الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بديهيات حقوق الإنسان

سليم صفي الدين

2019 / 3 / 2
حقوق الانسان


زوبعة كبيرة وضخمة حدثت فى الأيام القليلة الماضية حول حقوق الإنسان، وظهر كثير من دعاة الحرية ينكلون بالإخوان والتيار الدينى عمومًا، وجرى الأمر ذاته من المنتمين إلى التيار الدينى ضد اللبراليين، مثالاً وليس حصرًا عبد المنعم أبو الفتوح، ومن قبله أحمد دومة، وعلاء عبد الفتاح، ومعصوم مرزوق، وحازم عبد العظيم، والصديق الصحفى معتز ودنان، وهلم جرًّا... كل شخص يتعرض للظلم ينكل به المعارضون لتوجهه، ويباركون ما طاله من ظلم.

قد يختلف تعريفنا لحقوق الإنسان، وكذلك مفهومها لدينا، لكن تعرض أى إنسان للظلم -مهما كان تفكير أو أيديولوجية هذا الإنسان- مرفوض شكلاً وموضوعًا، وهذا ما أكده تعريف منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: "حقوق الإنسان حقوق متأصلة فى جميع البشر، مهما كانت جنسيتهم، أو مكان إقامتهم، أو نوع جنسهم، أو أصلهم الوطنى أو العرقى، أو لونهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو أى وضع آخر. إن لنا جميع الحقوق فى الحصول على حقوقنا الإنسانية على قدم المساواة ومن دون تمييز. وجميع هذه الحقوق مترابطة ومتآزرة وغير قابلة للتجزئة". وانطلاقا من هذا التعريف يمكننا القول إن الحد الأدنى لحقوق الإنسان هو عدم تعرض الإنسان للظم، وهو القاعدة الأساسية التى تُبنى عليها المفاهيم وباقى الحقوق كافة، من حق التعبير عن الرأى، والتعليم، وممارسة السياسة... إلى آخره.

غير أن ما يحدث فى مصر فى الآونة الأخيرة لا يرسخ لتلك الحقوق، وأبرزها "حق الاختلاف"، فالمنادون بالعلمانية ينكلون بالتيارات الدينية ويباركون ما يحدث لهم، والتابعون لتلك التيارات يهللون فرحًا لما يحدث من ظلم فى حق العلمانين أو الملحدين مثلاً. وقد طرح علىَّ صديق لى سؤالاً هامًّا: كيف تطالب بحقوق الإنسان لمن لا يعترف بها؟ وأتبع سؤاله: يا سليم إنت لو اتسجنت الناس دى حتفرح فيك!

الدفاع عن حق الإنسان واجب على كل مؤمن بحقوق الإنسان، سواء كان هذا الشخص مؤمنًا بها أو لا، ولأن أكثر المؤمنين بتلك الحقوق والمنادين بالحرية والعدالة والكرامة ينادون بسيادة القانون، فأذكرهم بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى نصت مادته الأولى على أنه "يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين فى الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضًا بروح الإخاء". والمادة 3: "لكلِّ فرد الحقُّ فى الحياة والحرِّية وفى الأمان على شخصه". والمادة 5: "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطَّة بالكرامة". والمادة 7: "الناسُ جميعًا سواءٌ أمام القانون، وهم يتساوون فى حقِّ التمتُّع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون فى حقِّ التمتُّع بالحماية من أىّ تمييز ينتهك هذا الإعلانَ ومن أىّ تحريض على مثل هذا التمييز". والمادة 9: "لا يجوز اعتقالُ أىّ إنسان أو حجزُه أو نفيُه تعسُّفًا".

وبما أننا جميعا فى مرحلة عصيبة من تاريخ مصر، وأهم مكاسب ثورة يناير، وهو التداول السلمى للسلطة، يئول إلى الفقدان؛ بعد عزم البرلمان المصرى تعديل الدستور، وبما أننا نرفض تلك التعديلات، أذكّر ببعض مواد الدستور المرفوض إجراء أى تعديلات عليه، ومنها نص المادة 56 من الدستور: "يحظر معاملة أى سجين بشكل ينافى كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر"، والمادة 53: "التعذيب بجميع صوره وأشكاله، جريمة لا تسقط بالتقادم"، والمادة 54: "الحرية الشخصية حق طبيعى، وهى مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق..."، والمادة 55: "كل من يقبض عليه أو يحبس تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، أو ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًّا".

عزيزى العلمانى، المسيحى، المسلم، السلفى، الأزهرى، الملحد، المِثلىّ، سيدتى المنتقبة، المحجبة، غير المحجبة، سادتى الكرام، إن التنكيل والرضا بالظلم لفرد واحد فقط فى بلد ديمقراطى عادل، هو أول الطريق لبداية لانهائية لظلم الجميع! الرضا بما يحدث لفلان من ظلم لأنه إخوانى، أو ما يحدث لفلانة لأنها ممثلة أو ملحدة، أو ما يحدث لغيرهم لأى سبب مبرر بالنسبة إليك، أو لأنك على خلاف شخصى أو أيديولوجى معه، سيعود علينا جميعا بالظلم. دحض الظلم عن الإنسان دون النظر لدينه وعرقه وأيديولوجيته... إلى آخره، هو أول طريق العدل والمساواة والسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حالة -إسرائيل- مزرية ونتنياهو في حالة رعب من إمكانية صدور مذ


.. احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكّرات اعتقال إسرائيل




.. خيام لا تقيهم برد الشتاء ولا حر الصيف.. موجات الحر تفاقم معا


.. العالم الليلة | ترمب: أتطلع لمناظرة بايدن.. ونتنياهو لعائلات




.. الأمم المتحدة تبدي انزعاجها من إجراءات إنفاذ القانون ضد محتج