الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المراة العربيه المعاصرة والبحث عن شهرزاد

جمال عبد العظيم

2019 / 3 / 5
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2019 - دور وتأثير المنظمات والاتحادات النسوية في إصلاح وتحسين أوضاع المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين


يحكى ان الملك شهريار كان ملكا عادلا وقد تعرض لامر مؤلم فى حياته حيث اكتشف ان زوجته تخونه فكره النساء جميعا وراح يتزوج فتاة تلو اخرى ويقتلهن فى صبيحة اليوم التالى واستمر كذلك 3 سنوات فخافته النساء ورفضن الزواج منه الى ان تقدمت شهرزاد ابنة الوزير وقبلت الزواج منه وكانت قد اعدت خطه تتلخص فى ان تحكى له كل ليله حكايه ولا تضع لها نهايه فيضطر شهريار للابقاء على حياتها لليوم التالى ليعرف نهاية القصه المشوقه وهكذا حتى وصل عدد الحكايات الى 1001 حكايه روتها شهرزاد فى الف ليله وليله انجبت خلالها طفلا وكسبت حب وثقة شهريار فعدل عن قتلها وجعلها ملكه . وهكذا نجحت شهرزاد فى انقاذ بنات جنسها ورفع الظلم عنهن .
وشهرزاد العصر الحديث ليست امراة بحال من الاحوال وانما هى منظمه نسائيه تتولى الدفاع عن المراة وتتبنى قضاياها الى ان تنهى تماما التمييز بين الرجال والنساء . فبدون التنظيم النسائى لن يكون هناك عمل ولا حركه نسائيه. والمشكلة الرئيسيه فى عالمنا العربى هى غياب الديقراطيه ومن ثم صعوبة ان لم يكن استحالة تاسيس الجمعيات والاحزاب والاتحادات . بل ان النقابات المهنيه تسيطر عليها الحكومات العربيه من خلال السلطه والمال وان لم تستطع وضعت التنظيم النقابى تحت الحراسه . وفى هذه الاجواء القمعيه لا يتصور وجود تنظيمات نسائيه يعتد بها . فهى فى عالمنا العربى تنظيمات مرتبطه ارتباطا وثيقا بالنظام الحاكم وتدور فى فلكه وتسبح بحمده ومثال هذه المنظمات كانت لجنة المراة بالحزب الحاكم فى مصر (الحزب الوطنى الديمقراطى) ثم انشىء المجلس القومى للمراة والذى ترأسته السيده سوزان مبارك حتى الاطاحه بالنظام فى عملية 25 يناير 2011 وهذه المنظمه لازالت موجوده حتى الان ولا تعرفها النساء المصريات . وهى لم تقدم للمراة المصريه سوى بعض التصريحات فى المناسبات النسائيه . وبالطبع تنشأ هذه المنظمات شبه الحكوميه لاغراض عديده غير خدمة المراة .. فهى اولا توفر فرصة عمل للسيدة الاولى واصدقائها.وثانيا تخفى غياب المنظمه الحقيقيه التى تمثل المرأة والتى من المفترض انها منظمه غير حكوميه وثالثا تحقق الدعايه للنظام وتقدمه للغرب على انه نظام متمدن يسعى للمساواة بين الجنسين…..الخ . وتاتى هذه التنظيمات باهته بارده بلا روح ولا نبض ولا حياة . كما انها تعمل بلا رؤيه ولا فلسفه وعادة ما تستورد مبادئها ومنطلقاتها من المنظمات النسائيه الغربيه فسببت مشاكل اسريه يعانى منها المجتمع المصرى . فالمراة الغربيه حينما طالبت بحريتها كان ذلك فى مواجهة الرجل . وحينما فرضت المساواة على الدوله وتشريعاتها كان هذا انتزاعا لحقوقها التى استحوز عليها الرجل . ولتؤكد المرأة الغربيه جدارتها بالمساواة راحت تفعل كل ما يفعله الرجل حتى تسلق الجبال وركوب الامواج وقيادة الشاحنات والطائرات وترويض الاسود والثعابين ...الخ ونجحت فى النهايه فى فرض المساواة بين الجنسين على الدوله بقوانينها ونظامها السياسي . اما فى عالمنا العربى فالذى قهر المرأة وسلبها حقوقها ليس هو الرجل وانما هو النظام السياسي والطغمه الحاكمه التى تستأثر بثروة الوطن وتسلب الجميع حقوقهم وتصادر حرياتهم رجال كانوا اونساء . و منظماتنا النسائيه شبه الحكوميه لا تعبأ مثلا بالتحرش الجنسى الواقع على المرأة او بصورة المرأة العربيه فى الميديا او بعدم تعيين خريجات كليات القانون فى النيابه العامه وقصر ذلك على الذكور فهى لا ترى المراة الا حال كونها زوجه وتسن لها قوانين جائرة ضد الرجل كزوج فضمنت للزوجه حق الخلع و التطليق والحضانه والنفقه ولم تمكن الاب حتى من رؤية اطفاله حتى ان بعض هؤلاء الاطفال ينادون ابائهم ب : عمو
وفيما عدا القوانين المخربه للحياة الاسريه فان المنظمات النسائيه العربيه لا نشاط لها ولاحضور رغم ماتراه كل يوم من تمييز ضد المراة .
اذن فالمشكله تكمن بالفعل فى عدم وجود المنظمات النسائيه فى البلاد العربيه والمقصود بها انها منظمات المجتمع المدنى . والسبب هو ان الانظمه العربيه انظمه فئويه قمعيه حيث تسيطر فئه قليله على الوطن باكمله مستغله فى ذلك تنظيمها الدقيق والعلاقات المتشابكه القويه التى تربط افرادها وتمنع باقى الطبقات من تنظيم نفسها حتى لا تطالب بحقوقها . وبشكل عام فان المسيطر على الحكم فى بلادنا العربيه هى طبقة الاوليجاركيه سواء اوليجاركيه عسكرى (كالانظمه الحاكمه فى مصر وسوريا والسودان) او اوليجاركيه عشائرى (مثل العائلات الحاكمه فى الخليج) . وهذه الطبقه لا شرف لها ولا تفتخر الا بالمال وهو عندها اقدس من الدين ولا تقيم وزنا للعلم او الثقافه او الشرف وصورة المرأة عندها هى انها اداة للجنس والانجاب وخدمة الرجل . وبهذا تحظى المرأة العربيه بنظرة دونيه جعلتها تنال الحد الادنى من التعليم والصحه والغذاء وكثيرا ما تحرم من الميراث .
وتستغل الاوليجاركيه علاقاتها الداخليه المتماسكه فى السيطرة على الاقتصاد والسياسه الى درجة احتكار الوطن كله لنفسها وافقار باقى الشعب . وامام هذا النهب المنظم والعلنى لمقدرات الجماهير يصبح هناك تناقضا وتعارض مصالح بين الحكم الشعب ولهذا تلجأ الطبقه الحاكمه الى قهر باقى الطبقات ومعاملتها كالعبيد ومنعهم من تكوين منظماتهم واحزابهم التى تعبر عنهم وعدم ترك اى هامش من الحريه. ذلك ان هذه النظم الفئويه المتسلطه على الشعوب تخشى تجمع الجماهير اوتنظيمها لدرجة انها تبنى سجن قبالة كل استاد رياضى لتزرع فى العقل الجمعى للجماهير ان تجمعهم يرتبط بالسجن . فى هذه الاجواء لا يمكن تصور وجود منظمه حقيقيه او حزب سياسي او نقابه او منظمه مهنيه . وهذا الوضع يفرض على المراة المصريه والعربيه بعامة ان تعود الى بدايات نضالها فى اوائل القرن العشرين لتبدأ من جديد . وتنشىء المنظمات التى تعبر عنها وهذا لن يتأتى الا عبر خوض صراع ضد النظام الفئوى الذى يختطف الوطن لنفسه منذ 1952. وكانت المرأة المصريه قد بدأت نضالها فى ثورة 1919 حيث خرجت اول مظاهرة نسائيه يوم 16 مارس 1919(اصبح يوم المرأة المصريه)وسار فيها 300 سيده تحملن الاعلام تأييدا للثورة ضد المحتل البريطانى وللمطالبه بالافراج عن سعد باشا زغلول وفى هذه المظاهره سقطت 9 شهيدات برصاص الانجليز . وهكذا كانت ثورة 1919 هى الشرارة الاولى التى انطلقت منها رحلة المراة المصريه مع الحريه فشكلت سنة 1920 اول تنظيم نسائى فى مصر والوطن العربى والذى تمثل فى "لجنة الوفد النسائيه المركزيه"و كان اهم ادوارها هو العمل على تكوين منظمه نسائيه متخصصه وقد ظهرت للنور فى 16 مارس 1923باسم "الاتحاد النسائى المصرى" وبدأت المراة من خلاله تناضل من اجل حريتها ومن اجل حرية الوطن وتطالب بمشاركتها فى الحقوق الانتخابيه . وفى 1938عقد اول مؤتمر نسائى عربى وظهرت على اثره منظمه نسائيه اخرى والجديد انها لم تكن مجرد منظمه نسائيه بل حزبا سياسيا اسمه " الحزب النسائى المصرى " . ثم ظهر سنة 1946 اول تنظيم نقابى خاص بالنساء باسم "رابطة عاملات القطر المصرى" للدفاع عن حقوق المراة العامله والمطالبه بتحسين ظروف عمل المراة لمساعدتها على تحقيق التوازن بين دورها الاسرى ودورها فى العمل والانتاج . وفى 1949 تاسست منظمه نسائيه اخرى تحت اسم " اتحاد بنت النيل " وتبنت الدعوة الى تعديل القوانين من اجل دعم مكانة المراة فى المجتمع . وفى 12 مارس 1953 نظم اتحاد "بنت النيل" اعتصاما نسائيا فى مبنى نقابة الصحفيين واضربت النساء عن الطعام للمطالبه بحقوق المراة السياسيه . ونتيجه لكل هذه الضغوط التى مارستها المنظمات النسائيه المصريه لاكثر من 30 سنه نص دستور 1956 على حق المراة فى الانتخاب والترشح لتبدأ الحياة البرلمانيه للمرأة فى 1957 بنائبتين هن : راويه عطيه وامينه شكرى .
وطبعا واضح انه بعد قيام ثورة يوليو 1952 اختفت كل المنظمات النسائيه كما اختفت الاحزاب والجمعيات وكافة هيئات المجتمع المدنى وادوات العمل الديمقراطى التى ناضل المصريين لانشائها . واصبحت لجنة المراة بالتنظيم الرسمى الحكومى هى كل صوت المراة وبطبيعة الحال فقد اختارت الحكومه القيادات النسائيه التى تمثل المراة وكان عملها فى النهايه هو توجيه الشكر للنظام الحاكم ليل نهار على ما منحه للمراة من حقوق وامتيازات . وبشكل عام فقد ادى فقدان المنظمه النسائيه بعد ثورة 1952 الى انقطاع نهائى للعمل النسائى فى مصر وهو لا يزال قائما حتى يومنا هذا اذ ان الاوليجاركيه العسكرى المسيطر يدير البلاد كملكيه خاصه به ويمنع الشعب من تكوين احزابه وتنظيماته ليظل هكذا كتله سكانيه ضخمه لكنها رخوة وغير منظمه ولا قياده لها فيستمر العسكر فى نهب مقدراتها بلا نهاية . وبذلك فالمسار المصرى بعامة والنسائى منه خاصة بحاجه الى النضال اولا ضد الطغمه الحاكمه لانتزاع حقه فى تكوين الاحزاب ومنظمات المجتمع المدنى وهو مطلب ليس هينا فى ظل نظام قمعى يمنع تكوين جمعيه بها اقل من 20 شخص و لا بديل عن الصدام مع الحكم وتقديم تضحيات لانتزاع الحرية وبناء منظمات المجتمع المدنى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت