الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداخل مهام التحرر الوطني والقومي مع الاجتماعي

فتحي علي رشيد

2019 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


من المؤكد بأن ما ابتليت به الأمة العربية ,أوالشعوب التي تقطن البلدان العربية لم تبتلى به أمة أو شعب أخر في التاريخ والعالم .فإن ابتليت أمه كالصينية بالانكليز واليابانيين والفرنسيين مثلا ,فإن الأمة العربية ابتليت أضافة للقوى الاستعمارية الخمس الكبرى بأطماع جيرانها الفرس والترك .وأضيف لكل هذا وذاك بلاء الصهيونية العالمية وهو أشد بلاء يمكن أن يحط على أي أمة من الأمم .مما جعل منظري ومفكري وساسة وقادة ونخب الوطن العربي تضيع وتتشتت وجعل شعوبها بالتالي ,تفقد صوابها بحيث لم تعد قادرة على تحقيق التوتزن ودحلت في نفق طول من الضياع والتشرذم وأنا هنا لا أبررعمليات الضياع والتردي التي منينا بها نتيجة لذلك ,بل أوصف حدة وصعوبة المعاناة التي عاشتها وماتزال تعيشها امتنا العربية لأسباب موضوعية , لأفسر صعوبة إيجاد مخرج سريع أو بسيط لما نعاني منه .
مابين مواجهة العدو الداخلي والعدو الداخلي
من يتابع مجريات تاريخ البشرية بمافي ذلك تاريخ الآمة العربية يجد أن كل شعوبها (أغلب فئاتها )قد توحدت لمواجهة الغزوات الخارجية وانتصرت عليها كلها سواء أكان ذلك اعتمادا على قواها الذاتية أم بالتعاون مع القوى الصديقة وهذا ما أدركته القوى الاستعمارية في النصف الثاني من القرن العشرين فتحولت من الاستعمار القديم والمباشر إلى الاستعمار الحديث أو غير المباشر :
الاستعمار الحديث :
مما لاشك فيه أن استراتجيي ومفكري القوى الاستعمارية القديمة ممثلة بهولندا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا نتيجة لثورات الشعوب على وجودهم العسكري في البلدان المستعمرة وبسسب الخسائر البشرية والمالية التي منيت بها في مواجهة القوى الثورية والوطنية ,قد توصلوا إلى نتيجة مفادها :أن من الأفضل لهم أن يقيموا مع حكومات البلدان المستعمرة اتفاقيات سياسية واقتصادية تتيح لهم بعد سحب قواتهم العسكرية الحصول على ذات المكاسب والفوائد التي كانوا يجنونها من تلك البلدان دون أن يقدموا أية تضحيات بشرية . وهذا النهج اتقنه السياسيون الأمريكان بعد الحرب العالمية الثانية على أفضل وجه .كونهم خرجوا من الحرب العالمية الثانية باقتصاد قوي وبنية تحتية سليمة ,ودون أن يتكبدوا خسائر فادحة كما حصل في روسيا وأوروبا .فوجدوا أن من الأجدى لهم أن يستفيدوا من تقدمهم العلمي والصناعي وقوتهم الاقتصادية والمالية بما يمكنهم من نهب ثروات واقتصاديات وجهود جميع الشعوب المتخلفة وحتى المتقدمة من خلال الاستفادة فقط من فرق القيمة بين ماهو مخزن في العمل المأجور الناتج عن عمل المنتجين (العمال والفلاحين والعلماء والمدرسين ,,إلخ ) في البلدان الأخرى ـ خاصة المتخلفة علميا وصناعيا وبين قيمة العمل المخزن في البضائع المصدرة , فهذا وحده يكفي لتحقيق الفوائد ذاتها التي كانت تحصل عليها القوى الاستعمارية القديمة دون أن ترسل أوتضحي بقواتها العسكرية .أما إذا أضفنا لذلك القيمة المخزنة في النقد (الدولار خاصة بعد اتفاقية بريتون وودز وإنشاء صندوق النقد الدولي عام 1945 )أثناء التعاملات المالية والتبادل التجاري فهذا وحده مكنها من الهيمنة المطلقة على اقتصاديات وسياسات تلك البلدان عن بعد .وهكذا لم يبقى أمامها سوى إقامة حكومات (وكلاء ) تحافظ على علاقة عدم التكافؤ (حسب مقولة المفكروالاقتصادي المصري سمير أمين ) .
ولهذا يمكننا أن نعتبر هذه الحكومات بمثابة عملاء ووكلاء لرأس المال المالي العالمي كالحكومات السابقة والعميلة للإستعمار القديم والمباشر لكنها أخطر لأنها تغطي على واقعها بالكلام والشعارات . بمعنى أنه كان ويجب أو يفترض أن ينظر إليها كما كان ينظر سابقا للحكومات العميلة والمأجورة والمتعاونة مع الاستعمار القديم .لكن هذا لم يحصل إلا بعد فترة طويلة (بعد عام 1970 بدرجات متفاوتة ) .ولهذا بات من الصعب التمييز بين الحكومات العميلة على المكشوف وبين الحكومات التي تدعي الوطنية والحرية والتقدم والاشتراكية . وأصبح من الصعب أكثر علينا كشعوب ونخب ,معرفة مع من نقف ,ومايجب أن تفعله شعوبنا مع هذه أو تلك من الحكومات القائمة .وهذا ماسهل على القوى العميلة والتابعة سياسيا والملحقة اقتصاديا تعويم نفسها سياسيا وخدمة الأمبريالية العالمية اقتصاديا ( وهذا المهم ) دون عناء كبير بزعم تبنيها للإشتراكية أومحاربتها للإستعمار والصهيونية ولو بالكلام أو من خلال صداقتها مع المعسكر الاشتراكي كذبا . وهذا ماتحقق في بلداننا العربية وأغلب بلدان مايسمى العالم الثالث ودول ماتسمى "عدم الانحياز " منذ خمسينات القرن العشرين .لكن عندما تم فضح أو كاد يتم فضح تلك الحكومات التي تحولت إلى الرأسمالية فورا وعلنا بعد سقوط المنظومة الاشتراكية بعد عام 1991 , أو عندما لم تعد قادرة على السيطرة على حركاتها وأحزابها الثورية أو على شعوبها المفقرة والثائرة ( كما جرى في سوريا والعراق ومصر وليبيا واليمن .إلخ وهوماتجلى بماسمي الربيع العربي بعد نهاية عام 2010 ) فإن الأمبريالية الأمريكية وحلفائها وجدوا أنفسهم مضطرين للتدخل سياسيا وماليا ـ بصورة مباشرة كما جرى في مصر وتونس أو عسكريا وبصورة مباشرة كما جرى في العراق ,أو عن طريق وكلائها الروس والإيرانيين والترك كما جرى في العراق وسوريا وليبيا واليمن .كما كانت تفعل في القرن التاسع عشر بهدف الحفاظ على تلك النظم الاقتصادية والأنظمة السياسية والأمنية التابعة لها والتي تحقق لها مصالحها .
الوقوف ضد التدخلات الخارجية بجميع أطيافها وتسمياتها .
من هنا تصبح العودة للشعارات التي كانت ترفعها القوى الوطنية والثورية ( حركت التحرر الوطني والقومي ) في القرنين التاسع عشر والعشرين هي المخرج لهذه الشعوب ,أو يفترض أن يكون هو جوابها على تلك التدخلات الخارجية السياسية أو العسكرية او المالية ومهما كان اسمها أو لونها (إيرانية أو سعودية أو أمريكية أو روسية ) . ولهذا يصبح شعار" توحد وتوحيد جميع القوى خلف شعارات التحرر الوطني من القوى الخارجية " بمثابة المخرج الأجدى كونه الأقدر على تحشيد أوسع الفئات الاجتماعية والسياسية , وكونه يجعلها تحارب القوى الخارجية بدلا من أن تحارب نفسها .وبما يجعلها إذا ماتوحدت خلف هذه الرؤية قادرة على هزيمة تلك القوى الخارجية وبالتالي هزيمة وكلائها المحليين الذين جاءت لحمايتهم . (وهذا بعيدا عن ,وبغض النظر عن الحجة الني جاءت خلفها بدعوة من النظام الشرعي كما في سوريا والعراق أو عنوة ) أو بذريعة مكافحة خطر الارهاب .وهو ما قد يجعل مهمة إسقاط تلك الأنظمة أسهل أذا ما تم تبنيه ـ خاصة , بعد أن ثبت عجز وهشاشة كل مكونات تلك الأنظمة (سياسيين ومنظرين وعسكريين ومخابرات وشرطة ورجال دين ) وهو ما بات يجعل من إمكانية هزيمة جميع المليشات التي شكلتها أو استدعتها من الخارج سهلة . وخاصة بعد أن ثبت أنها ليست قادرة (مهما توحشت وتغولت ونكلت وأجرمت ) على مواجهة الشعوب الثائرة .وهو ماثبت على أرض الواقع الملموس في كلا من سوريا والعراق واليمن وليبيا . حيث ثبت أنه لولا تدخل تلك القوى الخارجية (خاصة روسيا وإيران ) عسكريا ,لكانت تلك الأنظمة قد سقطت منذ زمن بعيد .لكن بما أن تلك القوى الخارجية بعد تدخلها العسكري المباشر أعادت أو كادت تعيد انتاج تلك الأنظمة التابعة والملحقة بالأمبريالية (كما في مصر والعراق وسوريا ) قبل أن تنسحب كما فعلت قبل وبعد الحرب العالمية الثانية . لذا كان لابد ,أو يفترض بالقوى الوطنية أن تطرح شعارات جديدة تجمع ما بين شعارات التحرر الوطني والقومي السابقة ,وبين شعارات التحرر الاقتصادي والاجتماعي التي سادت بعد عام 1970 . ومن ثم العمل على إقامة أنظمة وطنية وديمقراطية تعمل لمصلحة شعوبها وبلدانها وهي الشعارات التي برزت بعد عام 2010 لمواجهة كلا من الوكلاء المحليين الذين صنعتهم الأمبريالية والصهيونية سابقا ,والذين أعادت انتاجهم او الذين تسعى لتركهم وراءها إذا ما انسحبت من سوريا والعراق بعد أن تتيقن من أنها قد ثبتت مواقعهم جيدا .
فتحي علي رشيد28/1/2019








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم