الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنوان سياسي للعمال

يعقوب بن افرات

2006 / 4 / 22
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


خرج حزب دعم من الحملة الانتخابية بعدة انجازات اهمها بلورة نواة عمالية صلبة ترى في الحزب اطارها السياسي؛ انتشار دعم كحزب عمالي على مستوى قطري، عربي واسرائيلي. نجاحنا في فرض انفسنا كتيار عمالي جاء اثباتا على وجود حاجة وفراغ كبير، بعد ان اهملت الاحزاب الاخرى العمال واكتفت بتمثيل شريحة ضيقة من الطبقة الوسطى العربية التي سيطرت على العمل السياسي.
يعقوب بن افرات

في يوم الاربعاء، يوما بعد الانتخابات، فتح حزب دعم مكاتبه. كما هي عادته على مدار 365 يوما في السنة. حملة الانتخابات لم تكن بالنسبة لنا مجرد عملية لجباية الاصوات، بل اسلوبا من اساليب تجنيد الطبقة العاملة وبناء قوتها السياسية، لتكون جاهزة لانتزاع حقها بالتمثيل البرلماني ايضا.

رغم قلة عدد الاصوات الذي حصلنا عليه (3695) الا ان دعم كان الشيء الجديد والحيوي في الحملة الانتخابية الاخيرة. الاحزاب العربية الثلاثة التي زادت قوتها البرلمانية وحظيت بعشرة مقاعد رغم انخفاض نسبة التصويت، لم تستطع ان تفجر وسائل الاعلام. فمصير هذه الاحزاب ان تعيش على هامش الكنيست، بعد ان عزلت نفسها وجماهيرها ببرامج قومية او طائفية منغلقة. مكاتبها التي انتشرت في الوسط العربي قبل الانتخابات، عادت لتنغلق وتعزل نفسها عن جماهيرها، حتى الانتخابات القادمة.

دعم تمكن من البروز اعلاميا لانه يسعى للبناء. بناء قاعدة عمالية تمكّنه مستقبلا من دخول الكنيست لطرح مطالب وقضايا العمال، وتمكنه على المدى القريب من تحقيق المزيد من الانجازات على صعيد رفع مستوى معيشة العمال. وحتى لو ان القاعدة التي خرجنا بها لم تتسع لتشمل عشرات آلاف العمال، الا اننا نجحنا في بلورة نواة عمالية صلبة ترى في الحزب اطارها السياسي، بعد ان اكتشفت الامكانيات المتاحة امامها للتأثير على الرأي العام وتغيير وضعها الاجتماعي.

الاهم كان اكتشاف العمال الطاقات الكامنة داخلهم. لقد اصبح العمال ابطال هذه الحملة الانتخابية، واستطاعوا احتلال مكانة بارزة في الساحة السياسية. احدى اهم نتائج الحملة الانتخابية كان انتشار حزب دعم كحزب عمالي على مستوى قطري، عربي واسرائيلي. جاء هذا نتيجة طيبة لقرارنا تركيز الحملة على إشراك العمال في كل مراحلها. من الدعاية الانتخابية، وحتى العملية الرمزية التي شارك فيها عامل البناء احمد تركي الذي يعمل في الكنيست من خلال جمعية معًا، في تقديم القائمة الانتخابية للجنة الانتخابات في الكنيست. ابراز اهم الصحف الاسرائيلية لهذا الخبر غير المعتاد، كانت اللحظة التي خرج فيها العمال من وضعهم كاغلبية صامتة لا يأخذها احد في الحسبان.

وكلما كثرت المقالات الصحافية والمقابلات التلفزيونية والاذاعية مع حزب دعم، كلما تأكد ان الحزب العمالي ليس شعارا فارغا، بل واقعا معتمدا على عمل ميداني دؤوب مستمر منذ سنوات. العمل الميداني والسياسة النظيفة كانا الاساس للشعبية التي حظي بها دعم، خلافا للفساد وسياسة شراء الولاء التي ميزت الاحزاب الاخرى. وقد بدا الفرق واضحا بين شعارات الاحزاب العربية التي تغنت بالوطنية في المنابر الاعلامية المختلفة، وبين طرح الحزب العمالي الملتصق بهموم الطبقة العاملة لدرجة ما كان بالامكان تجاهلها او نفيها.

وإذا كان السؤال في بداية الحملة الانتخابية – ما الحاجة لبناء حزب اضافي في ظل كثرة الاحزاب التي تُدرج الموضوع "الاجتماعي" في برنامجها؟ فقد تبين مع تقدم الحملة الانتخابية ان هناك ضرورة لانشاء تيار عمالي كبديل للتيارين الديني والقومي اللذين اهملا العامل. في هذه الانتخابات تبين ان الاحزاب القومية او الدينية، متفقة في تمثيل شريحة ضيقة من الطبقة الوسطى العربية التي احتلت العمل السياسي. لذا فعندما، قرر العمال تمثيل انفسهم بانفسهم، لم يكن لأي جهة المبرر لتلغي الحاجة لذلك.



غياب السياسة

رغم المصداقية التي يتمتع بها دعم، الا انه ليس من السهل ترسيخ حزب سياسي جديد على الساحة. السبب هو اللامبالاة وغياب السياسة عن الشارع العربي تحديدا. لقد فقدت الناس الثقة بالسياسة كأسلوب يمكنهم من خلاله تحقيق مكاسب ملموسة.

واضح ان هناك قاعدة "سياسية" تصوّت للجبهة او للحركة الاسلامية. ولكن التصويت عن قناعة سياسية، يبقى في دائرة ضيقة جدا، لا تصل الى 200 الف صوت منحتها الجماهير العربية للاحزاب العربية. والواقع ان التصويت في الشارع العربي لا يتم على اساس سياسي بالمعنى المتداول للكلمة. فالمواطن لا يختار برنامجا بل شخصا، ابن الطائفة مثلا او ابن البلد، او ممثل الحمولة الذي يغير ولاءه للاحزاب المتنافسة عليه، حسب المصلحة الآنية.

ومن هنا فان مهمتنا مزدوجة: بناء عنوان سياسي عمالي جديد، والسعي لاعادة الاهتمام السياسي للشارع العربي. وهي ليس بالمهمة الهيّنة خاصة في ظل حال اليأس النابع من ارتفاع نسبة الفقر.

ولكن لدينا امل. فما تمخض عن هذه الانتخابات هي فرصة ذهبية لتطوير الحزب العمالي وتوسيع صفوفه. الحملة الانتخابية اثبتت حيوية الحزب وإمكانيته التأثير على الساحة السياسية. هذه النخبة العمالية، هذه الطليعة الجديدة التي مارست العمل السياسي واحتكت بالجماهير، بدأت تلمس الفرص المتاحة امامها. تسلحها بالبرنامج السياسي الواقعي الذي يستجيب لطموحات ومصالح الطبقة العاملة برمتها، يضع على عاتقها مسؤولية خاصة بصفتها الطليعة العمالية. نجاحها في مهماتها سيحولها دون ادنى شك الى قدوة يحتذي بها سائر العمال في البلاد.



وضع حزب دعم

لقد تغير وضع حزب دعم في الحملة الانتخابية الاخيرة، على المستوى الداخلي ايضا. فقد كان قرار المشاركة في الانتخابات مدعوما بقرار جماعي للعمال المنخرطين في العمل النقابي. ثم جاء قرار مجموعة كبيرة الانضمام للنشاط الحزبي بعد ان اثبتت التجربة الانتخابية صحة موقفنا والتعاطف الكبير الذي حظينا به في الشارع العربي والاسرائيلي.

وجود عمال في الحزب يشير الى اننا على ابواب التحول النوعي، الذي كان احد الاهداف التي حددناها لأنفسنا منذ اليوم الاول لتأسيس الحزب: وهو بناء حزب مشكّل من اغلبية عمالية يكون لها القول الفصل. هذه النقلة النوعية لا بد منها اذا اراد الحزب ان ينتشر في صفوف الطبقة العاملة لتحقيق برنامجه السياسي والاقتصادي.

ان المهمة الاساسية للحزب بعد الانتخابات هي استيعاب هؤلاء العمال الذين قرروا ربط مصيرهم بمصير الطبقة العاملة وحزبها. وليست هذه المهمة بالامر المفروغ منه، نظرا لعدم وجود تقليد وتراث عمالي، نابع من غياب الطبقة العاملة عن الساحة السياسية منذ سنوات طويلة. التأهيل السياسي لهؤلاء العمال هو المقدمة لخوض الانتخابات القادمة مع نشيطين منظمين حزبيا، يملكون القدرة لإقناع وقيادة رفاقهم العمال، والتطلع نحو قيادة المجتمع ككل. التحدي كبير ومثير، وممكن التحقيق اذا خضناه بكل الجدية والثقة بالنفس.



* يعقوب بن افرات، الامين العام لحزب دعم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجر بقيادة أوربان تتسلم الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي..


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية.. التجمع الوطني: الإغواء الأخي




.. انتخابات فرنسا.. ماذا سيحدث إذا لم يحصل أحد على أغلبية مطلقة


.. مستقبل غزة في -جيوب إنسانية- .. ملامح -اليوم التالي- تتكشف




.. إسرائيل تعتزم بدء المرحلة الثالثة من الحرب على غزة خلال أيام