الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية ... الطاعون الجديد

جاسم هداد

2006 / 4 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


رغم مرور اكثر من اربعة اشهر ، ولا زالت الكتل السياسية تراوح في مكانها ، غير عابئة بما يعانيه الشعب العراقي ، وكأنه قدر لهذا الشعب ان يخرج من نفق ليدخل نفقا آخر لا يقل قتامة من نفق النظام البعثي الفاشي ، زحفت الجماهير العراقية نحو صناديق الأقتراع متحدية القوى الأرهابية والتكفيرية وادلت بأصواتها ، وفاقت نسبة المشاركة الأنتخابية بلدانا مستقرة من الناحية الأمنية ، وذلك من اجل انهاء الوضع الأنتقالي الأستثنائي ، من اجل ان يروا بصيص نور وامل بعد فترة ظلام لأكثر من خمسة وثلاثين عاما ، من اجل تشكيل حكومة دائمية ، تضع في مقدمة اهدافها معالجة تردي الخدمات .

ورغم مرور اكثر من اربعة اشهر على الأنتخابات النيابية ، والأوضاع تسير من سئ الى أسوأ ، فالخدمات تردت الى معدلات لم يسبقها مثيل ، والوضع الأمني صار يصعب الحديث عنه ، فالعاصمة بغداد تحكمها الميليشيات والتي لا احد يعرف لمن ولاؤها ، الجثث الملقاة في الشوارع والمزابل صارت مسلسلا يوميا ، الساكنون بغداد ( بإستثناء المنطقة الخضراء المحمية امريكيا ) ، يحمدون الله صباحا عندما يجدون انفسهم احياءا يرزقون ، ولسان حال الناس يصرخ عاليا لا نريد شيئا الا الأمان ، وبدلا من رسم الخطط والبرامج لعودة الملايين من العراقيين الذي تركوا البلاد بسبب ظروف القهر والقمع الصدامي ، يلاحظ خروج العراقيين بالآلاف يوميا من بلدهم الى دول الجوار .

كل هذا يحدث ولم يهز ضمائر ونخوة السياسيين الطائفيين ، ويبدو انه لا يتوفر لهم الوقت الكافي لمعالجة الكوارث التي يمر بها شعبنا ، فهم مشغولون بكيفية زيادة ارصدتهم المالية في البنوك الخارجية ، وكيف يتم تفسير قيام الف ومائتي شاحنة بتهريب النفط الى دول الجوار ولم يتم اتخاذ اجراء بالحفاظ على ثروة البلد ومحاسبة المقصرين ، وكيف يجرؤ امرء او عصابة بتهريب هذا العدد من الشاحنات ( الله وأكبر !!! ) من دون دعم واسناد من مسؤولين كبار في الدولة ، وكيف تم تهريب مائتي شاحنة من قافلة الشاحنات رغم اكتشاف السرقة وحجز هذه الشاحنات .

كل هذا الخراب الذي يحصل في بلدنا وسياسي المرحلة الطائفية يسلكون بكل وقاحة سلوك الطاغية صدام بالتشبث بالكرسي ، غير مقدرين لهذا الشعب تضحياته ، منافقين بالأدعاء بأنهم يناضلون من اجل مصلحة الشعب العراقي ، وما يجري الآن كشف حقيقتهم وبان ادعائهم .

تنقل شاشات الفضائيات انتقادات السياسيين للطائفية ،وكل منهم يرمي الآخر بتهمة الطائفية ، وبعض هؤلاء كثيرا ما تباكوا انهم ضحية الطائفية ، ولكنهم عندما تسنت لهم الفرصة في ان يكونوا قاب قوسين او ادنى من تسلم كرسي المسؤولية ، كشفوا عن طائفيتهم المقيتة ، واعلنوا ان هذا المنصب يجب ان يكون لهم لكونهم ينتمون لهذه الطائفة المعينة وان هذا الكرسي هو من استحقاقها ، ضاربين بعرض الحائط ما جاء في دستور البلاد من ان المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات ، داقين اسفينا في جسم المجتمع العراقي في تعميقهم لهذا التقسيم الطائفي ، والذي لو قدر له النجاح فسيكون اشد خطورة من مرض الطاعون .

الطائفية التي فرضها الأمريكان في مؤتمر لندن ، واعادوا تثبيتها في مؤتمر صلاح الدين ، وكرسوها عند تشكيلهم لمجلس الحكم ، ثم تم التعامل معها وكأنها امر واقع مفروغ منه عند تشكيل الحكومة المؤقتة وكذلك في الحكومة الأنتقالية ، ويتقاتل الطائفيون الآن من اجل جعل المحاصصة الطائفية عرفا او قانونا في تشكيل الحكومات العراقية ، ومع الأسف انهم عارفون بأن ذلك اشد خطرا من الطاعون على مصير البلد ، ولكنهم عن ذلك زائغون ، وهو جيدا يدركون ان الظروف الحالية التي يمر بها وطننا والأجواء الملبدة بالازمات والصعوبات والمفخخات والقتل اليومي التي يعيشها شعبنا ، تتطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية تقام على اساس الحوار والتوافق الوطني واعلاء قيم المواطنة .

الا يستحق شعبنا المكافأة على صبره وانتظاره ؟ ، الا يشكل كل ذلك حافزا للسياسيين العراقيين للأرتقاء الى مستوى المسؤولية، وان يتم الاسراع في تهيئة الاجواء الايجابية لانعقاد جلسة مجلس النواب وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، بدون محاصصة طائفية مقيتة وبعيدا عن الاستئثار والهيمنة والتهميش ، حكومة تتسع للجميع ، وتوفر امكانية المساهمة الواقعية في تحمل المسؤولية .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكافآت خيالية للمنتخب العراقي بعد التأهل للأولمبياد... | هاش


.. تحدي القوة والتحمل: مصعب الكيومي Vs. عيسى المعلمي - نقطة الن




.. ألعاب باريس 2024: وصول الشعلة الأولمبية إلى ميناء مرسيليا قا


.. تحقيق استقصائي من موريتانيا يكشف كيف يتم حرمان أطفال نساء ضح




.. كيف يشق رواد الأعمال طريقهم نحو النجاح؟ #بزنس_مع_لبنى