الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاسبة ومعاقبة المجرمين وأعوانهم وأدواتهم

فتحي علي رشيد

2019 / 3 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


من المتفق عليه نظريا أن توصل المجتمعات البشرية لصياغة قوانين وقواعد أخلاقية وقيمية ثابتة وراسخة وصارمة ,لمحاسبة ومعاقبة المجرمين والقتلة واللصوص والأفاقين يمثل تطورا حاسما في تاريخ البشرية ساهم في نشأة المجتمعات الانسانية وتطورها وتقدمها .
ولقد تم تجسيد هذه القواعد في الأعراف والتقاليد غير المكتوبة , قبل ظهور الأديان ,وهو ما تم تثبيته وتجسيده كمثال , في القرآن الكريم من خلال الآية التي نصها " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب " ,ومن ثم تم تثبيته في قوانين العقوبات الوضعية .ومن المؤكد كما تشير الإحصائيات والدراسات إلى أن تقليل نسبة الجريمة في المجتمعات تتم كلما كانت أجهزتها القضائية نزيهة وصارمة وعادلة في تطبيق قوانين المحاسبة والجزاء والعقوبات كلما ساهم ذلك في تقدم مجتمعاتها .
بما يفهم منه أننا إذا لم نحاسب ونعاقب ونردع استنادا لتلك القوانين والمبادئ , فإننا لانشطب تاريخا طويلا قدمت البشرية الكثير في سبيله فحسب بل نعطي للمجرمين والقتلة واللصوص المجال لارتكاب جرائم أكثر وأبشع تعيق تقدم المجتمع .حيث ثبت أننا إذا غطينا عليهم ,أوغضضنا البصر عن جرائمهم ولم نحاسبهم ونعاقبهم نشجع غيرهم وهكذا يعم الفساد والخراب ويستشري ,ونصبح دون أن ندري ( وفي قوانين بعض الدول ) مساعدين أو شركاء في الجرائم المرتكبة ,نستأهل العقاب أيضا ومسؤولين عما حل ويحل بنا .لذلك بات السكوت على الجريمة جريمة يعاقب عليها القانون .حتى عمليات التبريروالمسامحة تصبح في بعض القوانين جريمة بحق المجتمع ,لأنها قد تجعل المجرمين إذا فلتوا من العقاب يتمادون فيرتكبوا جرائم أبشع .
فالعفو على مامضى ،أو تركه يجعلنا نرسي بذريعة الشفقة والرحمة .دون أن ندري ,قواعد ـ ولو بصورة غير مباشرة ـ تفتح ثغرة للمجرمين الصلفين ـ تتيح لهم الاستمرار في غيهم , ونترك لغيرهم (في المستقبل ) المجال لارتكاب المزيد منها , فتزداد أعدادهم ويسودوا علينا,فيسودون وجه الحياة ويدمروا حياتنا وحياة الأجيال القادمة .
مقاربة قوانين الجزاء بما جرى في بلادنا :
لاأبالغ إذا قلت أن عدم تطبيق قوانين الجزاء بصرامة وعدل كانت أحد أسباب تخلف مجتمعاتنا وتفشي الفساد والخراب فيها وتردي أحوالها.
من المؤسف أن نكون نحن اليوم شاهدي زور على أكبر جريمة تحصل في التاريخ . حيث تجري ـ على قدم وساق محاولات محلية وإقليمية وعربية ودولية إلى تبرئة ماقام به خاصة ـ كلا من النظامين السوري والعراقي وتوابعهم من المليشيات المحلية والأجنبية ( سواء أكان اسمها داعش أو ماعش أو قسد أو عصائب أهل الحق أو حزب الله ) . بما يمكنهم من أن يفلتوا من القصاص .فإذا تركنالهم ولم نحاسبهم نحن ونعاقبهم نكون بذلك ـ سواء وعينا أم لا ـ نعطي لهم ولأمثالهم في السودان والجزائر وغيرها من بلدان العالم المجال لارتكاب جرائم مماثلة تؤدي إل قتل الالاف ,ونصبح بالتالي أعداء لأنفسنا وأمتنا ولأجيالنا القادمة. ونحن إذا تغاضينا عما قام ويقوم به هؤلاء وأولئك ـ ممن يسمون أنفسهم "أبناء قومنا " ـ ودون أن ندري ـ نقدم كل المبررات لإسرائيل لكي تستمر في انتهاك القانون الدولي والإنساني ,ونبرر لها ارتكاب جرائم أبشع .مما يجعل المجتمع الدولي يغض النظر أيضا عن جرائم إسرائيل وبقوة .ومما يدفع بعض المواطنين العرب إلى اعتبار ماقامت وتقوم به العصابات الصهيونية أرحم فيتقبلونها أكثر من أنظمتهم ويعفون عن جرائمها ويتحالفون معها . فجريمة القتل أوالاغتصاب أو السرقة أو التجويع والحصار هي جريمة يجب أن يعاقب فاعلها وسواء أكان صهيونيا أوفرنسيا أو سوريا أوإيرانيا أولبنانيا أوفلسطينيا مسلما أو مسيحيا .
دورنا كشعوب وقع عليها الجرم :
من المؤكد أننا كشعوب (لم تجد من يتكلم باسمها أويدافع عن حقوقها رسميا )لن نتمكن من منع القوى الإقليمية والدولية مما تقوم به من عمليات حثيثة لتبرئة ادواتهم ،من آلاف الجرائم التي أرتكبوها بحقنا مع أنها جرائم موصوفة ومثبتة كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية .
لكننا كأفراد أو جماعات ـ حتى لو كنا متباعدين ومتفرقين ـ إذا وحدنا موقفنا وتوافقنا على بعض المبادئ العامة استنادا للمثل القائل " إن الساكت عن الحق شيطان أخرس " ورفعنا أصواتنا فأننا سنكون قادرين على إسقاط تلك المحاولات ونحول دون تمريرها .
حيث نستطيع ونحن جالسين في بيوتنا أن نتذكر ونعرف أننا قادرين على إيقاف تمرير تلك الجرائم من خلال :
أولا : تمسكنا بحقوقنا الثابتة كبشر في الحرية والكرامة والحق في التعبير عن آرائنا , وهي الحقوق المثبتة في مبادئ "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان " والتي لايستطيع أحدا في الكون أن ينتزعها منا او من غيرنا .وإلا لن نكون بشرا يستحقون الحياة .
ثانيا :التمسك بحق المحاسبة والعقاب باعتباره حق أساسي من حقوق الانسان) يتطلب منا أن نغير من طريقة تفكيرنا وتقييمنا للعدو الذي بات اليوم بغض النظر عن اسمه أو لونه مجرما استنادا للفعل الذي ارتكبه وجعل منه مجرما .واستنادا لذلك يجوز بل يفترض بنا أن نضع كل من استعبدنا سابقا أو يستعبدنا حاليا أو قام ويقوم بقتلنا وتهجيرنا من بيوتنا ,أو باعتقالنا دون ذنب ارتكبناه ,أو قام باستغلالنا ونهبنا وسرقة بيوتنا أوقام بهدمها ,أو قام بتعيفيشها وسرقتها , أوداس على حريتنا وكرامتنا وحقوقنا كبشر, ( وهي جرائم موصوفة في القانون الديني والدولي ) ولو كان ذلك باسم الدين أوالأصل الشريف ,أوباسم الوطنية أوالقومية العربية أوللدفاع عن العلمانية والاشتراكية والتقدم , أوالمقاومة والممانعة .مجرما لايختلف عن المستعمرين والصهاينة .فالجريمة المرتكبة والواقعه هي جريمة بغض النظر عن النية أو التبرير. مع أن ذلك قد يؤخذ بالحسبان في المحاكمة .
ثالثا :يتوجب علينا أويفترض بنا أن نضع جميع المجرمين بدءا بالمسيئين للحياة والكرامة الإنسانية مرورا بمن نظروا لتلك النظم وبرروا لها أو غطوا على أفعالها من خلال وسائل الإعلام ,وبمن يضغطون علينا للعودة إلى أحضان النظم المجرمة ,وسواء أكان ذلك بهدف إرضاخنا أو إذلالنا أو بما قد يجعلنا نعطي صك براءة للمجرمين والقتلة . وانتهاء بمن يسعون إلى تبرئة تلك الأنظمة والجماعات بشكل مباشر بحجة أنهم اخوة لنا في العروبة أو الدين .يجب أن يوضعوا في خانة المجرمين .كونهم بأفعالهم لايختلفون عن المستعمرين و الصهاينة من حيث الطبيعة والعقلية والأخلاق , حيث تجمعهم وتوحدهم الأنانية المفرطة وروح الكسب غير المشروع ,وأنكار حق الآخر في الوجود , وعدم احترام الحياة والكرامة الانسانية وعدم تحمل مسؤولية أفعالهم أوبسبب شعورهم أواعتقادهم بالتميز والتفوق .
رابعا : يفترض بنا أن أن نضيف لكبار المجرمين والمسؤولين في تلك الأنظمة , من أعطوا الأوامرلمن هم أقل منهم مرتبة ,خاصة الذين أوعزوا لغيرهم القيام بتلك الأفعال الجرمية الموصوفة والمثبتة. حتى لو كان مأخوذين بفكرة الدفاع عن المقامات الدينية .أويسعى لإقامة الدين الحق ,(فإقامة الدولة الإسلامية والدفاع عن المقدسات لاتبدأ من معلولا ولا بالقتل ولا بالسرقة )و الدفاع عن خط المقاومة أوعن فلسطين (كما فعل بعض الفلسطينين المنتمين للقيادة العامة وفتح الانتفاضة والصاعقة بقصف المخيم ومحاصرة قاطنيه .
وهنا نشير (إلى أن كون غالبية الفلسطينيين المنتمين لفتح أو الشعبية أو غيرها لم يشاركوا في تلك الجرائم مع أنهم لا يقلون عن هؤلاء في محبتهم لفلسطين ولافي حبهم لسوريا ولافي تمسكهم بالقدس والعودة {وحتى بعض من ينتمون للقيادة العامة والصاعقة والذين استنكروا تلك الأعمال القذرة } مايؤكد على أن هؤلاء الأشخاص فقط , الذين ساهموا في الحصارأو قاموا بالقصف والقتل والتشبيح دون سواهم من نظرائهم الفلسطيننين أو السوريين حتى البعثيين المؤيدين للنظام . فقط هم مجرمين )ونذكرهم بأن محاصرة الصهيونية لاتتم بمحاصرة مخيم اليرموك أوحلب أوريف السويداء والغوطة .وبأن مقاتلة إسرائيل لاتتم بقصف المخيم ,أو الحجر الأسود ولابطرد أبنائه .وتحرير فلسطين لايتم بتحريرمخيم اليرموك من قاطنيه, ولابهدم بيوته أوسرقتها .ولا بقصف يلدا أو معلولا أودمشق أو غيرها من البلدات. ومحاربة الاستعمار لاتكون بمحاصرة المدنيين العزل في داريا ودوما أو بنهب بيوتهم .حيث كان باستطاعة الكثير من المؤيدين للنظام والمأخوذين بحب فلسطين وسوريا والحسين , منع تلك التعديات أو الجرائم ,لما باتوا يتمتعون به من صلاحيات .لكنهم لم يفعلوا ذلك , لحقارة ونذالة في نفوسهم . لذلك يجب أن يحاسبوا .
خامسا : : نستطيع استنادا لذلك كأفراد أو جماعات رفع دعاوى لمحاكم خاصة حسب أماكن تواجدنا .وإن لم نتمكن نستطيع ـ كخطوة أولى عملية .وهي أبسط العقوبات المعنوية التي يمكن أن نقوم بها , أو أبسط مايمكن أن نفعله اليوم معهم ـ وهو مايستطيع كل فرد منا أن يفعله مع من حوله ممن وقع عليهم الحيف ـ سواء أكانوا في دمشق أو اللاذقية أو صحنايا أو في الصين أو حتى المتجمد الشمالي أن يتعاونوا ويتحاوروا فينشئوا محاكم شعبية خاصة وصغيرة .في كل مكان يوجد فيه تجمع للاجئين أو للنازحين الذين هجروا أو دمرت بيوتهم أووقع عليهم حيف أوظلم حيث يفترض أن يقدم كل فرد ما لدية من معلومات مؤكدة ومثبتة . وبعد ذلك نقوم :
1: بفضحهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ,وذكر أسمائهم ليعرفهم الجميع وليقوموا بمواجهتهم , بالنبذ والطرد والعزل والنظر اليهم باحتقاروازدراء ,وعدم الاستماع إلى أي كلمة يقولونها سواء دفاعا عن قاسيون أو عن دمشق قلب العروبة المزعوم أو عن فلسطين أوعن القومية العربية أو العروبة أوعن خط الممناعة الموهوم أو الزعم بمحاربة الصهيونية والأمبريالية فالأمبريالية ليست في يلدا أو مخيم اليرموك ولا هي متخفية أوكامنة في الغوطة وحلب وخان شيخون .
2: كنا سابقا نخاف من فضحهم لما يمكن أن يترتب على ذلك من عقوبات من قبل أجهزة النظام وهذا كان أحد الأسباب لتفشي الظلم واستمراره أما بعد كل ماحصل فلاداعي للمجاملات أو الخوف , وأقل مايفترض أن نفعله معهم هو أن نقول لهم :اخرسوا ولاتتكلموا ولاتكتبوا حرفا واحدا إلافي مجال الدفاع عن أنفسكم أو للاعتذار عما ارتكبتموه من جرائم ومارستموه من أخطاء قاتلة بحق أبناء شعبكم الغلابى دون تمييز , والأفضل لكم أن تصمتوا وكفاكم استهتارا بكرامه شعبكم .
3:نلفت نظرالجميع إلى أن كثيراً منا بات يجد حوله أينما كان ,بعضا من هؤلاء الخونه لشعبهم ( خاصة المعروفين بأنهم لم يكونوا أكثر من مجرد مخبرين ومرتزقة وانتهازيين تافهين ومجرمين وقتلة ولصوص رخيصين ) .فبعد أن تصوروا أن تلك النظم قد انتصرت صاروا يطلون برؤوسهم ,ويرفعون أنوفهم , ويتمخترون بيننا بوقاحة , ويتجننون علينا باتهامنا بقصر النظر لأننا رفضنا الظلم ووقفنا ضد الظالم أو لأننا ثرنا لكرامتنا , أولأننا غادرنا مناطق سكننا تجنبا لقصفهم أولحماية أطفالنا .
وهانحن اليوم نجد بعضهم بعد طول غياب أو اختفاء يطلون علينا ،كمنظرين , ويَتهموننا بأننا كنا مخطئين في حساباتنا ،لأن النظام حسب اعتقادهم قد انتصر . وأحيانا يسهبون بالحديث عن حبهم لفلسطين ودفاعهم عن القدس وسوريا أويتغنون بحبهم للشام وقاسيون والمخيم ,أو يعطوننا دروسا في القومية والعروبة والمقاومة والنضال , و,و. إلخ معتقدين أننا نسينا أو يمكن أن ننسى ما ارتكبوه من جرائم مثبتة وموثقة ,لاعلاقة لحب فلسطين أو قاسيون أوالحسين بها .
لكل فرد منا الحق في مناقشة ما سبق , وفي اتخاذ مايراه مناسبا , وهو مطلق الحرية بعد ذلك في التخلي عن حقوقه الفردية أوترك محاسبتهم للآخرة , أوفي مسامحتهم عليها . مع التذكير بأن للمسامحة أوالعفو شروط أهمها اعتراف المجرم أو المخطئ بخطأه واعتذاره الصادق .والتعهد بعدم تكراره .والتأكد من استعداد الحقيقي على عدم تكراره .وأحيانا يتطلب الأمر وجود تعهد خطي منه أو ضامنين له .
فتحي رشيد
7/ 3/ 2019








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -