الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب نفسية في المواجهة مع دولة الكيان

سامي الاخرس

2019 / 1 / 28
القضية الفلسطينية


منذ أن تغيرت ملامح الجيوسياسة العربية ي العقد الأخير، وتحول الصراع الرئيسي إلى ثانوي بين القوى الداخلية المتناحرة التي نفذت أو تسللت منها القوى الكبرى إلى المنطقة، لم يعد سلاح الصواريخ والدبابات والطائرات الأداة المتحمة بمقدرات المعركة مع العدو الرئيسي، التي كانت تظهر بين الفينة والأخرى بين قوى المقاومة العربية من جهة، ودولة الكيان الصهيوني من الجهة الأخرى، وعلى وجه التحديد في لبنان بعد حرب تموز، وغزة بعد حرب 2014، حيث تحولت المعركة إلى سلاح أخر يعتمد على الحرب النفسية فقط، ويعتبر سلاح علم النفس قانون المواجهة أساس التكوين لهذه الحروب، واعتماد الخطاب المقاوم على هذا السلاح وهو ما ترائى في مشهدين أولهما: مشهد مسيرات العودة الذي تقوده قوى المقاومة كسلاح ذو عوامل نفسية، وتصدير أزمات للكيان الصهيوني، والثاني مشهد تهديد الأمين العام لحزب الله اللبناني بدخول الجليل في حال اندلاع أي حرب مستقبلية مع العدو الصهيوني.
بادئ ذي بدء علينا إدراك أن دولة الكيان الصهيوني لم تعد في عُرف السياسة الإقليمية والدولية دولة وظيفية محضة، تقتصر وظائفها وأدوراها على أدوار وظيفية تؤديها تحت محور السياسة الدولية، بل تجاوزت هذه الدوائر وأصبحت أقرب منها لدولة اقليممية تساهم وتشارك في رسم سياسات المنطقة، ومحدداتها وهذا ما سعى له قادة الكيان الصهيوني منذ إعلان كيانهم الغاصب، وكذلك جوهر وصلب ما طرحه شيمون بيرس في كتاباته ورؤياه وآرائه السياسية الإستراتيجية، وما يؤكد ذلك التدخل المباشر لدولة الكيان في سوريا رغم وجود روسيا عسكريًا، ولكنها تؤكد بقوة السلاح وجودها كدولةٍ اقليمية تجابه قوى اقليممية أخرى هي إيران ومحورها من جهة، وروسيا من جهة أخرى، وكذلك عبر سياساتها المباشرة مع العديد من القوى الرسميةالعربية، وفتح الباب على مصراعيه، فلم تعد دولة الكيان تقتصر علاقاتها على الدول المرتبطة باتفاقيات سلام مثل مصر والأردن، بل أصبحت قوة وازنة في دول الخليج أيضًا، وأصبح لعا وجودها وتأثيرها سواء في قطر أو البحرين أو عُمان بل والعديد من الدول العربية الخليجية، ومواجهتها بالسلاح النفسي لما يطلق عليه (قوى الممانعة) التي لم تعد تتسع دائرتها كما كانت عليه سابقًا، في ظل انحصار الصاع وتقوقعه لصالح الصراع الطائفي المذهبي في المنطقة.
خرج بالأمس السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني متوعدًا ومهددًا دولة الطيان بدخول الجليل واحتلالها، وإن كان يبدو للبعض إنها مجرد تهديد رعب لدولة الكيان خاصة وأن قوة حزب الله تراجعت واستنزفت في سوريا عبر ثمانية أعوام من الحرب الأهلية على الساحة السورية، إلا وأنه رغم هذا الوضع والواقع لحزب الله في العقد الأخير لا يمكن ان يؤدي لتجاهل العديد من الحقائق الأخرى مثل: أولًا: اكتساب حزب الله مزيد من خبرات حرب العصابات وقتال المدن والأحياء، وهو ما لم تستطع دولة الكيان ممارسته أو مواجهتخ إن حدث.
ثانيًا: نوعة السلاح الذي بات حزب الله يملكه وقوة الدفع التي يحظى بها على المستوى الإيراني، خاصة وأنتجربة الحوثيين في اليمن سجلت صمود في وجه الحلف السعودي، واستطاعت أن تتعامل سياسيًا، وعسكريًا مع الضغط العسكري والسياسي في اليمن.
ثالثًا: أن قوى المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تخلق حالات من الاختراق والمباغته في أساليبها ومعركتها مع الكيان الصهيوني.
رابعًا: زعزعة واستنزاف الرأي الإسرائيلي الذي لم يعد يطالب بحروب، بل أصبح يحث حكومته على العمل السياسي أكثر من العسكري في جبهات لبنان وغزة، وعدم الرضوخ لضغوطات المتطرفين منهم، بل وذهبت بعض الأصوات العسكرية والأمنية للمطالبة بتخفيف أساليب الضغط والحصار عن غزة، خشية الإنفجار الشعبي الذي لا يوجد شيء يخسره ويندفع صوب الحدود دون رادع.
خامسًا: الرأي العام الدولي والإقليمي الذي لم يعد يتقبل مبررات كيان الاحتلال وعدوانها على دول وشعوب المنطقة، وظهور أصوات اقليمية وغربية تدين الكيان وممارساته.
سادسًا: عدم السماح للكيان بممارسة عدوانه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى لتنفيذ مشروعها في المنطقة، ولا تريد أي مغامرة من كيان الاحتلال يؤجج ويحيي مشاعر شعوب المنطقة ضدها، خاصة بعدما نجحت في تحويل هذه المشاعر لصالح الصراع الطائفي المذهبي بين شعوب المنطقة.
ثامنًا: دولة الكيان لن تغامر أيضًا في العودة للخلف سنوات عابرة في المنطقة، خاصة في الوعي الشعبي العربي الذي بدأ يتقبل زيارات قادتها ووفودها للمنطقة واستقبالهم في العواصم العربية بشكل رسمي وعلني كما حدث في عُمان قبل أشهر، وأي معركة ربما تعيد استنهاض الوعي الشعبي إلى دائرة الصراع الرسمي العربي – الصهيوني.
هذه الإعتبارات عي تقديرات سياسية يتم البناء عليها في توصيف المعركة الحالية بين قوى المقاومة العربية ودولة الكيان الصهيوني، والتي تعتمد على الحرب النفسية بين أطرافها أكثر من المواجهة المسلحة المباشرة، وهو ما حدث في التوتر الأخير بين المقاومة الفلسطينية ودولة الكيان في أعقاب كشف القوة الخاصة الصهيونية في غزة، وسرعان ما تم تطويق الصدام وانحصاره بين كل الأطراف.
أمام هذه الحقائق أو التقديرات يبرز سؤالين هل فعلًا حزب الله اللبناني قادر على ما هدد به الأمين العام؟ وهل المقاومة العربية ودولة الكيان مهيأة للمواجهة المسلحة من جديد؟
فيما يتعلق بتهديدات السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني بدخول الجليل في حالة اندلاع أي حرب أو عدوان من دولة الكيان، فالمؤشرات والحقائق والعلوامل سالفة الذكر تؤكد أن مقاتلي حزب الله اللبناني أصبح لديهم الخبرات والقدرات على التعامل مع حرب استنزاف المدن والأحياء والقدرة على المباغتة والتعامل مع الجيوش النظامية، بعد معركة طويلة وقاسية خاضها مقاتلي الحزب في سوريا مع قوى نظامية وغير نظامية، أضف لذلك نوعية الأسلحة التي بات يملكها الحزب والقدرات التدريبية التي تعاظمت خلال السنوات السابقة، خاصة وأنه سيكون مدعوم مساند من الرأي العام الشعبي اللبناني خاصة والعربي هامة في حقه الدفاع عن أي عدوان يتم على لبنان، فالحزب يلتزم بالتفاهمات ولم يشكل أي تهديد أو اعتداء مباشر على دولة الكيان، وعليه فإنه سيكون في حالة دفاع عن لبنان وسيادة لبنان، ولن تستطيع القوى المضادة لحزب الله من الوقوف على النقيض في معركة تمس سيادة لبنان واستقلاليته. ولكن تبقى ذه مجرد معركة نفسية في الوقت الراهن لا يعتقد إنها تتحول في المستقبل القريب إلى مواجهة مسلحة. أما الشق الآخر من السؤال فكل المؤشرات تؤكد أن دولة الكيان الصهيوني وقوى المقاومة العربية عامة، والفلسطينية خاصة تحاول صناعة هدنة طويلة الأمد، هذه الهدنة تتفق عليها كل الأطاف وإن كان بشكل غير مباشر، إلا أنها تتفق على ضرورتها، فالمناخ العام سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا في دولة الكيان غير مهيئ لأي معركة جديدة لا تحقق أي مكتسبات سياسية وأمنية، فالحرب الأخيرة على غزة وضعت حكومة الاحتلال في جه عاصفة قوية من الانتقادات الدولية والإقليمية بل والداخلية، واتسعت دائرة المعارضة لسياسات الحكومة داخليًا، وشكلت لجان تحقيق، وخلصت أن النتائج سلبية على دولة الكيان ولم تحقق أي أهداف، وانتهت أشبه بهزيمة سياسية وأمنية لجيش الاحتلال وجنرالاته وعسكرييه وحكومته. أماعلى صعيد المقاومة الفلسطينية فالمناخ الداخلي أيضًا لا يسمح لها بمعركة جديدة، فهي تواجه أزمات عديدة وعنيفة داخليًا سواء على مستويات السياسية أو الاقتصاد أو الحالة الشعبية، حيث أن هذه المعارك وفق الرؤية والوعي الشعبي ليست معارك تحررية أو وطنية بل هي معارك حزبية تستهدف مصالح حزبية، إضافة إلى ضغوطات كبيرة من القوى الإقليمية العربية التي تحاول لجم جموح المقاومة الفلسطينية وترويضها سياسيًا ودفعها لتقبل الحلول السياسية، وهو ما تحاول العديد من القوى العربية ممارسته مع المقاومة الفلسطينية وخاصة مصر وقطر.
إذن فإن كانت التهديد تبلغ مداها بين قوى المقاومة العربية ودولة الكيان الصهيوني هي في مساحة الحرب النفسية التي لم تتحرك للفعل في الوقت القريب أو المستقبل القريب وفق الحسابات السياسية بين كل الأطراف، ومحاولة كل الأطراف لجم توسيع فرص المواجهة المسلحة العسكرية، ولن لا تتجاهلها أو تنحيها من تلك الحسابات بل كل طرف يستعد لها ويتهيء لها وفق امكانيات وحسابات كل طرف من هذه الأطراف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ