الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب بعد 2018 ..

أماني فؤاد

2019 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


في الأيام الأخيرة من 2018 راودني سؤال افتراضي استدعي بعض الشجون والأفكار، لو أراد العرب الاستمرار في البقاء ضمن هذه الحضارة الكونية ترى ما المشروع الثقافي الذي يجب أن يتبنونه لاحتمال البقاء؟ هل يمكننا تخيل شكل المستقبل لو أنّ الصراعات المشتعلة بين ملوك أكثر البلدان العربية ورؤسائها ظلت قائمة، ولو استمرت حريات الشعوب عرجاء في معظم الأقطار تتنفس داخل أروقة معتمة، واستمر الحجر على الآراء، والرقابة على الممارسات الحزبية السياسية المعارضة إلا ما ندر. هذه الأجواء المقلقة التي تستغلها القوى الاستعمارية بأقنعتها المتعددة، حيث باتت لا تخجل من التصريح بأطماعها ولا تجميلها.
هل هناك مستقبل للعرب والهوية الإسلامية بالأساس لو استمر تناحر المذاهب وتقاتل التيارات الدينية التي تتقنع جميعها باسم الدين، وتتخذ من تفسيرات نصوصه الحمالة لأوجه متعددة مستنداً لكل فريق لتسفر الاختلافات المذهبية والطائفية كل يوم عن مزيد من القتل والدماء وأنواع متعددة من الكراهيات؟
أحسب أننا لو قُدّر لنا وجود على الخريطة الإنسانية لن يكون إلا بتبني مشروع ثقافي متعدد المستويات والمجالات..
أولا: الإعلاء من قيمة العقل البشري الناقد المبدع وعده المنطلق لقياس الواقع وتأمله وتفسيره ومن ثم تطوير معطياته ولن يتحقق هذا إلاّ بسن مناهج تعليمية وسياسات تشتغل على خلق العقلية الناضجة التي تدرك مناهج التفكير، ومن شأنها أن تواجه الوجود في خضم عالم يتقدم بسرعات فائقة، وتسهم في تقليص مساحة الخلافات القائمة في المسألة الدينية بتقليص الإلحاح على إقحام الدين ومسائلة الخلافية في كل صعيد وشأن وحدث، ورفض كل المذاهب والتيارات الدينية التي تحارب الاجتهاد والتطور وتدعو للعنف، بل حظر نشاطها الفكري والاجتماعي وتجريمها، واحترام الدين في مساحته الفردية التي جوهرها علاقة الفرد بالإله، ومقاطعة كل المسائل الخلافية المذهبية وتهميشها، وتحجيم كل النشاطات التي تزيد من مساحات الاحتقان بين مواطني البلد الواحد سواء كانوا أقليات أم أغلبية.
ثانياً: إعلاء القانون وسيادته وتطبيقه على الجميع الذي هو المرتكز الأول لضمان الحريات، وتداول السلطات، والقطيعة مع كل ما يثير خلافات في الجانب الديني بالحياة ويشعلها. وفي حالة تحقق هذا بالموازاة مع غربلة كثير من الموروثات الاجتماعية والعادات والتقاليد نستطيع أن نجد نقطة انطلاق تسائل الهوية وتطورها وهنا يجب الإشارة إلى عدد من الخطوات أبرزها:
ـــــ أن توجه اقتصاديات الأقطار إلى شعوبها ولا تستأثر بها فئة قليلة من السلطات الحاكمة أو من يتبعها، وتحقق التنمية البشرية المستدامة بمعناها الواسع الثقافي والتعليمي والاقتصادي.
ــــ أتصور أن مقولات الوحدة العربية يمكن أن نتناولها بواقعية في حدود وحدة اقتصادية تعتمد على تكامل الطاقات والمصادر المتعددة لدى الدول العربية.
ـــــ تشجيع انفتاح العقل العربي على الفنون المختلفة وتغذية المناهج الدراسية بها لأنها إحدى الوسائل الأكثر فاعلية في استثارة الفكر، وتثمين الحريات، ومن ثم قبول الآخر، ومحاربة الفكر المتعصب الإقصائي.
ــ تبني حالة من الحوار شرط اشتباكه مع القواعد العريضة من الشعوب تُسخر لها كل المنابر المتاحة للدعوة لاحترام إسهام العقل وتطوره، وغربلة الموروثات ونشر الفكر التنويري المتسامح؛ لدحض وتكسير حالة تمدد قوى الرجعية المنظمة والمنتشرة في جموع الشعوب العربية.
الجدير بالملاحظة أن من يشكّل المشهد الثقافي العام في المنطقة العربية ومصر مجموعة من الإعلاميين المشعلين للحرائق الذين لم يسهموا بدور في تثقيف قطاعات الأغلبية من شعوب لم تزل تعاني من الأمية، بعضهم تحركهم أطماعهم ويلتصقون بمن يحتل مقعد السلطة أياً كانت آيديولوجيته، وتتعدد أدوارهم فهم إمّا تبريريون، أو يمثلون دور أبواق المعارضة، يتقوتون بنهم ممن يخدمون مصالحهم المباشرة سواء لقوى داخل بلدانهم أو خارجها. نحن بحاجة إلى أصوات صادقة بلا مصالح يعلون من صوت العقل والقانون، بإمكانهم الوصول لأكبر قاعدة من الجماهير، وينتصرون للمستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل