الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فخ دريدا

كريم عرفان

2019 / 1 / 30
الادب والفن


حركة التصحيح والتجديد والابتكار في الأدب العربي
لجنة الذرائعية


جاءت الذرائعية لتعيد الإعتبار للنص الأدبى وتعلى رايته وتبين أن هناك قوانين خاصة يجب أن يخضع لها النص ؛ فالنص الأدبى العربى له " كود" خاص وتقنين يعتمد عليه ..فى تجنيسه ؛ومعرفة ظاهره وباطنه ؛ وإخراج مخبوءاته بما لا يحطمه أو يصدعه .
فالذرائعية منهج وسطى يقف بجانب النص ظاهرا وباطنا ؛ فالمنهج الذرائعى لا يجمد على الظاهر فلا يرى للنص باطنا وخبيئة وفى نفس الوقت لا يلهث وراء معان لا نهائية تفضي إلى العدم.
على العكس تماما من التفكيكية التي حملت راية التشكيك في النص الأدبى فشككت في منطقه وانتظام شكله واتساق معانيه وعطلت قوانينه
فالذرائعية انطلقت من من منطلق واحد هو إحترام النص الادبى شكلا ومضمونا ظاهرا وباطنا و حافظت على الإطار الجمالى الذى وضع فيه النص الأدبى ..

لذلك نجد الناقد الذرائعي يؤمن " بالتحليل الذرائعي" متجاوزًا التحليل السيمانتيكي المعجمي, هذا التحليل الذرائعي -هو مصطلح هام في عالم الذرائعية- يتناول المعاني المخبوءة التي يحتويها النص , والتي قد يكون الكاتب نفسه لا يدير لها بالًا, ويكتفي الناقد الذرائعي بقدر معين من هذا التحليل تاركًا لغيره من النقاد أو المتلقين اصطياد الباقي, وهذا المصطلح هو الذى عصم الناقد الذرائعى من الوقوع فى الفخ الذى نصبه دريدا الذى نادى بالتفكيك المستمر للنص وهذا التفكيك من شأنه :-
أولا : كسر القشرة الجمالية للنص -والتي أطلق عليها دريدا السطح اللامع للنص – فالنص العربى -كما بينت الذرائعية- يهتم بالجمال الظاهرى ولا يهمله ويزينه بألوان من الجماليات اتسم بها اللسان العربى بما احتواه من بلاغة وبيان ومحسنات بديعية وافتقدته اللغات الأخرى

ثانيا : السعي وراء معانى لا نهاية لها فالتفكيكية تستمر في تفكيك النص تفكيكا مستمرا فتبدأ بتكسير السطح اللامع للنص الادبى لكى تبلغ أعماقه المعتمة التي لا يبوح بها ؛ فالنص حسبما يرى دريدا يحتوى على تناقضات وصراعات وشروخ عديدة يجعل النص قابلا لتفسيرات وتأويلات لا نهاية لها ..فدريدا قد أخذ معوله وسارع في تهديم النص الأدبى .

وما فعله دريدا لا يشى إلا بشىء واحد هو عدم استيعابه النص وإحاطته به وملأ يديه منه " فالناقد المبصر بمجريات النص الداخلية وملاحقة حلقات الأفكار المتصلة فيما بينها بالتحليل واللهاث خلف الرموز واللأفكار المتعاقبة والمكملة لبعضها فيسلك سلوك صياد اللؤلؤ كلما غاص عميقا كان صيده وفيرا و دسما "(1)
فالذرائعى يكتفى بأن يغوص في النص الأدبى الذى أمامه بقدر وعمق معين لا يتعداه ؛ فهو كالغواص المتمكن يقدر المسافات ولا يتجاوزها لئلا يغرق في بحر النص ويضيع منه النص بجماله الظاهرى ومعانيه المخبوءة نتيجة اقتحامه وجرأته الزائدة ..فلا يحصل إلا على سراب
أما الشىء الذى التبس على دريدا وسماه بالتناقض فهو ما عرفته الذرائعية وسمته
" الأفكار المتدرجة " -وهو مصطلح آخر هام في عالم الذرائعية – والتي لا تفضى إلى التناقض كما يظن دريدا ؛ فدريدا قد غرق في بحر النص ولم يحسن السباحة أو الغوص فالذى ظنه تناقضا هو " تلاحق نصى يسير بين مسلكين متوازيين وحبكتين :-
الحبكة الأولى : إخبار صريح
الحبكة الثانية : دلالية مخبوءة
وهو مالم يعيه دريدا فقام بكسر التوازى بين الحبكتين فقاده ذلك إلى التصادم فيما بينهما فسمى ذلك تناقضا ."(2)
فدريدا استمر بتحليل الجزئيات النصية حتى قاده ذلك إلى الخروج من النص نحو صحراء العدم ولم يحصل في النهاية على شيء سوى اللاشى ء واللامعنى .

هامش :-

(1) "الذرائعية في التطبيق في تحليل النص الأدبى العربى" تأليف المنظر العراقى و العلامة الأستاذ / عبد الرزاق عودة الغالبى ؛مرفق بدراسات تطبيقية في ذرائعية النقد للأديبة والناقدة السورية الدكتورة / عبير خالد يحيى . .ص 196
(2) " الذرائعية في التطبيق " ص 197








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف