الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من طرزان إلى رامبو

خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)

2006 / 4 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


لكل أمة بطلها التي تظهر شخصيته من خلال الفنون الشعبية كمسرح أو سينما أو رواية. وتتكون شخصية البطل من الوجه الثقافي والاجتماعي لقومية ما. وفي مجتمعات أخرى قد يلعب البطل دور الموجه السياسي للعامة، حيث يكون الوسيلة المعبرة لشريحة ما. وربما يكون البطل السياسي هو المادة الكيميائية التي تغسل أدمغة الأجيال الناشئة. وبالطبع تتغير هذه الشخصية بتغير البنية السياسية في بلد ما. وهكذا فقد تميز البطل الأمريكي " الانكليزي" عبر الزمن رغم أنه تطور من شخصية طرازان إلى شخصية رامبو فقد حافظ على الجوهر السياسي الذي مازال يسيطر على الأفلام التجارية في الولايات المتحدة الأمريكية. فقبل الحرب العالمية الثانية لم تكن الولايات المتحدة إلا الدولة الناشئة من بين الدول الرأسمالية ولم تكن بالقوة التي هي عليها الآن.
فقد تعاملت شخصية طرازان مع القارة الأفريقية دون غيرها من المناطق في العالم، فأفريقيا بالنسبة للأوربي غابة المغامرات، فقد استوطن في أفريقيا وبدأ يكّون لنفسه سلطة سياسية، حيث اضمحلت في وقتنا هذا وانحسرت في جنوب افريقية . وتعدد ت شخصية طرازان وتعددت مهماته أيضا. وربما تبدأ القصة بأن طرازان قد شب على أيدي حيوانات افريقية متوحشة، فالغرابة أن تلك الحيوانات التي لم تألف أهلها الأفارقة الحقيقيين، قد ألفت هذا الشاب الوسيم، ولعب لونه دورا حاسما على القبائل الإفريقية التي حوله، رغم أن طرازان قد عاش في الغابة مع الحيوانات ، فيستغرب المرء قوة الذكاء الخارقة التي يتمتع بها، فهو ذو مبادئ إنسانية وبطل عادل وحر، هذا هو طرازان الذي انتقلت أفلامه لمعظم أنحاء العالم وخاصة دول العالم الثالث.
ومن الواضح أن التدخل الأوروبي الأبيض في افريقية له مبرراته، وهو التنوير والتبييض بالطريقة الأوروبية الاستعمارية، ولا يغرب عن البال أن تلك الفترة قد تميزت بالاستيطان حيث لجيء الاستعمار في التأثير على الشعوب من خلال الاحتلال العسكري. وفي أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بدأ الاستيطان الغربي في بلدان العالم الثالث. فقد أثرت أفلام طرازان على الأطفال والبالغين بشكل أو بآخر حيث تركزت تلك المؤثرات على ثلاث مفاهيم :
1). الشعوب الأفريقية هي مجتمعات بربرية وغير متحضرة.
2). وجود الأوروبي هام لغاية التحضّر والتنوير.
3). حلول الرجل الأبيض يعني ارتياح كلي وأمن داخلي .
وجلس الصغار والكبار يتابعون مغامرات طرازان في غابات افريقية غير عابئين بجذوره، أو وجوده في القارة السوداء. وعندما تخطى العالم الحرب العالمية الثانية، حيث تميزت هذه الفترة ببروز الولايات المتحدة كقوة جديدة. وخاصة بعد أن هزمت اليابان حيث غدت البطل الذي لا يقهر. فإذا كان طرازان على أيام بريطانيا ومستعمراتها، فهو لم يعد مقنع لأذواق الأجيال الحالية، وأخذت تلك الشخصية تتطور وتتنوع في الأفلام والقصص الأمريكية، وهذا بسبب الوجود العسكري والتغيرات السياسية في معظم دول العالم الثالث. فلم تعد السيطرة العسكرية أسلوبا للاستغلال، بل غدت السيطرة الاقتصادية بوساطة البنوك العالمية والهيمنة السياسية بواسطة السيطرة على النخبة السياسية. ولكن التقلص الذي باتت عليه الولايات المتحدة من دول العالم الثالث أخذ يزعجها ويقلق سعادتها، فهي مستعدة لشن حروب دامية ضد الشعوب التي تعصي أوامرها وتخرج عن مدارها، وبعد انتصار الثورة الفيتنامية والثورة الكوبية وإيران وثورات كثيرة معها، أخذت ثقة الولايات المتحدة تتقهقر، فهي تكره هذا الواقع الذي جعلها شيطان ضعيف، ولإشباع تلك الرغبات المفقودة أخذت تصنع لنفسها صورا جديدة، ومن تلك الصور كانت أفلام رامبو وغيرها. وخرجت شخصية رامبو لتعبر عن ذلك الحقد تجاه العالم الثالث، فرامبو يذهب إلى فيتنام ويعود منتصرا، ويذهب إلى لبنان ليقضي على الإرهابيين، فهو منتصرا دائما. ومن أجل سيطرة عملية، فقد وضعت الولايات المتحدة ركائز لها في كل مكان يتكلمون لغتها ويعبرون عن مصالحها. إلا أن الثورات اكتسحت كثير من البلدان بثورات شعبية وأخذت عشرات الرامبوات تظهر في الأفلام الأمريكية باحثة عن سيطرة في العالم. وظهر الإنساني العربي في السينما الأمريكية غير متحضر وهمجي، معتد على الأحرار في العالم.
وبات العالم الحر في نظر الولايات المتحدة مهددا من قوتين الاتحاد السوفيتي في السابق والإرهابيين العرب الآن. وامتلأت المكتبات حول قصص البطل الأمريكي سواء اسمه رامبو أو غيره. وهي تنتصر في أفلامها على الإرهابيين والدكتاتوريين في العالم. وبذلك غدت الحارث الأمين في العالم الحر الديمقراطي، وفي كل مرة يهدد هذا العالم الحر بالثورات الشعبية تقف الولايات المتحدة مهددة هذا العبث والفوضى اللاقانونية جنبا إلى الدول الغربية. وفي الواقع لو سألت أمريكا عن المرادف عن العالم الحر، سيكون الجواب التواجد الأمريكي والسيطرة السياسية والاقتصادية. ومع مرور الزمن أخذت شعوب العالم الثالث تعي هؤلاء الحكام ودورهم في خدمة العم سام وعرفت الطريقة المناسبة للقضاء عليهم. والآن مازالت هذه الشعوب مستمرة في العمل على تحطيم أسطورة رامبو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتهاء الاجتماع الثلاثي بالقاهرة.. و-شرط- لتشغيل معبر رفح| #


.. بعد محاولة حظره.. ترامب ينضم إلى «تيك توك»




.. هيئة البث الإسرائيلية: نتنياهو أبلغ شركاءه في تحالفه أن احتم


.. شرطي أمريكي يعلّق دبوسًا لعلم إسرائيل أثناء تفريقه مسيرة مؤي




.. البطاقة الزرقاء تفضح ازدواجية معايير أوروبا.. ما القصة؟