد للتقدم، لذلك أصبح لزاما على الجميع أن نلقى بالخوف بعيدا ونخدش كل حياء ورثناه خنوعا وتخلفا من سلطة قهر أو عبودية، هكذا نمهد الطريق لإنسان مصرى جديد قادر على صنع التقدم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ