الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اطلعوا برة .. وجاء أبو عواد وقال : آه يا ديسكي

شوقية عروق منصور

2019 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



تعلمت المشي ، لكن لم أتعلم الهروب ، لكن تلك الليلة هربت ، من المضحك أن أقع في حالة من الذعر دون تأمل ، وبعد الذعر تموج الضحكات وأكتشف أن العمر أقرضني تجربة تستيقظ كل فترة على صوت غليان الأحداث .
كان الاتفاق أن نسافر الى الأردن ، وفد أدبي نسائي ، لزيارة اتحاد الكتاب الأردنيين ، لكن عند اللقاء على الجسر وخلال الدخول الى المعبر اكتشفت أنني وقعت في مصيدة التعايش اليهودي العربي ، لأن الذي شكل الوفد لم يقل لي أن هناك عدة نساء يهوديات قد التحقن بالوفد الأدبي ، وما هو اتجاههن ؟؟! حاولت الاحتجاج ، لكن شفرة السكين كانت تحز رقبتي ، التي كانت تهمس لشبابيك الباص بحنان لعل الزجاج يفتح وتهرب روحي .
خلال السفر شعرت أن هناك شيئاً ليس طبيعياً ، لكن قلت بيني وبين نفسي ، لعل احساسي قد أصيب بعطب من شدة عدم الثقة التي حرثت أرضه وزرعت في تراب الاحاسيس صوراً وخيالات شيطانية ، ولعل قلبي الذي طار بفضاء الواقع يحمل خريطة الخوف من الآتي .
ولأنني أعرف جيداً المواقف السياسية لإتحاد الكتاب الأردنيين ، وأقرأ تصريحات الأدباء ومقاومتهم للتطبيع ، كانت الزيارة تخلع ضباب تفاصيلها على مقاعد الباص .
وصلنا العاصمة عمان وبعد الاستراحة في الفندق، جاء موعد الذهاب إلى مقر اتحاد الكُتاب الأردنيين ، كان الاستعداد للقاء بعض الأدباء الذين قرأت لهم ..وضعت الكثير من الأسئلة لبعض الأدباء الذين كانت رواياتهم وقصصهم قد أخذت تحتل المكانة الهامة في الوطن العربي .
تقع بناية اتحاد الكُتاب الأردنيين في الطابق الثاني في إحدى الأحياء الراقية ، تسلل الي شعور أن هناك شيئاً سيحصل – تذكرت الممثل نجيب الريحاني وهو يغني لليلى مراد حاسس بمصيبة جياني .. يا لطيف يا لطيف – !!
لذلك قررت أن أبقى آخر واحدة في الوفد الصاعد إلى فوق ، وفي منتصف الدرج وإذ بأصوات صراخ وصياح .. والنساء اليهوديات يهرولن هاربات ، ويقف أحد الرجال أعلى الدرج ويقول لنا بصوت جهوري صاعق : برا .. اطلعوا بره ..!!
لحسن حظي وجدت نفسي أقف خلف أحد الأعمدة .. والنساء يهرولن بسرعة ويتعثرن بعضهن ببعض ، لجأت إلى الصمت حتى فرغ الدرج من خطوات النساء .. صعدت الى المقر وبعد التعريف بنفسي كان اللقاء الجميل مع أدباء قرأت لهم ، والحوار كان يتحدى خط التوتر العالي .
أحد الأدباء قال لي : اعتقدت انكم أديبات عربيات .. لكن ما أن دخلوا وقالوا " شالوم " حتى شعرت أن أعصابي لا تتحمل ، فقمت بطردهم .. وهمست إحدى الكاتبات قائلة : لا أصدق أنني قد سلمت على شخصية يهودية ..!!
في صباح اليوم التالي .. وعلى مائدة الفطور كان الابتعاد عني ، لم أهتم ؟! لكن المرأة التي تقود النساء اليهوديات قالت لي أنا عاتبة عليك ؟! لماذا لم تتضامني وترجعي معنا ، فقد سمعنا أنك بقيت هناك .. لم أجبها لأن كمبيالة الوطن ومأساة شعبي لا أستطيع صرفها بحديث عابر .
اتصلت بي أديبة أردنية وقالت لي أني ادعوك لمسرحية " آه يا دسكي " للفنان الأردني " نبيل المشيني " أبو عواد" ، وقد كنت من أشد المعجبات بمسلسل " حارة أبو عواد " ، من حيث الأفكار الاجتماعية التي كان " نبيل المشيني " يطرحها ويحارب بواسطتها التصرفات والسلوكيات التي كانت تعيق تطور المجتمع ، حيث كان يسعى دائماً للتغيير .
شاهدت المسرحية لكن لم أجد " نبيل المشيني " صاحب المواقف الاجتماعية التي كان يبرزها في مسلسل " حارة أبو عواد " ، فقد كان المسلسل علامة فارقة في الفن الأردني من حيث الموضوع الاجتماعي والحوار الفكاهي في التعامل بين الجيران في الحارة .
وحين قلت للصديقة الأديبة الاردنية أن " أبو عواد " خيب أملي في المسرحية . فما كان منها إلا أن ذهبت وراء الكواليس وقالت للفنان " نبيل المشيني " هناك من يخالفك الرأي ولم تعجبه المسرحية - وتبين أنها صديقة عائلة الفنان نبيل المشيني – .
واقتنع بوجهة نظري أن المسرحية كوميدية فارغة من المضمون ، ولم أجد فيها شخصية " أبو عواد " صاحب الموقف الاجتماعي الحاد ، لكن قال بألم أن الفنان العربي قد يصل به الوضع لقبول أي عمل حتى يبقى في الصورة ، وقد يتنازل كثيراً ، ولكن خلال التنازل يجد عملاً جيداً يحمل ملامح شخصيته وتفكيره ، وعلى وقع الألم .. !! أضاف أن العالم مصاب الآن بديسك ، ظهر العالم الذي من المفروض أن يحمي الحق ، أصيب بكسر واعوجاج ، والفقراء والمظلومين يعيشون بين الاعوجاج ويمارسون لعبة التحدي ، والتصميم على البقاء ، وعندما حدثته عن حكاية الطرد التي جرت في اتحاد الكتاب الليلة الماضية ، ضحك وقال بأعلى صوته " آه ... راح ديسك ..خلص .. "
تذكرت هذه العبارات عندما سمعت عن موت " أبو عواد " – الفنان نبيل المشيني - شعرت أن العالم قد خسر صوتاً فنياً كان يحاول أن يقدم من خلاله النصيحة بأسلوب فكاهي مبطن ، يذوب في حارة كان رجالها يتذوقون طعم التشفي والشماتة والرصد والقال والقيل ، والزوجة أم عواد- الفنانة رشيدة الدجاني – والأبناء عواد – ربيع شهاب – والأبنة عبير عيسى – نجاح – يحاولون التسلل إلى المشاهد من خلال مسلسل " حارة أبو عواد " الذي يقدمون فيه النصائح والتوجيهات للأسرة العربية والمواطن العربي ، مسلسل " حارة أبو عواد " كان يحمل لنا براءة الأيام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية