الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


«الانفجار السوري الكبير»

ضيا اسكندر

2019 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


نادرةٌ هي المرّات التي أقرأ فيها كتاباً دون استراحة.
وهذا ما حصل معي لدى قراءتي كتاب «الانفجار السوري الكبير» لمؤلّفه د. منير شحّود.
إنه عرض مكثّف ومشوّق لأحداث "الثورة السورية" منذ بداية اندلاعها في آذار 2011 وحتى عام 2016 مشفوعةً بشذرات من سيرة الكاتب الذي عانى الويلات كبقية السياسيين الذين عارضوا النظام خلال الأزمة وما قبلها. وبأسلوبٍ روائيّ مدهش بجماليته وبلغة أدبية محترفة. وهو العارف بتضاريس العمل السياسي ودهاليزه، بالرغم من عدم انتمائه تاريخياً لأيّ حزبٍ سياسي.
فقد عايش الكاتب عن كثب أهم المناطق التي اشتعلت فيها التظاهرات السلمية في بداياتها سواء في اللاذقية أو دمشق وضواحيها. فرصد الاحتجاجات الشعبية كمنحازٍ لها، وانخرط في صفوفها دون أن يتخلّى عن حسّه النقدي الموضوعي. مسجّلاً ما لها وما عليها بمنتهى الإنصاف والعدالة، من حيث مشروعيتها للتخلّص من عقود التصحّر السياسي الممزوج بالرعب من جهة، ومن حيث أسلمتها وعسكرتها بفعلٍ من فاسدي النظام ومن الدول المتدخّلة بتسليحها وتمويلها من جهةٍ أخرى.
وقد لفت انتباهي حالة الغربة الحقيقية التي كانت تصفعه بين الحين والآخر في الأوساط المعارضة التي كان يجالسها ويناصرها؛ فهو مصنّف من أتباع العلمانية قولاً وعملاً. لكنه ينتمي إلى أقلّية طائفية بحكم المولد والتنشئة ليس إلاّ.. وهذا ما سبّب له الكثير من المنغّصات والاتهامات وخاصةً من أوساط المعارضة ذات الميول الإسلامية المتطرّفة.
من الطبيعي ألاّ نتفق مع الكاتب في تحليله لـ"الثورة" بكل تفاصيلها. وتسليطه الضوء على أهمّ مكوّناتها. مثال على ذلك: تغاضيه عن ذكر معارضات وطنية أخرى كان لها وما زال دوراً هاماً في الانتفاضة الشعبية وفي معركة الحلّ السياسي، كمنصّة موسكو مثلاً وفي مقدمتها حزب الإرادة الشعبية.
لكن إخلاصه لمنظومة القيم الوطنية النبيلة التي كرّس حياته لها ودفع ثمنها غالياً لأجلها، تمثّل بإبعاده عن وظيفته كمدرّس في الجامعة، وبتعدّد استدعاءاته الأمنية المريرة وما رافقها من قلق وتوتّر واضطراب له ولعائلته ولمحبّيه، تجعلنا نعانق هذا الرجل الصبور، هذا الإنسان الوطني الغيور، ونشدّ على يديه احتراماً وتقديراً. فما يجمعنا به أكثر بما لا يُقارن مع ما يفرّقنا.
بقي أن نقول لكاتبنا المرموق بل لأديبنا، تمنّياتنا عليه أن يتحفنا في قادمات الأيام بتأليف الروايات والقصص إن لم يكن قد بدأ.. فهو لا يقلُّ إبداعاً في هذا المجال عن كثير ممّن امتهنوا هذه الأصناف من الأدب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أهمية مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوري من محكمة باريس؟ | ا


.. مربعات سكنية بأكملها تم نسفها .. إسرائيل تقصف غزة وتواجه حما




.. -قرع طبول الحرب-.. إسرائيل وحزب الله في سيناريو مواجهة | #ر


.. الاتهامات الإسرائيلية تنهال على نتنياهو.. ودعوات لرفض إلقائه




.. قراءة عسكرية.. الاحتلال يعلن إصابة 14 جنديا في غزة