الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الاتحادات النسائية في الدفاع عن حقوقهن

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2019 / 3 / 7
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2019 - دور وتأثير المنظمات والاتحادات النسوية في إصلاح وتحسين أوضاع المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين


كل ما حل الثامن من مارس ، تحل علينا قضية أساسية من قضايا المجتمع المتعلقة بالمرأة . وهنا كل سنة مرت ، وذكرى ثامن مارس تعود كما ردد الشاعر : " باي عيد عدت يا عيد ، بما مضى ام في امرك تجديد " .
ومن خلال تتبع كل المسارات التي قطعها نضال المرأة داخل كل مجتمع ، سنجد ان وضعيتها بخصوص كل حقوقها ، ترتبط ارتباطا جذريا بنوع المجتمع التي تتواجد فيه المرأة ، وبنوع الدولة التي تعيش فيها .
هكذا كلما كان المجتمع متخلفا أركاييكيا ، تغلفه الأسطورة ، وتربط فكره وعقله بالغيب ، كلما كان وضع المرأة ، مطابقا لنوع الأفكار ، والعادات السائدة بالمجتمع وبالدولة .
وهنا نكاد نجزم ، ان ما يسمى بحقوق المرأة المتنوعة ، سوف لا يخرج عن النظرة الأحادية المتخلفة ، و المحنطة للمجتمع . ان الصورة الشائعة عن كل نساء هذه المجتمعات ، هي الاستغلال الجنسي ، والمادي الذي يتعامل مع المرأة كعبد وقن .
في مثل هذه المجتمعات المتعفنة ، تغيب بالكامل كل حقوق المرأة ، ويصبح وضعها رهين بالسلطة الذكورية للرجل ، وللتقاليد البالية التي تكرس التمايز الطبقي ، والعقلي ، والوظيفي ، الذي يجسد قمة الدولة البتريركية ، البتريمونيالية ، القروسطوية .
ان وضع المرأة في المجتمعات المتخلفة الهجينة ، يختلف عن وضعها في الدول الديمقراطية التي تعتبرها ليس فقط نصف المجتمع ، بل تعتبرها كل المجتمع .
ان الحديث عن دور الاتحادات ، والتنظيمات في الدفاع عن حقوق المرأة ، بقدر ما يتخذ الطابع المؤسساتي الذي يحدد الحقوق والواجبات في الدول المتقدمة ، بقدر ما تلعب هذه الاتحادات دور العميل ، في تهجين الحقوق ، وربطها ربطا ميكيافيليا بالاختيارات الأساسية للدولة الحاكمة .
ان الدولة في المجتمعات المتخلفة ، وعند تحريكها لمعوليها في تحنيط حقوق المرأة مع الاختيارات الرسمية ، فهي تلعب على الصورة والمشهد المُسوّق للغرب ، لضمان استمرار عطاءات الدول المانحة ، وللتسويق من اجل تبييض وجه النظام ، كنظام مندمج كليا في الاختيارات الأممية ، بخصوص حقوق المرأة ، وهو نفس الدور التّزْليجي ، تقوم به الأحزاب ، والمنظمات السياسية ، والنقابية ، التي تكرس الجمود الذي يخدم الأنظمة ، ولا يخدم الشعوب في شيء .
ان الحديث عن دور الاتحادات والتنظيمات المدافعة عن حقوق النساء ، سيكون استهلاكيا ، انْ نحن لم نطرح السؤال الرئيسي حول شكل النظام القائم ، وحول نوع الاختيارات الرسمية السائدة .
وهنا تُطرح المسألة الأولى التي هي وجود الديمقراطية الحقيقية ، أي هل النظام السائد هو نظام ديمقراطي ، ام شِبْه ديمقراطي ، ام شَبَهٌ ديمقراطي ؟
ان انعكاس حقوق المرأة وحقوق الشعب ، هو المرآة الناجعة لنوع النظام السائد ، وانّ الحديث عن ديمقراطيته التي يجب ان تكون ديمقراطية كونية ، يتوقف بالأساس على نوع الدستور السائد ، أي هل الدستور المنظم للحكم وللسلطات ، هو دستور ديمقراطي ؟
فإذا كان الدستور ، هو دستور النظام ، فان ما يسمى بالحقوق الكونية للمرأة وللشعب ، تكون مُتحكم فيها ، بما يرغب ويريد النظام ، لا كما يجب ان تطرح ، بفلسفتها الكونية والديمقراطية ، ومن ثم فانه في أنظمة بالية على هذا المنوال ، يستحيل الحديث عن وجود حقوق ديمقراطية ، في ظل غياب دستور غير ديمقراطي ، وسيادة دولة عنصرية ودكتاتورية .
في الدول المتقدمة تنبع الحقوق العامة والخاصة ، من الممارسة اليومية التي تنصص عليها الدساتير الديمقراطية ، وفي الدول الهجينة المتخلفة ، يُتحكّم في تحديد نوع هذه ( الحقوق ) ، بما تُغلّفه العقلية الثيوقراطية التي تنكر كل حق للمرأة خارج بيت الاستغلال ، كما توظفه الأنظمة الدكتاتورية المتخلفة ، في المزيد من الترْكيع ، والاذلال ، بما يكرس الوضعية الدونية للمرأة بشكل واضح وجلي .
ان هذا الفارق في الحقوق ، بين الدول الديمقراطية ، والدول الهجينة الدكتاتورية ، هو تجسيد ظاهر وواضح ، للفرق بين الدول التي مؤسسة كل الحقوق والواجبات طبقا للمواثيق الدولية ، وبين الدول التي مؤسسة ما يسمى بالحقوق ضمن التقاليد المرعية ، والطقوس البالية ، المجسدة للدولة الرعوية البتريركية المُتخلفة ، حيث لا حركة ، ولا نشاط خارج تحكم الدولة الدكتاتورية .
هكذا سنجد انه بقدر ما تلعب الاتحادات والمنظمات النسائية دورا متميزا في الدول الديمقراطية ، وباستقلال عن أحادية الفكر او الرأي ، بقدر ما تستعمل هذه الاتحادات والمنظمات كمعول ، في ضبط العمل ، او التحرك النسائي ، والجماهيري ، لخدمة الدولة الدكتاتورية .
مع اقتراب ذكرى الثامن من مارس ، سأعيد : " بأية عيد عدت يا عيد ، بما مضى ام في امرك تجديد " .
نساء المغرب ، الاستاذات تعرضن مؤخرا لهجمة من قبل البوليس ، فسالت دمائهن ، ولا تزال ما يسمى ب ( الاتحادات والمنظمات النسائية ) صامتة ، وكأن شيئا لم يقع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل


.. السيناتور ساندرز: حان الوقت لإعادة التفكير في قرار دعم أمريك




.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال