الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظريف بعد الاستقالة : حصوننا مهددة من الداخل!

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2019 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


بعد يوم واحد فقط من رفض الرئيس الايراني حسن روحاني استقالته مستعيراً عبارة قالها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي واصفاً الاستقالة بأنها ليست في مصلحة البلاد، شوهد وزير الخارجية محمد جواد ظريف المعروف بدبلوماسية الابتسامة الذي سماه الغرب "سفير السلام"، في مراسم افتتاح حفل يوم النوروز العالمي وهو يستمع باسترخاء الى عزف لموسيقى ايرانية بينما المنشد الايراني "علي رضا قرباني" يسمعه والحضور قصيدة للشاعر الايراني الأسطوري مولانا جلال الدين الرومي، فيها من العشق لله والإنسان والناس الشيء الكثير.
ومثلما أثارت استقالته التي أعلنها على على مواقع التواصل الاجتماعي تضامن الناس خاصة الايرانيين في الخارج معه، فقد انتشر مقطع فيديو مشاركة ظريف في الحفل الذي أقيم في برح ميلاد بطهران، بين الايرانيين الذين كان ظريف يتواصل معهم باستمرار.
لكن هل هو "زعل" وانزعاج من تجاهله أثناء الزيارة التأريخية التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد الى طهران، أم أن ظريف أراد بالفعل الاستقالة أم أن وراء الأكْمَه ماوراءها؟!
زعل وزير !
حتى وإن لم تكن الأولى فقد كان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف أكثر من جاد في الاستقالة من منصبه، وهذه المرة ليس بسبب ضغوط غلاة المحافظين كما كان في المرات السابقة التي لم تطفو على السطح لأنه هو الذي لم يظهرها للعلن، بل بسبب الحكومة التي يرأسها رفيقه القديم في محطات هامة من أمن إيران القومي الرئيس حسن روحاني.
وما كتبه ظريف في رسالة الاستقالة التي وجهها الى روحاني، يختلف كثيراً عما نشره على حسابه في الانستغرام عندما ذكر السبب وهو عدم دعوته لحضور لقاءات الرئيس السوري بشار الأسد في طهران خصوصاً مع الرئيس حسن روحاني.
فقد اعتذر ظريف على الانستغرام للشعب الايراني عن تقصيره و"عجزه" عن الاستمرار في مهامه، لكنه عاتب الرئيس في رسالة الاستقالة معبراً عن امتعاضه من قيام نشر مكتب الرئاسة صور لقاء روحاني والأسد وبحضور اللواء قاسم سليماني ومن دونه، مايعطي إنطباعاً سيئاً عن مكانة وزارة الخارجية "الضعيف" في نظام الجمهورية الاسلامية بالرغم من هذه الوزارة تحديداً هي واحدة من أهم الوزارات التي دأب الرؤساء منذ تأسيس وزارة الاستخبارات عام 1984، على الاستئناس برأي الولي الفقيه في اختيار الوزير لها قبل عرض إسمه على البرلمان للمصادقة.
عاصفة : ظريف ابق
وفور الاعلان عن الاستقالة ، هبت في مواقع التواصل الاجتماعي عاصفة من المؤيدين له أطلقت هاشتاك "ظريف إبق" كان لافتاً فيها مشاركة الكثير ممن لديهم ملاحظات على نظام ولاية الفقيه في الجمهورية الاسلامية ما اعتبره خصوم ظريف في الداخل دليلاً إضافياً يعزز اتهاماتهم له بالخيانة وبالارتباط ولو بطريق غير مباشر بشبكة جاسوسية يقولون إنها تعمل في الولايات المتحدة تحت اسم (المجلس الوطني للإيرانيين الأمريكيين) المعروف اختصاراً بـ "ناياك"، وسرب بعض خصومه ممن ينتسب الى الحرس الثوري معلومات قالوا إن الموساد الاسرائيلي ووكالة الاستخبارات الأمريكية CIA بصدد اغتيال الرئيس السوري بشار الأسد إذا ماسنحت له القيام بزيارة الى طهران ومن هنا فان الزيارة أحيطت بسرية تامة ولَم يتم ابلاغ المسؤولين الرسميين في الحكومة بها خاصة من يُشك بارتباطهم بـ"ناياك" التي كان لها دور في أثناء المفاوضات النووية والضغط على إدارة الرئيس باراك أوباما للتوصل الى اتفاق مع طهران.
وبالفعل تم تنسيق زيارة الأسد مع الرئيس روحاني فقط والذي لم يبلغ ظريف إلا بعد أن وصل الى المكتب الرئاسي الذي لايبعد عن مكتب ظريف إلا بنحو خمس دقائق الأمر الذي أغضبه وجعله يقدم على الاستقالة، وهذه المرة غاضباً من الحكومة ومن روحاني.
وفور نشر رسالة ظريف على الانستغرام، أعلن بعض غلاة المتشددين من أعضاء البرلمان وخارجه عن قبولها وأن "ظريف المساوم رحل عندما وصل الرئيس (الأسد)المقاوم"، وذهب آخرون الى أبعد من ذلك بمطالبة القضاء بمحاكمته بتهمة الخيانة وأنه فرط بمصالح إيران العليا وقدمها للغرب عبر إبرام الاتفاق النّووي، واعتبر محايدون إعلان استقالة ظريف أثناء زيارة الأسد "غلطة الشاطر" ورأوا أنها قدمت لوسائل الاعلام المعادية مادة لكي تغطي على الزيارة وكونها حققت انتصاراً ديبلوماسياً كبيراً لإيران، ووجهت أكثر من رسالة الى أعدائها وتحديداً الولايات المتحدة واسرائيل وحلفائهما خصوصاً السعوديين بما ستكون عليه العلاقة بين دمشق وطهران في المرحلة المقبلة.
سليماني يرد
وإذ أزعجت الاستقالة المحبين لظريف والداعمين له داخل ايران وعلى رأسهم المرشد سيد علي خامنئي الذي أشاد بظريف ووصفه بابن الثورة البار، فهي لم تحظ بتأييد المرجع الأعلى في النجف سيد علي السيستاني الذي التقى ظريف خلال زيارته الأخيرة الى العراق وحذر من مخاطر الصراعات السياسية في الداخل داعياً الى الاهتمام بمصلحة الايرانيين خاصة في المناطق "المحرومة" وتعزيز العلاقة بين الشعبين العراقي والايراني لمواجهة أية ضغوط خارجية.
وسارع قائد فيلق القدس الذي كان حاضراً اجتماعات الأسد في طهران اللواء قاسم سليماني، الى الاعلان بنفسه عن سبب "زعل" ظريف وامتعاضه وكتب على حسابه في الانستغرام أن "التغييب غير المتعمد لوزير الخارجية محمد جواد ظريف، عن لقاءات الرئيس السوري بشار الأسد في طهران، كان القطرة التي فاضت بها كأسه فقدم استقالته".وقال سليماني وهو يرد على كل الاتهامات غير المنطقية لظريف :
"خلال زيارة السيد بشار الأسد إلى طهران ولقائه بالدكتور (حسن) روحاني رئيس الجمهورية، حصل خلل في بعض التنسيق في رئاسة الجمهورية ، أدى إلى غياب وزير خارجيتنا عن هذا اللقاء مما أدى إلى عتبه" (أي زعلان).
واعتبر سليماني أن الأدلة "تشير إلى عدم تعمد تغييب السيد الدكتور ظريف عن هذا اللقاء وينبغي أن أؤكد أنه كوزير للشؤون الخارجية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية المسؤول الرئيسي في مجال السياسات الخارجية لإيران".
وأشاد سليماني القريب جداً من خامنئي بشكل ملفت بوزير الخارجية الايراني ، وقال :
"لظريف إنجازات قيمة لتأمين المصالح القومية الإيرانية على عدة مستويات وتمتع بالدعم الكافي في طريق مقارعة أعداء إيران".
وأضاف سليماني: " ظريف مسؤول السياسة الخارجية في إيران وخلال فترة توليه مسؤولية الخارجية، تلقى الدعم من كبار المسؤولين وعلى رأسهم القائد سيد علي خامنئي".
وختم سليماني : إن "تحمس المناهضين للثورة وأعداء الشعب الإيراني وركوبهم الموجة الناتجة عن تساهل إداري، لن يؤثر بالمطلق على إرادة النظام المقدس في الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المضي قدما لتحقيق أهدافه ومصالحه القومية، ولن يؤثر على الانتصار الساطع لمحور المقاومة، وسيكمل شعبنا العظيم بكل وحدة وإصرار، طريق مستقبله المضيء والثوري تحت قيادة وتوجيه المرشد الأعلى السيد الإمام خامنئي مدّ ظله العالي لحماية المصالح القومية الإيرانية".
مساءلة
وبعد كل هذا المديح والإطراء وفشل المتشددين في الخلاص منه، سارع 15 نائباً في البرلمان بتقديم طلب عاجل لمساءلة الوزير ظريف،
وقدم النواب خطاباً إلى رئاسة البرلمان لمساءلة الوزير في الاستقالة التي تقدم بها بالتزامن مع زيارة الرئيس الأسد.
وعدّ النواب وهم من متشددي التيار الأصولي أن استقالة الوزير غطت على الإنجازات المتعلقة بسفر الأسد إلى طهران ولقائه مع المرشد الأعلى والرئيس حسن روحاني، على حد تعبيرهم.
أما ظريف فقد واصل عمله في الْيوم رفض فيه الرئيس استقالته، وألقى خطاباً في جامعة العلوم الطبية في طهران خاطب فيه الايرانيين بصراحته المعهودة وهو يغمز من قناة المتشددين ويحث على الوحدة في الداخل والقضاء على الفساد والتخلص من الفاسدين :
"الأمن صناعة وطنية يصنعه الايرانيون في الداخل وحصىوننا مهددة من الداخل" .
"القدس العربي"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة