الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة العربية والعلوم المعاصرة

صبحي عبد العليم صبحي
باحث بالفكر الإسلامي المعاصر

(Sobhee Abdelalem)

2019 / 2 / 20
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


إن المثقف الواعي يري أن التاريخ يسير من الاجتماع الي الانعزال والتفرد ، فتاريخ العلم كل يوم يفاجئنا بعلم جديد استقل عن باقي العلوم . فقديما كانت الفلسفة هي أم العلوم ، فتجب الفلسفة في تلك العصور كل العلوم الطبيعية والرياضية والهندسة والطب والعلوم الانسانية ايضا . وفي مستهل ميلاد الحضارة العربية اضحى العرب يترجمون التراث الفلسفي اليوناني عن اللغة السريانية ، ثم إنتقلوا للترجمة من اللغة اليونانية مباشرةً . فأضحي التراث المعرفي للإنسانية باللغة العربية مما جعل اللغة العربية لغة الثقافة والعلوم في هذا العصر – وهو القرن الرابع الهجري – والذي إتسم بالتنوع الثقافي، والتعدد المذهبي الذي يؤدي بطبيعة الحال الي غزارة الإنتاج الفكري . إلا أن حدثت قطيعة عن ذلك العصر , فوقفت اللغة العربية مكتوفة الأيدي أمام العلوم المعاصرة ، بل إنها تقهقهرت الي الخلف لتقف خلف العلوم المعاصرة ، عاجزة عن إنتاج مصطلحات تعبر عن تلك العلوم أو تساهم في بنائها وتطورها ، فهناك العديد من المفاهيم في العلوم المعاصرة التي تعجز اللغة العربية عن إنتاج مصطلحات لها تحايث المصطلحات الاجنبية ( بلغة المنتجين لتلك العلوم) , مما يزيد من صعوبة عملية الترجمة ومحاولة اللحاق بالتراث الإنساني والحضاري والالتقاء الثقافي والتنوع الفكري ، لانه بطبيعة الحال يجعل الناطقين بالعربية والكاتبين بها منغلقين علي انفسهم خاضعين للأطر المحدودة التي تفرضها اللغة – التي لم تعد قادرة علي مواكبة علوم العصر – ويزيد من أزمة فهم الأخر والالتقاء المعرفي .
وهذا العجز ليس قابعا في اللغة ذاتها ، فما اللغة سوي وعاء للفكر علي حد قول الفيلسوف الالماني هيجيل ، فتلك اللغة عينها كانت مسيطرة علي العلوم في عصر من العصور ، وإنما يعني ان الإنتاج المعرفي للمتحدثين بتلك اللغة لا يساهم في الحضارة المعاصرة ولا في العلوم وتطورها بمثقال ذرة ، بل إنه لا يستطيع فهم تلك العلوم والولوج بها لينتج مصطلحات لتلك المفاهيم الجديدة التي تطرحها العلوم الانسانية والطبيعية والرياضية .. إلخ كل يوم علي الساحة العلمية والفكرية ، مما يعني اأن الإنتاج المعرفي للناطقين بالعربية يدور في حلقة مفرغة لا يأتي بجديد . فهو ينحصر في أطر إثبات الهوية المفتقده كونه اضحي لا يمثل أهمية للعالم سوي انه يعتبر أكبر سوقا مستهلكة للإنتاج الغربي ، سواء علي المستوي المعرفي ( الإبستمولوجي ) أو المستوي الأداتي ( التكنولوجي ) . مما يجعل البحث العلمي المعاصر للناطقين بتلك اللغة ينصب علي دراسة تاريخ التراث العربي لمحاولة إثبات جدارة تلك العقلية بالقيادة والإنتاج المعرفي ، ومحاولة إثبات أن الحضارات الغربية ما هي إلا نتاج إستخدام العلوم العربية التي أنتجها العلماء والمفكرين العرب في القرون الماضية . مما جعلها تغفل عن تحديات العصر وتتقهقر الي الخلف وتنظر الي الماضي كونه يمثل حقيقتها الثقافية فيرددون ( أن العرب هم صناع الحضارة في قديم الزمان )، والحاضر كونه مزيفا لتلك الحقيقة وتحاول الهروب والتنصل منه ( بأن المنتجين للثقافة في العصور الماضية هم العرب ، وليس العرب العاجزين عن كل شيء في هذا العصر - سوي الإستهلاك – بطبيعة الحال الممثلين للعروبة والعرب )، وتغفل تماما عن المستقبل ، مما يجعل محاولة رسم خارطة للمستقبل العربي أشبه بمحاولة سيزيف للصعود بالصخرة الي قمة الجبل ، محاولة عبثية شبه مستحيلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز