الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعديلات الدستور وأغلال العثمانيين والمماليك

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2019 / 3 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



إن هذا العنوان ليس عنواناً رمزياً، إنه عنوان حقيقى، وذلك مع الفارق النسبى، فمصر اليوم ومع التعديلات الدستورية الأخيرة التى تمنح الحاكم العسكرى إمكانية الحكم مدى الحياة، مع التحكم فى كل مؤسسات الدولة، بحجة حمايتها من الإرهاب، تعود إلى الحالة البدائية التى إستلمها عليها محمد على قبل أكثر من مائتى عام، لشعب بائس مقهور، نهباً للصراع بين الحزب الإسلامى العثمانى الذى يمثله الإخوان اليوم، وحزب المماليك العسكرية الذى يمثله المجلس العسكرى الحاكم الآن، وذلك مع تمزق، وليس غياب، لحزب المجتمع المدنى ، الذى نشأ ونمى خلال القرنين الأخيرين من تجربة مصر الحديثة ، والذى يمثل وجوده الفارق النسبى المقصود، بين حالة مصر اليوم، وحالتها قبل نحو مائتى عام. إن هذا المجتمع المدنى يمكن أن نشير اليه بحزب ملايين 30 يونيو، الذى ذهبت مطالبه لجيشه الوطنى بحماية دولته المدنية، وليس حكمها ، أدراج الرياح.
إن الدولة الحديثة هى دولة مدنية ودولة مؤسسات، دولة عدالة وقانون وحريات، دولة للفرد المواطن وليست دولة لحاكم العصور القديمة الإله، ومواطنيه الخدام والسجناء، ومن مفارقات التاريخ أن تجربة مصر الحديثة تأسست فى القرن التاسع عشر وتم إجهاضها فى القرن العشرين على يد العثمانيين والمماليك، ففى القرن التاسع عشر إستطاعت الإرادة الشعبية المصرية تثبيت محمد على فى حكم مصر وطرد الوالى العثمانى، وإستطاع محمد على بعد ذلك ، القضاء على الأقلية المملوكية المتوحشة فى مذبحة القلعة سنة 1811م ، ليبدأ بعد ذلك تجربته الفريدة فى تأسيس الدولة الحديثة بإرسال البعثات العلمية إلى أوربا، والتى حققت إنجازها الأكبر بتأسيس مدرسة الترجمة سنة 1836م بقيادة رفاعة الطهطهاوى، وغيرت وجه مصر الحضارى فى القرن التاسع عشر بما حققته من ترجمات ومانقلته من أفكار، وفى أخريات حكمه، وبنصيحة قناصل الدول الأوربية، قام محمد على بإعادة توزيع الأراضى الزراعية التى إستولى عليها من المماليك على أقاربه وحاشيته من الأتراك وعلى عمد ومشايخ القرى المصريين على أساس حق الإنتفاع، من أجل تأسيس طبقة تساهم فى نهضة وإدارة البلاد، وكذلك بتأسيس مجلس شورى إستشارى، لتبدأ بعد ذلك ملامح الدولة المدنية المصرية الحديثة فى التبلوروالظهور فى عهد خلفائه سعيد الذى تم فى عهده تثبيت الملكية الزراعية، وإسماعيل الذى تأسس فى عهده أول مجلس نواب فى تاريخ مصر ومحاولة وضع أول دستور، ومع بدايات القرن العشرين ظهرت الأحزاب المصرية والنقابات والجمعيات الأهلية والمؤسسات الثقافية وتبنت ثورة 1919م العلمانية دستور 1923م الذى قبله المجتمع المصرى ودافع عنه خير دفاع، وبدأ بذلك الدور الثانى والحاسم فى تأسيس مصر المدنية الحديثة ، لكن الأمور لم تمض بهذه السهولة، ففى سنة 1928م أعلن حسن البنا الحامل للفيروس العثمانى تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، وفى سنة 1948م أعلن جمال عبدالناصر الحامل للفيروس المملوكى تأسيس حركة الضباط الأحرار، ومنذ ذلك التاريخ، ومن صراع الحزبين، مع المجتمع أحياناً، ومع بعضهما البعض أحياناً أخرى، تم تمزيق المجتمع المدنى وهدم مؤسسات الدولة الحديثة، التى تأسست عبر نحو قرن ونصف من الزمان، كما تدل تعديلات الدستور الأخيرة التى سلمت رجلاً واحداً كل شئ، بدون حتى شكليات الدولة الحديثة التى حافظ عليها من سبقوه، حقيقة محزنة تفرض نفسها على الجميع، ومع ذلك فلا يمكن للتاريخ أن يعود إلى الوراء، ولن يمكن لحكم أقلية مسلحة أن يدوم ، مماليك كانوا أو عثمانيين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات