الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفن والأيديولوجيا - حبيبي داعشي -

أماني فؤاد

2019 / 2 / 24
الادب والفن


الفن والأيديولوجيا
"حبيبي داعشي"
د. أماني فؤاد
كثيرا ما اجتهدنا في تفسير الضغوط الواقعة على الأفراد الذين ينضمون لتنظيم الدولة الإسلامية أو ما يطلق عليه تنظيم داعش، وتبرير مسلكهم الذي يتركون فيه عوالمهم ويهربون لمجهول يتسم بالغموض، خاصة تحت ما يتداول عن مماراساتهم الدموية اللإنسانية.
قرأت مؤخرا رواية "حبيبي داعشي" "لهاجر عبد الصمد" "منشورات كارم شريف" 2016، بعد أن نشرت الكترونيا ولاقت رواجا بين القراء. توقعت جديدا مميزا فنيا وبشريا؛ لأن الفنون تسجل عادة لتاريخ البشر العاديين، فتكتب الرواية حياة الناس التي تتجاهلهم كتابة التاريخ الرسمي للدول والأنظمة والقادة.
تنطلق الرواية من إطار اجتماعي فترصد لمجموعة من النساء تدفعهن ظروفهن للهرب من مجتمعهن لكونهم مطلقات أو عوانس "ليلى وسميرة"، ومايتعرضن له من مضايقات من أسرهم أو محيطهم الاجتماعي، أو تحرش الرجال المحيطين بهم، وأخريات متطلعات لحياة أكثر عدلا تتحقق فيها القيم الأخلاقية وتوفر مجتمعا مثاليا لأولادهن بعد يأسهن من مجتمعهن "منال"، وأخريات للانتقام من الأنظمة السياسية التي اعتقلت ذويهم وعذبتهم حتى الموت "سارة"، أو عمر بطل العمل الذي شعر بالفساد والعجز عن نيل حقوقه وحبه في بلده التي وأدت كل أحلامه وطموحاته.
ورغم فكرة الرواية غير المطروقة إلا أنها تناولت دوافع من ينضم لهذه الدولة بطريقة ساذجة وسطحية لا يمكن الاقتناع بها، فبافتراض أن هناك قارئا لهذا النص بعد عدة عقود لكان لسان حاله قوله: ما كل هذه السذاجة والخفة والسطحية التي جعلت هؤلاء النساء والرجال ينضمون لهذه الدولة الدموية، وهل كانت المرأة في بداية القرن الحادي والعشرين لم يزل ينظر إليها جسدا قابلا للاشتعال فقط في أية لحظة، يتحكم به الرجال ويلهون به، حيث تمثل قنبلة موقوتة يتوجب تقييدها برجل خشية أن يلحق العار بذويها، تلك الكتابة لا تنم عن خبرة كافية بالمتغيرات الفكرية والاجتماعية التي طالت المجتمع وأفراده، فهناك هشاشة في بناء الشخصيات، وقدر من ترهات الرومانسية الساذجة، ومدى قوة دوافعهم وعلاقاتهم ببنية المجتمع، كما لا يتوافر بها شرط الصراع الحقيقي العميق الذي يدفع الشخوص لتغيير مسار حيواتهن، كما أن المغالاة والتطرف في تصوير سوداوية المجتمع المصري، وتصويره بلا عدل، ويخلو تماما من القيم بلا نقطة ضوء واحدة يدفع باليأس لدى الجميع!
كما تطال الخفة واللاتمكن اللغة، وطريقة بناء الجملة، حتى القدر الذي يشعر القارئ أن الروائية لم تبذل عناء مراجعة نصها لمرة واحدة، فيبدو بناء الجملة وكأنه مترجم عن لغة أخرى بطريقة غير فنية، ويبدو أن وسائل النشر على وسائط التواصل الإلكترونية دفعت بعض الشباب لاستسهال صدور أي عمل متناسين أن تقنيات النص ولغته لا تنفصل عن فكرته بل هي الحامل الرئيسي له، حيث لا يظهر تمكن الكاتبة من بنية الرواية وكيفية هندستها وسبكها.
كما أن تبني أية أيديولوجية بطريقة غير مرنة، وإبراز جانب واحد من الحقائق لا يشيد نصا يقوم على الصراع وتعدد وجهات النظر به، فبرغم موقف الكاتبة المناهض لكل الممارسات التي تقوم عليها دولة داعش وانتهاكاتها لحقوق الإنسان والمرأة إلا أنها لم تبحث بطريقة عميقة عن منطق الطرف الآخر لخلق صراع حقيقي تستولده الحيرة والتردد والمراوحة، ثم تجنيب أو اختيار أحد الأطراف.
اليقينيات والالتزام بأيديولوجية جامدة لا تقبل الحراك سواء كانت سياسية أو دينية، أو فلسفية فكرية عادة لا تتسق وكتابة الرواية القائمة على تعدد الأصوات والشخصيات، وتبدل أفكارهم وأحوالهم، فكما مجت الاذواق الأدب الذي انطلق من الشيوعية وشعرت بالرسائل الموجهة من خلاله، وعلو نبرته الخطابيه، يستشعر القارئ في بعض فقرات هذا العمل خطابية لا تمت لعمق الصراع الإنساني العربي والعالمي في لحظتنا المحتقنة تلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا