الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ا عصام الزعيم ..أقتصاد السوق الاجتماعي مرهون بالكفاءةالاقتصادية واستقلالية النقابات وعقد اجتماعي جديد

كاسترو نسيّ

2006 / 4 / 20
مقابلات و حوارات


اقتصاد السوق الاجتماعي معادلة صعبة ولكنها مطلوبة، هو ليس نظاماً اشتراكياً بل نظام رأسمالي يقوم على تسوية تناقضية بين قوى السوق والقوى الاجتماعية.هكذا يقول الدكتور عصام الزعيم آخر وزير للتخطيط في سورية ووزير الصناعة الأسبق وصاحب مشروع الاستشراف المستقبلي الذي تم تصفيته بصورة تعسفية وهو يقدم لنا رؤيته حول اقتصاد السوق الاجتماعي وإمكانيات تطبيقه في ظروف سورية الراهنة بعد أن تبناه المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الحاكم.
■ قبل أن ندخل في مسألة اقتصاد السوق الاجتماعي، أرجو أن تضعنا في السياق الذي كان يجري فيه الإصلاح بدءاً من نهاية الثمانينات وحتى الآن؟
________________________________________

في منتصف الثمانينات دخلت سورية في أزمة عميقة، حيث انخفضت أسعار النفط إلى أرقام قياسية، وقُطعت المعونات العربية الخليجية في معظمها عن سورية إثر الخلاف على الحرب العراقية الإيرانية، وبسبب اختلاف سورية مع القيادة الفلسطينية ممثلة بشخص ياسر عرفات، حيث تم أخذ قرار من البرلمان الكويتي بقطع المساعدات عن سورية، إضافة إلى ذلك حصل جفاف استمر أربع سنوات، أدى إلى أن تستورد سورية مليون طن قمح سنوياً، هذه الأمور وضعت الدولة في حالة عجز عن ممارسة دورها في قيادة النشاط الاقتصادي، مما أدى بالدولة إلى فتح قطاع التجارة الخارجية أمام القطاع الخاص الذي أصبح يستورد بدلاً من الدولة، ثم دخل القطاع الخاص في الصناعات التحويلية المختلفة ماعدا صناعة (الغزل ـ النفط) هذا التوسع رافقه توسع في الاستثمار الخاص مع تراجع شديد في الاستثمار العام مما أدى إلى انقلاب موازين القوى حيث أصبح القطاع الخاص يستحوذ على ثلثي القيمة المضافة في قطاع الصناعة التحويلية، وفي هذا الوقت انهار الاتحاد السوفييتي ورافق ذلك اندفاع نحو تحرير الاستثمار حيث جرى إصدار قانون رقم 10 الذي أعطى القطاع الخاص مزايا تشجيعية و شهد هذا القطاع تدفقاً في السنوات الأولى ولكنه توقف في سنوات 96 ـ 97، وبدأ الانحدار في الاستثمار، وبدلاً من أن تشجع الدولة الاستثمار العام، فإنها استمرت في سياسة الانكماش ألإنفاقي، حيث لم يكن الاستثمار العام يتجاوز الـ 11% من معدل الناتج المحلي الإجمالي، والاستثمار الخاص لم يتجاوز استثماره الـ7% وبالتالي الاستثمار الإجمالي كان منخفضاً، الذي أدى بدوره إلى انخفاض النمو حتى أصبح يقارب الـ 0.6% في عام 2000 وهذا أقل من معدل النمو السكاني، هذا التطور حدث بسبب أن الإصلاح الاقتصادي لم يبن كمنهج ولم توضع له استراتيجية.
مشروع ومشروع مضاد
■ ماهي الرؤى الإصلاحية التي كانت مطروحة آنذاك؟
كتبتُ بالتعاون مع فريق وطني في العام 1990 مشروع استراتيجية للتعددية الاقتصادية والتنمية الصناعية وهذا المشروع حظي بتعاطف جهات عديدة أهمها نقابات العمال، وبالمقابل كان هناك مشروع قد وضع بالتعاون مع البنك الدولي بإشراف الاقتصادي السوري الدكتور «نبيل سكر» ولكن الإصلاح لم يطرح بشكل واضح إلا بعد عام 2000، قبل ذلك كانت هناك سياسات، جوهرها كان قائماً على تحرير الاقتصاد، ولم تكن مدرجة في استراتيجية للتحرير الاقتصادي، بل كانت هناك إجراءات تحدث هنا وهناك حسب الظروف الضاغطة.
الخلاف الأساسي كان حول هل يستطيع القطاع الخاص أن يحل محل الدولة، وإذا كان ذلك صحيحاً فمتى؟ وكان هناك من يقول بأن سورية تأخرت في الإصلاح الاقتصادي بسبب العوائق التي تحيط بالقطاع العام، وأن القطاع الخاص قادر على أن يحل محله وعلى قطاع الدولة أن يختفي لأنه لا يحقق المعايير الاقتصادية. ونحن كنا من الرأي الآخر الذي يقول بأن القطاع الخاص لايستطيع أن يحل محل الدولة، والمسألة ليست في المفاضلة بين القطاعين بل هي التأكيد على التعددية الاقتصادية التي يدخل فيها القطاع العام والخاص والمشترك والتعاوني، فالقطاع العام هو ضرورة تاريخية تنموية وليس فقط له دور اجتماعي، وأيضاً القطاع الخاص ضرورة تنموية، والقطاع التعاوني هام جداً خاصة مع تعميق الاندماج في الاقتصاد العالمي حيث يشتد التأثير السلبي للاقتصاد العالمي بسبب نظام السوق الذي يتميز بآلياته المعمقة للتفاوت في الدخول والاستقطابات الاجتماعية وتوريد البطالة المستمر وبالتالي القطاع التعاوني يعطي فرصة للفئات الضعيفة من أجل أن تبقى في السوق.
اقتصاد السوق الاجتماعي..
تسوية تناقضية
■ تبنى المؤتمر العاشر لحزب البعث صيغة اقتصاد السوق الاجتماعي كنظام اقتصادي للبلد، والسؤال الذي أود أن أطرحه: هل اقتصاد السوق الاجتماعي هو نظام اشتراكي أم رأسمالي؟
اقتصاد السوق الاجتماعي ليس نظاماً اشتراكياً، هو اقتصاد رأسمالي، ولكنه يقوم على التسوية بين قوى السوق والقوى الاجتماعية، ولكن هذه التسوية هي تناقضية بمعنى أنه كلما تعمق تطبيق نظام السوق قل الاهتمام بالإنفاق الاجتماعي، وكلما ازدادت التنمية الاجتماعية، تطلب ذلك إخضاع السوق لإشراف الدولة والمجتمع.
■ كيف يمكن الجمع بين ثنائية السوق والمجتمع في نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي؟
اقتصاد السوق الاجتماعي هو صيغة للتوفيق الصعب الذي تحقق تاريخياً في ظروف مختلفة، حيث جرى تطبيق هذا النظام في دول الاشتراكية الديمقراطية في أوروبا، مع أزمة الكساد الكبير واستفحال البطالة وانهيار الثقة بالنظام الرأسمالي،واشتداد النفوذ الفكري للشيوعية وبالتالي خطر استقطاب الطبقة العمالية الغربية من الأحزاب الشيوعية، حيث دفعت هذه العوامل بالرأسمالية في تلك البلدان إلى تقديم تنازلات هامة على الصعيد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للطبقة العاملة.
■ لكن السياق الحضاري والسياسي والاقتصادي في أوروبا كان مختلفاً عما هو في سورية الآن، في أوروبا كانت هناك أحزاب عمالية متماسكة ونقابات مستقلة، وقاعدة صناعية ضخمة سمحت بإقامة هذا النموذج؟
نعم، الأحزاب والنقابات التي قامت بتطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي كانت إما أحزاب الاشتراكية والشيوعية كما في فرنسا أيام تحالف الجبهة الاشتراكية أو في الدول التي كانت تحكمها أحزاب الديمقراطية الاشتراكية المتنورة كما في السويد وألمانيا والنمسا إضافة إلى حزب العمال في بريطانيا.
ولكن بعد أزمة الكساد العالمي وتهديد الأفكار الاشتراكية، اتجهت الرأسمالية نحو إقامة عقد اجتماعي اقتصادي بين العمال وارباب العمل بإشراف الدولة، حيث أصبحت الدولة مركزاً للتوفيق بين الاشتراكية الديمقراطية والمصالح الرأسمالية، وهذا الاتفاق كان نتيجة عاملين أساسيين، الأول درجة عالية من التطور الاقتصادي تسمح باقتسام الفائض الاقتصادي بين العمال وأرباب العمل، والثاني كان العامل الخارجي بهدف الهروب من خطر الشيوعية وطرح بديل عنها، وبالتالي تبني برامج أخذت من الشيوعية أشياء كثيرة، ولكن عندما انهار المعسكر الاشتراكي زال الخطر الخارجي ولم يعد هناك تهديد للعالم الرأسمالي، وفي الوقت نفسه دخلت الرأسمالية مرحلة توحيد السوق من خلال إزالة الحواجز الجمركية، وهذا الأخير أدى إلى اشتداد المنافسة بقوة، وبالتالي أصبح ضرورياً تخفيض التكاليف، وتخفيض تكاليف الإنتاج إما أن يتم على حساب التجديد التكنولوجي وهذا غير ممكن لأنه يحد من قدرة المنافسة أو يتم على حساب تخفيض الخدمات الاجتماعية، وهذا ماجرى ويجري وبالتالي حدث تراجع في إمكانية التوفيق بين المصالح المتناقضة لحساب قوى السوق، بدءاً من السويد حتى ألمانيا..
في سورية تصبح المسألة معقدة وصعبة لأن الإنتاجية منخفضة، ونحن نقوم بتصدير المواد الخام وشبه الخام، وهذه لا تعطي قيمة مضافة كافية، وبالتالي الإنتاج المحلي لايعطي فائض اقتصاد كافياً لتمويل التنمية الاجتماعية خاصة بعد غياب الدعم الاشتراكي بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، وفي ظل غياب الدعم العربي في الموارد الإنمائية، وبالتالي نحن في وضع يصعب علينا تطبيق هذا الشعار، وحتى يتم تحقيقه فإنه يجب الانتقال إلى مواقف أخرى عن طريق رفع معدل الاستثمار في القطاع العام والخاص على السواء، وبالتالي التركيز على تعددية أكثر فعلية وفاعلية مما يتطلب توسيع دور الدولة الاستثماري.
إصلاح ديمقراطي
في نظام الإدارة الاقتصادية
■ هذا يعني القيام بإصلاح سياسي قادر على إنتاج قوى تسمح بإقامة التوازن في المجتمع؟
نعم، لابد من القيام بإصلاح ديمقراطي في نظام الإدارة الاقتصادية وإلغاء القرارات البيروقراطية التي تعيق صنع القرار في القطاع العام، والاتجاه نحو الشفافية وتحييد الوظيفة العامة ضمن الولاء الوطني العام، والالتزام بمصالح الوطن، والمحاسبة على أساس الكفاءة والأداء وتفعيل دور النقابات، فأحد الاسباب الرئيسية في الهوة بين الأجور والأسعار هو أن آلية «التصحيح» لم تفعل دورها، حيث أن نقابات العمال لم تقم بالضغط على الدولة عندما تتعرض مصالح العمال للخطر مثل زيادة الأسعار مثلاًُ، وبالتالي فإن أي صيغة لتحقيق نظام اقتصاد السوق الاجتماعي يتطلب تفعيل الديمقراطية وتفعيل الدور المستقل لنقابات العمال والفلاحين، إلى جانب تفعيل ممثلي القطاع الخاص الصناعي، وأؤكد على أهمية التنظيم الديمقراطي المستقل لكافة فئات المجتمع.
■ ولكن اقتصاد السوق الاجتماعي يتطلب برجوازية وطنية صاعدة ومتطورة وقادرة على تحقيق معدلات نمو عالية تسمح بتمويل التنمية الاجتماعية، في حين أن جزء كبير من البرجوازية السورية هي برجوازية طفيلية وتتهرب من استحقاقاتها الاجتماعية مثل دفع الضرائب وتسجيل عمالها في التأمينات الاجتماعية؟
هناك بالفعل برجوازية وطنية وأخرى طفيلية، ولكن المجتمع دائماً ديناميكي وليس هناك توقف للتاريخ، وتجار اليوم يصبحون صناعيي الغد «وهذا حدث في أوروبا» والبرجوازية الطفيلية تسقط وتتحول إلى برجوازية غير طفيلية،وهذا التحول مرهون باعتبارات سياسية واقتصادية، فإذا كانت هناك تدابير لردع النشاط الطفيلي وتدابير لتشجيع النشاط الاقتصادي، فمن شأن ذلك أن يساهم بالتحول الاقتصادي لدى البرجوازية، وهذه البرجوازية يمكن أن تتطور أيضاً من خلال البيئة المحلية و الإقليمية وتطور السياسات الاقتصادية في سورية، فمثلاً الصناعيون كانوا يصدرون سلعاً رديئة إلى الاتحاد السوفييتي الذي كان يقبل بها في إطار اتفاقيات المقايضة، ولكن الأسواق الروسية الآن لاتقبل بسلع غير جيدة، وبالتالي أصبح الصناعيون السوريون يصدرون سلعاً أفضل، إذاً المعطيات العامة تتغير، ولكن مشكلة الأداء الضريبي قائمة، «فقاعدة السوق تقول: من يربح أكثر يدفع ضريبة أكثر، وعندما يربح السوق ولايدفع ضريبة يفسد السوق» وفي سورية نحتاج إلى تطوير برجوازية القطاع الخاص ودفعه باتجاه الخضوع للسياسات الاجتماعية وبالتالي فنحن نحتاج إلى عقد اجتماعي سياسي اقتصادي، ونحن بلد يريد أن يكون سيد نفسه وأن يستقل ويسترد أراضيه ونحن بلد نحتاج إلى تنمية اجتماعية، وبالتالي نحن نحتاج إلى دولة اجتماعية تفرض شروطها على فئات المجتمع كافة، وبالتالي النضال السياسي هو أن يكون كل فئة تعرف بأن لها حقوقاً وواجبات، فالقطاع الخاص من حقه أن يحصل على قروض مصرفية وأن يحقق أرباحاً، ولكن من واجباته أن يدفع الضريبة وأن يتكافل اجتماعياً مع فئات أخرى، وأن يحترم قانون العمل والتأمينات الاجتماعية، وهذا لايتم الآن، ولكن يمكن أن يتم، فالقضية هي قضية تصميم وإرادة، وأعتقد أننا نحتاج إلى تجميع صفوف القوى الوطنية الحية.
■ ألا تعتقد بأن قوى الأوليغارشية ستسعى إلى مزيد من التحرير للسوق بضغط احتياجاتها الداخلية؟
أعتقد أنه ليس هناك نظام أوليغارشي في سورية إلا في إطار ضيق، والنظام الاقتصادي ليس أوليغارشياً، هناك بعض القطاعات التي لها أوضاع خاصة تعرفها جيداً، ولكن المشكلة هي أن تحرير التجارة يعيق نمو الصناعة «على عكس مايقوله الليبراليون» والفرز يتم من خلال السياسات الاقتصادية ومن خلال تعديل المهام التاريخية، والمهمة الأولى هي أن تصبح الصناعة أقوى قطاع اقتصادي في سورية،وأن يصبح تحديث الصناعة وتعميقها وزيادة الاستثمار وفرص العمل الهدف الاول، ومن يساهم في ذلك فله دور، ومن لاتذهب مصالحه باتجاه هذا التوسع فهو خارج هذه المسألة.
■ هل الظروف العالمية التي تجنح نحو النيوليبرالية المتوحشة والاتفاقيات التي وقعتها سورية تسمح ببناء اقتصاد خاص بنا؟
اقتصاد السوق الاجتماعي هو معادلة صعبة ولكنها مطلوبة، والاندماج بنظام العولمة أمر لا خيار فيه، ولكن نموذج الاندماج هو الذي يحدد قدرتك على تحقيق نظام السوق الاجتماعي أولاً، وإذا تم التحكم في الاندماج بصورة متزايدة ومدروسة فإن ذلك يؤدي إلى تقليل التناقض بين السوق والتنمية الاجتماعية، وإذا لم تتمكن من التحكم بعملية الاندماج يحصل هناك ابتعاد في إمكانية تحقيق معادلة اقتصاد سوق وتنمية اجتماعية.
وانضمام سورية إلى منطقة التجارة العربية الحرة، لم يكن مدروساً، وكان يجب أن تكون هناك رؤية لمآل هذه المنطقة وغاياتها الاقتصادية وتأثيرها على الصناعات القائمة وعلاقاتها بالتكامل العربي، ولكن هذه المسائل لم تدرس، دُرست فقط مسألة تخفيض الرسوم الجمركية، ولكن في نطاق السوق يجري عادة بأن الصناعات الكبيرة تبتلع الصناعات الصغيرة، وتدفع بها نحو الإفلاس وبالتالي ما العمل؟ أنا في رأيي أن ننتقل إلى التنسيق والتخصص الإنتاجي، والتكامل من خلال ديناميكية الإنماء والدفع نحو مشاريع مشتركة إضافة إلى التعويض المرحلي لفترة زمنية محددة للصناعات التي يمكن أن تتضرر بشدة، ولكن هذا لا يتم، ومن هنا الخوف من ظهور النزعات الحمائية والانعزالية نتيجة صعوبة المنافسة، وهذا موجود في مواقف الجمعيات الصناعية واتحاد المزارعين في أكثر من دولة عربية، نزاع الصناعات البتروكيميائية بين مصر والسعودية، والنزاع السوري والمصري حول الغزل، والنزاع بين سورية والإمارات بشأن الزيوت النباتية، وهذا كله يتطلب إطاراً فكرياً يربط بين التحرير التجاري والتنمية الصناعية ومعالجة التنافس الصناعي القائم، وبناء مصالح مشتركة تتجاوز ماهو قائم قطرياً.
اصلاح القطاع العام
مسألة ليست خارج التاريخ
■ ولكن السؤال الهام: من سيقوم بالتنمية الاجتماعية؟
يكثر الحديث عن دور المجتمع المدني في التنمية، ولكن أنا أقول بأن النقابات لها دور أهم في المجتمع، مؤسسات المجتمع المدني تساعد على توسيع الديمقراطية والتشارك الاجتماعي ونقل أهداف الدولة الديمقراطية إلى الشعب، وأيضاً نقل مطالب الشعب إلى الدولة، ولكن ماهو توزيع القوى في المجتمع وماهي أدوارها؟
إلى جانب الحديث المتناقض عن رفع معدل النمو إلى 7%، يجري تراجع في الاستثمار العام وإصلاح القطاع العام، وإصلاح القطاع العام ليس مسألة خارج التاريخ ويمكن ذلك بوجود الإرادة السياسية، ولكن الإرادة السياسية غير كافية ولابد من إصلاح القطاع العام لأننا نحتاجه مثلما نحتاج إلى تفعيل القطاع الخاص، فتوسيع التعليم والصحة وبناء المشافي ومد الكهرباء ونشر شبكات المياه والصرف الصحي والمساكن التعاونية، كل هذه التدابير ترافقت مع نمو القطاع العام، وعندما تراجع القطاع العام تراجعت التنمية الاجتماعية، والقول بتحقيق معدل نمو 7% غير قابل للتحقيق ما لم يستند إلى قرار يجري تنفيذه برفع الاستثمار بمعدل 100%، وهذا يتطلب توسيع الاستثمار العام والخاص، وهنا نقع بالتلفيق عندما نقول باستبدال القطاع العام بالخاص، لأنه من سيمول التعليم والصحة والسكن وغيرها من المرافق، وبالتالي يحتاج كل ذلك إلى سياسة تدخلية قوية ومستندة على قاعدة شعبية، وتمارس ممارسة ديمقراطية وقائمة على مبدأ المحاسبة، وتملك الكفاءة الفنية.
■ هل يمكن الرهان على الرأسمال الأجنبي في مسألة الاستثمار؟
أنا لا أراهن على الاستثمار الأجنبي، والرأسمال الأجنبي محكوم باعتبارات اقتصادية وسياسية، ثم إننا لا نعاني من أزمة حادة في تمويل الاستثمار، نحن نعاني من سوء سياسات الادخار والاستثمار، وأعتقد بأن الرأسمال المحلي الخاص والعام يكفيان إذا أضفنا إلى ذلك الرأسمال المغترب، والمهارة في العمل الاقتصادي هو أن تختار الاستثمار في مواقع وقطاعات تأتي بقيمة مضاعفة اقتصادية مثل قطاع المعلوماتية والهندسة الوراثية، أي أننا أيضاً بحاجة إلى الاستثمار النوعي.
■ لماذا توقف مشروع الاستشراف المستقبلي الذي كنت تعمل عليه؟
بدأ تنفيذ المشروع منذ منتصف العام 2002، وتوقف تنفيذه في العام 2003، وكان من المفترض أن يستأنف تنفيذه في نهاية العام نفسه، ولكن هذا تأجل بسبب طرح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة تخطيط الدولة مطالب لجهة تغيير مضمون المشروع، ثم تم استقدام الخبير تلو الآخر حتى انتهى الأمر بسحب الموازنة وتصفية المشروع، وهذا أمر مؤسف لأنه يضر بمصلحة التقدم الاقتصادي في سورية،وكان يمكن أن يساعد على استشراف آفاق المستقبل،لكنه قد عُطل بصورة تعسفية ومضرة بالمصلحة العامة.


حاوره..كاسترو ونسىُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز