الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيب السبب وعيب مخالفة القانون كاحدى الاوجه المعتمدة في دعوى الالغاء

خالد خالص

2006 / 4 / 21
حقوق الانسان


نشرت جريدة العلم في العدد 200392 ليوم الاربعاء 12 ابريل 2006 تعليقا على حكم اداري ( المحكمة الادارية بالرباط ، ملف 177-02 غ ، حكم رقم 970 وتاريخ 30 شتنبر 2004 ) يتعلق بالغاء قرار ضمني لوزير العدل بخصوص ولوج مهنة التوثيق العصري لمفتش اقليمي ورئيس مصلحة التسجيل سابقا طبقا للشروط المحددة في ظهير 24 ماي 1925 ( الفصل 12 ). وقد نقل صاحب التعليق الفقرة التالية الواردة في الحكم المذكور : " انه من المتفق عليه فقها وقضاء ان ركن السبب هو من اركان القرار الاداري والمفروض في كل قرار اداري ان يستند في الواقع الى الدواعي التي ادت الى اصداره. فاذا انعدم الاساس الذي قام عليه وقت صدوره فانه يغدو غير مشروع، لذلك قضت بالغاء القرار الاداري الضمني المطعون فيه وعليه تكون المحكمة على حق عندما اعتبرت نفسها مختصة للنظر في الطعن الموجه ضد القرار الضمني الصادر عن وزير العدل".
وبغض النظر عن رداءة الاسلوب الذي اتبع في تحرير الحكم المذكور والخلط بين الاختصاص والموضوع ( والعيب على الجريدة ان هي اتت بغيره ) فان التعليل نفسه جاء غامضا باعتبار ان المعلق على القرار اورد في تعليقه على ان وزير العدل "التجأ على ما يبدو الى المادة الثامنة من مشروع القانون بتنظيم مهنة التوثيق واحداث هيئة وطنية للموثقين الذي اعدته وزارته" ( والذي ينص على ضرورة اجراء فترة للتمرين). فهل يتعلق الامر في النازلة بعيب السبب او بعيب مخالفة القانون كاحدى العيوب الموجبة لالغاء القرارات الادارية ؟.
فالسبب في اتخاذ القرار الاداري هو كل حالة قانونية او واقعية ( مادية) تدفع الجهة المختصة الى اصداره. وتستمد الاسباب القانونية في اتخاذ القرارات الادارية من التشريع حيث تبقى سلطة الادارة مقيدة وفق ما يلزمه القانون على سبيل الجزم ومن تم تنعدم سلطتها التقديرية طبقا لمبدا المشروعية. فتقديم طلب للحصول على جواز سفر مثلا واستيفائه الشروط التي يتطلبها القانون هما السبب القانوني لصدور قرار بمنح جواز السفر او برفضه اذا لم تتوفر فيه الشروط القانونية.
اما الاسباب الواقعية او المادية التي تدفع السلطة لاتخاذ بعض القرارات الادارية فانها تخضع لسلطتها التقديرية بحسب الظروف والملابسات المحيطة بكل حالة على حدة. فشغل منصب مالي شاغر مثلا لا يعني ان الادارة ملزمة بالتعيين مثلا.
وقد اختلط الامر على المشرع المغربي بالمادة 20 من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الادارية بين عيب انعدام التعليل الذي هو باجماع الفقه والقضاء من مشتملات عيب الشكل اللاحقة بالقرارات الادارية والذي اصبح منصوصا عليه بمقتضى الظهير رقم 01-03 المؤرخ في 12 غشت 2002 بشأن الزامية التعليل او الزامية التسبيب وبين عيب السبب المتحدث عنه سابقا والذي اجمع عليه الفقه واكده القضاء.
وقد وقعت وزارة العدل في نفس الخطأ من خلال دليل المحاكم الادارية الصادر سنة 2004 حينما اعتبرت بان انعدام التعليل هو عيب السبب ( منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية – سلسلة الشروح والدلائل، العدد 3، 2004، الصفحة 42). كما وقع بعض القضاء في نفس الخلط حينما اعتبر بان "انعدام التعليل يقوم مقام الخطأ في التسبيب اي عدم صحة الوقائع المعتمدة كسبب للقرار الاداري المتخذ" (المحكمة الادارية بوجدة، حكم 18-6-1997، المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، العدد 23، ص.127).
وعلى خلاف انعدام التعليل او انعدام التسبيب فالسبب هو الحالة القانونية اوالواقعية التي تدفع الادارة الى اصدار القرار الاداري. ففي الحالة الاولى تكون سلطة الادارة مقيدة طبقا للقانون اما في الحالة الثانية فان الادارة تتمتع بسلطة تقديرية في اتخاد القرار.
الا ان السلطة التقديرية للادارة ليست بسلطة مطلقة في بعض الحالات وتبقى للقضاء سلطة الملائمة. الا انه لا يصح للمحكمة تعديل القرار الاداري بل يقتصر دورها في الالغاء او في رفضه لا غير.
وهكذا قضت المحكمة الادارية باكادير بتاريخ 10-7-1997 ان وجود نظام قانوني يحدد شروط وكيفيات ابرام الصفقات العمومية يتنافى والقول بصلاحيات تقديرية مطلقة للادارة فيما يخص ابرام الصفقات. وباعتبار ان اقصاء الطاعنة يتمثل اساسا في وجود منازعة قضائية بين الطرفين وان هذه العلة التي اعتمدتها الادارة تخرج عن القواعد والمعايير التي وضعها ظهير 1976 والتي تعتبر معايير موضوعية تعتمد الكفاءة التقنية والمالية وتستبعد الحزازات والاعتبارات الشخصية، فان القرار المطعون فيه يكون مشوبا بعيب تجاوز السلطة ويكون بالتالي جدير بالالغاء. ( مجلة المرافعة، العدد 10،مارس 2000، ص. 288 ).
و قضت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 14 فبرابر 2002 على ان اي قرار اداري يجب ان يقوم على سبب يبرره. وان الرقابة القضائية تمتد الى صحة الوقائع التي تكون ركن السبب في الجزاء التاديبي. وانه امام عدم ثبوت المخالفات المنسوبة يكون القرار المطعون فيه مشوبا بتجاوز السلطة لعيب انعدام السبب مما يتعين معه الحكم بالغائه. ( مجلة القصر، العدد 10، يناير 2005، ص. 271 ).
كما قضت المحكمة الادارية بالدارالبيضاء بتاريخ 21-11-2001 ان القاضي الاداري باعتباره قاضي المشروعية له ان يتفحص القرارات الادارية المتخذة من طرف الادارة ومقارنتها مع الاسباب المعتمدة في اتخاذ هذه القرارات وذلك في اطار سلطة الملائمة. واعتبرت ان القرار الاداري يكون مشوبا بالشطط في استعمال السلطة متى ثبت ان العقوبة التأديبية لا تتناسب والافعال المنسوبة للطاعن.( ريمالد، المرجع السابق، ص. 288 ).
وفي نفس الاتجاه قضت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 27 يونيو 2002 بان القول بتناسب عقوبة العزل التي هي اشد الجزاءات التأديبية صرامة واكثرها وقعا على حياة الموظف ومستقبله مع خطأ منسوب الى هذا الاخير يستلزم بالضرورة ان يكون هذا الخطأ من النوع الذي يجعل من مرتكبه شخصا متنافيا مع وظيفته وغير صالح لها على الاطلاق. وانه ما دام الخطأ المنسوب ليس بهذا الوصف والتأثير فان ترتيب عقوبة العزل يتسم بالغلو وعدم الملائمة مما يجعل القرار بتبني هذه العقوبة مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة ويتعين الغاءه. ( مجلة رسالة المحاماة، العدد 21، يناير 2004، ص. 172).
كما قضت المحكمة الادارية بمكناس على ان الادارة ولان كانت تتمتع بسلطة تقديرية لمنح الترخيص في متابعة الدراسة، فان ممارسة هذه السلطة لابد ان تأسس على معطيات واقعية موضوعية تستهدف الموازنة بين متطلبات المرفق العمومي والحق في متابعة الدراسة الذي يعتبر حقا دستوريا، اذ ان الحق في الامتناع عن منح الترخيص المذكور لا يكون له مسوغ الا في حالة عدم امكانية الجمع بين هذين الامرين وهو الشيء الذي لم تثبته وثائق الملف مما يجعل القرار الضمني بالرفض مشوبا بتجاوز السلطة ومآله الالغاء (ريمالد، المرجع السابق، ص. 268).
اما عيب مخالفة القانون فانه يتجسد في محل او موضوع القرار الاداري وفي الاثر القانوني الذي يحدثه. ويشترط في المحل الا يخالف احكام القانون وان يكون ممكنا.
وباعتبار ان المعلق على القرار اورد في تعليقه على ان وزير العدل "التجأ على ما يبدوالى المادة الثامنة من مشروع القانون رقم 03-82 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق وباحداث هيئة وطنية للموثقين الذي اعدته وزارته" ( والذي ينص على ضرورة اجراء تمرين )، فان مشروع القانون لا يمكنه ان يقوم مقام القانون وان القرار الذي استند عليه به عيب مخالفة القانون وهو النهج الذي سارت وتسير عليه المحاكم الادارية المغربية.
وهكذا حكمت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 13-9-1999 بالغاء القرار الصادر عن مدير دار الحديث الحسنية القاضي برفض قبول ترشيح الطاعن لمباراة ولوج دار الحديث الحسنية بعلة عدم حصوله على الاجازة بميزة مستحسن على الاقل لانه ما دامت شروط تنظيم مباراة ولوج دار الحديث الحسنية محددة بمقتضى المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 6-8-1968 فان اي تغيير لهذه الشروط يجب ان يكون بمقتضى مرسوم ايضا، او بموجب مقتضيات قانونية او تنظيمية ولا تغني عن ذلك التوصيات الصادرة عن اللجنة الوطنية للاعتماد والتقييم او رسالة السيد وزير التعليم العالي وتكوين الاطر والبحث العلمي الى السيد مدير دار الحديث الحسنية لان كلا من تلك التوصيات وتلك الرسالة لا ترقى الى درجة القانون الملزم للجميع والواجب التطبيق. ( ريمالد، المرجع السابق، ص. 203).
و قضت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 15 نونبر 2001 بان المجلس البلدي ملزم بمراقبة مدى مطابقة التصاميم للضوابط القانونية والتقنية المعمول بها طبقا لقانون التعمير وان منحه للرخصة المطعون فيها دون مراعاة الضوابط المذكورة يجعل قراره بهذا الشأن مشوبا بعيب مخالفة القانون مما يبرر الحكم بالغائه. ( مجلة القصر العدد 10، يناير 2005، ص. 265 ).
وقضت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 22 يناير 2004 بان امكانية توقيف رجل السلطة من طرف عامل العمالة او الاقليم منوط بضرورة اخبار وزير الداخلية على الفور بقرار التوقيف وباستدعاء المجلس التاديبي للانعقاد في اجل اقصاه اربعة اشهر ( الفصل 6 من ظهير 15 فبراير 1977 بتحديد اختصاصات العمال والفصل 73 من ظهير 24 فبراير 1958 المتعلق بالنظام الاساسي العام للوظيفةالعمومية ) على صدور القرار، وان عدم مراعاة هذين الشرطين تجعل القرار مشوبا بتجاوز السلطة لعيب مخالفة القانون. ( المجلة المغربية للمنازعات القانونية، العدد 3-4 ، سنة 2005، ص. 245 ).
كما قضت المحكمة الادارية بالدارالبيضاء بتاريخ 20-2-2002 بالغاء قرار امتناع رئيس غرفة الصيد البحري من عقد دورة استثنائية بطلب من ثلث الاعضاء لانه يشكل مخالفة للقانون ويتسم بالشطط في استعمال السلطة. (ريمالد، المرجع السابق، ص. 222
وقضت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 11 دجنبر 2003 بالغاء قرار وزير التربية الوطنية بعزل موظف اثبت ان تغيبه كان مبررا بحالته المرضية واثبت توصل الادارة بشهادات طبية تفيد ذلك قبل اتخاذ القرار بوقت طويل وان الادارة لم تحترم مقتضيات الفصل 75 من النظام الاساسي العام للوظيفة العمومية مما يجعل القرار مشوب بعيب مخالفة القانون. ( المجلة المغربية للمنازعات القانونية، العدد 3-4 ، 2005، ص.252 )
وقضت المحكمة الادارية بوجدة برفض طلب الغاء قرار اداري اسند المنصب الشاغر الى معلمة حديثة العهد تقدم به احد الموظفين بسلك التعليم معللة حكمها "بان العمل على تجنيب الاناث المدرسات المشاق والانشغالات التي يتعرضن لها عند تعيينهم في المناطق النائية وجعل هذا التعيين مقتصرا على المدرسين الذكور ليس فيه اي خرق للقانون ولا يمس بمبدا المساواة وانما يخدم المصلحة العامة المتمثلة في الرفع من مستوى المردودية وتربية النشىء في احسن الظروف". ( مجلة القصر، العدد 10، يناير 2005، ص. 2 ).

ومن جهة اخرى فانه يشترط في المحل ان يكون ممكنا من الناحية القانونية ومن الناحية الواقعية كذلك. فلا يمكن اتخاد قرار بتعيين موظف مثلا اذا لم يكن هناك منصب مالي شاغر او اتخاد قرار بترقية موظف الى درجة اعلى بالرغم من وجود الدرجة المرقى لها مشغولة او غير شاغرة.
كما لا يمكن اتخاد قرار بهدم منزل آيل للسقوط اذا تبين ان المنزل قد انهار فعلا قبل اتخاذ القرار. ويترتب عن ذلك ان مثل هذه القرارات الادارية تصبح منعدمة وليس فقط قابلة للبطلان او الالغاء. والفرق بين القرار المعدوم او المنعدم والقرار الباطل او القابل للالغاء هو ان القرار المعدوم لا يتحصن بفوات آجال الطعن بالالغاء.
وخلاصة القول انه كان حريا على الجريدة ان تنشر القرار الاداري باكمله قبل التعليق عليه حتى يتسنى للباحث ان يتفحص الاوجه المعتمدة من قبل الطاعن وان يتفحص كذلك التعليل الذي اعتمدته المحكمة. فاذا كان وزير العدل قد اصدر قرارا ضمنيا بالرفض فان من واجب الطاعن الدفع بانعدام السبب وهو ما اعتمدته المحكمة الادارية. اما اذا افصحت الادارة على ان السبب يكمن في الاعتماد على مشروع قانون ينص على ضرورة قضاء فترة تمرين بدل القانون الذي لا يشترط هذا التمرين فان الامر يختلف ويصبح الطاعن اذن محق في الاعتماد على الدفع بمخالفة القانون كشرط لقبول طعنه بالالغاء.
اما فيما يخص التعليق على القرارات القضائية فانه يتطلب منهجية وتقنيات سيكون لنا معها موعد في الاسبوع المقبل بحول الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حقن بمواد غريبة سببت تشوهات على أجسادهم.. شهادات من معتقلين


.. الأمم المتحدة: 120 مليون لاجئ ونازح قسراً حول العالم بسبب ال




.. المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: سوريا ما زالت


.. People in Argentina are protesting President Milei’s economi




.. Stonewall Pioneer Talks to LGBTI Activists About Pride