الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أُمنِياتٌ مُؤجَلة

امين يونس

2019 / 2 / 26
كتابات ساخرة


اُمنِياتٌ مُؤجَلة
امين يونس
إتفقنا أنا وصديقي حمكو ، أن نبدأ يومنا بإبتسامةٍ تفتحُ باب التفاؤل أو ضحكةٍ تشرح القلب ، لوقف مَد الكآبةِ وكسر حاجز السوداوية .. وعادةً ما أفتح اليوتيوب صباحاً ، لأستمتع ب " لقطات مُضحِكة " .
جاءني حمكو قائلاً : إليكَ نُكتةً طازجة . فقاطَعْتهُ : أكيد أنها " بايخة " كالعادة ! .
قالَ مُعترِضاً : إنتظر حتى تسمعها يارجُل ، لماذا أنت هكذا .. هل تستمتع بإحباطي ؟
قلت : هات ماعندك .
قال : سألوا شخصاً : ماهي اُمنِيتُك في الحياة ؟
أجابَ : أن يكون راتبي الشهري عشرون ألف دولار . مثل أبي .
قالوا : واو .. هل أبوك راتبه عشرين ألف دولار ؟
أجاب : كلا . انها أمنيته في الحياة !.
أطلقَ حمكو ضحكةً مُجلجلة وقالَ مارأيك ؟ قُلت كي أغيضه : أنها نُكتةٌ مُبكِية .
لم يُلقِ حمكو بالاً لملاحظتي وإستمرَ في القهقهة ... وقال : أتدري ما يضحكني ؟ سألوا شاباً : كيفَ تتمنى أن تعيش ؟ أجاب : أتمنى أن أعيشَ سعيداً وفي وطنٍ حُر . مثل جّدي ومثل والدي أيضاً . قالوا وعلامات التعجُب واضحة على محياهم : واو .. وهل كان جدك ووالدك سعيدَين ويعيشان في وطنٍ حُر ؟! قال الشاب بحسرةٍ واضحة : كلا . ولكن كانت هذهِ أمنيتهما .
قلتُ لحمكو : اُكّرِر ماقلته سابقاً ... أن نُكتتك مُحزِنة أكثر منها مُفرِحة ، وتُثير المواجِع والذكريات .. بل هي جزئياً وكأنما تتحدث عن أي واحدٍ مِنّا نحن الناس العاديين . فخُذ مثلاً .. لو سألتَ إبنكَ عن أعظم ما يطمح إليه ؟ فأنه سيجيبك : الأمان وضمان مُستقبل أطفالي . مثل أبي وجدي . وعندما تسأله : هل كان أبوك وجدك يعيشان في أمان ومستقبلهم مضمون ؟ سيجيب : كلا . بل كانت تلك أمنيتهما .
نعم ياصاحبي .. لا أدري هل هي لعنة سماوية أو أننا لا نستحق أن نعيش مثل بقية البشر . هل نحنُ متخلفون أباً عن جد وليسَ لنا أي أمَل ؟ أم ان أولي الأمر هم الذين يتحملون المسؤولية ؟
ماذا أقول لك ياحمكو ... خُذ المرحوم والدك مثلاً ، لم يكُن لامُبالياً ولا كان شخصاً سلبياً ، بل إشترك بإخلاص في الحراك السياسي في ذلك الزمان ، ودافع بضراوة عن مايُؤمِن بهِ ، ودفع ثمناً غالياً من حُريته .. فدخل السجون وعانى من المُلاحقةِ والحصار والإبعاد ، وتحملتُم أنتُم أي عائلته ، الكثير من المصاعب والمشاكِل . وحتى أنتَ ، ومع إختلاف الظروف وتبدُل الأوضاع ، لم تُقّصِر في مُحاولة السَير على نهج المرحوم والدك والإهتمام بالشأن العام ( ورغم أنك مجنونٌ نوعاً ما ، ولا أريد أن أمدحك ) فأنك تميلُ نحو العدالة والخير والدفاع عن المظلومين وتُحاوِل ان لاتنخرط كثيراً في الفساد المُستشري ! . لكنك في الواقع العملي ، مثل المرحوم والدك ، لم تستطِع أن تُحّقِق شيئاً يُذكَر لأولادك وبناتك .. وأورثتهم تلك " الأُمنيات " العتيدة في الأمان وضمان المستقبل . ولهذا فأن إبنك أيضاً ( مع الأخذ بنظر الإعتبار ، الفرق في الزمن وإختلاف الأجيال ) مازال يحلم بنفس الأمنيات .
يقول طيب الذكر أرنستو تشي جيفارا :[ مَنْ يقتُلك .. ليسَ مَنْ يطلق عليك رصاصة . بل مَنْ يقتل أحلامَك ] .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بطريقة كوميدية.. الفنان بدر صالح يوضح الفرق بين السواقة في د


.. فايز الدويري: فيديو الأسير يثبت زيف الرواية الإسرائيلية




.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه