الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هي مصلحتنا أن نكون مناذرة اليوم؟

نور الدين بدران

2006 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


(1)
ليست قديمة حكاية صدام حسين ، من مدفعه العملاق الذي سيترك إسرائيل أثرا بعد عين ، إلى جمرته الخبيثة التي ستترك نيويورك بل الولايات المتحدة ، بلادا للأشباح والمرضى النفسيين ، مروراً بالقنابل المسمارية التي تحمل مفاجآت نووية تكتيكية وربما استراتيجية،باختصار "أم المعارك" كان صدام حسين لولا حادثة صغيرة جدا، سيخوضها ضد العالم.
من العرب وغير العرب ، كل من وضع في جيبه بعض كوبونات النفط ، هلل ودبك ورقص وسكر حتى الغيبوبة في عرس التحرير أي في أم المعارك المستمناة (لا حل في بلدان الكبت والعجز غير الاستمناء) للقائد الضرورة، أصداء أولئك مازالت في أجواء ذاكرة المنطقة بل كلما ابتعدت ، تذكر بها أشباهها،كما هو الحال اليوم في بلاد فارس مع فروق ليست نوعية ، في اللحن والكلمات أي في فرق العملة الثقافية وفي السوق أي الظرف الإقليمي والعالمي ، لكنها الأغنية الصدامية عينها يؤديها أحمد محمود نجادي ، وترددها خلفه مفارز حرسه الثوري في المنطقة.
(2)
كانت العراق بحاجة إلى الجامعات والمدارس والمستشفيات ، إلى بنية تحتية صناعية وزراعية وسياحية، إلى تنمية متناغمة ومتكاملة ، كانت تملك كل شروط ومقومات هذه التنمية ماديا وبشريا باستثناء شرط واحد وهو الأول والأساس : العقل.
كان العقل يقتضي السلام الداخلي ومع الجيران ، فاختار نقيضه بشخص نظام صدام الحرب مع الشعب والجيران،حتى غدا بلد ال40مليون نخلة ترسانة أسلحة ومجمعا أسطوريا للأقبية والسجون.
كان الفائض في خزينة الدولة العراقية يتجاوز ال35مليار دولار ،كلها تم استخدامها بعقلية البدوي الذي إما يتزوج أو يقتل قتيلا ويدفع ديته .
(3)
اليوم الوضع في بلاد فارس كثير الشبه بوضع العراق سابقا، فالشعب الإيراني بأمس الحاجة إلى انتقال سلمي إلى نظام سياسي واقتصادي عصري عبر تنمية شاملة متكاملة وسلمية ، ولديه جميع شروطها ، ولكن أيضا باستثناء الشرط الأول والأساس الذي افتقدته القيادة العراقية.
(4)
حتى تكون أية دولة عضوا فيما يسمى النادي النووي ، كما يبرهن تاريخ هذا النادي ، يجب عليها أن تحصل على ترخيص أي على موافقة من أعضاء هذا النادي وبصيغة أدق ، على موافقة رؤوس هذا النادي وفي مقدمتهم الولايات المتحدة والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن ، ولا علاقة للأمر بالعدل أو الحق ، وإنما بالقوة أولا وأخيرا، فليس من العدل ولا من الحق أن تكون إسرائيل دولة نووية ، ولكنها كذلك،وهناك أمثلة أخرى.
(5)
من الغباء الاعتقاد أن عضوية هذا النادي تنتزع انتزاعا رغم أنف العالم أو قواه الكبرى، وهذا ما تحاوله بلاد فارس اليوم ، وستكون نتائجه مدمرة لها وللمنطقة، ناهيك بالإخفاق الحتمي.
لكنه ما يزال باكرا الحديث عن الفوز بعضوية هذا النادي لمجرد امتلاك الدورة الكاملة للوقود النووي أو لعملية تخصيب اليورانيوم، فالعضوية الكاملة في هذا النادي الذي هو أسوأ ما ابتكرته البشرية، تعني امتلاك السلاح النووي تحديداً، وهذا ما بين إيران وبينه مسافات فلكية.
ما يجعل هذه المسافات فلكية هو بالضبط عدم موافقة العالم على ذلك.
(6)
لن يكون إحباط المشروع الفارسي أمرا سهلا، حتى على العالم وقواه العظمى ، بل سيكون مكلفا وربما دمويا ولكنه مهما كان الثمن سيكون أهون من نجاحه، وأرجح أن القوى الكبرى في العالم صادقة في تصريحاتها، فعندما تستنفد الطرق السلمية والدبلوماسية، لن يكون أمامها أية محرمات، وهذا ما يؤكده التاريخ .
(7)
بمعزل عن ذرائع الولايات المتحدة والقوى العالمية ، بل بمعزل عن أهدافها الحقيقية، وانطلاقا من مصالحنا كشعوب شرق أوسطية أو عربية أو سمها ما شئت ، من مصلحتنا أن يتم الحد من انتشار الأسلحة النووية في العالم قاطبة وفي منطقتنا خاصة، ناهيك بإضافة دولة جديدة تمتلك أسلحة الدمار الشامل، خاصة أن تكون هذه الدولة هي إيران.
(8)
إما عن جهل أو سوء نية أو مصالح ضيقة ، يظن بعضهم أن إيران دولة صديقة ، لكن تاريخها ماضيا وحاضرا لم يؤكد شيئا من هذه الصداقة، في مكان أو قضية إلا نقضه في مكان آخر وقضية أخرى ،ففي الوقت الذي كانت تدعم دولة عربية كانت تحطم أخرى، وتحتل أرضا عربية أخرى ، وحتى مشروعها اليوم موجه أساسا للهيمنة أو لامتلاك وسائل الهيمنة على الخليج ومنابع نفطه، ولعل هذا أيضا ما يجعل الولايات المتحدة وسواها في هذا الحزم ضد المشروع الفارسي، وباختصار ومهما كانت الدوافع الفارسية فإن إيران مثلها مثل كل دولة في العالم،لم تكن تكتيكاتها واستراتيجياتها إلا في خدمة مصالحها وطموحاتها كإمبراطورية غابرة تعيد تجديد أمجادها، ولا يمكن لأحد أن يلومها ، فهذا منطق الدول والإمبراطوريات خاصة.
(9)
في قضية خاسرة بشكل شبه حتمي ، واحتراما لمنطق الاحتمالات ، لا نقول أنه حتمي ، ما هي مصلحتنا في المراهنة على جواد خسارته شبه محتومة ، وفي قضية ليست مبدئية ولا سامية (إلا في الجانب المعلن وهو امتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية وهذا ما لا يمكنني تصديقه) ، أتساءل و باستنكار عار : ما هي مصلحتنا في أن نكون مناذرة اليوم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد