الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجوه من الحياة...سي علي الاوجلي ...الشنه

عبد السلام الزغيبي

2019 / 2 / 27
سيرة ذاتية


وجوه من الحياة...سي علي الاوجلي ...الشنه



بقلم/ عبد السلام الزغيبي

هناك تفاصيل وأماكن ودلالات في كل زقاق وشارع وحي ومنطقة ومدينة، تبقى لها ذكريات وأثراً ووقعاً خاصاً على أهاليها وساكنيها تربطهم بذكريات وأحقاب زمنية تجعل هناك لغة تخاطب وود حينما أضحت تلك الأماكن جزء من مراحل حياتهم.
حكايتنا هذه المرة عن أحد الوجوه المعروفة في وسط لبلاد ، قدم من واحة جالو الى بنغازي رباية الذائح..التي احتضنته كما احتضنت كل من قدم اليها من شرق البلاد وغربها وجنوبها، وعاش في محيط كانت تسوده المحبة والطيبة والقناعة والجيرة الطيبة.
عمل في البداية في كوشة اعبيد الشاعري بشارع العقيب، حيث كان يوزع الخبز الطازج على البشكليطة المحملة بالخبز الموضوعة بقفة كبيرة جدا، لدكاكين شوارع لبلاد ويصل حتى منطقة جليانا، مارا بكوبري اللوح، متحملا مشقة الطريق مستمرا في توزيع الخبز، حتى انتهاء العجنة ( الرمية) الثالثة في ظهر كل يوم.دون كلل أو ملل..
ثم فتح محل بقالة بشارع طرابلس، كان يبيع فيها كل شئ، وعنم اممت التجارة وقفلت الدكاكين والحوانيت ، لم يفكر مثل غيره من اصحاب الدكاكين في المكوث في البيت مثل اصحاب المعاشات بل وجد له عملا يقتات منه في احدى الجمعيات التعاونية بشارع طرابلس التي انتشرت في مدينة بنغازي بعد تأميم التجارة في البلاد.. وفي مكان عمله الجديد، عمل باخلاص وتفان وساعد نفسه وساعد الاخرين... ثم عمل في مصرف الوحدة فرع الميدان حتى خرج عالمعاش..وتوفي قبل سنوات.
من اليبرة للصاروخ كان هو حال محل بقالة علي يوسف الاوجلي المشهور بـ" علي الشنة" لانه كان دائما يغطي رأسه بشنة حمراء ... تطلب أي تجده عنده...بقوليات في شوالات، بهارات، معلبات، عصائر، خبزة، يباري خياطة، خلالات، امشاط، شماعي، مساسيك دبش وشعر، مواد تنظيف، رز وزيت وسكر ودقيق، وسحلب، زيتون يوناني، جبنة حمرا، دحي، تن وسردين، مصاصات وحلوة شكار، شوكلاطة خمس قروش، ماستكة السبع، قازوزة بيبسي وميرندا، الى جانب اشهر ماركات الدخان( السجائر الاجنبية)، واتذكر جيدا عندما كان اخي سعد يرسلني لشراء علبة سجائر" فايسروي" وافشل في كرة مرة في نطق الاسم الصحيح للدخان، ويضحك عليا سي علي الاوجلي..
في دكان سي علي المولود في عام 1931، والمتوفي في عام 2012 تجد كذلك ، حليب الحكاكي وحليب طازج، صابون سوسي وصابون لوكس وتايد وبرسيل،اقلام وبرايات ومساحات..وغيرها مما يحتاجه البيت الليبي.
كل هذا الشئ وكل هذه البضاعة وزحمة الزبائن ويجد الوقت الكافي لعمل طاسة شاهي حمرا مربربة على كانون فحم كان موجودا في مخزن المحل المقابل تحت عمارة الشكماك، والذي يعتبر ملتقى اجتماعي يضم اهل المنطقة ومنهم، سالم اشطيب، يونس العبار، الصالحين بسيكري، هاشم العبار، حسني..وغيرهم من سكان الحي. يرتدون الملابس العربية، ويجلسون على قابيات صناديق خشب" لوح." .. يتبادلون الحكاوي والنكات فيما بينهم، ويطالعون وجوه المارة..
كان سي علي ، يهدرز مع الجميع ويبيع وويضحك ويطلق السخرية والنكتة ويتحرك كشاب في العشرين، وحافظ مكان كل شئ في المحل... حسابات المحل والتعامل بدقة وسرعة مع الزبون يحسده عليها اي طالب خريج اقتصاد وتجارة، رغم انه لم يدخل مدارس مثل غيره من أطفال ذاك الزمان الذين لم تتح له الفرصة أو الوقت أو الامكانيات لدخول مدرسة نظامية بل انخرطوا سريعا في سوق العمل، طلبا لتوفير لقمة عيش شريفة بعرق الجبين.
كان محل بقالة سي علي ( دكانه) في عمارة مصطفى التركي، يفتح على بابين، باب على شارع طرابلس، حيث توجد بقالة محمود الاوجلي، وبقالة سي محمد التركي، وسقارية" ورشة نجارة" ابراهيم، ومكوى" سي علي التركي" وباب اخر على شارع محمد موسى،حيث كوشة الصالحين، ودكان بيع الفحم والقاز" بوك علي"..
دكان..بضاعتة تحتل الأرفف والخزانات، بضاعة من الماضي تشكل علاماتها التجارية المميزة الاصلية، ذكريات تحمل عبق الطفولة والزمان القديم. ايام عشناها اعطتنا معنى وقيمة لوجودنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث وسط الضباب.. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن تحطم مروح


.. استنفار في إيران بحثا عن رئيسي.. حياة الرئيس ووزير الخارجية




.. جهود أميركية لاتمام تطبيع السعودية وإسرائيل في إطار اتفاق اس


.. التلفزيون الإيراني: سقوط طائرة الرئيس الإيراني ناجم عن سوء ا




.. الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد زغول: إيران تواجه أزمة