الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إله الشرّ في القرآن

مصطفى سامي
كاتب

(Mustafa Samy)

2019 / 3 / 7
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


منذ نشأتها تضمنت الأديان دائماً ثنائية الخير والشر والصراع بينهما كميكانيزم أساسي لعمل الكون، ففوق كل الكائنات الأرضية هناك كائنان يمثلان الخير والشر يتصارعان وتتوالى الأحداث على الأرض بين النوائب والرخاء كنتيجة لهذا الصراع.

في سومر كان هناك إله للشر بإسم "إساج" يمثل الشر والأمراض والأوبئة، وكان واحداً من كائنات العالم السفلي، وقد عبدهُ السومريون إتقاءً لشرهِ.
أما في بابل فقد كان هناك صراع دائم بين قوى الخير والشر منذ بداية قصة الخلق البابلية، والحرب بين الإله "مردوخ" وإلـٰهة الشر "تعامات" التي انتصر فيها مردوخ في النهاية.
وعند المصريين القدماء سمي إله الشر "ست"، ووصفت الأساطير الصراعات بينه وبين أخيه "أوزوريس" الذي يمثل الخير والعدل.
وفي الزرادشتية سمي إله الشر "أهرامان" وإله الخير "أهورامازدا"، ورغم أنها تعتبر أول الديانات التوحيدية لكنه توحيد بمنظور ثنائي.
يقول الباحث فراس السواح في كتاب "الرحمن والشيطان": [إن فكرة الشيطان كمبدأ شمولي بدأت بشكلها الجنيني في الديانة المصرية القديمة ولكن من دون أن تصل بها إلى غايتها وتضعها في إطار أيدولوجي متسق ومتكامل. لكن الفكرة الكاملة ظهرت فيما بعد في تعاليم زرادشت ودخلت في صميم مُعتقدات أديان مُختلفة يَدين بها اليوم أكثر من نصف سكان العالم.]

بالنسبة للإسلام فرغم أن الشيطان يوصف في القرآن بأنّه "كان من الجن ففسق عن أمر ربه"، لكن القرآن أيضاً يصفه بصفات ويُرجع إليه قدرات لاتوجد في بقية المخلوقات وإنما تجعله مشابهاً وندّاً في نفس الوقت للـٰه وكأنه لم يتخلص بالكامل من قصة إله الشر الذي يشترك مع إله الخير في صراع ثنائي حتى رغم جعله شيطاناً مخلوقاً من أحد مخلوقات الإله الواحد التي هي الجن. نسرد هنا بعض الأمثلة لتلك الصفات من آيات القرآن:

١- الكبر: يصف القرآنُ الشيطانَ بالكبر، بل إنّ الكبر هو أكبر خطاياه التي أخرجته من رضا اللّه ورحمته، وأخرجت كذلك آدم وحواء من جنته. "إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ"(١)
لكنّ القرآن يصف الله نفسه بنفس الصفة، فيقول عنه "الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ"(٢)

٢- التخويف: في وصف يكاد يتطابق تماماً في آيتين مختلفتين يقول القرآن عن الشيطان "إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ"(٣)
ثم يقول عن اللّه "ذلك يخوف الله به عباده"(٤)

٣- الإضلال: رغم أن الإضلال من الصفات التي يُفترَض أن ترتبط بالشر، لكن القرآن يخبرنا أن كلّاً من اللّه والشيطان يشتركان في القدرة على إضلال بعض البشر بل وتواجد الإرادة والمشيئة للإضلال عند كلّ منهما، فيقول القرآن عن الشيطان "وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا"(٥)
ويقول عن إضلال الله للبشر "وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا"(٦) و "يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ"(٧)

٤- االأمر بالمنكر: يأمر الشيطان البشر بفعل المنكرات ليؤدي ذلك إلى غضب الله عليهم وتعذيبهم "وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ"(٨)
ويأمر الله أيضاً بعض البشر بفعل المنكرات لاستخدامها كمبرر لإلحاق العذاب والدمار بهم "وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا"(٩)

٥- تزيين المنكر: يزيّن الشيطان الأعمال المنكرة للبشر "وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ"(١٠)
ويزين الله لهم نفس الأعمال "إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون"(١١)

٦- الفتنة: يلقي الشيطان الفتنة في القلوب "لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ"(١٢)
واللّه أيضاً في القرآن يشترك مع الشيطان في فتنة الناس فيقول عن نفسه "وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ"(١٣) و "وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً"(١٤)

ونختم بتلك الآية التي تعبر ببساطة ووضوح عن ثنائية الخير والشر في القرآن ووضع الشيطان ووعوده لأتباعه في مواجهة الله ووعوده: "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"(١٥)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) البقرة - ٣٤
(٢) الحشر - ٢٣
(٣) آل عمران - ١٧٥
(٤) الزمر - ١٦
(٥) النساء - ٦٠
(٦) النساء - ١٤٣
(٧) المدثر - ٣١
(٨) النساء - ١١٩
(٩) الإسراء - ١٦
(١٠) الأنعام - ٤٣
(١١) النمل - ٤
(١٢) الحج - ٥٣
(١٣) العنكبوت - ٣
(١٤) الفرقان - ٢٠
(١٥) البقرة - ٢٦٨








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رأس برأس
بولس اسحق ( 2019 / 3 / 7 - 22:12 )
الله والشيطان رأسا برأس:
قال (الله) فاخرج منها فانك رجيم وان عليك اللعنة إلى يوم الدين.. قال (الشيطان) رب بما (((أغويتني))) لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال(الله) هذا صراط علي مستقيم (الحجر15: 34-40).. هذا حوار وعهد بين الله والشيطان.. والشيطان يقول لله لأنك أغويتني.. سأضل أبناء أدم وأغويهم إلا عبادك المخلصين.. والله يؤكد بأن هذا هو صراطه المستقيم فيا لبراءة الشيطان فهو ينفذ صراط الله المستقيم.. حتى ان ادم ثار على الشيطان لانه اغواه.. فقال الشيطان لادم: هب اني اغويتك يا ادم فمن الذي اغواني!!! تحياتي

اخر الافلام

.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم


.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال




.. عصر النهضة الانجليزية:العلم والدين والعلمانية ويوتوبيا الوعي


.. ما الذي يجمع بين المرشد الإيراني وتنظيم القاعدة واليسار العا




.. شاهد: اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين يطالبون باستقالة رئيس وز