الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلاغ صادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في 31 كانون الثاني - 1 شباط 2019

الحزب الشيوعي العراقي
(Iraqi Communist Party)

2019 / 2 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يومي الخميس ٣١ كانون الثاني والجمعة الاول من شباط ٢٠١٩ اجتماعها الاعتيادي في بغداد.
وبدأت اللجنة المركزية أعمالها بالوقوف دقيقة صمت تكريما لشهداء الشعب من المكافحين ضد داعش والارهاب، ولضحاياهما الآخرين وللرفاق والاصدقاء الذين رحلوا عنا منذ اجتماعها السابق.
و لمناسبة قرب حلول يوم الشهيد الشيوعي (١٤ شباط) استذكر الاجتماع باعتزاز وفخر كبيرين شهداء الحزب، مشيدا بما اجترحوا من مآثر وما قدموا من تضحيات.
وفي مناسبة الذكرى الـ ٨٥ لتأسيس الحزب، التي تحل آخر آذار المقبل، حيا الاجتماع الرفاق والاصدقاء جميعا، داعيا الى إحياء الذكرى على نطاق واسع، وإقامة مختلف الفعاليات والنشاطات، ومواصلة الزخم الذي أطلقته وثائق وقرارات ونداءات المؤتمر الوطني العاشر (١-٣ كانون الاول ٢٠١٦) نحو تحقيق المزيد من النجاحات، وتوسيع صفوف الحزب وقاعدته وشبكة اتصالاته وعلاقاته، وتطويرها باستمرار، خاصة في صفوف النساء والشباب والطلبة.
ودرس الاجتماع باهتمام كبير تقارير عدة عن عمل الحزب وهيئاته القيادية ولجنة الرقابة المركزية والمختصات المركزية والمنظمات الحزبية، في الفترة منذ الاجتماع السابق للجنة المركزية (آب ٢٠١٨).
وثمّن المجتمعون عاليا دور هيئات الحزب ومنظماته ورفاقه وأصدقائه وجماهيره، ومساهماتهم متعددة الاشكال في اعلاء شأن الحزب وتنمية دوره، وتعزيز علاقاته مع الجماهير والفئات الاجتماعية المختلفة، وفِي التعريف بسياساته ومواقفه. كما جرت الإشادة بما قدموه جميعا في الحراك المطلبي والجماهيري والاحتجاجي.
وتوقف اجتماع اللجنة المركزية عند أداء الحزب وما رافقه من نجاحات ومن ثغرات، ومواصلة الجهود لتطويره وبناء منظمات فاعلة وديناميكية وذات صلات جماهيرية واسعة، ومؤهلة للإسهام بنشاط في الحركة الجماهيرية المتنامية والارتقاء بدورها، ورفع وتيرة الضغط الشعبي لتلبية مطالب الجماهير العادلة، والمضي قدما على طريق الاصلاح والتغيير.
وفي ظل اجواء من الشفافية والديمقراطية، اعادت اللجنة المركزية بالاجماع انتخاب الرفيق رائد فهمي سكرتيرا لها، والرفيق مفيد الجزائري نائبا للسكرتير، كما انتخبت مكتبها السياسي.
وفي معرض دراستها للأوضاع السياسية في بلادنا وما يحيط بها من مستجدات على الصعيدين الإقليمي والدولي، اكدت اللجنة المركزية ان التطورات الداخلية تشير باستمرار الى عبث التشبث بإدارة البلاد وحكمها، وفقا للنمط والطريقة اللتين اتبعتا منذ عام ٢٠٠٣. وتؤكد الحقائق ان الإصرار على ذلك لا يجلب الا المزيد من الصعوبات والمشاكل والأزمات، ومن ضياع الوقت والجهد والمال. وان هذا هو فِي النهاية وبمعنى من المعاني، إسهام متعمد في تأخر البلاد وتخلفها، وفي استمرار شقاء ومعاناة شعبها.
وظهر هذا جليا في ما شهدته بلادنا من حالات استعصاء، عند التوجه الى عقد جلسة البرلمان الاولى بعد انتخابات أيار ٢٠١٨ وانتخاب رئاسة البرلمان والجمهورية، وعند تسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة التي ما زالت غير مكتملة حتى الآن، بعد مرور ما يزيد عن تسعة اشهر على الانتخابات البرلمانية.
ان الأزمة العامة البنيوية التي تعصف ببلادنا، وحالات الاستعصاء السياسي المتكررة، والفشل في بناء الدولة وإدارتها وتخليها عن العديد من مهماتها، الناجم اساسا عن الصراع المحتدم بين القوى المتنفذة على السلطة والثروة والنفوذ، وحول شكل ومحتوى الدولة العراقية الجديدة التي بدأت تتشكل بعد 9/4/2003، والصعوبات الجمة الاقتصادية والمعيشية والخدمية، وفقدان الرؤية التنموية، والاعتماد على تصدير النفط الخام وما يرافق ذلك من تقلبات حادة في أسعاره ومن توجهات ليبرالية، اضافة الى ثقل التدخلات الخارجية في شؤون بلدنا، التي ما برحت تثير قلق المواطنين على مستقبل بلدهم وتطوره اللاحق، والقدرة على السير في طريق التقدم والازدهار وضمان حياة كريمة لائقة للمواطن العراقي راهنا وللأجيال القادمة .
ان إعدادا متزايدة من المواطنين صارت تدرك مخاطر استمرار كل هذا على حاضر البلاد ومستقبلها، ومعها قوى وطنية تشاركها همومها وتطلعها الى احداث نقلة نوعية في الحياة السياسية، عبر السير على طريق التغيير والإصلاح. فذلك هو المخرج المرتجى والمعول عليه في إنقاذ البلاد مما هي عليه من صعوبات وإشكاليات. وان يمس ذلك في الجوهر أس البلاء – المحاصصة المقيتة، ويؤمّن عبور المرحلة الانتقالية لصالح بناء دولة المواطنة والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية .

ظواهر في الحياة السياسية
شهدت الفترة الماضية في بلادنا استمرار العديد من الظواهر السياسية القديمة المتجددة، والجديدة المستحدثة. وكان بين البارز منها حالة الفرز الحاصلة بين القوى والكتل السياسية، بما يسمح بالقول عموما ان نمطين من التفكير والتوجه هيمنا على المشهد، خاصة بعد انتخابات أيار ٢٠١٨.
فهناك القوى والكتل المدركة أهمية وضرورة الاصلاح، واستحالة استمرار الحال، مستجيبة بذلك لأصوات جماهيرية هادرة، ترفض استمرار الحكم وفقا لما هو سائد وما هو متبنى من أسلوب ونمط تفكير وآليات إدارة. ومن بين هذه القوى الحزب الشيوعي وتحالف سائرون.
وهناك قوى اخرى تصر على آلية الحكم السابقة وتتشبث بها، ورغم انها خففت الى حدود معينة من خطابها السابق وراحت تتبنى مفاهيم ومقولات لا تنسجم مع طبيعة تكوينها وخلفيتها السياسية والفكرية، فانها لم تمسّ في ما تعلنه جوهر الأزمات والبلايا – نظام المحاصصة الطائفية والاثنية. وهي تبرر ذلك بدواعي الاستحقاق الانتخابي، لكنها سرعان ما تعود الى متبنياتها بخصوص "المكونات" وتحقيق التوازن المطلوب بينها، دافعة الى الخلف كل ما تتحدث به عن المواطنة. وهي تعمل بنحو واضح على حصر تمثيل " المكونات " بها، والذي غالبا ما تختزله الى تمثيل احزاب وقوى وأشخاص.
وان من بين اسباب ذلك الاساسية، ادراك الاطراف ان هذا الطريق هو ما يؤمّن لها نفوذها ويديمه، فنراها تقاتل من أجل استمراره، غير مكترثة بما سببه من مشاكل وازمات. فالمهم بالنسبة اليها هو مصالحها، التي تبقى فوق كل اعتبار. وهذا ايضا يرتبط بطبيعة تلك القوى والأحزاب، التي لم تتشكل على وفق سياق اساسه الحاجة السياسية، ويتبنى برنامجا سياسيا ملموسا يسعى الى تنفيذه.
وفِي هذا السياق ورغم حالة استقطاب القوى والكتل السياسية والتحالفات التي تبلورت في كتلة الاصلاح والإعمار وكتلة البناء، لم يتمكن اَي من الطرفين من القول انه هو الكتلة الأكبر، وان يحسمها لصالحه رغم تقديم طلبات رسمية بشأن ذلك. ومن بين اسباب ذلك حالة الصيرورة والحراك والانقسام التي مر بها ويمر معظم الكتل السياسية، كذلك التقاطعات الكبيرة في المواقف وآليات العمل، بما في ذلك حالة الاختلاف الحاصل في اقليم كردستان بين قواه وأحزابه.
وارتباطا بهذا، وبدلا من اللجوء الى تحديد الكتلة الأكبر وفق تفسير المحكمة الاتحادية المثير للجدل، رفضا او قبولا، جرى اللجوء الى التفاهمات والتوافقات بين الكتل الرئيسة، التي تعرضت هي الاخرى الى بعض الاختلالات.
وان ما حصل ليس بعيدا عن التدخلات الخارجية السافرة والفجة في شؤون وطننا، وسعي اصحابها الى ترتيب البيت العراقي على وفق ما يريدون ويشتهون، وما يخدم مصالحهم هم. واللوم كل اللوم يقع هنا على عاتق تلك القوى العراقية، التي استمرأت الأمر وجعلته عاملا من عوامل الصراع الداخلي، تستقوي به وتستعين عند الحاجة.
ومن اللافت ايضا هذا الحديث عن شراء واسع للذمم والمناصب، ودفع الملايين والمليارات من اجل الحصول على هذا الموقع او ذاك، ما يلقي بظلال من الشك على الشخصيات التي تدور حولها الشبهات، وعلى ما يمكن ان تنهض به. وهو اختبار لها وللكتل التي تنتمي اليها، ولمدى جدية الشعارات التي ترفعها حول التصدي للفساد، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب. كما انه يلقي بثقله على عمل الحكومة والبرلمان.
وبالنظر الى ما افرزته الانتخابات من نتائج غير حاسمة بشأن موازين القوى، ظهرت على نحو بارز وربما اكثر من أي وقت مضى، ظاهرة انتقال النواب من كتلة الى اخرى، من دون اَي اعتبار للكتل التي فازوا في الانتخابات تحت عناوينها.
ورغم الوعود التي أطلقت بالتدقيق والتحقيق في ذلك، لم يتحقق شيء ملموس، وحتى القضاء والمدعي العام لم يحركا ساكنا.
وإزاء هذا وبسبب حالة الانقسام وعدم التوافق، خاصة بين الكتل السياسية الرئيسة، فقد تنافس عدد من المرشحين على رئاسة مجلس النواب وعلى منصب أحد نوابه وعلى رئاسة الجمهورية، وهو امر لم يكن مألوفا حتى الآن، فيما حصل التوافق والدعم المتعدد للسيد عادل عبد المهدي لتولي منصب رئاسة مجلس الوزراء.

تشكيل الحكومة الجديدة
في الحملة الانتخابية لمجلس النواب تبنى الحزب وتحالف سائرون برنامجا إصلاحياً، وجرى التشديد على ان تحقيق البرنامج يتطلب أساسا قيام حكومة منسجمة وقوية، تتمتع بدعم وقاعدة سياسيين واجتماعيين واسعين، وتكون مؤهلة لتنفيذ برنامج اصلاحي حقيقي، يخرج البلاد من نهج المحاصصة الطائفية والاثنية، ويعتمد التوجه نحو محاربة الفساد وتجفيف منابعه وعوامل اعادة انتاجه، ومعالجة مسألة السلاح خارج اطار الدولة، وضمان استقلالية القرار الوطني العراقي، والنهوض بالاقتصاد الوطني والقطاعات الإنتاجية: الصناعية والزراعية والخدمية، والحد من الاعتماد على موارد النفط الخام المصدر، وتوفير الشروط المناسبة للاستثمار، والسير على طريق بناء دولة المواطنة والقانون والمؤسسات والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية .
فمن شأن تبني ذلك واعتماده ان يوفرا الضمان للانطلاق على طريق الخروج بالبلد من الأزمة العامة الشاملة التي تكبله.
وفِي هذا السياق جرت الدعوة الى اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة والوطنية والمهنية في إسناد الوظيفة العامة عموما، وفِي تشكيل الحكومة الجديدة، والنأي بها عن المحاصصة، وضرورة اقتناع أعضائها بالاصلاح الحقيقي، وبالقدرة على تنفيذ البرنامج الحكومي، والعمل على إنجازه في سقوف زمنية محددة. فيما يتوجب ان يكون الجميع على قدر عال من المسؤولية، وعلى اطلاع ودراية ومعايشة لما يعانيه البلد من مشاكل وازمات، وقدرة على تقديم البدائل للمعالجة، وحرص على تقديم المصلحة العامة على مصالحهم الخاصة والمصالح الضيقة لاحزابهم وكتلهم. مع الإدراك ان ذلك ليس امرا سهلا، وان الطريق الموصل اليه ليس مفروشا بالورود، بل يحفل بأشكال مقاومة عديدة، اولا بسبب موازين القوى غير الحاسمة، وثانياً بفعل العرقلة من جانب المنتفعين من النهج السابق، وما يوفره من امكانات البقاء في مواقع مؤثرة في الدولة وفي صنع القرار، وما يشكله من غطاء للفساد والفاسدين، فضلا عن التدخلات الخارجية المتواصلة.
وإزاء الاوضاع الراهنة التي يعيشها البلد، وكثرة الصعوبات والتعقيدات والتدخلات، وتباين الاتجاهات داخل الكتل السياسية وفي ما بينها وحتى تعارضها في شأن منهج تشكيل الحكومة، فقد جاءت ولادتها عسيرة وعبر نوع من"عملية قيصرية "، لذلك حملت العديد من مظاهر النقص والقصور الى جانب ما هو إيجابي يتمثل في وجود وزراء يتمتعون بالخبرة والمؤهلات والتجربة المشهودة. لذا عُدّ التشكيل اخراجا جزئيا للحكومة من نهج المحاصصة المدمر. فهو لم يبعث رسائل تطمين كافية الى المواطنين، الذين يتطلعون الى تغيير يرقى الى مستوى معاناتهم اليومية.
وشهد تشكيل الحكومة صراعا حاميا بين منهجين، ألقى بظلاله على ولادتها. ففي حين تخلت كتل سياسية عدة، وفي المقدمة سائرون، عن استحقاقها الانتخابي، فِي مسعى لكسر المحاصصة وتقاسم المناصب، ولكي تفسح في المجال للرئيس المكلف ان يختار وزراءه، تشبث آخرون بالاستحقاق. وتجلى الصراع بوضوح اكبر عند التوجه الى استكمال التشكيل. ورافق مجمل العملية الكثير من الأحاديث والأقاويل بشأن وزراء تحوم حولهم شبهات متنوعة، وحول بيع للمناصب، لكن لم يتم التدقيق في ذلك في اتجاه النفي او التأكيد وفقا للإجراءات الدستورية والقانونية. وانه لامر غير مقبول ان تبقى مثل هذه القضايا المهمة معلقة، مخلفة آثارها في صدقية الحكومة ومشككة في قدرتها على تحقيق خطوات وانجازات لصالح المواطن، بما يمهد لولوج طريق الاصلاح الحقيقي الذي تريده الناس وتنتظره.
وفِي هذا السياق لابد من التشديد على استكمال تشكيل الحكومة وفقا للمعايير التي توافقت عليها الكتل السياسية الرئيسة، والابتعاد عن شخصنة الامر كون الموضوع لا يتعلق بهذه الشخصية او تلك، خصوصا عند تعلق الامر بوزارتي الداخلية والدفاع، بمكانتهما في المنظومة العسكرية والأمنية والمهام الكبيرة الملقاة على عاتقيهما دستوريا ودورهما في مكافحة داعش والارهاب، واهمية ان تتولي المسؤولية فيهما عناصر كفؤة ومهنية ومستقلة بعيدة عن الانتماءات الحزبية.
من جانب آخر يتوجب الا يكون عدم استكمال التشكيلة الحكومية ذريعة للهروب الى امام من استحقاقات مطلوبة على الصعيدين التشريعي والتنفيذي، وعلى الصعد السياسية والاقتصادية والخدمية وغيرها، بما في ذلك التوقف مليا عند عملية الاصلاح، وفِي المقدمة اصلاح النظام السياسي وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس حديثة وسليمة ومنهجية ووطنية، تعتمد الكفاءة والمهنية والنزاهة، وتبتعد عن تحزيب مؤسسات الدولة بشقيها المدني والعسكري وعن المحاصصة الطائفية والاثنية. وان المدخل الى ذلك هو اعتماد المواطنة وعدم التمييز بين العراقيين لأي سبب او اعتبار. كما يتوجب على الحكومة تقديم برنامجها الكامل استنادا الى المنهاج الحكومي، الذي قدمه رئيس الوزراء الى مجلس النواب ونال على اساسه الثقة، وكان المطلوب إنجاز ذلك خلال ١٠٠ يوم من تشكيل الحكومة. فتنفيذ هذا البرنامج بسقوفه الزمنية هو المعيار للحكم على ادا ء الحكومة وتقويمه.
ان الحكومة مطالبة كذلك بإعادة بناء الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، والتوجه الجاد نحو معالجة ما تراكم من اشكاليات طيلة الـ ١٦ سنة الماضية. فعليها ان ترتب أولوياتها بما ينسجم مع حاجات الناس الملحة، خاصة منهم ذوي الدخل المحدود والفقراء والمهمشين والكادحين، واستنهاض الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره المالية، وفتح ملفات الفساد قديمها وحديثها. كما ان عليها اعتماد وتنفيذ تدابير عاجلة للتخفيف من معاناة الناس المتفاقمة، وتحسين اوضاعهم وظروف معيشتهم وحياتهم اليومية. ومن ذلك توفير الماء الصالح وتجهيز الكهرباء وتأمين الخدمات البلدية وتوفير البطاقة التموينية وتحسين مفرداتها وتوزيعها، وضمان الرعاية الصحية والعلاجية الدوائية المجانية، والعناية الفائقة بالتعليم على مختلف مستوياته والمحافظة على مجانيته، كذلك ما يخص السكن والنقل وتوفير فرص العمل.
ان عامل الزمن مهم، وهو غير مفتوح خصوصا وان فترة غير قصيرة مضت على تشكيل الحكومة (٢٤ تشرين الاول ٢٠١٨) وانها وعدت في منهاجها الحكومي ان تقدم على خطوات ملموسة، تشعر المواطن وتطمئنه على انها تسير بخطوات مدروسة نحو تلبية حاجاته.
ومن جانبنا سوف ندعم كل اجراء تقدم عليه الدولة ومؤسساتها وسلطاتها الثلاث، ينطوي على ما فيه مصلحة للناس، وخدمة للوطن وتقدمه وازدهاره وتحقيق أمنه واستقراره وسيادته الكاملة وقراره الوطني المستقل. وسنعارض ما يتقاطع مع مشروعنا الوطني الديمقراطي، ومع الانحياز الى المواطنين والكادحين منهم بشكل خاص.

مجلس النواب وأداؤه
حملت انتخابات أيار ٢٠١٨ دماء جديدة الى مجلس النواب بينها عديد من فئات اجتماعية كادحة، وتقاسمت مقاعده كتل سياسية عدة، من دون ترجيح كبير وحاسم في موازين القوى. وترك هذا التطور، اضافة الى حالة التقاطع بين الكتل السياسية في التوجهات، وفي منهجية العمل ونمط التفكير وآلية الإدارة ومدى قربها او بعدها عن هموم الناس وتطلعاتهم، اثره على عمل المجلس وترتيب أولوياته.
ولا شك ان الناس يهمها عمل المجلس واداؤه لمهامه التشريعية والرقابية، وهي تتطلع الى ان يكون قريبا منها ومتبنيا لمطالبها وساعيا الى تلبية احتياجاتها وتطمين تطلعاتها، لا سيما الضرورية والملحة، وان يسعى الى وضع مصالح الشعب والوطن العليا فوق اي اعتبار اخر.
ومن المؤكد ان هذا لن يتحقق من دون تنظيم آليات عمل المجلس الداخلية على نحو افضل، لجهة المزيد من الشفافية وتقديم المثل في الالتزام والتقيد بالأعراف البرلمانية والديمقراطية والرقي في النقاش والجدل، وصولا الى الأحسن والانفع للناس وللبلد. وفِي هذا السياق فان المجلس مطالب باعتماد التقنيات الحديثة في العد والفرز عند التصويت على القرارات ومشاريع القوانين وغيرها.
كما ان المجلس مطالب بتغيير الصورة النمطية عنه لدى المواطنين، واعادة ترميم الجسور معهم واستعادة الثقة المفقودة جراء ما تراكم من ثغرات وسلبيات وخلل في عمل المجالس السابقة، ومن تلكؤ واضح في عملها وقلة انجاز قياسا الى الحاجة الفعلية لتطوير المنظومة التشريعية ودورها الرقابي على عمل مؤسسات الدولة وادائها. فيما كان المواطن وما زال يتوقع ان يقوم النواب ومجلسهم، بعمل اكثر ملموسية في مكافحة الفساد والمفسدين، وتقديم المتورطين الى القضاء، وتقديم المثل في الحفاظ على المال العام. وفِي هذا السياق تأتي قضايا رواتب النواب وامتيازاتهم، وضرورة واهمية رفض غير المبرر منها. كذلك مسألة الحمايات التي يستغرب المواطن ان لا تكون من ضمن وزارتي الدفاع والداخلية، فالطريقة التي يستلم النائب فيها رواتبهم تثير المزيد من اللغط، الذي يتوجب ان توضع له نهاية، الى جانب أعدادهم الكبيرة نسبيا. وهذايشمل ايضا الرئاسات الثلاث والوزراء وذوي الدرجات الخاصة كافة.
ان حصيلة الفصل التشريعي الاول متواضعة قياسا الى ما يتوجب القيام به، حيث لم يتم إقرار غير قانون موازنة 2019، ولم يستكمل تشكيل اللجان البرلمانية وانتخاب رؤسائها، بما لذلك من انعكاس على دور المجلس، خاصة الرقابي.
والمنتظر والمرتجى ان يسهم المجلس في دعم المشروع الاصلاحي، والاسراع في اقرار قوانين العدالة الاجتماعية، وإجراء التغييرات والإصلاحات الضرورية في النظام السياسي واستكمال بناء مؤسسات الدولة الاتحادية، وتعزيز الديمقراطية والتمتع بالحريات الدستورية، وتوفير الفرص المتكافئة للعراقيين في كافة ارجاء الوطن. كذلك تفعيل الدور الرقابي للمجلس.
الحراك الشعبي والجماهيري والمطلبي
انطلق الحراك الاحتجاجي الجماهيري منذ شباط ٢٠١١ باعتباره وسيلة مهمة للممارسة الديمقراطية والدستورية والمعارضة الشعبية، وللضغط في اتجاه تحقيق التغيير والاصلاح الحقيقي على نطاق واسع. ونشأ الحراك على خلفية الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلادنا، رافضا اسسها الكامنة في المحاصصة، ومطالبا بالإصلاح وإعادة بناء النظام السياسي على وفق معايير وأسس مختلفة عن التي اعتمدت منذ نيسان ٢٠٠٣. وقد اتخذ منذ بدايته موقفا كامل الوضوح ضد الفساد ورموزه، وضد من يحميهم ويدافع عنهم.
وتجلت الأزمة الشاملة في ظواهر عدة مست حياة الناس مباشرة، وكانت بمثابة الشرارة التي أشعلت نار الغضب والاحتجاج المتواصلين حتى الآن بصيغ واشكال عدة. فقد تبنى المحتجون مطالب الناس واحتياجاتهم ورفعوها، وقدموا تضحيات كبيرة دفاعا عنها، وسقط منهم شهداء أبرار غدوا مفخرة للحركة الاحتجاجية ولشعبهم.
لقد وقف المواطنون وتظاهروا وما زالوا في ساحة التحرير ببغداد ونقاط اخرى في مدن ومحافظات الوطن، احتجاجا على تردي الخدمات وتدهور الاوضاع وسوء الإدارة ونقص الكهرباء والماء، واتساع نطاق البطالة بين الشباب خاصة من الخريجين، وعدم صرف الرواتب والأجور ومن اجل توفير فرص العمل.
ويسجل للحراك الجماهيري بتنوع اشكاله، قدرته على الاستمرار والتواصل والعطاء. ذلك ان أساسه المادي ما برح يشكل عاملا محفزا على المزيد منه بمظاهر عدة، فيما راحت رقعته الجغرافية تتسع وتمتد الى الأحياء والقطاعات والمناطق السكنية. ويسجل دخول ملفت للنقابات والاتحادات المهنية على الخط، وشمول الحراك قطاعات اجتماعية ومهنية متعددة. كما جرى العديد من الفعاليات الاحتجاجية في مناطق ريفية مختلفة، رافعة شعارات ومطالب عادلة تتعلق بدعم الفلاحين والمزارعين، وصرف استحقاقاتهم عن المحاصيل التي يسوقونها للدولة. تضاف الى ذلك الحركات الاحتجاجية للطلبة والخريجين وأصحاب العقود والعاملين بأجر يومي. فيما نحت حركات اخرى منحى متميزا ضد الخصخصة وبيع مؤسسات الدولة، كما حصل في شركة الصناعات الجلدية ببغداد مثلا .
ان جذوة الحراك باقية ما بقيت عوامل وأسباب اشتعالها، وقد حافظ هذا الحراك عموما على سلميته ودستوريته رغم بعض الخروج المحدود وغير المقبول عن ذلك. ويعد هذا مكسبا كبيرا، ويسجل له عدم انجراره الى العنف الذي مارسته ضده قوى مختلفة في السلطة، وكان شديدا وقاسيا في حالات كثيرة ولا مبررله سوى هلع المتنفذين الخائفين عَلى سلطتهم ونفوذهم القائمين على الباطل وسرقة المال العام.
ان حركة الاحتجاج بما حملت من شعارات ومطالب، وبغض النظر عن إعداد المساهمين فيها وحالة الصعود والهبوط في مسارها، كان لها دور ملموس في وضع مطالب الاصلاح والتغيير على الطاولة، وقد ساهمت بنطاق واسع في توعية المواطن وتشجيعه على الدفاع عن حقوقه المشروعة التي كفلها الدستور، فكانت بحق صوت المعارضة الشعبية المتنامية. وهي بهذا شكلت دعما جليا لدعاة الاصلاح الحقيقيين، وكانت ضمن عوامل محفزة على وصول عدد منهم الى عضوية مجلس النواب.
ان حركة الاحتجاج وهي تنطلق أساسا من تبني حاجات الناس ومطالبهم، قد تتعرض الى ضغوط جراء تحميلها في بعض المناطق ما يتجاوز طاقتها في لحظة زمنية معينة، او بسبب محاولات البعض ادخالها في ممرات ضيقة نفعية خاصة، ودفعها الى تبني مطالب انعزالية. وهذه كلها تضرّ بالحركة وتعرقل انجذاب المزيد من الناس اليها والمساهمة فيها.
وفِي هذا السياق ايضا تبرز الحاجة الى الوعي الكامل بانها حركة اجتماعية واسعة متنوعة مفتوحة لمشاركة اوسع الفئات والقطاعات، وانها ليست حكرا لجهة او طرف معين. ومن هنا فان الاسهام فيها مفتوح لكل من يتفق مع ما ترفعه من شعارات ومطالب، تتغير حسب الظروف والأحوال والحاجة. ومن هنا ايضا تأتي ضرورة حسن إدارتها ووعي الناشطين فيها بذلك، واختيار الشعارات الملائمة والخطاب المناسب، وتنويع أشكال الحراك ومده الى ساحات اوسع.
ان اوضاع بلدنا العامة ومراوحة الكثير من الملفات في مكانها، وحالة البطء والتلكؤ في الاستجابة لمطالب الناس وتلبية احتياجاتهم الاساسية، تجعل امكانات تجدد الحركة الاحتجاجية وتنوع اشكالها ونهوضها على نطاق واسع امرا ممكنا، مناطقيا وقطاعياً وعلى صعيد البلد عامة، خصوصا وان الاصلاح الشامل وهو المطلب العام لجماهير شعبية واسعة، لم يتحقق بعد رغم الإرهاصات الملحوظة.

تحالفات الحزب وعلاقاته
حدد الحزب في مؤتمره الوطني العاشر (١-٣ كانون الاول ٢٠١٦) كونه يناضل من اجل إقامة دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وتحقيق العدالة الاجتماعية، وان الطريق المفضي الى ذلك يمر عبر تغيير موازين القوى لصالح المشروع الوطني الديمقراطي، وان هذا يتطلب نضالا متواصلا ومتراكما، وتحالفات واصطفافات وطنية عابرة للطوائف.
وشدد المؤتمر على اهمية وضرورة تحقيق الاصلاح الحقيقي والشامل تحقيقا للتغيير في البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مبينا عزم الحزب على العمل بمثابرة لتحقيق اصطفاف شعبي وسياسي واسعين، دعما للاصلاح والتغيير ولحشد المزيد من القوى المتبنية لهما والداعمة.
واسترشادا بالوجهة اعلاه جاءت مبادرات الشيوعيين ونشاطاتهم في حلقات ودوائر عدة، من ضمنها التحالف في سائرون، الذي ولد من رحم الحركة الاحتجاجية الجماهيرية.
وتتوجب الإشارة الى ان التحالفات والائتلافات هي بالنسبة للحزب تعبير عن حاجة موضوعية لا عن رغبة ذاتوية، وان غايتها هي تحقيق هدف او مجموعة اهداف مشتركة، آنية او تغطي مرحلة قد تمتد فترة زمنية طويلة نسبيا. فهي بعبارة اخرى مطلوبة لتحقيق هدف يحتاج الى قوى تفوق ما يمكن للحزب تأمينه في مقطع زمني محدد.
وقد نهضت امام الحزب مجموعة من الأهداف والتوجهات، التي تتطلب حشد المزيد من القوى لتحقيق الهدف الأساس، وهو كسر احتكار السلطة وتغيير موازين القوى، وصولا الى نبذ المحاصصة الطائفية ومكافحة الفساد والتصدي للارهاب والتطرف، وتحقيق اللحمة الوطنية وفتح آفاق رحبة واعدة على طريق بناء دولة المواطنة والقانون والمؤسسات والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وان الحزب وهو يتوجه الى بناء تحالفاته ويسعى الى توسيع دائرة المشتركات، فانه يحرص على الحفاظ على استقلاله السياسي والفكري والتنظيمي، وممارسه حقه في تبيان آرائه ومواقفه في القضايا غير المتوافق عليها.

استنهاض التيار الديمقراطي
وفِي هذا السياق يواصل الحزب جهده غير المنقطع لإعادة الحياة والحيوية والنشاط والفاعلية الى التيار الديمقراطي، ببعديه الاجتماعي اليساري والديمقراطي. وقد ساهم ومنظماته بفاعلية في الاجتماع التشاوري لتنسيقيات التيار الديمقراطي في الخارج، الذي عقد في لندن، كما بادر عدد من محلياته في المحافظات الى تنشيط تنسيقيات التيار فيها. ومن جانب آخر تواصل قيادة الحزب عقد لقاءات مع قوى وأطراف التيار، ومنها التيار الاجتماعي الديمقراطي.
وتستهدف هذه اللقاءات الوقوف عند تجربة التيار على صعيد المركز والتنسيقيات، وما مر به من صعوبات، واستخلاص الدروس منها لمباشرة انطلاقة واعدة جديدة، والتوجه نحو تفعيل عمل المكتب التنفيذي واللجنة العليا للتيار والتهيئة لعقد مؤتمره الوطني الثالث، بالتشاور والتنسيق مع لجانه التنسيقية.

لقاء القوى المدنية
وبمبادرة من بعض الاحزاب والقوى المدنية بضمنها حزبنا الشيوعي، انطلق ايضا، السعي الى تنسيق وتوحيد جهد وعمل القوى والشخصيات المدنية التي يجمعها عدد من المشتركات، منها التطلع الى إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة، دولة مواطنة ودستور وحياة برلمانية وتداول سلمي للسلطة، وتجريم الاٍرهاب والتطرف والتكفير والفساد.
وبعد تحضيرات واسعة ومشاورات بين الاطراف المعنية، التأم يوم ١٠ تشرين الثاني ٢٠١٨ في بغداد لقاء تشاوري لهذه القوى تحت شعار "توحيد عمل القوى المدنية الضمان الحقيقي للدولة المدنية الديمقراطية". وقد حضر اللقاء ١٩ حزبا وحركة، وصدر عنه بلاغ ختامي. وانتخبت الاطراف لجنة للمتابعة انتظمت اجتماعاتها، وقامت بمشاركة قوى مدنية اخرى بالتحضير للقاء تشاوري للشخصيات المدنية. وقد انعقد هذا اللقاء بالفعل يوم ١٢ كانون الثاني ٢٠١٩ بحضور ما يزيد عن ٤٥٠ شخصية. ومن المقرر ان تتواصل الجهود لتوسيع دائرة المشاركة من القوى والشخصيات المدنية، وان يجري التحضير لعقد المؤتمر العام الذي تشكلت لجنته التحضيرية في اجتماع القوى المدنية الوطنية يوم ٢٦ كانون الثاني ٢٠١٩.

تحالف سائرون
وعلى الأهداف والتوجهات التي سبقت الاشارة اليها اعلاه جرى التوافق مع اطراف سائرون الاخرى. وما زالت هذه الاهداف في العديد من جوانبها قائمة تنتظر التحقيق، فالهدف كان وما زال ليس مجرد الوصول الى البرلمان وتحقيق حضور وثقل جيدين فيه، وهذا مهم وقد تحقق الى حدود غير قليلة بالنسبة لسائرون في انتخابات أيار ٢٠١٨، وانما كان المطلوب وما زال تحقيق طموحات الناس وتأمين احتياجاتهم وتلبية مطالبهم.
ان تحالف سائرون بما يحمله من مشروع اصلاحي يعكس رغبات المواطنين يبقى بارقة الامل في حياة افضل. وان تحقيق هذا يتطلب - من بين أمور عدة - نهوض التحالف بدوره على الصعد التشريعية والتنفيذية، وانتظام اجتماعات هيئاته القيادية وأمانته العامة وتفعيل مختلف لجانه التخصصية، وتوفير الظروف لإسهام كافة أطرافه في رسم توجهاته واتخاذ قراراته.

العلاقة مع الفضاء الوطني الواسع
انطلاقا من ظروف بلدنا وما يتسم به من تعددية سياسية وفكرية، واحتراما لهذا وذاك، ينفتح حزبنا على كافة الاحزاب والقوى الوطنية العراقية الاخرى،التي تتقاسم معه الهم الوطني المشترك وتعمل على إنقاذ البلد مما هو فيه اليوم، وتتطلع الى حياة آمنة مستقرة كريمة يسود فيها العدل والقانون والمساواة، بعيدا عن التطرّف والإقصاء والتهميش والتكفير والتمييز بين المواطنين، وتعتبر الحوار البناء السلمي تحت سقف الدستور سبيلا لحل الخلافات ان وجدت.
وفي هذا الاطار يعمل الحزب باستمرار على تعزيز علاقاته مع الاحزاب والقوى الكردستانية ايضا، التي يتقاسم معها المشتركات والتطلعات الوطنية والديمقراطية وبضمنها ما يخص مصالح شعب الإقليم .
وقد اشرت الفترة الزمنية السابقة منذ انتخابات 12 أيار 2018 المساحات الواسعة، سواء في عمل سائرون ونشاط القوى المدنية والديمقراطية او مع غيرها من الكتل والأحزاب السياسية، في التحرك المشترك لمعالجة قضايا سياسية محددة وذات ابعاد اجتماعية ايضا.
وان الحزب ومنظماته ورفاقه، وهم يعملون ضمن دوائر مختلفة ومتعددة، على يقين راسخ بعدم وجود تعارض وتقاطع بين تلك الدوائر، فهي مكملة لبعضها طالما أن الهدف واضح ومحدد، وآليات العمل منسجمة معه.

نحو حملة وطنية لمكافحة الفساد
لقد بات واضحا ان الفساد مستشر في كل مفاصل الدولة، وقد غدا ظاهرة سياسية- اقتصادية – اجتماعية تتفاقم باستمرار، وتتعدد أشكال تجليها وتتنوع. فإلى جانب غياب تكافؤ الفرص بين المواطنين في اشغال الوظيفة العامة، وتحوّل هذه الوظيفة الى سلعة تباع وتشترى، وشيوع الرشى والنهب المنظم للمال العام، وتزوير الشهادات، وتهريب العملة الى الخارج وغيره مما يرافق مزاد العملة، والتهرب الضريبي عبرالفساد، وعدم السيطرة على المنافذ الحدودية وضبط مواردها، والغش في ادخال البضائع المستوردة ، وسوء استخدام السلطة لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية، وهدر أموال الدولة بأشكال مختلفة وبضمنها المقننة، كذلك سوء التخطيط للمشاريع وما يسببه من اهدار للأموال.. إلى جانب هذا وغيره طفا على السطح الكثير من الظواهر الاخرى، لعل اخطرها بيع مناصب الدولة العليا والمتاجرة بها، وهذه بشكلها الذي يحصل في بلادنا ظاهرة غير مسبوقة في العالم. فيما يتواصل الحديث على نطاق واسع عن استمرار تهريب النفط في محافظات عراقية عدة، وتتورط فيه كتل سياسية متنفذة تحميها أذرع مليشياوية مسلحة، حسب العديد من التقارير. والى جانب هذا هناك الاستحواذ على أراضي وممتلكات الدولة وعقاراتها بطرق ملتوية، وحتى "مقننة" احيانا، ويجري اللجوء في سياق ذلك وعلى نطاق واسع، الى المركز الوظيفي والقوة. كذلك الاستيلاء عنوة على ممتلكات ودور المواطنين، وخاصة من المهجرين والمهاجرين، بل وأجبار البعض على التنازل عنها تحت طائلة التهديد بالقتل.
ولعل من ظواهر الفساد الكبيرة تعطيل الإنتاج الوطني، خاصة في الصناعات البتروكيماوية، واستمرار انفاق مليارات الدولارات على استيراد الطاقة الكهربائية والغاز بأعذار ومبررات واضحة الأهداف والمرامي والمقاصد.
وهذا غيض من فيض الجرائم التي ترتكب يوميا على مرأى ومسمع السلطات والاجهزة الرقابية والحكومية والتشريعية والقضائية، فيما لا يزال البعض يبحث عن "الأدلة" وهوكمن يجادل في " جنس الملائكة ".
ان توفر الارادة السياسية الصادقة لمحاربة الفساد هو احد اعمدة محاربته، وفي هذا الشان تقع على عاتق مؤسسات الرقابة والتصدي للفساد، ومنها ديوان الرقابة المالية، هيئة النزاهة، دائرة المفتشين العموميين، دائرة الادعاء العام، النواب الذين يتبنون الاصلاح والإعمار والتغيير منهجا لهم، مسؤولية القيام بواجبهم في الكشف عن كافة حالات الفساد، قديمها وحديثها، وتوفير الادلة الثبوتية وتقديمها الى القضاء ليقوم بدوره.
كما تلعب الرقابة المجتمعية، متمثلة في أوساط الرأي العام والإعلام والاتحادات والجمعيات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، دورا لا غنى عنه في الكشف عن الفاسدين.
ويبقى القضاء النزيه غير المُسيس الجهة الحاسمة آخر المطاف، في اصدار الاحكام القانونية بحق الفاسدين والمفسدين، وردع من يساهم ويساعد على انتشار الفساد في الدولة او في المجتمع.
ان الانتصار في هذه المعركة لا يقل اهمية عن الانتصار العسكري الكبير المتحقق على داعش والارهاب، وهو سيوفر امكانات مالية تمس حاجة البلد اليها.
ان معركة التصدي للفاسدين والمفسدين بما يملكه هؤلاء من إمكانات وتداخلات مع اصحاب القرار والمتنفذين والمافيات المليشياوية لن تكون سهلة، وان الحد منها والانتصار فيها يتطلب حشد قدرات كل العناصر والطاقات الوطنية، الرسمية والشعبية، واطلاق "الحملة الوطنية لمكافحة الفساد" قولا وفعلا، في حملة اجراءات وخطوات ملموسة. وهذا يتطلب ايضا ضمان سيادة حكم القانون وإقامة دولة المؤسسات واحتكارها للسلاح.

انتخابات مجالس المحافظات
تعطل اجراء انتخابات مجالس المحافظات أكثر من مرة. ورغم ان المفوضية العليا للانتخابات العائدة الى العمل بعد تجميدها من قبل الدورة السابقة لمجلس النواب، حين كان يوشك ان ينهي فترته الدستورية، قد اتخذت عدة خطوات استعدادا لتنفيذ هذا الاستحقاق، وحددت موعدا اوليا لذلك في ١٦-١١-٢٠١٩، فان الامر لم يقر بعد رسميا، فيما يجري الحديث عن نية ادخال تعديلات على قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية، بعد ان استبعدت النواحي من الانتخابات.
من جانب آخر يدور جدل وتطرح آراء بشأن هذه المجالس ومدى الحاجة اليها، وهناك من يطالب بإلغائها ويبرر ذلك بحجج منها التساؤل عن المنجز الذي حققته، رغم ما توفرت عليه من امكانات وما رصد لها من أموال.
ولا شك ان هذه المجالس عانت من تلكؤ واضح في ادائها، ومن ضآلة في المتحقق الملموس من عملها، اضافة الى قضايا الفساد التي اثيرت على بعض أعضائها، وسيرها في العمل على وفق الآليات ذاتها المستندة الى المحاصصة، وهيمنة المتنفذين وسيطرتهم عليها، وسعي العديدين من اعضائها لخدمة احزابهم وكتلهم وتحقيق منافع شخصية، على حساب تقديم خدمات الى المواطنين. يضاف الى ذلك فشل العديد من مشاريع المحافظات ضمن الأموال المرصودة لتنمية الأقاليم. ولعل هذا هو ما يدفع البعض الى المقارنة بين إيجابياتها وسلبياتها، التي تطغي فيهاالاخيرة، لذا يسارع الى الدعوة لتقليص دورها او الغائها. لكن هل هذا هو الحل؟ وهل الإشكالات والصعوبات هي وحدها الدافع وراء ذلك؟ وهل ينعدم وجود مثل هذه السلبيات والنواقص والثغرات في السلطات الثلاث، وفي مختلف مؤسسات الدولة، المدنية والعسكرية؟
لا جدال في اهمية مجالس المحافظات، وفي تزايد دورها ارتباطا بنقل العديد من مهام وواجبات الوزارات الاتحادية اليها، من خلال تنفيذ قانون المحافظات المعدل رقم (21). فيما يزداد باستمرار ما يوضع تحت تصرفها من أموال، وهي مطالبة بان تكون قولا وفعلا، بجانب ادارة المحافظة، حكومات محلية بمعنى الكلمة تمارس مهامها وفقا للدستور والقوانين ذات الصِّلة. ومن اجل تحقيق ذلك، تحتاج هي الاخرى الى تأهيلها وتمكينها من التعامل مع الصلاحيات المنقولة اليها، ومن إصلاح بنيتها وادائها جديا. ويكمن المدخل الى ذلك في تشريع قانون انتخابي عادل، ترفع منه اية حواجز تحول دون تنوع التمثيل وتعدده فيها، بما في ذلك شروط العمر والشهادة. وهذا يشمل آليات العد والفرز وتقسيم المقاعد، التي يتوجب ان لا تضيّع صوت الناخب، الذي يجب ان يذهب فعلا الى من يختاره.
ومع اقتراب موعد هذه الانتخابات تتوجب الاستعانة بالخبرة المتراكمة في الانتخابات السابقة، وعلى الأخص انتخابات مجلس النواب الاخيرة، وما افرزته من حقائق ودروس، كي يتم ضمان التمثيل السليم، وان تضم ضمن عضويتها الاكفأ والأجدر والنزيه، وان تكون انتخابات ديمقراطية حقا، تتمتع بالصدقية والنزاهة.
وفِي هذا السياق ولملاقاة هذا الاستحقاق الانتخابي، فان هناك دورا كبيرا منتظرا للحزب ومنظماته ورفاقه في ضمان تمثيل الحزب، بما يليق به وبدوره وما ينتظره الناس منه.

الوجود العسكري الأجنبي
في اجواء التوترات الراهنة في المنطقة والتطورات الحاصلة في سوريا والصراع الدائر بين امريكا وإيران، وانعكاس ذلك كله على ما يجري في بلدنا، اثيرت من جديد قضية الوجود العسكري الأجنبي في بلادنا وعلى الأخص الامريكي.
ان حزبنا من القوى الرئيسة التي رفضت أساسا اللجوء الى الخارج والاستعانة به عسكريا، للخلاص من النظام الدكتاتوري المقبور. وعندما وقع الاحتلال الامريكي لبلادنا، عملنا مع غيرنا من القوى السياسية على إنهائه واستعادة السيادة العراقية كاملة.
وفِي خضم المعركة ضد داعش والارهاب اضطرت الحكومة العراقية الى الاستعانة بالدعم اللوجستي والتدريب، وفي توفير الغطاء الجوي للقوات العراقية المسلحة.
وقد أكدنا مرارا موقفنا الواضح من الوجود العسكري الأجنبي وبناء قواعد في بلادنا، وميّزنا بين هذا وبين حاجات المعركة ضد الاٍرهاب والتي لم تنته فصولها تماما.
وفِي هذا السياق فان التطلع هو الى تمكين القوات العراقية على اختلاف صنوفها، من القدرة على إنجاز المهام المكلفة بها دستوريا، في حفظ امن وسيادة واستقلال البلاد والدفاع عن مصالح الشعب والوطن. وان انجاز هذه المهمات وثيق الصِّلة بتقوية وتعزيز الوحدة الوطنية، وتوطيد عمل مؤسسات الدولة، واستكمال بنائها الدستوري .
ولا بد من الإشارة هنا الى رفضنا أي تدخل خارجي في شؤون بلدنا من اية جهة او طرف، وتشديدنا على ان يحترم الجميع حقوق العراق ومصالحه وسيادته وقراره الوطني المستقل.

قضايا اجتماعية - اقتصادية
في هذا الشأن يتوجب تأشير القضايا الآتية:
• على مدى السنوات الماضية ومنذ ٢٠٠٣، قادت السياسة الاقتصادية والخيارات المعتمدة من طرف الدولة وغياب الخطة المتسقة للتنمية المستدامة على خلفية الأزمة العامة في البلد، الى تعميق المشاكل البنيوية للاقتصاد العراقي وسمته الاحادية الريعية. ويوما بعد آخر يزداد الاعتماد على عوائد النفط الخام المصدر الى الخارج، والذي يجعل اقتصادنا وبلدنا في المجمل اسير التقلبات في أسعار النفط عالميا. حيث تشكل تلك العوائد بحدود ٩٠ في المائة من ايرادات الموازنة العامة، واكثر من ٥٠ في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
في الوقت نفسه يسجل انحسارا واضحا في الواردات غير النفطية، وهو ما تؤكده مساهمات القطاعات الصناعية التحويلية والزراعية والخدمية الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي، فهي بمجملها لا تسهم باكثر من ١٠-١١ في المائة.
وجراء سوء الإدارة وفقدان الرؤية الاقتصادية العلمية السليمة واستشراء الفساد في مؤسسات الدولة وفِي المشاريع الاستثمارية خصوصا، جرى تبديد موارد مالية واقتصادية هائلة. وهي خسائر ليس في المال فقط، بل في الجهد والوقت الضائعين وعدم الاستفادة من تلك المشاريع التي تشير المعطيات الى ان بعضها كان وهميا، والكثير منها اما فاشلا او لم يكتمل بناؤه، وهي بمجملها تزيد على ٦٠٠٠ مشروع، انفق عليها ما يتجاوز ٣٠٠ مليار دولار أمريكي.
وفِي مجرى اعتماد سياسة الانتقال الى اقتصاد السوق ومساعي فرض النهج الليبرالي الجديد، تزايد التوجه نحو الخصخصة وابتعاد الدولة تدريجيا عن وظائفها الاقتصادية والاجتماعية، ليس على الصعيد الانتاجي فقط بل حتى على صعيد الخدمات العامة. ويلاحظ هذا خاصة في مجالات التعليم والصحة والكهرباء والسكن والنقل، مما يترك آثاره السلبية الكبيرة على الأحوال المعيشية لذوي الدخل المحدود وحتى للفئات الوسطى. ويترافق هذا مع ازدياد ظواهر الغنى المفرط، مما يعمق التفاوت والتهميش الاجتماعيين ويزيد من وتيرة الفرز الطبقي. ويثير الامر قلقا متزايدا لدى فئات واوساط واسعة من الشعب، تعبر عن رفضه بأشكال وطرق متعددة بينها الاعتصامات والتظاهرات والتحركات الاحتجاجية. ولا حاجة الى القول ان رفض بيع ممتلكات الدولة والهرولة نحو الخصخصة، يتوجب ان يحظى بالدعم والإسناد.
من جانب آخر ادى ضعف الاهتمام وقلة التخصيصات المالية للقطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية والخدمية، الى تزايد الاستيراد من الخارج، ومن دول الجوار خصوصا، وشمل طائفة واسعة من السلع والخدمات بما فيها المواد الغذائية. وتستنزف عملية الاستيراد أموالا طائلة من ايرادات النفط تقدر بحوالي ٦٠ مليار دولار سنويا، يعاد تصديرها الى الخارج اضافة الى مزاد العملة.
• من جانب اخر تشير المعلومات الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط الى نسب عالية من الفقر. حيث ارتفعت في المحافظات والمدن التي احتلها داعش الى ٤١ في المائة، وفِي محافظات الجنوب الى اكثر من ٣١ في المائة، فيما ازدادت بنسب متفاوتة في بغداد ومحافظات الوسط والإقليم. ولعل من اهم اسباب ذلك انتشار البطالة وتفاقمها، وتوقف مشاريع الدولة والقطاع الخاص، خصوصا ذات العمالة الكثيفة، وانحسار الزراعة، والاستيراد غير المقنن والعشوائي، اضافة الى السياسة التقشفية التي سارت عليها الدولة منذ ٢٠١٤.
ورغم التوظيف الواسع في الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية، حيث يقدر العدد بحوالي ٤٫٥ مليون تنجم عنه بطالة مقنعة، ولا يشكل بالطبع حلا أمثل، ما برحت نسب البطالة في ازدياد، خاصة بين الخريجين والشباب (وصلت بين الشباب للفئة العمرية من ١٥ الى ٢٩ الى ٢٢٫٦ في المائة) علما ان الشباب من الفئة العمرية ١٥-٣٩ سنة يزيد عددهم على ١٥ مليونا من المجموع الكلي للسكان الذي تقدره وزارة التخطيط باكثر قليلا من ٣٨ مليونا. وهذا يؤشر حقيقة ان المجتمع العراقي يعد مجتمعا شابا ونشطا اقتصاديا. فالنسبة الأكبر من سكانه (١٥- ٦٩ سنة) هم السكان النشطون اقتصاديا، حسب ما تتبناه وزارة التخطيط العراقية من مؤشرات.

قطاعا التعليم والصحة
يعاني التعليم على اختلاف مستوياته من اشكاليات جدية وصعوبات جمة. ولا يقتصر الامر على الكتب المنهجية، والتقلص الحاد في المدارس، وأعداد الكوادر التدريسية المؤهلة، ومواكبة التطورات العلمية الهائلة الجارية في العالم، وجودة التعليم وربطها بحاجات البلد التنموية، بل ان التعليم يعاني من غياب الرؤى وضعف التخصيصات وبضمنها في موازنة ٢٠١٩، وضعف او تدهور البنى التحتية عموما.
وفيما يتضاءل اهتمام الدولة بالتعليم وتطويره وتمكينه من اداء مهامه المتعددة، ينتشر التعليم الأهلي والخاص من رياض الأطفال الى الكليات والجامعات، من دون عناية كافية بالصفات والمعايير العلمية المطلوبة.
وعلى هذا النحو يغدو التعليم بالتدريج امتيازا للعوائل القادرة على توفير متطلباته المالية، سواء داخل العراق او خارجه.
وتصاحب ظواهر عدة العملية التعليمية والتربوية وجودتها، ومن ذلك تزايد نسب الإعادة وتكرارها، والتسرب من المدارس الذي تقول وزارة التربية ان نسبته بلغت ٢٠ في المائة. في وقت تشير فيه مصادر مختلفة الى ان الامية تسجل نسبا عالية ايضا.
ان وقفة جادة امام وضع التعليم تغدو ملحة، والمدخل الى ذلك لا يقتصر على مجرد زيادة التخصيصات في موازنات الدولة العامة، رغم اهمية ذلك وضرورته. فهذا القطاع مرتبط بالقطاعات الاخرى على نحو وثيق، والكثير من خريجيه لا يجدون فرص عمل سواء في قطاع الدولة او الخاص. وان التسرب من المدارس ناجم في جانب اساسي منه الى حاجة العوائل الى ما يعيلها، فتضطر الى اجبار اولادها على العمل، فاقدين بذلك طفولتهم وتعليمهم.
ان الامر الآني اليوم في قطاع التعليم، هو معالجة قضية المناهج وجعلها حديثة متطورة ومتدرجة بالنسبة لاعمار الطلاب، مشيعة للثقافة والمعرفة ومنسجمة مع طبيعة مجتمعنا والتعددية فيه. كذلك وجوب اهتمام الدولة بالبنى التحتية، ووضع خطة مناسبة لبناء المدارس ورصد التخصيصات لها. ومن المهم ايضا توفير الظروف الملائمة لقيام المعلمين والمدرسين والتدريسيين برسالتهم التربوية والعلمية.
والأمر ذاته ينطبق على القطاع الصحي للدولة وما يعاني من تدهور، في وقت تنتشر فيه المشافي والمراكز والعيادات الصحية الخاصة والأهلية، وما يرافق ذلك من ارتفاع كبير في اجور المعاينة والفحص، كذلك الفوضى العارمة التي تعم سوق الأدوية وتوفرها، حيث اشار وزير الصحة اخيرا الى ان تجهيز المؤسسات الصحية بالأدوية الاساسية، لا يسد اكثر من ١٢ في المائة من حاجاتها. ولعل هذا يرتبط في جانب منه بالتوجهات الهادفة الى أضعاف دور الدولة في كافة المجالات. ومن هنا ضآلة ما يخصص من أموال لهذا القطاع العام الاساسي. و يقينا ان هذا ايضا يزيد من اعباء المواطنين المعيشية، في وقت يجري فيه فرض مختلف الرسوم والضرائب على ما تقدمه مؤسسات الدولة من خدمات شحيحة اصلا.

موازنة ٢٠١٩
تشير موازنة ٢٠١٩ التي اقرها مجلس النواب في ٢٤ كانون الثاني الى ان الإيرادات ستكون بحدود ١٠٥٫٥ ترليون دينار عراقي، بنسبة زيادة تقرب من ١٤ في المائة مقارنة بايرادات موازنة ٢٠١٨. وهذه الزيادة متأتية أساسا من اعتماد مبلغ ٥٦ دولارا كمعدل لسعر النفط الخام المصدر على اساس سعر صرف ١١٨٢ دينارا للدولار الواحد، في حين كان في موازنة ٢٠١٨ بحدود 46 دينارا، فيما بقيت كمية النفط المصدر بحدود ٣٫٨٨ مليون برميل يوميا، مع استمرار الاعتماد على ايرادات النفط كعنصر رئيس لتمويل الموازنة، حيث تشكل ٨٩ في المائة من الإيرادات.
وزادت تخصيصات النفقات العامة للدولة على ١٣٣ ترليون دينارعراقي، بنسبة زيادة قدرها ٢٧٫٨ في المائة مقارنة بموازنة ٢٠١٨.
اما النفقات الاستثمارية فهي اكثر قليلا من ٣٣ ترليون دينار عراقي، وتشكل ٢٥ في المائة من النفقات العامة، فيما النفقات الجارية بحدود ٧٥ في المائة. وهناك زيادات في تخصيصات احتياطي الطوارئ وتخصيصات المحافظات.
وبلغت اقساط الدين الداخلي والخارجي التي يتوجب تسديدها عام ٢٠١٩ حوالي ١٠٫٨ ترليون دينار عراقي، وفوائدها ٤٫٥ ترليون دينار عراقي. مع العلم ان اجمالي الدين العام بلغ ١٣٣٫٧ مليار دولار لغاية عام ٢٠١٨. علما ان مجموع القروض لدعم موازنة ٢٠١٩ بلغ بحدود ١٩٫٧ ترليون دينار.
ان الموازنة بما تحمل من معطيات ومؤشرات، وطريقة اعدادها، تبينان انها لا تختلف عن سابقاتها من حيث الجوهر. وهي قد خلت من البعد التنموي، فيما يتواصل العجز الذي يعتمد أساسا على أسعار النفط غير المستقرة. وهكذا يستمر الاقتراض الداخلي والخارجي، ويبقى ٧٥ في المائة من الايرادات يذهب الى النفقات الجارية، فيما يظل الاقتراض هو المعول عليه في الاستثمار وما يوجد من فرص عمل. وتشير الموازنة الى ان التعيينات ستبقى في أضيق نطاق، وستعتمد على الحذف والاستحداث، وهي تتضمن استحداث ٥٦٢٧٠ درجة وظيفية لا غير.
وإذا اعتبرت الموازنة الأداة الرئيسة لتنفيذ السياسة الاقتصادية واولوياتها كما يعكسها المنهاح الحكومي، فانها لا تستجيب لحاجات البلد وتنميته، بما يتطلبه ذلك من تفعيل الصناعة والزراعة والخدمات الإنتاجية وإعمار البنى التحتية وتأمين الخدمات العامة. وان تبني توجها كهذا يفترض ان ينعكس في التخصيصات الواردة في الموازنة.
ويتوجب التأكيد على اهمية إكمال المشاريع التي قطعت نسبا عالية من الإنجاز، وان تعطى الاولوية الى المشاريع التي تؤمن الخدمات، وتوجد فرص عمل تسهم في تقليل نسب البطالة، خاصة بين الشباب.
ان واجب الحكومة لا ينحصر في حسن ادارة المال العام، بل وفي تعظيم الموارد. وفِي هذا السياق تبرز تساؤلات مشروعة عن سبب عدم ادراج بعض الإيرادات، بضمنها ما يستحصل من شركات الاتصالات والديون المترتبة بذمتها. كذلك من شركات الإنترنت واستخدام الفضاء الجوي العراقي.
ولا بد من اهتمام الحكومة بواردات الكمارك والمنافذ الحكومية ايضا، واستحصال مبالغ بيع النفط محليا والذي يقدر بـ٧٠٠ الف برميل يوميا.
ولكي تنهض الموازنة بمهامها على الوجه الصحيح، لا بد من اعادة النظر في طريقة اعدادها، وان تتحول من نظام البنود الى نظام البرامج وتأمين تمويل المشاريع التي قد يمتد تنفيذها الى سنوات عدة.
ودارت تساؤلات حول المادة ١٤ في مشروع الموازنة، التي تفتح البابعمليا على مصراعيه امام الخصخصة في جميع الوزارات، بما فيها الكهرباء والنفط والغاز وقطاعات المصارف وشركات التامين، وحسنا فعل مجلس النواب بإلغائه هذه المادة وغيرها مما هو اشكالي. وان الحكومة مطالبة بالمزيد من الشفافية في الموازنة، وتأمين تقارير فصلية بشأنها، والاستجابة لمتطلبات قانون الإدارة المالية والدين العام. كذلك تقديم الحسابات الختامية، التي كان آخر ما قدم منها يخص سنة ٢٠١٢، وهذا تصرف لا دستوري لا بد من معالجته والتزام الحكومة بتقديم الموازنة مع تقاريرعن التنفيذ الفعلي، بعد حل مشكلة السلف المتراكمة، وان ترافقها تقارير عن الموقف الاقتصادي والمالي في البلد.
وفِي هذا السياق ايضا يتوجب ان تكون للموازنة اهداف اقتصادية- اجتماعية واضحة وملموسة، مع تحديد فرضيات وأساليب ونتائج الخطة الاقتصادية التي على اساسها تقر الموازنة.
ان جهودا غير قليلة قد بذلت من جانب العديد من النواب، خاصة نواب سائرون، لإلغاء بعض مواد مسودة الموازنة وتعديل اخرى، وتعزيز تخصيصات بعض المواد المعدلة. فيما عكست المناقشات مصالح مختلفة للكتل السياسية وللنواب. وعموما جاء اقرارها خطوة جيدة، رغم ما فيها من ثغرات جدية، وما تضمنت من مواد كان يفترض ان لا تمر.

بدائل وحلول
• ان اوضاع البلد الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، وجوانب الضعف الواضحة والعجز عن تلبية حاجات المواطنين، وإيجاد مرتكزات لتنمية مستدامة، هي مؤشرات على فشل السياسية الاقتصادية التي اتبعت منذ ٢٠٠٣. ومن ذلك ما يخص دور الدولة الاقتصادي وعلاقته بالسوق، حيث تسود نظرة عند من بيدهم القرار الاقتصادي، تنطلق من الفكر الليبرالي الداعي الى سوق حرة وفِي اوضاعنا يمكن القول عنها انها سائبة، فيما يجري تقليص دور الدولة وتاثيرها التنظيمي.
وقد بينت السنوات السابقة انه يصعب إنجاز تنمية شاملة، ما لم تتوفر رؤى واستراتيجيات وسياسات موحدة للدولة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، واستقرار سياسي وأمني، وما لم تتم معالجة تردي البنى التحتية او انعدامها وفِي مقدمتها الكهرباء.
لقد بات ضروريا ولوج عملية اصلاح حقيقية وجذرية في مختلف المجالات، بضمنها الاقتصادية والاجتماعية، وتوجيه موارد الدولة المالية والاقتصادية والبشرية نحو القطاعات والمشاريع ذات الاولوية، والإنتاجية منها أساسا، لوضع العراق على طريق التنمية المستدامة. وهذا يتطلب تفعيل القطاع العام والقطاع الخاص بشقيه الوطني والخارجي، ودعم القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية والخدمية المنتجة، بما يقود الى بناء اقتصاد قوى متنوع قادر على التقليل التدريجي من الاعتماد على النفط وموارده.
• ولا بد من التوجه الجاد خلال الفترة المقبلة نحو تشكيل الصناديق السيادية التنموية والمتخصصة، وإيجاد مجلس إعمار او اَي أطار اخر يتولى تخطيط وإدارة المشاريع الاستراتيجية والمتعلقة بالبنى التحتية، المادية والاجتماعية والبيئية.
• وفِي هذا السياق تطرح بنحو آني مسألة الشركات المملوكة للدولة وتأهيلها، والعمل على توفير الحماية للمنتج الوطني، وإيقاف الاستيراد العشوائي وغير الضروري. كذلك إيلاء الاهتمام للريف العراقي وتحديث الزراعة واستصلاح الأراضي، وتوفير الدعم والإسناد للفلاحين والمزارعين بما يؤمن تحقيق الأمن الغذائي الوطني.
• كذلك دراسة مسألة المشاريع المتوقفة وعددها حوالي ٦٠٠٠ مشروع، ورصد التخصيصات لاستكمالها حسب الاولوية.
• من الضروري وضع الخطط للاستفادة من الكتلة النقدية الكبيرة لدى المواطنين، والتي تقدر بحوالي ٧٠ في المائة من الكتلة النقدية المتداولة خارج المصارف.
• إعطاء الاولوية لما يلبي حاجات الناس ويمس حياتهم اليومية، خاصة الكهرباء والماء والصحة والتعليم والنقل، وضمان انسيابية توزيع البطاقة التموينية وتحسين مفرداتها.
•الاهتمام بالقطاعات التي توفر فرص عمل وذات البعد التنموي والتي تؤمن حاجات المواطنين، ومن ذلك قطاع السكن. وان الدولة مطالبة بتبني برنامج متكامل لتأمين السكن للمواطنين، ومعالجة مشكلة العشوائيات وحلها. ويتوجب ان يكون هذا هدفا قريبا تخصص له الاموال الكافية، لتأمين حاجة البلد من الوحدات السكنية، التي تقدر بنحو ثلاثة ملايين وحدة.
• من الواضح ايضا ان لا تنمية ولا تقدم مع استمرار الفساد المستشري، ولذا فان التصدي للفساد يرقى الى مستوى المهمة الوطنية غير القابلة للتأجيل والبطء والتلكؤ والمجاملات السياسية والشخصية.
• على الحكومة ومجلس النواب ضمان العيش الكريم للمواطنين، خاصة الفقراء والكادحين منهم، عبر إجراءات وتشريعات تحقق قدرا من العدالة الاجتماعية. وفِي هذا السياق لا بد من تفعيل قانون الضمان الاجتماعي وتعزيز شبكات الرعاية الاجتماعية وتطويرها، وانشاء صناديق الإعانات المالية في حالات البطالة والعجز والشيخوخة، وضمان رواتب مجزية للمتقاعدين وتخليصها من الاستقطاعات، وباختصار: توفير نظام اجتماعي شامل.
• السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مطالبة بمراجعة القوانين ذات الصِّلة بالأجور والرواتب والامتيازات، بما يقلص الفجوة في المداخيل، وان يصار الى اعتماد نظام ضريبي تصاعدي وعادل.
• ومطلوب ايضا من السلطات ذات العلاقة تأمين عودة النازحين والمهجرين الى مدنهم وقراهم، وتعويضهم واعمار المناطق المحررة وإعادة الخدمات الاساسية اليها، وتخصيص الاموال اللازمة لذلك، واستخدام ما يصل من مساعدات خارجية بنحو سليم. وتتوجب هنا الإشارة الى اهمية وضرورة إصدار تشريع يحرّم ويجرّم المساس بالطابع الديموغرافي للمناطق كافة.
• ومن المهم اتخاذ الخطوات الضرورية لتوفير فرص عمل للعاطلين والحد من نسب البطالة، خاصة بين الشباب، وبضمن هذا مشاريع التأهيل والتدريب وتنشيط عملية الاستثمار لاستيعاب العمالة المدربة. ويمكن كذلك تفعيل تقديم القروض للمشاريع الخاصة، وتأمين الخدمات المساندة لها بما يشجع الشباب والعاطلين على الأقدام عليها، مع ضمان صرف القروض في الأهداف المخصصة لها.
• يتوجب التأكيد على تطبيق قوانين العمل، وتفعيل دور وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في ذلك وتنشيط دورها الرقابي، وتيسير عمل النقابات والتشاور معها في ما يخص شؤون العمال، وضمان دفع استحقاقات التقاعد والضمان.
• الاهتمام بدور المرأة ومشاركتها في الحياة العامة بجوانبها كافة، والارتقاء بذلك وتذليل الصعوبات التي تحول دونه. فمساهمة المرأة لم تتجاوز حتى اليوم نسبة ١٣ في المائة.
• وفِي كل الأحوال يصعب الحديث عن تنمية وتقدم، من دون الاستقرار والامان، وبناء دولة المؤسسات والقانون، والتصدي الفاعل للفساد.

الاوضاع في الإقليم والعلاقة مع الحكومة الاتحادية
ما زالت اوضاع الإقليم في حالة حراك. وبعد انتخابات برلمان الإقليم وما افرزته من موازين قوى وتعدد لحالة التمثيل فيه، لم يستكمل تشكيل الهيئات حتى الآن. وهناك تعثر واضح في تشكيل الحكومة رغم العديد من جولات التفاوض بين الاطراف الكردستانية، التي اتخذ بعضها بضمنه الحزب الشيوعي الكردستاني، موقف عزوف عن المشاركة في حكومة الإقليم الجديدة، مفضلا البقاء في المعارضة.
كذلك القت التطورات المرتبطة بانتخاب رئيس الجمهورية وعملية تشكيل الحكومة الاتحادية، وحالة التنافس بين الاطراف الرئيسة في الاقليم على المرشحين في الحالتين بظلالها على تشكيل حكومة الإقليم واحتدام الجدل بشأن الاولويات.
ولا شك ان ما يحصل اليوم في الإقليم ليس بعيدا عن تداعيات الاستفتاء ونتائجه، بما في ذلك الاختلاف البيّن في التعامل مع ملف محافظة كركوك وتشكيل الهيئات المحلية فيها، ودور البيشمركة هناك.
ان هذا كله يشكل مؤشرات على الاوضاع العامة في الإقليم، وما يشهد من صعوبات واختناقات سياسية واقتصادية تفاقم معاناة المواطنين، رغم ما يؤشر من حالات إيجابية عديدة، فِي مقدمتها حالة الاستقرار الأمني النسبي.
ويشير العديد من القوى الكردستانية الى ان السياسة الاقتصادية المتبعة في الإقليم لا تقود الى ايجاد تنمية حقيقية، ولا توفر فرص عمل، وانه يظل مطلوبا تبني سياسية اخرى بديلة، رافضة للخصخصة ومفضية الى نهوض القطاعات الإنتاجية والخدمية وتقديم الخدمات للمواطنين، خاصة في مجالات التعليم والصحة، ومحاربة الفساد، والتوظيف السليم للموارد المالية، والابتعاد عن نصائح وتوجيهات المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
من جانب اخر، ورغم ما هو متحقق، هناك حاجة ماسة الى تفعيل مؤسسات الإقليم وابعادها عن التحزب الضيق، وضمان الحريات العامة وصيانتها، وضمان حق مواطني الإقليم في التعبير عن آرائهم ومطالبهم، عبر مختلف الاشكال والطرق الدستورية السلمية.
وبشأن مواقف تركيا واعتداءاتها المتكررة وتوغل قواتها داخل أراضينا، واستمرار قصفها الجوي لمواقع في الإقليم بذريعة التصدي لحزب العمال الكردستاني، وما يرافق ذلك من سقوط ضحايا ابرياء، جدد الحزب ادانته ورفضه القاطع لما تقوم به تركيا وقواتها، وان عليها احترام سيادة العراق وحرمة اراضيه، مؤكدا تضامنه مع المواطنين وضرورة الحفاظ على ارواحهم وامنهم وسلامتهم وحماية ممتلكاتهم.
وفيما يخص علاقة الإقليم مع الحكومة الاتحادية، فالملاحظ انها شهدت تطورا ملحوظا بعد تشكيل الحكومة الاتحادية، حيث يعبر الطرفان عن الاستعداد للتحاور والتفاهم، ومعالجة الملفات العالقة. وهذا ما تجلى بشكل او بآخر في إقرار موازنة ٢٠١٩ الاتحادية والتعهدات بدفع رواتب موظفي الإقليم، وكذلك البيشمركة.
من المؤكد ان هناك قضايا اخرى عالقة تحتاج الى مقاربات مسؤولة وبناءة من الطرفين، ومن ذلك ملف النفط واهمية الشفافية فيه، وتوحيد سياسة الدولة العراقية على هذا الصعيد، وتشريع قانون النفط والغاز المؤجل .
وبات ملحا في هذا السياق استكمال اجراء الإحصاء السكاني لضمان حسن توزيع موارد البلاد سواء للإقليم أو للمحافظات، واستكمال بناء الدولة الاتحادي عبر تشريع القوانين اللازمة لذلك، كذلك الوصول الى تفاهمات بشأن كركوك عبر تفعيل المادة الدستورية ١٤٠، والتزام الاطراف كافة بخارطة الطريق التي ترسمها.
ان حل الملفات العالقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية على اساس الحوار والدستور، يصب في نهاية المطاف في مصلحة الإقليم وشعبه، مثلما هو في مصلحة البلد ككل. وهذا يتطلب توفر الإرادة السياسية لخلق اجواء الثقة والاستعداد المتقابل للحوار البناء.

المشروع الاصلاحي
تبنى حزبنا في مؤتمره الوطني العاشر مشروعا للتغيير والإصلاح، يهدف الى عبور الطائفية السياسية، ونبذ المحاصصة الطائفية والاثنية، ومحاربة الفساد، وحصر السلاح بيد الدولة، وصيانة القرار الوطني العراقي المستقل، والتوازن والتكافؤ في العلاقات الخارجية، وضمان التمتع بالحريات الدستورية، وعدم التمييز بين المواطنين، والسير نحو تحقيق دولة المواطنة والديمقراطية والقانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية.
ونظرا لظروف البلاد العامة وما يحيط بها من تطورات، فقد بات الاصلاح حاجة ضرورية وليس خيارا. ولا ريب في ان هناك إمكانية واقعية للسير على هذا الطريق، شرط توفر القناعة والإرادة السياسية لذلك.
واليوم نتابع حالة الفرز الجارية بين مختلف الاطراف والكتل السياسية، فيما يزداد تأثير ودور الداعين والعاملين من اجل التغيير والإصلاح، وهم بذلك يتماهون مع مطالب الناس وتطلعها الى التغيير، الذي تنتظر ان يتجسد في إجراءات ملموسة، تبدأ من تأمين حاجاتها اليومية الى تعزيز البناء الديمقراطي الاتحادي للدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ويتأكد يوما بعد آخر ان لا فكاك من حالات الاستعصاء والأزمات وانسداد الأفاق، الا عبر التغيير الحقيقي المفضي الى اصلاح عام شامل. والتغيير المطلوب يتوجب ان يكون في نمط التفكير وفِي المنهج وأساليب الأداء، وفِي الشخوص كذلك.
ان الاصلاح المنشود لا بد ان يضمن المغادرة الكاملة لسياسة دولة المكونات الطائفية والقومية، لصالح دولة المواطنة والمصالحة الوطنية. وهنا تبرز اهمية وضرورة حل المشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم على اساس الدستور، وبما يعزز الوحدة الوطنية والتآخي بين ابناء الشعب على اختلاف قومياتهم وطوائفهم ومذاهبهم وأديانهم.
ان الاصلاح الشامل يتطلب اعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتخليصها من الفاشلين والمرتشين والفاسدين، وإسناد الوظيفة العامة على اسس الكفاءة والنزاهة والمهنية، ولعل تشكيل مجلس الخدمة العامة يكون خطوة مهمة في هذا الاتجاه.
وإذا كان المدخل الى الاصلاح يكمن في التغيير في البنية السياسية، فان تحقيق ذلك يمر عبر صناديق الانتخابات وبالآليات الديمقراطية الدستورية، وهذا يتطلب اعادة النظر في مجمل المنظومة الانتخابية، وفِي المقدمة تشريع قانون عادل ومنصف للانتخابات، وتشكيل مفوضية كفؤة ومحايدة ومن دون محاصصات.
ولكي يؤدي الاصلاح السياسي والإداري دوره وغاياته المرجوة، لا بد ان يستند الى إجراءات تستجيب لتطلعات جماهير واسعة، وان يطمّن مصالحها ويسعى الى توفير العيش الكريم لها، ويؤمن تمتعها بالخدمات الاساسية التي تقدمها الدولة، وبناء منظومة متكاملة من الضمان الاجتماعي والصحي بما يحقق العدالة الاجتماعية.
وفِي هذا السياق يظل ملحا ومهما على جدول الأعمال تشكيل الكتلة البشرية والسياسية الكبيرة الداعمة للإصلاح والتغيير، وتغيير موازين القوى، ودحر نهج المحاصصة، والانطلاق على طريق الاصلاح والإعمار والبناء. فالإصلاح هو في نهاية الامر تغيير في البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومقابل هذا هناك قوى الإعاقة والعرقلة، التي تسعى الى وأد عملية الاصلاح في مهدها والحؤول دون انطلاقها أساسا، لان الاصلاح بعناوينه الرئيسة والكبيرة يمس مصالحها واستمرار هيمنتها ونهبها للمال العام.
وفِي سياق عملية الاصلاح كان الحراك الجماهيري والمطلبي والاحتجاجي ويبقى، ومعه ودوره الضاغط والمحفز، مطلوبا لنجاح العملية ولدفعها نحو تحقيق غاياتها وأهدافها.

مستجدات دولية واقليمية
- على الصعيد العالمي، تواصل ادارة ترامب سعيها الى تكريس الهيمنة الإمبريالية للولايات المتحدة وإعادة العالم الى اجواء الحرب الباردة وسباق التسلح، واستخدام العقوبات الاقتصادية والسياسية على نطاق واسع، وتصدير السلاح، خصوصاً الى المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، ومواصلة توتير الأجواء مع بلدان عدة منها روسيا والصين. ويهيئ هذا الوضع ارضية خصبة لنمو الحركات اليمينية المتطرفة والفاشية والارهابية والشعبوية التي تهدد السلم العالمي، كما يغذي النزاعات والحروب في مناطق كثيرة في العالم، خصوصاً الشرق الاوسط.
- كما تسعى الادارة الامريكية في سياساتها تجاه اوروبا الى دعم اليمين المتطرف في اوروبا، وإعادة صياغة علاقاتها مع حلف الاطلسي والمنظمات الدولية وموقفها من الاتفاقات التجارية والمعاهدات الدولية، كما تمثل في قرارها الانسحاب من معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، بذريعة ان روسيا تنتهك هذه المعاهدة الموقعة في 1987.
ومن الاهداف الرئيسة للاستراتيجية الامريكية تشكيل تحالف معادٍ للصين مع مواصلة الحرب التجارية الاقتصادية ضدها، فيما تتعاظم قدراتها الاستراتيجية وتتعزز مكانتها العالمية ويزداد تأثيرها في حماية السلم العالمي ودعم التنمية، وبناء علاقات دولية تعتمد الاحترام المتبادل والعدالة والتعاون والمنفعة المشتركة.
- ومع استمرار وتعمق أزمة النظام الرأسمالي تتزايد المخاطر الناجمة عن مساعي القوى اليمينية المتطرفة لاستثمار الظروف الناجمة عن هذه الأزمة لتعزيز مواقعها في السلطة السياسية، وتلجأُ الى تحقيق ذلك عبر وسائل انتخابية كما جرى في عدد من البلدان الاوروبية. ويمثل خطر اليمين المتطرف والشعبوي تحدياً كبيراً امام قوى اليسار والاحزاب الشيوعية. وهو يتطلب رفع مستوى اليقظة وبذل جهود مضاعفة للتوصل الى ارضية مشتركة من اجل بناء جبهة موحدة، وتعبئة القوى لفضح اليمين الشعبوي وخطابه الديماغوجي، المؤجج للنزعات العنصرية والقومانية المتطرفة، ولدحره في المجتمع وفي المعارك الانتخابية. كما يقتضي خوض صراع فكري ورفع مستوى الوعي السياسي، لمنع اليمين من تضليل فئات من الشغيلة وجعلها تدلي بأصواتها في الانتخابات بالضد من مصالحها. ولا ينفصل النضال ضد الفاشية والعسكرة والحرب، ومن اجل نزع السلاح والسلام عن النضال الأوسع ضد الاستغلال الرأسمالي، ومن اجل التقدم الاجتماعي. فهو جزء لا يتجزأ من نضال الشغيلة من اجل مصالحهم الطبقية والنضال في جبهة اجتماعية واسعة تبنى بتعبئة الطبقة العاملة وغيرها من الطبقات والفئات المناهضة للاحتكارات. ويمثل تعزيز هذه الجبهة مهمة أساسية. وفي خضم ديناميكية كهذه يشكل النضال من اجل اهداف ملموسة وآنية عاملاً أساسياً وضرورياً لمقاومة ايديولوجيا الطبقة الحاكمة، وللمضي قدماً في التغيير الثوري للمجتمع.
- ولا يمكن عزل السياسة الخارجية لادارة ترامب عن سياساتها الداخلية في الولايات المتحدة. فهي تستمر في تنفيذ سياساتها التي تمثل مصالح الفئات الاكثر رجعية للرأسمال الكبير، وفي مساعيها لتفكيك مكاسب الحركة العمالية وحركة الحقوق المدنية، فضلاً عن الآثار الوخيمة لسياساتها على البيئة. وفي انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في تشرين الثاني الماضي، لجأ ترامب الى تأجيج النزعة العنصرية والكراهية ضد المهاجرين، وجرى فصل الاطفال عن ذويهم وسجنوا في اقفاص على الحدود بين امريكا والمكسيك. لكن ترامب والحزب الجمهوري منيا بنكسة مهمة، بخسارتهما حوالي 40 مقعداً في مجلس النواب واكثر من 300 مقعد في مجالس الولايات. وكانت تلك اكبر خسارة انتخابية للجمهوريين منذ عهد الرئيس الامريكي الأسبق ريغان. ولم يقلل فوزهم في مجلس الشيوخ من ثقل هذه الخسائر. ويشار الى ان النساء فزن بأكثر من 100 مقعد للحزب الديمقراطي في الكونغرس. وهذا يمثل اول فوز انتخابي تحققة الحركة النسوية منذ انطلاق مسيراتها الاحتجاجية في اعقاب تولي ترامب الرئاسة قبل عامين. وتمثل هذه النتائج الانتخابية مؤشراً مهماً لتنامي المشاعر الديمقراطية والمعارضة لسياسات ترامب، التي ترجع في جانب منها الى ركود أجور 90 في المائة من القوة العاملة، وعدم تحقيقه وعوده بالتغيير. وأدى الاغلاق الجزئي للحكومة، وهو الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، بسبب معارضة الديمقراطيين لتمويل بناء جدار ترامب على الحدود مع المكسيك، الى المزيد من تراجع شعبيته.
- وفي فرنسا، تصاعدت حركة "السترات الصفر" والاحتجاجات الشعبية ضد سياسات التقشف القاسي والغاء ضريبة الثروة ومنح امتيازات ضريبية جديدة للشركات والاثرياء، وتقويض انظمة الضمان الاجتماعي وفقاً لنهج الليبرالية الجديدة. واجبرت الاحتجاجات الشعبية، التي حظيت بدعم فئات اجتماعية واسعة، الرئيس الفرنسي ماكرون على تقديم وعود وتنازلات اعتبرتها قوى اليسار غير كافية لأنها تعني هدم المكتسبات الاجتماعية وتراجع الخدمات العامة.
- وفي بريطانيا، تلقت رئيسة الوزراء وزعيمة حزب المحافظين تيريزا ماي، ضربة قوية برفض البرلمان بأغلبية كبيرة الصفقة التي توصلت اليها مع الاتحاد الاوروبي، بعد اكثر من عامين من المفاوضات لترتيب خروج بريطانيا من الاتحاد. وكانت هذه أكبر هزيمة برلمانية تمنى بها حكومة في تاريخ البلاد. ويحتدم الصراع اليوم على مستقبل العلاقة مع الاتحاد الاوروبي، وتتعدد الخيارات المطروحة للخروج من المأزق، مع اقتراب موعد خروج بريطانيا منه في 29 آذار المقبل. وكانت نتائج الاستفتاء العام على الخروج من الاتحاد الاوربي، الذي اُجري في حزيران 2016 وأسفر عن أغلبية لصالح الانفصال بلغت 52 في المائة، عكست مشاعر الغضب وسط فئات واسعة في المجتمع جراء سياسات التقشف وتأثيرها على حياة الشغيلة. كما كشفت عن انقسامات داخل الطبقة السياسية الحاكمة حول مسألتين، الأولى تتعلق بكيفية حماية حي المال والاعمال في لندن كمركز للرأسمال المالي العالمي في فترة تشهد احتدام التنافس والتناقضات بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. فيما تدور المسألة الثانية حول كيفية الحفاظ على السيطرة السياسية، في مواجهة تصاعد الغضب الشعبي على سياسة التقشف، الى جانب التحول نحو اليسار في حزب العمال المعارض ورفضه الليبرالية الجديدة.
- وفي امريكا اللاتينية، شهدت الفترة الاخيرة تصعيداً خطيراً في تهديدات امريكا لفنزويلا وتدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية لزعزعة استقرارها، بالتعاون مع حلفاء واشنطن في منظمة الدول الامريكية ومجموعة ليما. وبعد ان اعلن ترامب تأييده لرئيس البرلمان كرئيس انتقالي لفنزويلا، بدلاً من رئيسها الشرعي المنتخب نيكولاس مادورو، لوّح بإمكان اللجوء الى خيارات اخرى بضمنها التدخل العسكري للاطاحة بالنظام. ولقيت هذه التهديدات رفضاً وادانة دوليين واسعين.
- وفي الشرق الاوسط، تساهم التدخلات الامبريالية والتنافس الشديد بين القوى الاقليمية الرجعية لفرض هيمنتها على المنطقة، في تعميق النزاعات على أسس طائفية واثنية، وفي التفكك الداخلي لبلدانها. وتدفع شعوب المنطقة ثمناً باهضاً لهذه السياسات. وتعمل ادارة ترامب على بناء تحالف استراتيجي في الشرق الاوسط، يُطلق عليه "حلف الناتو العربي"، وهو تحالف أمني وسياسي في المنطقة مع السعودية وبقية دول الخليج ومصر والاردن بذريعة مواجهة توسع ايران.
- وفي اليمن تتجلى بشكل صارخ الآثار الكارثية لهذه السياسات، ولخوض حروب بالوكالة لمصلحة اطراف خارجية، حيث تتواصل الحرب الدموية التي يغذيها الصراع على النفوذ بين السعودية وايران، ويسقط آلاف المدنيين والاطفال قتلى وجرحى، وتتفاقم المعاناة الانسانية ويخيم شبح المجاعة التي قد تكون الأسوأ في تاريخ العالم الحديث، حسب الامم المتحدة. ويتعثر تطبيق اتفاق استوكهولم الذي توصل اليه طرفا الحرب اليمنيان مؤخراً برعاية الامم المتحدة، وتضمن وقفاً لاطلاق النار وانسحاباً عسكرياً لإبقاء ميناء الحديدة ممراً آمناً للمساعدات الانسانية.
- وتشهد سوريا تطورات عدة، لها تداعياتها على الاوضاع فيها، ومن ذلك اعلان ترامب قراره سحب القوات الامريكية، الذي أدى الى ردود فعل على مستويات عدة. ورغم ان سحب هذه القوات لم يبدأ فعلياً بعد، فان تركيا سارعت الى التهديد بتدخل عسكري شرقي الفرات، بذريعة ملء الفراغ وحماية امنها الوطني من تهديدات القوى الكردية. كما اعلنت عزمها على إقامة منطقة امنية عازلة على الحدود، وهي تواصل مشاوراتها مع واشنطن من جهة، ومع روسيا وايران من جهة أخرى، ضمن مساعيها للحفاظ على نفوذها والتأثير في مسار أي تسوية سياسية نهائية، بعدما حققت القوات السورية المدعومة من روسيا وايران نجاحات عسكرية مهمة ضد التنظيمات الارهابية، اسهمت في تغيير ميزان القوى لصالحها. وهو ما دفع اسرائيل الى تصعيد عملياتها العسكرية ضد سوريا، وآخرها العدوان الصاروخي الواسع في 21 كانون الثاني ٢٠١٩ في محيط دمشق، بحجة استهداف مواقع لقوات ايرانية. وجاء ذلك بعد جولة وزير الخارجية الامريكي بومبيو في الشرق الاوسط،التي صاحبها خطاب أمريكي تصعيدي وممارسة ضغوط على دول الخليج، للتجاوب مع ما تريده واشنطن، خصوصا ما يتعلق بالموقف من ايران. ومع ادانة هذه الاعتداءات والتدخلات الخارجية السافرة، تقف القوى المحبة للحرية والسلام في العالم والمنطقة بقوة مع الشعب السوري لتمكينه من ممارسة إرادته بحرية، ودون فرض او وصاية، في اختيار نظامه السياسي والتمتع بالحقوق والحريات الديمقراطية والحياة الدستورية، وصون وحدة بلاده واستقلالها وسيادتها الوطنية.
- وفي السودان، تتصاعد الانتفاضة الباسلة للشعب السوداني التي تفجرت في 19 كانون الاول الماضي ضد النظام الدكتاتوري، الذي أدت سياساته في خدمة مصالح الفئات الطفيلية، وخضوعه لاملاءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، الى إفقار الغالبية العظمى من السكان وتدمير البلاد. وتستمر التظاهرات والمواكب الجماهيرية السلمية رغم القمع الوحشي للمتظاهرين وسقوط اكثر من 40 شهيداً واعتقال المئات من المعارضين الوطنيين والناشطين الديمقراطيين، واعداد كبيرة من اعضاء وكوادر الحزب الشيوعي السوداني من ضمنهم ١٦ من اعضاء لجنته المركزية، وذلك في محاولة يائسة لشل الحزب، الذي يلعب دوراً محورياً في تجميع قوى المعارضة الوطنية، وتنسيق مواقفها وبناء اوسع تحالف ممكن للاطاحة بالنظام وتفكيكه، واقامة سلطة انتقالية تتصدى لقضايا عاجلة خلال فترة لا تتجاوز أربع سنوات، من ضمنها وضع مبادئ الدستور الدائم واجراء انتخابات حرة نزيهة وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة، من اجل بناء دولة المواطنة والقانون الوطنية الديمقراطية.
وارتفعت في ارجاء العالم اصوات التضامن مع الشعب السوداني وانتفاضته الشعبية، وصدر نداء حمل تواقيع 50 من الاحزاب الشيوعية والعمالية، من ضمنها حزبنا الشيوعي العراقي. كما تبنى البرلمان الاوروبي قراراً مهما يدين نظام البشير وقمعه الاحتجاجات السلمية ويطالب باطلاق جميع المعتقلين فوراً.
- وفي لبنان، نظمت القوى الشيوعية واليسارية مسيرات جماهيرية في بيروت ومناطق اخرى ضد السلطة والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. ودعا الحزب الشيوعي الى التصدي للسياسات الاقتصادية والمالية التقشفية. ولقيت الاحتجاجات تجاوبا شعبياً لافتاً. كما اقيمت تظاهرة شعبية حاشدة بالتزامن مع انعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية مؤخراً في بيروت. وطالب المتظاهرون بوضع حد للهدر المستمر في المال العام، ومحاربة الفساد ووضع سياسة ضرائبية مغايرة تعيد توزيع الثروة بشكل عادل، وتعميم الضمان الصحي وإقرار البطاقة الصحية، وتوفير فرص العمل وحق السكن وتعزيز دور الهيئات الرقابية وضمان الشيخوخة، وفسح المجال امام حرية الرأي والتعبير والحق في التظاهر.
- وفي تطور مهم، اعلنت القوى اليسارية والديمقراطية الفلسطينية عن إنطلاقة "التجمع الديمقراطي الفلسطيني"، بعد اجتماعات في الضفة وقطاع غزة، كصيغة ائتلافية تعمل داخل إطار منظمة التحرير الفلسطينية وعلى المستوى الشعبي، من أجل بناء كتلة شعبية متنامية ضد الاحتلال الاسرائيلي، واستنهاض المعارضة الجماهيرية للسياسات التي تغذي عوامل الضعف في الحركة الوطنية الفلسطينية، وتصعيد الضغط السياسي والشعبي من أجل إنهاء الانقسام الداخلي. وجاء في بيان انطلاقة التجمع ان هذه الخطوة "تأتي استشعاراً لمخاطر التصفية التي تتعرض لها قضيتنا الوطنية بفعل اشتداد الهجوم الأمريكي المتمثل بصفقة القرن، والتصعيد العدواني الاسرائيلي بتعجيل عملية تهويد القدس، والتوسيع المحموم للمستوطنات وتشديد الحصار على غزة، وتتويج ذلك بإعلان قانون القومية الذي ينفي حق شعبنا في تقرير المصير على ارضه، ويقونن التمييز العنصري ضده، ويمهد لإقامة "إسرائيل الكبرى" على كامل أرض فلسطين التاريخية. وتشتد خطورة هذه الهجمة في ظل واقع عربي ممزق تستفحل فيه نزعات التطبيع مع العدو، التي تشكل طعنة في الظهر لنضالنا التحرري".
كما أكد البيان أن التجمع الديمقراطي هو أداة للنضال دفاعاً عن الحقوق والحريات الديمقراطية للمواطنين، والتصدي لأية انتهاكات أو تجاوزات عليها، سواء في الضفة الغربية أو في غزة.
ونفذت القوات الاسرائيلية حملات اعتقال ومطاردة للنشطاء الفلسطينيين، وشنّت مؤخراً هجمات على المعتقلين والأسرى، من ضمنها اقتحام سجن "عوفر" العسكري، ما أدى الى اصابة اكثر من 120 معتقلاً. ودعا حزب الشعب الفلسطيني الى اوسع تضامن مع الأسرى وإحالة ملف قضيتهم إلى محكمة الجنايات الدولية من أجل إدانة الاحتلال ومحاكمة قادته.
- وفي تونس، دعا الاتحاد العام للشغل، وهو أكبر تجمع نقابي في البلاد، إلى إضراب جديد على مستوى البلاد لمدة يومين، وذلك في محاولة للضغط على الحكومة التي رفضت رفع رواتب الموظفين.
وكان حوالي 650 ألف موظف حكومي شاركوا في اواخر تشرين الثاني الماضي، في إضراب وطني عام، احتجاجاً على رفض الحكومة مطالب الاتحاد العام للشغل برفع اجورهم. وتواجه الحكومة ضغوطا من المؤسسات المالية العالمية، خصوصا صندوق النقد الدولي، الذي يطالبها بتجميد الأجور في سياق عملية اعادة هيكلة للقطاع العام، وفق وصفات الصندوق التي تملي تقشفا قاسيا على حساب العاملين، لمعالجة عجز الميزانية.
ان حزبنا الشيوعي العراقي يجدد تضامنه مع نضال الشعوب وقواها الوطنية والديمقراطية واليسارية والشيوعية، في منطقتنا وفِي العالم، من اجل حقها في تقرير مصير بلدانها بارادتها الحرة، وفي سبيل انتصار قيم الديمقراطية والعدالة وبناء علاقات متكافئة وتوطيد السلم والأمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيادة الوطنية والديمقراطية: بيروت وايران وبريمر؟
طلال الربيعي ( 2019 / 2 / 11 - 19:34 )
لا ندري كيف ان خبر
٥-;- ساعات جمعت مقتدى الصدر وقاسم سليماني ببيروت.. ما حقيقتقها؟
https://www.beirutobserver.com/2019/02/87697/
يتفق مع البلاغ وتكلمه عن السيادة الوطنية والديموقراطية! وهل يتفق تدخل جهات اجنبية في السياسات العراقية وفرض المرشحين بالضد من ارادة الناخب مع اسس الديموقراطية او مع القوانين السارية في العراق التي تجعل اي اتفاق من هذا النوع باطلا قانونيا ويحاسب ؟عليه حسب القوانين المرعية, اللهم الا اذا كان البعض فوق القانون
وكذلك في بلاغه يتكلم الحزب عن ضررورة محاربة الليبرالية الجديدة في العراق وكمجرد كلام للاستهلاك المحلي. فالكل يعلم ان الحزب الشيوعي العراقي عراب النيوليبرالية بدلالة موافقته على كل قوانين يريمر بهذا الخصوص والتي هي لا تزال سارية المفعول والحزب لم يدعو بتاتا الى الغائها.

اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ