الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهرجانات المسرح والفنون في مصر..أسئلة الجدوى ومواجهات الضرورة

محسن الميرغني
كاتب وناقد أكاديمي

(Mohsen Elmirghany)

2019 / 3 / 5
الادب والفن


ه

مدخل تمهيدي:

حتى وقت كتابة هذه السطور لا توجد في مصرخارطة للمهرجانات الفنية والثقافية سواء كانت هذه الخارطة ورقية أو إليكترونية، يستدعي هذا طرح الأسئلة حول جدوى الفعاليات الفنية والثقافية العامة في مصر؟- وعلى من يعرف بوجودها في مكان أو حيز ما أن يدل كاتب هذه السطور عنها-(فما هو عدد الاحتفاليات الرسمية بالفنون في مصر؟ وكم يبلغ عدد المهرجانات السنوية؟ وماهي قيمتها التنموية الفعلية على أرض الواقع في مجتمع ينوء بأعباء اقتصادية وتحديات إجتماعية كبيرة؟.

حتى العام الماضي 2018م لا يستطيع باحث في مجال الثقافة بشكل عام، والفنون المسرحية تحديدا الوصول إلى بيانات حقيقية معلنة من الأجهزة الرسمية الثقافية المصرية، عن الخطط الخاصة بمهرجانات الفنون والثقافة السنوية ومواسمها وأماكنها، وحجم ميزانياتها العامة وكيفية تنفيذ استراتيجياتها وتحقيق أهدافها من عدمه، تلك الميزانيات التي يتم إنفاقها منذ عقود طويلة دون توقف، حتى صارت سمعة بعض هذه المهرجانات سيئة باعتبارها "سبوبات سنوية"بسبب غياب آليات الرقابة والمحاسبة الإدارية والمالية وشفافيتها، فلماذا إلى الآن لا يجد الباحثون مصدرا للمعلومات التي يفترض أنها عادية ليست عسكرية أو سرية ولا تتعلق بأمن البلاد ولا سلامة المواطنين، وفي كافة نظم الإدارة الحديثة من مصادر عامة كأرشيفات وسجلات يسهل الوصول للمعلومات العامة الخاصة بالفعاليات التي تنظمها المؤسسات والهيئات الرسمية، فإذا كانت وزارة الثقافة المصرية تمتلك أرشيفا- وهو ما يشكك فيه كاتب هذه السطور- خاصة بعد وجود الوسائل والأدوات التقنية الإليكترونية التي وفرتها الثورة التكنولوجية الحديثة فلماذا لا تتيحه للباحثين للتعرف على المعلومات والبيانات الخاصة بمهرجانات المسرح المصري القائمة منذ ما يقرب من ربع قرن من الزمان.
غياب الرؤية والتخطيط عن المهرجانات المسرحية في مصر:

نتيجة لهذا الفقر الشديد في المعلومات والبيانات الخاصة بالمهرجانات المسرحية السنوية في مصر، يصبح الحديث عن قياس نجاح تلك المهرجانات في تحقيق سياساتها واستراتيجياتها وأهدافها الموضوعة من قبل المنظمين لها بشكل علمي ومنهجي،عبر وحدات وأدوات قياس علمية درب من دروب التهريج، وهو ما يتنافى مع متطلبات الثقافة المحلية الراهنة، وتحدياتها الكثيرة، فعمليا لا يتم تلبية الاحتياجات القائمة للمواطنين في المجالات الفنية والثقافية، التي يفترض أنها من بين حقوق المواطنة المنصوص عليها دستوريا. بل ينظر إليها في كثير من الأحيان باعتبارها نوعا من الترف والرفاهية التي يمكن تجاهلها أو نبذها.

لهذا تتأكد يوما بعد يوم حالة من التصحر الثقافي والتجريف الفكري والفني في المناخ العام الثقافي والسياسي المصري، وتبرز ظاهرة غياب التيارات الثقافية وتنوعها وصراعها المفترض، باعتبارها قرينة لحالة التصحر الثقافي السائدة، وتتجلى آثارها بوضوح في انتفاء دور المؤسسات الثقافية والفنية الرسمية في الواقع المصري بشكل فاعل ومؤثر، على الرغم من كل المجهودات المبذولة من أجهزة الدولة البيروقراطية، لتعميم شعارات بائدة عن قيمة الفن والثقافة في تنمية وتحقيق سعادة المجتمع ورقيه، وعلى الرغم أيضا من أن مصر في ظل ظروفها الراهنة، لا يمكن لها أن تكون دولة عظمى في مجالات الاقتصاد والتطور التقني، لكنها وبكل تأكيد كدولة من بين أقدم الحضارات الإنسانية برصيدها الفني والفكري والثقافي والمعرفي هي دولة عظمى في الفكر والموروث الحضاري، فلماذا لا يتم استثمار هذا البعد الواقعي الحقيقي غير المتخيل عن الكيان المصري في تنمية وتطوير الجوانب المهملة في كافة المهرجانات والفعاليات الاحتفالية الرسمية بصورة علمية متطورة وحديثة؟.
في رأيي ترجع الإخفاقات المتكررة لدورات المهرجانات المسرحية في مصر(مثل المهرجان القومي للمسرح المصري، ومهرجان المسرح التجريبي) إلى محاولة القائمين على إدارة الشأن الثقافي والفني في مصر، إثبات ماهو مثبت ومؤكد بحكم التاريخ من ريادة فنية وثقافية، دون الاعتناء بقيمة وأهمية أن يكون هذا الإثبات أو التأكيد على الريادة بإقامة المهرجان، حتى وإن لم يكن قادرا على تحقيق جسورتواصل حقيقية مع المواطن في المجتمع المصري، بل على العكس يتم الترويج للمهرجانات المسرحية بوصفها ذات طبيعة إجراءية بيروقراطية قاصرة على النخب المشاركة، التي تعتمد على آلية الحصول على درجات تقييم للمشاركة، وآليات للاختيار القائم على تقييمات فردية لأعضاء لجان متخصصين نقاد ومسرحيين، فتنزع منها قيمتها التشاركية والتفاعلية مع الجمهور، وهو هنا الفئة الرئيسية المستهدفة في أي مهرجان ناجح.

فالجمهور هو الفئة التي يحق لها فعليا التقييم والتحكيم للعروض التي يشاهدها(انظر الأعياد والمهرجانات الإغريقية لفن المسرح)،ومن ثم يصبح المهرجان المسرحي المصري في الوقت الراهن حكرا على الفرق المشاركة والسادة المنظمين، يتداولون فيما بينهم ما يقومون بفعله طوال دورة المهرجان من مشاركات ومشاهدات ومساهمات، مقامة سلفا في أي مكان دون توجيه مدروس أوإجراء دراسة محكمة لطبيعة المكان الذي يقام فيه المهرجان ودوره في تحديد أثر المهرجان وتحقيق أهدافه، ومن ثم يغيب التواجد الفعلي للجمهور الحقيقي المطلوب تواجده كشريك حقيقي في المهرجان، ويظل المشاركين من خارج دائرة المنظمين والمشاركين من الفرق المسرحية، مجرد مجموعات صغيرة متناثرة من هواة المسرح أو المتابعين للاحتفاليات العامة على مضض كالموظفين المسئولين عن تنفيذ خطوات وإجراءات دورة المهرجان، يتفرقهم بعض المشاركات الغير محسوبة لجمهور بدأ يرتاد المهرجانات كسبيل للتفريغ عن شحنات فنية أوعاطفية متحيزة للتعبير عن الذات المكبوتة سياسيا،( كجمهور المسرح الجامعي) الذي يحضر للتفاعل الضخم مع أحد عروض الجامعة حين يشارك في دورة مهرجان، وهو جمهور استثنائي ومتحيز بعفوية وتلقائية غير واعية للعرض الذي يمثله، فعادة يكون الجمهور من طلاب الكلية التي تقدم فريق التمثيل الخاص بها للمشاركة في المهرجان، وتم قبول العرض المسرحي وبناء عليه، يقوم فريق التمثيل بالحشد الجماهيري بين طلابه، ليوم العرض لتحقيق جماهيرية أقول إنها زائفة للعرض المسرحي الجامعي، الذي إن ترك للجمهور العام لبضعة ليال ربما لا يحظى بربع هذا العدد الغفير من جمهوره الطلابي الذي تم استجلابه لليلة التحكيم والتقييم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في


.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء




.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق