الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف أفسر ذلك؟

طارق سعيد أحمد

2019 / 2 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لم أعد احتمل هذا الإنتاج الهائل!. الواقع انفلت من قيوده دفعة واحدة في أعقاب ثورة 25 يناير المجيدة، ومن هذه اللحظة تتدفق وبدون انقطاع موجات واقعية تحمل على متنها مساحات نشطة بالدراما والتراجيديا والمعارك الحية وكثير من الكوميديا السوداء، حتى هذا السخف المتناثر داخل المشاهد السينيمائية يصادفني في زوايا الشوارع!، في البداية راق لي هذا العالم النابض بالحياة الذي تسلل إلى أعماقه خلاصة ابداعية ما أدارت محركاته الصدأة ودعمته بالوقود بعد موته لسنوات، كان فيها وجودي يبحث عن حياة ما!.

مع ذلك، ورغم ذلك، كان التعاطي مع الواقع له مذاق، يصعب الآن تحديد هويته ربما لتبايناته شديدة الاختلاف ولمرونة آليات النسبية المحققة بقوة اجتماعيا وسياسيا داخل الحدود الجغرافية المصرية والحدود الفكرية أيضا، ولكن له مذاق حتى وإن كان بمكسبات طعم خيبة الأمل!.

عالميا يرشف المبدعون من منابع يراكم فيها التاريخ سوائله، وعلى هامش حديثنا أعتقد بأن هذا التراكم الأزلي والمستمر في الزمن هو السبب الرئيس لبقاءنا على هذا الكوكب، لكن ما أزم الأمر هو أن في سنوات "موت الواقع" ما قبل الثورة المصرية كان الأدب والفن بشكل عام ضد جاذبية الواقع، وأحيانا أخرى كان لهما مخالب صلبة ومدببة تخمش في جسده فيثير مشهدا مسرحيا حماسة الجمهور ضحكا أو بكاءا، وكانت قصيدة واحدة قادرة على أن تتظاهر في كل ميادين مصر وحدها والآن.. ماذا الآن؟.

صدمت الواقعية المتدفقة كل شرائح المجتمع وبدون شك المبدعون، وكانت وطأتها بمثابة فيل أسطوري يدهس بأقدامه كل ما يجده في طريقه، أوهكذا أتصور، وربما خانني تقديري لأن هناك من نجا من أقدام الفيل تلك، ولكن بنظرة عابرة سنلاحظ ـ مثلا ـ أطنانا من روايات الرعب الرديئة جدا حيث أنها لم تتجاوز أو تكتشف الرعب الذي يبثه الواقع الآن، وسترى أيضا أكواما من القصائد اللزجة، وأفلاما سنيمائية لا أرى أي مبررا من انتاجها أصلا، والناجح منها بالمعايير السوقية وضع صناعه عناصر القبح أمام الكاميرا وذهبوا إلى شباك التذاكر!، أما بالنسبة للدراما التلفزيونية الأكثر مشاهدة مازالت عالقة في صعيد مصر تبث من هناك حكايات المطاريد والثأر وثرثرة النساء المتآمرات على بعضهن البعض، وكما نعلم المسرح قتلوه السفله.

ينتابني شعورا بأنني انتمي لطبقة انسانية معزولة مؤقتا للدرجة التي تسمح لي بأن أعترف بكل بساطة بأنني لم أشاهد فيلما منذ سنوات، ولم أغامر بفتح كتاب أجهل اسم مؤلفه إلا في لحظات أتهور فيها لمسافة لا تزيد عن 10 صفحات فقط.

فاض الواقع الإنساني هنا واتسع حتى اغرقت أحداثه العالم، وكل ما يمكن أن أقوم به هو جولة في الشوارع أو في القنوات الفضائية الإخبارية لأتلقى ما كنت أظنه خارج حدود الواقع، وبمرور الزمن تحولت إلى "متلقي طبيعي" إن جاز التعبير يفكر في كيفية تقييد الواقع بقيود الاستقرار حتى يتسنى له اكتشافه مرة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في