الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحساس..يجوز..لايجوز

اسماعيل موسى حميدي

2019 / 2 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إحساس .... يجوز .... لايجوز
.............................
د.اسماعيل موسى حميدي........الحوار المتمدن
بينما كنت في احدى المرات مستقلا سيارة الكية وهي متجهة صوب تقاطع الموال نهاية شارع فلسطين ببغداد،كان سائق الكية يستمع الى اغنية يا "حريمة" للمطرب حسين نعمة من مسجل سيارته،وكان يجلس في المقعد الذي بجانبي رجل ستيني العمر وهو يرتدي الزي العربي وعلى مايبدو هو من سكنة (مدينة الصدر حاليا )(مدينة صدام في زمن البعث)( مدينة الثورة في زمن عبد الكريم قاسم )....وكان ذلك في شهر محرم الحرام،وقد استفزت الاغنية هذا الرجل الستيني الامر الذي جعله يومئ بيده بحماس صوب سائق الكية ليدور بينهما الحديث الاتي:
الرجل يخاطب السائق: انت من الله ماتخاف من البشر هم ماتستحي
السائق بعد ان خفض صوت المسجل :شكو حجي خيرك
الرجل :احنا بشهر محرم وانت فاتحلي حسين نعمة
السائق:اذا انت ماتسمع غناء شلون عرفته حسين نعمة
الرجل: الناس تلطم وانت تسمع غنا عمي ميصير على الاقل احترم العبرية
السائق : هي اصلا اغنية حسين نعمة لطمية
وبعد ان ترجل هذا الرجل من السيارة وهو يتمتم بكلامات رفض مع نفسه، وقف سائق الكية مقابل احدى المواكب الحسينية وكان صوت احد (الرواديد) ينطلق بجمال من هذا الموكب بصوت عال ومؤثر..فراحت تتشابك في ذهني مقاطع وبحور شعرية بين لطمية مؤثرة تفيض بحزن حسيني مغدق وبين كلمات اغنية يا حريمة التي تفيض بعتب جنوبي موغل .
وفي تلك اللحظة تبادر الى ذهني تساؤل بشأن الفرق بين المقطوعتين، الاغنية واللطمية، من حيث القبل والرفض، الحلال والحرام، الجواز الشرعي وعدم الجواز. منذ تلك الحادثة وانا ابحث بعمق عن الحدود الفاصلة والبينية بين ما يسمى بالغناء بالمقام وبين مايسمى بالانشاد الديني او اللطمية مثلما تسمى شعبيا وتؤدى ايضا بنفس المقام .
عندما نتمعن في المقطوعتين، الاغنية والانشاد، فانهما قد توافقتا في الكلمات والاداء والمقام ...مقطوعتان لشاعرين يعبران عن مسافات انطباعية شعورية لهما بحزن او بفرح.تم تخريجهما بمقام واحد وبانسيابة تستميل اذن السامع وتفزز مشاعره ..
اذا كان شخص يغني موالا حزينا يستذكر به امه وهو يبكي ،وشخص اخر ينشد وهو يستذكر اخرته فيشعر بالخشية وهو يبكي ايضا، فما هو الحد الشرعي بين شخصين متأسيين يعبران عما بداخلهما بصوت شجي من مقطوعتن يخضع الصوتيم اللغوي فيهما الى نوتات موسيقية واحدة .الاول يسمى نشيدا والاخر يسمى غناء....انا أسال فقط.
يتفق علماء الدين الاسلامي على جملة اسباب شرعية يحرمون بموجبها الغناء منها ان الاغاني تشغل الانسان عن ذكر الله سبحانه وتعالى وهي وسيلة الى الزنا فهي تحرك كوامن الشهوات وهي من نوازع الشيطان ولايمكن لانسان ان يحمل في قلبه حب الرحمن وحب الشيطان معا.وهذه حقيقة خصوصا اذا كان الغناء لهوا وتميعا وتطبيلا.
ولكن، هل ثمة حدود اجرائية ملموسة تحدد ممسكات الحلال والحرام .بين المقطوعتين.ام الموضوع يتوقف عند احساسات او شعور داخلي يتعلق بطبيعة كل فرد في التعامل مع هكذا نوع من الاشياء ،مثلا شخص ينظر لامراة فاتنة لكنه لم يدع لزيغ الشيطان مكانا في قلبه او يحرك هواجس الحرام بداخله...فهل الموضوع يتحدد بـ (احساس) او نية .انا أسال فقط
وهل يوجد غناء متطرف وانشاد متطرف، بمعنى ، هل يوجد انشاد متطرف لدرجة تمييعه لطرف الغناء ،وهنا هل يجب ان تحرم ..وهل يوجد غناء متطرف يقترب من الانشاد وهنا هل يجوز عدم تحريمه . مثل نعي المطرب داخل حسن بـ (يمه يا يمه) بموال شجي يؤديه وهو يبكي ،وغالبا ماتردده (الملايات) كثيرا.أنا أسال فقط.
انا ليس بصدد استثارة مسألة حساسة عند الكثير او اعطاء رأيي في قضية شرعية لا علم لي بها ولا هي من اختصاص بحثي ..ومعاذ الله في ذلك .. لكن من حقي ان أبحث عن جواب لسؤال يدور في فضاء مفتوح.فيه انقسم الجمهور الى صنفين يجوز ..ولايجوز.
خصوصا واننا لايمكن ان نغادر فن المقامات الكبير الذي طالما يبدع به قراء القران الكريم من خلاله وهو يمثل ركنا اساسيا في القراءة عندهم.
يقال ان رجال الدين في الجامع الازهر بمصر كانوا يدخلون دورات طويلة عند الموسيقار فريد الاطرش لكي يضبطوا المقامات واحوالها وحسن ادائها لانها علم كبير ويحتاج الى دراسة وكثيرا ما كانوا يستمعون الى صوته وصوت محمد عبد الوهاب ويتعلمون طريقة الاداء الصحيح في المقامات .
فكان القارئ عبد الباسط عبد الصمد يشتهر بمقام العجم والنهاوند..والقارئ محمد صديق المنشاوي يشتهر بمقام الحجاز،ومحمود الحصري بمقام النهاوند وابو العينين شعيشع مقام الرست وبيات. وهم اجادوا في ذلك بصورة لم يسبقهم احد في التاريخ.
مقطوعة فريد الاطرش هذه جاءت باداء كبير ومميز بمقام الدشت وهذا الذي استوقفني لنشرها وليس من دافع ثان..وهي من فلم زمان ياحب الذي انتج سنة 1973 مع الممثلة التي اعتزلت مبكرا ..زبيدة ثروت...
ونعود الى يا حريمة، فالمطرب حسين نعمة الذي ترك الغناء واتجه الى الرسم ليعبر به عن صور احساساته بعد ان تهالك صوته وتهدمت حنجرته وراحت ريشته العبثية تخط تجاعيد حبيبته العشرينية بعد ان شاخت و لم يمرها (العشك) كما كان يذكر في كلمات اغنيته الشهيرة التي كتبها له الشاعر ناظم السماوي وهو في سجن نقرة السلمان .
هل تتناغم احساسات حسين نعمة بنسختها السبعينية مع فيض احساس الفنانة زبيدة ثروة وهي بهيئتها السبعينية ايضا والتي كثيرا ما افتتنت جمهورها وهي تفيض بغنج العشرين.. ربما احساسهما هذه المرة سيكون اجابة عن فواصل امضينا كثيرا نبحث عنها في هذا المقال، بين الحلال والحرام، بين يجوز ولايجوز، وبحسب ما يمليه احساسهما ما بعد عقد السبعين، بعد ان تعرت المرحلة عندهما من زيغ الشيطان وتحدرا بغلبة العقل نحو الذات الانسانية التي غالبا ما تتمرد على نفسها في فورة الشباب.....وبالنهاية سيكون الاثنان متفقين على يا (حريمة))...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة