الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وصية المرحوم

امين يونس

2019 / 3 / 5
كتابات ساخرة


قُلتُ لحمكو : أينَ كُنتَ مُختفياً البارحة ؟ قال : رافقتُ جنازة والد صديقنا المُشترَك ، حيث دفنوهُ في قريتهم ، وكما تعرف ، فأنها بعيدة وطريقها وعِر ومهجورةٌ تقريباً . وبالمُناسبة ، فأنهم سألوني عنك ، فكذبتُ كِذبةً بيضاء وقُلتُ لهم بأنك مريض ولهذا لم تستطِع المجيء ! .
- ألستُ مريضاً حقاً ؟
* قالَ بسُخريةٍ لا تخلو من خباثة : لا أدري .. عندما لا تريد حضور مراسيم الدفن والتعزية ، فأنكَ تدّعي المرض ... وإلّا فأنكَ مثل الحصان ماشاء الله ! .
- أيا ملعون ياحمكو . على كُل حال .. أنتَ تعرف رأيي في موضوعة التعازي والأعراس . فأنا اُشارِك فيهما في أضيَق نطاق .. نعم .. وأتهربُ قدر المُستطاع . لأن فيهما الكثير من المُبالَغة والتظاهُر والنِفاق الإجتماعي ! .
* عموماً .. أنا أيضاً تعبت البارحة ، ولكن حدث أمرٌ في غاية الطرافة : كما تعرف ان الطريق الى قرية صديقنا غير مُعّبَد .. لكن المُشكلة الأكبر ، ان مقبرة القرية تقع في منطقةٍ صخرية ، والتكنولوجيا والمكننة لم تصل بعدُ إلى هناك ، ولهذا فأنهم يحفرون القبور بأدوات بسيطة . أي ان عملية تجهيز قبرٍ واحد ، قد تستغرق ساعاتٍ طويلة ، وتحتاج إلى جُهود عدة أشخاص أقوياء . ولحُسن الحَظ ، فأن هنالك مجموعة من أهالي القرية ، يقومون بحفر القبر ، في سبيل الله ، وكجُزءٍ من إلتزامهم وتكاتفهم الإجتماعي .
- ولماذا لم يدفنوه هنا في المدينة حيث يسكنون الآن .. ولكانت حفارةٌ تقوم بحفر القبر خلال دقائِق ؟ ورُبما كُنتُ أنا أيضاً سأحضر على الأغلب .
* لأن المرحوم كان قد أوصى أن يُدفَنَ في مقبرة القرية . علماً ان صديقنا كان مع رأي ، أن يُدفن هنا في مقبرة المدينة ، لأن ذلك أسهل وأقل مَشَقة وأقل كُلفة ولا سيما بالنسبة للأقرباء والأصدقاء .. حيث ان الطريق الى القرية ليس وعراً فقط ، بل أنهُ خَطر أيضاً ، بسبب إحتمال التعرُض لغارات الطائرات التركية . ومع كُل هذه الأسباب المُقنِعة والمنطقية ، فأن والدة صديقنا وكذلك عمّه ، أصّرا على الذهاب إلى القرية ، حسب وصية المرحوم ، ودفنه هناك . لم يكُن أمامَ صديقنا المُشترَك ، إلا الرضوخ .
المُهم .. وصلنا إلى القريةِ قبيل العصر ، وقام مجموعة من الرجال بحمل النعش على أكتافهم مسافة ستين متراً تقريباً " لأنه حتى سيارة الدفع الرباعي لاتصل إلى هناك " لحين وصولهم إلى المقبرةِ العتيدة ، حيث رأينا الرجال الذين قدموا فجراً ، على وشك الإنتهاء من حفر القبر ، وقد هّدهم التعب والإرهاق .
والله ياصديقي .. لا أدري ما الحكمة في إختيار ذاك المكان الوعر والصخري ليكون مقبرة القرية ؟ هل هي وسيلة لتعذيب الذين يقومون بحفر القبور ؟ أم هي تذكيرٌ بالموت ؟
على أية حال .. ما أن وضع الرجال النعش على الأرض بجانب الحفرة الجاهزة ، حتى إنبرى أحد أقرباء المرحوم ، وقال بصوتٍ جهوري : ماذا ستفعلون ؟ لن ندفنه هنا .. حيث ان المرحوم كان قد أوصى أن يُدفن تحت تلك الشجرة " وأشارَ بيدهِ إلى تلةٍ قريبة " ! . وهُنا إنفجرَ شقيق المرحوم عَم صاحبنا ، وصاحَ غاضباً : ماذا ؟ المرحوم أوصى ؟ المرحوم أكلَ تِبِن ! . إنكسرَ ظهرنا ونحن نُفتِت الصخور منذ الفجر وحتى الآن .. تعال أيها الملاّ وأكمل المراسيم .
وبالفعل اُنزِلَ النعش وقُرأت الفاتحة .. وسط ضحكاتٍ مكتومة بسبب تعليق شقيق المرحوم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف