الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات الحرب - البيئة المثالية

مصطفى علي نعمان

2003 / 3 / 24
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


اليوم الرابع، 22-3-2003

تذكرت صديقي رياض، وأنا أشاهد الدمار الشامل الذي يحل ببلدي، على شاشات التلفزيون، فيقبض قلبي، ويولد لي لهيب في جسدي.

رياض لم يغادر العراق البتة، لكنه كان يعرف كل شيء عن جغرافية العالم، وفي إحدى مسابقات التلفزيون " قبل زحف الجراد البعثي" فاز على جميع متحديه، كان لا يمل من ترداد:

لنحمد الله، فالعراق مثالي، ولا وجود لبيئة كالعراق في كل الأرض.

كان يحيرني عندما يقول ذلك، ثم يشرح الأمر: ألا ترى أن لا وجود للزلازل في العراق؟ ولا للعواصف، ولا للأعاصير، أ تدري كم تقتل هذه الظواهر الطبيعية من أناس في العالم؟ كم تدمر من محاصيل! كم ! كم! ثم انظر إلى مناخه! ترى فيه الفصول الأربعة، هذه جيراننا، دول الخليج لا يوجد فيها شتاء ولا ربيع، عندهم فصلان فقط، خريف وصيف، أما الآثار فحدث ولا حرج..

فرقنا الزمن بعد الثامن من شباط الأسود، وحرمني من حديثه اللذيذ، ولم ألتقه إلا بعد غزو الكويت، كان قد تغير بعد كل تلك السنين، وجدته مهدماً، مسحوقاً، ميتاً وهو حي! فداعبته لعلي أسمع الجديد عن مزايا بلدي، بعد تلك المدة الطويلة، لكنه قاطعني، قال لي: تمنيت لو بلانا الله بألف زلزال، وعاصفة، وإعصار، فكل ذلك أرحم من حكم البعث!

كلهم شركاء:

لست أدري لماذا لم يفكر أحد بتطبيق قرار 688، لم أفهم لماذا أهملتْه فرق المعارضة المختلفة! أنا أفهم لماذا عتَّم عليه صناع الحرب! فهناك غير ما سبب وجيه لديهم! لكنني لا أفهم لماذا عتَّمت عليه المعارضة! لو اتفق جميع أطراف المعارضة على المطالبة به لربما لم يجد بداً، صانع القرار الأوحد في العالم "بوش" من تغيير موقفه، أما وقد رأى المعارضة تتفق معه في أهدافه، فقد قدم قرار الحرب!

إذاً من المسؤول عن كل هذه التضحيات، كل هذا الدمار؟ أهو صدام ونظامه وحده! أم يشاركه المعتدون! أم هناك شريك ثالث هو المعارضة التي لم تعرف الاتفاق على هدف بسيط يجنب شعبها حرباً مدمرة بلا حدود!

يمين أم يسار!:

تجددت المظاهرات المعادية للحرب اليوم، كانوا يتوقعون أن يتظاهر في "نيويورك" نحو عشرين ألفاً، لكن العدد فاق كل التوقعات، أصبح مئات الآلاف، أما في شيكاغو فكانت متواضعة، لم تكن بحجم مظاهرات أول أمس، لكنها تحمل شيئاً جديداً، كانت على طرفي الشارع، فعلى رصيف الشارع بضع مئات، يرفعون شعارات مؤيدة للحرب، لبوش، وعلى الرصيف الثاني بضعة آلاف تعارض الحرب، شاهدت النوعين وابتسمت، سألتني ناشطة سلم كانت تقف قربي، لماذا تبتسم؟ قلت أنحن في اليسار أم في اليمين؟

قالت لي إن نظرت إلى مشرق الشمس فنحن في اليسار؟ وإذا استدرت إلى الخلف فنحن في اليمين.

ظللت أبتسم، وهززت رأسي لأفهمها إنني لا أعني الجهات، بل الاتجاهات، عندئذ أدركت قصدي، كانت تعرف رأيي بصدام ونظام حكمه، فنظرت في عيني لتدافع عن موقفها:

- أنا أعرف بوش! لا يمكن أن يكون في اليسار! لذا فقد اخترت موقفي عن قناعة!

فقلت لها:

- أنا أيضاً أعرف صدام، وهو لا يمكن أن يكون في اليسار قط، ولذا اخترت موقفي عن قناعة!

قالت: إذاً طريقنا مختلف! اذهب إلى حيث جهتك! قلت: لا. بل أنا متفق معك، ونحن في اتجاه واحد، ليكن شعارنا:

- لا للحرب! لا للديكتاتورية.

 









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب