الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفعة على خد ناعم

خالد صبيح

2006 / 4 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


انسحب الجعفري من ترشحه لمنصب رئيس الوزراء عن الائتلاف العراقي الموحد استسلاما للأمر الواقع بعد حملة الضغط الكبيرة التي مورست ضده من قبل الأطراف السياسية المشاركة في السياسية القائمة في العراق الآن. لكن السيد الجعفري، ومعه الائتلاف خاضا، قبل الانسحاب، صراعا قاوما فيه الضغوط الكبيرة التي تعرضا لها من كل الإطراف وحاولا أن يوجها الضربات بدورهما لا أن يتلقيانها ويصدانها فقط. فقد أوحوا، في خضم المناوشة السياسية، لرئيس جمهورية العراق بأنهم يمكن أن يقوضوا مسالة ترشيحه ويعيدونه إلى الإقليم الكردي ليتصارع على فضلة السلطة هناك، مما دفع <الرئيس!> لأسباب عديدة، لان يهادن الائتلاف بتصريحات تذكر بتحالفه معهم. وكذلك رفض الائتلاف ترشح السيد الهاشمي عن جبهة التوافق كيدا به، لأنهم يدركون، كما يدرك الجميع أن من سيأتي بعده لن يختلف عنه، مثلما هو الأمر مع السيد الجعفري، طالما أن المصدر الفكري والسياسي والتنظيمي واحد وبالتالي لايمكن لأي بديل أن يشكل نقيضا لبديله. فلا الدليمي ولا السامرائي ولا المالكي أو الاديب هم اقل طائفية من سلفيهما. لكن وكما يدرك الجميع أن الإلحاح < الذي ستلحقه تنازلات> على إبعاد السيد الجعفري كان بنوايا ابتزاز وتباري سياسي للحصول على اكبر قدر ممكن من التنازلات من الخصم وبنفس الوقت من اجل تقويض وحدة الائتلاف وإضعاف حيازته للشارع. وإلا كيف يتهم الجعفري بالقصور بمفرده وكأنه الحاكم الفعلي والوحيد للمسيرة القصيرة التي أدار بها الحكم؟< وهي مرحلة مليئة، بلا شك، بالقصور والضعف> مثلما كانت سابقتها ومثلما ستكون لاحقتها أيضا. أقول لماذا جرى الإصرار على تحميل الجعفري المسؤولية وحده مع إن من اعترض عليه يعرف أن حكومة الجعفري هي حكومة واسعة، قريبة لما يشترطونه الآن، وفيها أتباع للجماعات السياسية المعترضة عليه. ثم أليست مسؤولية إدارة الدولة، حسب الدستور، تضامنية وتكاملية وهي مكونة من رئاسة الجمهورية<البدناء الثلاثة> ورئاسة مجلس النواب بالإضافة إلى رئاسة الحكومة؟ الم يمتعض الطالباني من محدودية الصلاحيات الممنوحة له كرئيس للجمهورية وطالب بتوسيعها< تفصيل دستور على مقاسه> ومارس هذا التوسيع للصلاحيات بغير ما عودة للدستور؟ الم يكن الطالباني أكثر حضورا من السيد الجعفري في كل المناسبات وكان يصرح ويقول آرائه بكل المواقف. فلماذا على الجعفري أن ينسحب وحده ويتحمل المسؤولية عن الإخفاقات طالما أن الجميع مسؤول عنها. لم لا يرحلون هم أيضا ويمنحون غيرهم فرصة؟

لاينبغي، برأيي، أن نشغل رؤوسنا بهذه التساؤلات لأنها سوف لن تغير شيء من الواقع الذي رسمت ملامحه مرة واحدة والى الأبد، كواقع طائفي محاصصي تديره طبقة سياسية فاسدة.

لكن ماذا سيحدث لو إن الائتلاف أعاد انتخاب الجعفري مرة أخرى؟

سيذهب الآخرون إلى البرلمان لحل النزاع وتشكيل كتلة برلمانية أخرى تبعد الائتلاف وتأخذ هي بزمام الأمر بيدها.

ولاشك من أن هذا ما يتحسب له الائتلاف الآن رغم إن تشكل هذه الكتلة، إذا لم تباركه أمريكا، غير ممكن عمليا في هذه اللحظة لأسباب تتعلق بعدم النضوج التام للحظة الانقضاض عليه، بالإضافة إلى أن تحالف< مرام> بهجنته المريبة غير منسجم تماما للإرث الطائفي والعنصري للقوى المتحكمة به <جبهة التوافق العراقية> لهذا بدت علائم تفكك بسيطة عليه حيث أعلنت القائمة العراقية عن سحب اعتراضاتها على السيد الجعفري< ربما لإدراكهم أن لا حصة لهم بغنيمة السلطة>. كما أن التحالف الكردستاني بدوره لا يغامر بفك تحالفه مع الائتلاف العراقي لأنه يستطيع أن يرتكن إلى الائتلاف كطرف سياسي يشكل وجوده، قويا، عاملا مهما لمساعدة التحالف الكردي على فرض أجندته لصالح مشروعه المستقبلي في الانفصال، فبعض القوى النافذة< المتشددة!!> في الائتلاف لها ميل شديد وصريح للانفصال بإقليم الجنوب، ولاشك أن انفصال الأكراد عن دولة مفككة يمنحهم قدرا على المناورة الإقليمية والدولية أكثر من واقع انفصالهم عن دولة موحدة. هذا بالإضافة إلى أن الأكراد لا يرتكنون للحليف الجديد ألبعثي ـ السلفي لسوابقه المخيفة.

من ناحيته أدرك الائتلاف هذا الواقع. ولهذا فهو يخشى أي تقارب يجمع بين خصومه في كتلة كبيرة تنافسه. وهذا التخوف، في الواقع، ينتاب الجميع، فكل كتلة تخشى أي تقارب للكتل الأخرى فيما بينها. لهذا نرى أن الجميع يستغرق في لعبة التجاذب الدائرة الآن. وكل طرف يريد أن يضعف الطرف الآخر بمحاولته جذب الكتلة الأخرى إلى جانبه. والواقع يظهر أن نصيب الأكراد لحد الآن اكبر في هذه اللعبة فالطرفان الطائفيان< السني والشيعي> متباعدان لدرجة يصعب الجمع بينهما لهذا نرى أن الطرف الكردي يسعى لابتزازهما معا.

بالنسبة للائتلاف العراقي لم يئن بعد أوان قلب الطاولة على الجميع. فالانسحاب من الشراكة في الوطن لم يحن بعد رغم كل الاستعدادات الحثيثة لتركيز نفوذه في مناطق الجنوب والوسط كمدخل لجعل دولته أمر واقع مثلما فعل ويفعل الأكراد الآن.

ألازمة بدأت في التحلحل لان عفونة عقد الصفقات< وهو اصطلاح اخذ ينتشر بعلنية في الأيام الأخيرة> بدأت تزكم الأنوف والجميع يتعرضون للضغط، داخليا بنفاد صبر الشارع< وهو لا يخيفهم ولا يشغلهم كثيرا> من خلال مطالبة المرجعية بالإسراع بالحل، وخارجيا بإلحاح
< أولي الأمر> الأمريكان، على إنجاز مهمة تشكيل الحكومة. لكن هذا التحلحل مؤقت. فما جرى ما هو الا نهاية لجولة الأولى من الصراع وستخرج الأطراف المتصارعة لتعيد ترتيب أوضاعها لخوض جولة قادمة بصراع لن ينتهي طالما بقيت هذه الطبقة السياسية الفاسدة تتحكم بمقدرات الوضع العراقي.

أكيد أن الائتلاف الموحد، بتلقيه الصفعة، قد هزم، وهو حتما سيسعى لردها.. لكن المصيبة أن الصفعات هذه لا تجد مكانا مريحا لها غير <الخد الناعم> للمواطن العراقي الفقير والمغلوب على أمره الذي لايني يغرف من خزين الكوارث الهائل المحيط به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين في البحر الأحمر والمحيط الهن


.. لجنة مكافحة الإرهاب الروسية: انتهاء العملية التي شنت في جمهو




.. مشاهد توثق تبادل إطلاق النار بين الشرطة الروسية ومسلحين بكني


.. مراسل الجزيرة: طائرات الاحتلال تحلق على مسافة قريبة من سواحل




.. الحكومة اللبنانية تنظم جولة لوسائل الإعلام في مطار بيروت