الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في كل الأحوال : أنها ديمقراطية

طارق الحارس

2006 / 4 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ان اختلفنا أو اتفقنا على ما يجري من أحداث سياسية بالعراق ، لاسيما ما يخص الاختلاف الحاصل بين القوى السياسية حول تسمية رئيس وزراء العراق القادم فانه لا يمكن تفسير ذلك الا بأن العراق يعيش حالة ديمقراطية جديدة في حياته السياسية تمتع بها بعد سقوط النظام الدكتاتوري،إذ أن الأمر يحصل وفق مناقشات واجتماعات ومفاوضات دون استخدام البندقية ، بشكل علني ، بين الأطراف السياسية المختلفة( على الأقل لحد هذه اللحظة) .
ربما أن بعض القوى السياسية العراقية لم تفهم الديمقراطية على حقيقتها لحد الآن . لن يلومها أحد على ذلك فحالة الديمقراطية جديدة في الحياة السياسية العراقية ، لاسيما بعد معاناتها من عصر الدكتاتورية الذي مر على العراق تحت ظل النظام السابق . لقد حصل الأمر نفسه مع الحرية التي حصل عليها الشعب العراقي بعد سقوط النظام ، إذ أن أغلب أبناء الشعب العراقي تصرف بفوضوية بحجة أنه يتمتع بالحرية . هذا هو حال الديمقراطية بالعراق الآن ، إذ أن الفوضوية هي السمة الغالبة على ما يحدث في العملية السياسية هذا من جانب ، ومن جانب آخر فان بعض القوى والشخصيات السياسية تفضل المصلحة الشخصية على مصلحة البلد متناسية أن من الأسباب المهمة التي ساهمت في اسقاط النظام السابق هو تفضيله مصالحه الشخصية على مصلحة البلد .
نأخذ مثالا : الدستور العراقي أقر أن الكتلة الفائزة بأكبر عدد من المقاعد النيابية هي الكتلة المخولة لتشريح الشخص الذي سيشغل منصب رئيس الوزراء ، لكنه لم يقر على أن ذلك الترشيح يكون ملزما ، إذ أن الموافقة على تسلم هذا المنصب يجب أن تحظى بموافقة الكتل السياسية الأخرى . لقد فازت كتلة الائتلاف الشيعي بأكبر عدد من المقاعد النيابية وقامت بترشيح الدكتور ابراهيم الجعفري . الكتل الأخرى رفضت أن يكون الجعفري رئيسا للوزراء . بعض أطراف كتلة الائتلاف تصر على ترشيح الجعفري وتعد تنحيته بعد ترشيحه من طرفها انتقاصا منها . الجعفري بدوره يصر على الترشيح بحجة أن الشعب اختاره . هل يعني ذلك أن الشعب هو الكتلة الشيعية فقط ؟
لا نريد أن نعبر عن رأينا في ذلك ، لكننا نشير الى التصريحات العديدة التي انطلقت من أعضاء مهمين في قائمة الائتلاف الشيعي التي طالبت الجعفري بسحب ترشيحه لمنصب رئاسة الوزراء ! من المؤكد أن تلك التصريحات تدخل في خانة الفوضوية التي تعيشها الديمقراطية بالعراق ، إذ من غير المعقول أن يختلف أعضاء في ائتلاف واحد حول مرشحهم لرئاسة الوزراء .
مثال آخر : الحزب الاسلامي قام بترشيح طارق الهاشمي لرئاسة البرلمان . قائمة الائتلاف رفضت الهاشمي وطلبت ترشيح شخصية أخرى من الحزب الاسلامي . الرفض قوبل بهجمة شرسة من الحزب الاسلامي . يبدو أن الحزب الاسلامي وفي ظل الفوضوية الديمقراطية التي يعيشها العراق يحق له ما لا يحق لغيره . لقد تناسوا رفضهم للجعفري مرشح الائتلاف لرئاسة الوزراء ، لكنهم سرعان ما تداركوا ذلك التناقض ليعلنوا عن تنحي الهاشمي عن المنصب الذي رشح اليه وهو منصب رئيس مجلس النواب وقاموا بترشيح شخصية أخرى ، إذ أشارت الأنباء في بداية الأمر الى أن عدنان الدليمي هو البديل ، لكن الأخبار المتلاحقة اشارت الى أن المرشح هو الدكتور محمود المشهداني .
مثال آخر : رشحت القائمة العراقية رئيسها الدكتور أياد علاوي لمنصب نائب رئيس الجمهورية . اعترضت جبهة التوافق التي يرأسها عدنان الدليمي على هذا الترشيح بحجة أن هذا المنصب من حق العرب السنة مع أن الدستور الدائم للعراق والذي وافق عليه الدليمي لم يتضمن هذا الاشتراط .الغريب في الأمر أن القائمة العراقية متحالفة مع جبهة التوافق وقد شكل هذا الاعتراض صدمة للقائمة العراقية لم تكن قد دخلت في حساباتهم . لا يمكن وضع هذه الصدمة الا في خانة الفوضوية الديمقراطية .
مثال آخر : جلسة البرلمان الثانية تأجلت أكثر من مرة لسبب واحد هو عدم اتفاق الكتل البرلمانية على توزيع المناصب الرئاسية ( رئيس الجمهورية ونائبيه - رئيس الوزراء ونائبيه - رئيس مجلس النواب ونائبيه ) . التأجيلات المستمرة لجلسة البرلمان الثانية ساهمت مساهمة واضحة في ازدياد سقوط عشرات الأبرياء من العراقيين .
هناك العديد من الأمثلة التي من الممكن سوقها بهذا الصدد ، لكننا سنكتفي بهذا القدر على أمل أن ينتقل العراق وسياسييه الى حالة أخرى ، حالة متقدمة من الديمقراطية ، لكن السؤال هو :
متى يتم الانتقال من هذه الفوضوية ؟
نؤكد هنا على أننا في عجلة من أمرنا بالرغم من أن الأمر لم يصل ، لحد هذه اللحظة ، الى استخدام البندقية بين الأطراف السياسية ، بشكل علني ، وبالرغم من أننا قد تخلصنا من عصر الدكتاتورية ، عصر الرأي الواحد ، والحزب الواحد ، إذ يجب أن ينتبه أهل السياسة الى أن الفوضوية التي يعيشون بها قد أدى بعضها الى حمامات دم نتمنى أن تنتهي بأسرع وقت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة ضرب مستشفى للأطفال بصاروخ في وضح النهار بأوكرانيا


.. شيرين عبدالوهاب في أزمة جديدة وصور زفاف ناصيف زيتون ودانييلا




.. -سنعود لبنائها-.. طبيبان أردنيان متطوعان يودعان شمال غزة


.. احتجاجات شبابية تجبر الحكومة الكينية على التراجع عن زيادات ض




.. مراسلة الجزيرة: تكتم إسرائيلي بشأن 4 حوادث أمنية صعبة بحي تل